حصاد الإمارات المُر في اليمن.. (2018) عام الفضائح والانكشاف.. من منقذ إلى "محتل"(تقرير خاص)

[ صورة جماهير غاضبة بحضرموت تمزق صور عملاقة لقادة الإمارات ]

 
 مضى العام 2018، هو الأخر، دون أن تنفك دولة الإمارات العربية – الدولة الثانية في التحالف العربي – عن مواصلة التورط في العديد من الأزمات والأحداث السلبية في اليمن. حيث تخوض الحكومة الشرعية حرباً مسلحة مع مليشيات الحوثي الانقلابية منذ أكثر من ثلاثة أعوام ونيف، وأخرى باردة مع ثاني دولة في قيادة تحالف جاء لإنقاذها.
 
خلّفت الحرب نتائج كارثية، نتيجة استطالة أمدها على غير المتوقع، وهي لا تبدو اليوم قريبة من الانحسار في المدى المنظور، على الأقل. في حين ما زالت دولة الإمارات، التي تدخلت مع المملكة السعودية بهدف إنقاذ اليمن وإعادة الشرعية، تواصل العمل على تحقيق استراتيجياتها الخاصة، بعيدا عن أهداف ورغبات وتوجهات الحكومة الشرعية، التي لم تعد قادرة حتى على إدارة مناطقها المحررة. وبشكل خاص في المحافظات الجنوبية والشرقية الواقعة تحت سيطرة ونفوذ أبو ظبي منذ قرابة ثلاثة أعوام.
 
تتحكم الإمارات بالمحافظات الجنوبية بدرجة رئيسية، عبر ما يعرف بـ"قوات الحزام الأمني"، و"قوات النخبة"، التي أنشأتها ودربتها وتدعمها وتديرها منذ أكثر من عامين ونصف. والعام الماضي واصلت من توسعها في إنشاء ونشر قوات مشابهة رديفة وموازية لقوات الأمن والجيش اليمنية الرسمية، كما هو الحال في محافظتي الضالع وارخبيل سقطرى- جنوبا، والحديدة غربا.
 
يأتي ذلك، في حين وسعت من سيطرتها على معظم المنافذ البحرية والبرية في المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
 
وتعزيزا لاتهامات انحرافها عن المسار والأهداف الرئيسية من تواجدها في اليمن، واصلت الامارات المضي قدما في فرض سيطرتها على معظم سواحل البلاد؛ وحاليا تدير وتتحكم بـ: ميناء ومطار عدن- جنوبا؛ ميناء ومطار المكلا بحضرموت، موانئ محافظة شبوة النفطية- شرقا؛ إضافة إلى كامل الشريط الساحلي بمحافظة تعز- جنوب غرب؛ ونصف الشريط الساحلي لمحافظة الحديدة- غربا.
 
في حين لم تتوقف عن تنفيذ مخططها في إضعاف الحكومة الشرعية، ودعم وتشجيع الجماعات الانفصالية الناشدة لفصل جنوب البلاد عن شماله. كما استمرت بممارسة الاغتيالات ضد خصومها المناوئين لتوجهاتها واستخدمت في حقهم المزيد من الاختطافات والاعتقالات والتعذيب والتوحش في سجونها السرية، غير الخاضعة لسلطات الدولة اليمنية!!
 
وتصدرت محافظات عدن وسقطرى وشبوة، أبرز الأحداث والوقائع العسكرية والأمنية والسياسية والحقوقية، التي كان للإمارات اليد الطولى فيها بشكل مباشر، أو غير مباشر عبر وكلائها المحليين، خلال العام الماضي 2018.
 
في هذا التقرير، نسلط الضوء على أهم وأبرز الأحداث السياسية والأمنية والحقوقية التي اجترحتها وأجتررتها الإمارات في اليمن خلال العام الماضي (2018).
 

عدن ..محاولة الانقلاب الأولى على الشرعية



مع مطلع العام الفائت (2018)، وتحديدا في أواخر يناير، شهدت عدن مواجهات مسلحة دامية، بين ألوية الحماية الرئاسية التابعة للحكومة الشرعية من جهة؛ وقوات الحزام الأمني مع ميليشيات تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي معها، المدعومتين من الإمارات، من جهة أخرى؛ على إثر دعوة الأخير أنصاره النزول إلى الشارع لإسقاط الحكومة.
 
استمرت المواجهات ثلاثة أيام، خلفت 38 قتيلا، و222 جريحا، وفقاً لإحصائية منظمة الصليب الأحمر الدولي. وانتهت بتوقيع اتفاق هدنة وتهدئة في 30 يناير، تحت رعاية قيادة التحالف بعدن، بمشاركة ممثلين ووسطاء آخرين من الجانب السعودي. وقضى الاتفاق بوقف إطلاق النار، كخطوة أولى، يتلوها مباشرة عملية سحب القوات المنتشرة من الطرفين وعودتها إلى مقارها وثكناتها.
 
واعتبرت الحكومة الشرعية أحداث عدن، أنها "محاولة انقلابية، وخروج عن هدف إنشاء التحالف". وأكدت على أن ما حدث يخدم أجندات أخرى تتعارض مع وحدة اليمن. وفقا لبيان صدر عنها بهذا الخصوص.
 
وتضمن البيان الحكومي، أيضا، إشارة إلى أن تلك التحركات "تأتي في سياق المحاولات المستمرة والحثيثة لإعاقة عملها، وتعطيل مهامها، والقيام بإنشاء وتوجيه مليشيات عسكرية خارج إطار القيادة العسكرية للقوات المسلحة، في انتهاك سافر لقرار مجلس الأمن رقم 2216، وتهديد لأمن المنطقة". في إشارة إلى قوات الحزام الأمني والميليشيات المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي، المدعومة إماراتيا.
 

الجنوب.. محاولة الانقلاب الثانية
 


وفي مطلع أكتوبر/ تشرين أول (2018)، عاود، المجلس الانتقالي الجنوبي، من تصعيده مجددا من خلال تحركاته الميدانية وتصريحات قياداته الداعية إلى اسقاط الحكومة الشرعية. وهذه المرة وسع المجلس تحركاته التصعيدية ليشمل كافة محافظات الجنوب، مستغلا الزخم الجماهيري الغاضب الذي خرج إلى الشارع إثر التدهور الاقتصادي وارتفاع أسعار صرف العملات الأجنبية إلى مستوى قياسي لم يسبق له مثيل.
 
 وحث المجلس الانتقالي- الذي يعتبر وكيل الإمارات في جنوب اليمن، ويتواجد معظم قادته في أبو ظبي بشكل شبه دائم- الجماهير إلى القيام بـ"انتفاضة شعبية"، حسب وصفه في بيان صادر عنه، دعا فيه أيضا القوات الجنوبية إلى الاستنفار والجاهزية استعدادا لمواجهة من وصفهم بـ"مثيري العبث والفساد". في إشارة إلى الحكومة، التي طالب المجلس أيضا بطرد مسئوليها الذين وصفهم بـ"الفاسدين". وفقاً للبيان نفسه.

 
وبالتزامن، قامت قوات عسكرية محسوبة على الامارات في عدن بإجراء تحركات ميدانية وتنقلات عسكرية، فيما اعتبر أنه إعادة تموضع وتوزيع القوة، استعدادا لمواجهة أي تحركات للقوات الحكومية، أثناء عملية السيطرة على العاصمة المؤقتة (عدن).
 
وإثر ذلك، جددت الحكومة اتهاماتها لـ"الانفصاليين"- (تدعم الإمارات المجلس الانتقالي الذي تأسس على أساس تحقيق هدف فصل جنوب اليمن عن شماله)- بمحاولة الانقلاب مجددا على شرعيتها.
 
وتعليقا على تلك الأحداث، نكتفي هنا بنقل تصريحات وزير النقل اليمني صالح الجبواني، الذي يعارض سياسات وسلوك الامارات في اليمن. حيث أكد على أن تصعيد المجلس الانتقالي ضد الحكومة: "جاء تلبية لرغبة الراعي الممول". في إِشارة إلى الإمارات. بحسب ما كتبه الوزير في صفحته على الفيسبوك، مستدركا: "لكن الشعب سيدافع عن الحكومة كونها آخر قلاع اليمن، وسيدافع عنها كرمز لسيادته ومشروعه الاتحادي"..
 

أحداث جزيرة سقطرى.. بجاحة السيطرة والتحكم
 


منتصف 2018، انفجرت أزمة أخرى بين الحكومة الشرعية ودولة الإمارات. كان مسرحها هذه المرة جزيرة سقطرى اليمنية، ذات الموقع الاستراتيجي الهام، والغنية بثرواتها الطبيعية والبحرية، والمصنفة من قبل منظمة اليونسكو كواحدة من أجمل المحميات الطبيعية في العالم.
 
كانت الإمارات، خلال العامين الأولين من تواجدها في اليمن وسيطرتها على معظم المحافظات الجنوبية، قد فرضت حضورها وسيطرتها على جزيرة سقطرى، عبر ممثليها في جمعية الهلال الأحمر الإماراتي، التي تحول عملها من إغاثي إلى سياسي واقتصادي. بل وكل ما يتعلق بخطط ومصالح الإمارات. فضلا عما أكدته التقارير الموثوقة بإنشائها قاعدة عسكرية في الجزيرة، بعيدا عن الحكومة اليمنية.
 
- وفي الثاني من شهر يونيو/ حزيران، حين قام رئيس الوزراء السابق، أحمد بن دغر، بزيارة مفاجئة للجزيرة اليمنية على رأس وفد مكون من عشرة وزراء لافتتاح مشاريع تنموية، أثار ذلك حفيظة دولة الإمارات، باعتبارها المسيطرة وصاحبة النفوذ هناك. فقامت بإرسال قوات وآليات عسكرية إلى الجزيرة وفرضت حاصرها المطار والميناء وطردت حراستهما الحكومية، ونشرت قواتها في الشوارع الرئيسية والحيوية.
 
أثار ذلك التصرف غضب الحكومة الشرعية، التي- وعلى إثر ذلك- اعتبرت تواجد القوات الإماراتية في الجزيرة "أمرا غير مبررا". وتلك كانت المرة الأولى التي يكشف فيها رئيس الوزراء "بن دغر"، علنا، عن وجود خلافات مع الامارات، حين أعتبر في بيان صادر عنه أن الإجراء العسكري الإماراتي يمثل "انعكاسا لحالة الخلاف بين الشرعية والإمارات"، مشيراً إلى أن جوهر الخلاف مع الإمارات يتعلق "بالسيادة الوطنية، ومن يحق له ممارستها".
 
وسبق أن اعترضت الحكومة اليمنية على التواجد العسكري الإماراتي في الجزيرة اليمنية. ففي مايو/ أيار الماضي، سلمت الحكومة اليمنية مجلس الأمن الدولي رسالة شكوى بشأن استمرار الوجود العسكري الإماراتي بمحافظة أرخبيل سقطرى، أكدت فيها أن هذا الوجود غير مبرر ويعكس الخلاف مع التحالف العربي.

وأثارت أحداث يونيو تلك، صدا محليا ودوليا واسعا، تجلت فيها حقيقة الشقوق والخلافات المتراكمة بين الحكومة الشرعية والإمارات، بشكل أكثر وضوحا وحدة. وحظت الحادثة بإدانات إقليمية ودولية واسعة. قبل أن تتدخل السعودية أيضا وتحل الخلاف، عبر توقيع اتفاق يقضي بسحب القوات الإماراتية المستحدثة، وإرسال قوات تابعة للتحالف.
 
لكن الإمارات لم تتوقف عن محاولاتها المستميتة، ليس فقط لتعزيز قبضتها العسكرية والإدارية كليا على الجزيرة التي تسيطر عليها فعلا، بل هذه المرة لمحاولة ضمها إلى أملاكها. وفقا لاتهامات متواترة من مسئولين حكوميين وسكان في الجزيرة، شملتها تقارير صحفية تداولتها الصحافة المحلية والدولية على نطاق واسع.
 

[للمزيد، أطلع على: تقرير بريطاني: التنافس على الجنة.. ماذا تعني سقطرى بالنسبة للإمارات والسعودية؟ (ترجمة خاصة)]

 
- لاحقا، وبعد أقل من شهرين تقريبا على تلك الحادثة والاتفاق، انتشرت أخبار تفيد أن الإمارات تسعى إلى تشكيل حزام أمني، أو قوات نخبة للجزيرة، أسوة ببقية المحافظات الجنوبية الأخرى. بحسب ما كشفته صحف محلية، مطلع شهر أكتوبر/ تشرين الأول، من قيام الإمارات بحملة تسجيل أبناء الجزيرة للالتحاق بهذه التشكيلات العسكرية الخاصة بها، بعيدا عن وزارة الدفاع والداخلية اليمنيتين.
 
وفي اجتماعه المنعقد في 8 أكتوبر بالرياض لمناقشة تقرير قدمه محافظ أرخبيل سقطرى، أكد مجلس الوزراء اليمني على رفضه المطلق لأي تشكيلات عسكرية في جزيرة سقطرى، يجري إنشاؤها بعيداً عن وزارتي الدفاع والداخلية، محذّراً بأن تلك التشكيلات سيكون مصيرها مصير الميليشيات المسلحة التي لا تتمتع بأي وجود شرعي.
 
- وقبل نهاية العام 2018 بيومين فقط، قال مسؤول إماراتي في مدينة عجمان "إن جزيرة سقطرى ستكون جزء من دولة الإمارات العربية المتحدة، وأن الجنسية ستمنح لكل سكانها كحقهم، كمواطنين إماراتيين".
 
وأضاف المسؤول، في تسجيل مصور تداوله ناشطون في صفحات التواصل الاجتماعي في 31 ديسمبر/ كانون أول الماضي: "أؤكد لكم أن أهل جزيرة سقطرى ستكون جزء من الإمارات، ويستحقون الجنسية دون طلب، ويستحقونها من زمن قديم لأن بيننا وهم ملحمة، وخاصة عجمان أجدادهم من سقطرى". وتابع- وسط تصفيق الحاضرين: "بالنسبة للجنسية فأمر مفروغ منها بالنسبة لسقطرى".

 
شبوة.. مخطط إضعاف الشرعية وفرض السيطرة عبر الوكلاء
 
تعتبر الأحداث السابقة، هي الأبرز والأكثر أهمية وتأثيرا وبروزا للسطح، من بين الأحداث السياسية- المتسمة بطابع عسكري وأمني- التي اجترحتها وتورطت فيها دولة الإمارات بشكل مباشر خلال العام الفائت.
 
وثمة أحداث ووقائع أخرى، قد تكون أقل حجما وبروزا وتأثيرا، خصوصا تلك التي لا تظهر فيها الإمارات بشكل مباشر فج كما سبق، وإنما عبر وكلائها المحليين. إلا أن حدوثها المتسلسل والمتكرر وفق أنساق وأدوات متشابهة دائما، يقودنا إلى تفاصيل مخططها القائم على إضعاف الشرعية وتقليم أظافرها في محاولة كنسها بعيدا عن الفعل والتأثير، لفرض سيطرتها والتحكم بالمستقبل بدون منغصات، مستخدمة في كل ذلك وكلاء محليين يتبعونها ويستلمون مرتباتهم الشهرية منها..!
 
ونشير هنا إلى ما أكدته معظم التقارير الدولية من أن دولة الإمارات العربية المتحدة "تستخدم قوات الحزام الأمني وقوات النخبة التي أنشأنها في جنوب اليمن من أجل فرض سيطرتها وتأمين أهدافها وتصفية خصوماتها مع مناوئيها ومناهضيها".
 
وقال تقرير لموقع "ميدل إيست آي البريطاني"، ترجمه "يمن شباب نت"، في 30 يوليو الماضي، إن أبو ظبي ركزت على جنوب اليمن، "وقامت بتدريب قوات أمنية بهدف تأمين طموحاتها الجيوسياسية".


[أقرأ أيضا: التلاعب الإماراتي بورقة "الإرهاب" في اليمن]

 
وتبدو الأحداث المتواترة التي شهدتها محافظة شبوة النفطية، تحديدا، خلال العام المنصرف، مثالا بارزا ومناسبا للإسقاط، كشفا لتفاصيل هذا المخطط.
 
فقد شهدت المحافظة، الواقعة شرق اليمن والغنية بالنفط ومرافئ تصدير شحنات الغاز المسال، عددا من التوترات الأمنية، التي تسببت بها ما تسمى "قوات النخبة الشبوانية". بينها مداهمات واقتحامات واعتقالات، لم تكن لأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة أي علاقة بها. بل حدث اشتباكات ومناوشات متفاوتة مع قوات الأمن الحكومية وقبائل محلية ومواطنين، كان طرفها الأخر دائما: قوات النخبة الشبوانية، التي أسستها ودربتها وتدعمها الإمارات، ومكنتها من السيطرة على مدينة "عتق"- عاصمة المحافظة، ومديريات أخرى، مع كافة موانئ المحافظة الرئيسية التي يتم منها تصدير النفط والغاز اليمني إلى الخارج.
 

[لمعرفة المزيد، أقرأ: شبوة.. قوات النخبة الإماراتية.. من النشأة إلى الانتشار (ملف خاص)]


 ولمزيد من التعزيز، نسرد هنا أبرز الوقائع والأحداث التي تورطت فيها قوات النخبة الشبوانية- الوكيل المحلي المعتمد للأمارات- خلال العام 2018: -
 
- في 6 سبتمبر/ أيلول 2018، اُتهمت قوات النخبة الشبوانية بإطلاق قذيفة إلى منشأة بلحاف النفطية، بالقرب من ميناء التصدير الرئيسي، ما تسبب بحريق كاد يودي بالمنشأة، لولا تدخل سيارات الإطفاء في الوقت المناسب.
 
وحول هذه الحادثة، نقلت صحيفة "العربي الجديد" اللندنية عن مصادر نفطية حكومية قولها: إن استهداف محطة بلحاف للغاز المسال من قبل قوات تتولى حمايتها، هي رسالة تهديد واضحة للحكومة من قبل الجماعات الداعية لانفصال الجنوب والموالية للإمارات. خاصة أنها تأتي بعد الإعلان عن إجراءات اقتصادية تتضمن استئناف إنتاج وتصدير الغاز، في مسعى لإنقاذ العملة المحلية من التدهور.
 
وجاءت حادثة قصف المنشأة في اليوم التالي مباشرة على إعلان الحكومة الشرعية عزمها استئناف إنتاج وتصدير الغاز الطبيعي المسال من بلحاف. وسبق أن وجهت انتقادات واتهامات من قبل مسئولين حكوميين للإمارات، لرفضها تمكين الحكومة من استئناف تصدير النفط والغاز من بلحاف.
 

[للمزيد، أطلع على: "النخبة الشبوانية" تستهدف محطة بلحاف للغاز المسال]


- وفي 6 أكتوبر/ تشرين الأول، سيطرت قوات النخبة الشبونية- المدعومة من الامارات، على ميناء "النشيمة" النفطي، على ساحل البحر العربي بمديرية رضوم بمحافظة شبوة. وهو الميناء الذي استأنفت الحكومة تصدير أول شحنة نفط منه في يوليو/ حزيران 2018، من حقول شبوة بعد انقطاع دام أكثر من ثلاث سنوات، عقب سيطرة مليشيات الحوثي الانقلابية على مؤسسات الدولة.
 
وبحسب مصدر محلي، تحدث حينها مع "يمن شباب نت"، فأن قوات النخبة سعت من وراء ذلك إلى عرقلة عملية انتاج النفط من حقول شبوة، وتضييق الخناق على الحكومة من خلال إيقاف عملية التصدير. وجاءت هذه الخطوة بعد أيام قليلة من بيان المجلس الانتقالي الجنوبي، والذي دعا فيه إلى إسقاط الحكومة والسيطرة على المؤسسات الإيرادية بالمحافظات الجنوبية.

- وفي الثاني من نوفمبر/ تشرين الثاني، أوقفت قوات النخبة الشبوانية، نائب وزير النفط والمعادن في الحكومة الشرعية، الدكتور سعيد الشماسي، في أحد نقاطها الأمنية بمديرية حبان بشبوة أثناء محاولته الوصول إلى مشروع الغاز الطبيعي المسال في بالحاف، في زيارة تفقدية.

وتكررت حوادث منع قوات النخبة في شبوة لمسئولين حكوميين من المرور أو التحرك عبرها. حيث منعت وزير النقل صالح الجبواني من زيارة سواحل شبوة لتدشين ميناء "قناء" في منتصف فبراير/ شباط العام الماضي (2018) أيضا؛ ولاحقا، في منتصف أبريل/ نيسان، منعت وزير التربية والتعليم، الدكتور عبدالله لملس، مع موكبه من المرور عبر المحافظة إلى مدينة المكلا بحضرموت؛ ثم في منتصف أغسطس/ اب، منعت محافظ الجوف اللواء امين العكيمي من دخول عتق، بأوامر من المسئول الإماراتي في المحافظة. وجميعهم من الرافضين لانحرافات وتصرفات الإمارات في اليمن، ولهم مواقف مناوئة معلنة منها، بشكل مباشر أم غير مباشر.
 
ومع تزايد تلك الأحداث، تصاعدت الانتقادات الموجهة لقوات النخبة الشبوانية، واتهامها بالسعي إلى إحداث تشققات في جدار الشرعية، ومحاولة إضعاف السلطة المحلية وأجهزة الأمن الحكومية، وإحداث فتنة داخلية.
 
وكتب القيادي الحراكي مقبل بن لكرش، وهو عضو مؤتمر الحوار الوطني من أبناء شبوة، منشورا على صفحته بالفيسبوك، في 9 أغسطس/ اب 2018، قال فيه: "نحن بحاجة إلى رأس واحد يحكم المحافظة، إما الشرعية أو النخبة"، مضيفا: "الازدواجية والتداخل في المهام ستنتج عنه فتنة عاجلا ام آجلا".
 

[أقرأ أيضا: لليوم الثاني.. قوات مدعومة من الامارات تحتجز شاحنات الاغاثة الكويتية بـ"شبوة"]

 
ما أشرنا إليه، هنا، من أحداث في شبوة، لم يكن سوى نموذج مما حدث خلال العام الفائت (2018)، من قبل وكلاء الإمارات المحليين، في محافظات أخرى، مثل عدن ولحج والضالع وأبين (باسم قوات الحزام الأمني)، وتعز أيضا، لكن مع اختلاف مسميات وشكل الوكيل الإماراتي، وطبيعة الأحداث، قياسا بحجم سيطرة الوكلاء المحليين، وما إذا كانت كاملة أم جزئية أم ما زالت في طور السعي لفرضها في المناطق التي ما تزال خارج سيطرة الوكلاء. كما هو حال محافظة تعز، التي دخلت في صراعات مسلحة بين القوات الحكومية وكتائب أبو العباس- الوكيل المحلي للإمارات، وانتهت العام الفائت إلى هزيمتهم وإخراجهم من المدينة إلى الريف.
 

فضائح السجون السرية والتعذيب
 


لم تقتصر انتهاكات الامارات في اليمن على الجانب السياسي والأمني فحسب؛ بل طالت الجانب الإنساني والحقوقي. حيث انكشفت العام الماضي الكثير من فضائح الانتهاكات الإنسانية الصارخة والمؤلمة، التي كانت ما تزال مجرد شكوك واتهامات في الأعوام السابقة.
 
ومن أهم وأخطر تلك الانتهاكات، ما كشفته وكالة "اسوشيتد برس" الأمريكية، في تحقيق صحفي نشرته منتصف العام الماضي (2018).
- في أواخر يونيو/ حزيران الماضي، كشفت وكالة أسوشيتد برس في تحقيقها الصحفي عن وجود شبكة سجون سرية في جنوب اليمن تديرها القوات الإماراتية، تعرض فيها المئات من المحتجزين لأشد أنواع التعذيب. بما في ذلك العنف الجنسي، الذي اشارت طبقا لوكالة إلى أنه الوسيلة الرئيسية لممارسة الوحشية على المعتقلين وانتزاع اعترافات منهم، مؤكدة أنها حددت "خمسة سجون على الأقل تستخدم فيها قوات الأمن التعذيب الجنسي لقمع السجناء وإخضاعهم".
 
وذكرت الوكالة أنها وثقت 18 سجنا سريا على الأقل في جنوب اليمن، تديرها القوات الإماراتية أو قوات يمنية خضعت لتدريبات إماراتية. ويتعرض فيها السجناء لأساليب وحشية للتعذيب، استعرض التحقيق بعض منها. وقالت إنها رصدت قرابة 1,500 شخصا تم اعتقاله في سجون تابعة لأبو ظبي بعدن، وأكثر من 400 سجينا في المكلا بحضرموت.
 
- وفي مطلع يوليو/ تموز، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا، رصدت فيه عشرات الاعتقالات التعسفية والإخفاء القسري والتعذيب من قبل القوات الموالية لأبو ظبي. وقالت المنظمة إنها حقّقت في ظروف اعتقال 51 سجينا بين مارس/آذار 2016 ومايو/أيار 2018، اعتقلتهم القوات الحكومية والقوات الإماراتية التي تدرّب قوات السلطة جنوبي اليمن، وأكدت أن 19 من بين هؤلاء فُقدت آثارهم. واعتبرت المنظمة الدولية التابعة للأمم المتحدة أن تلك الممارسات ترقى إلى جرائم حرب.
 
- وفي مطلع الشهر نفسه، أيضا، أكدت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ليز ثروسيل، أن الإمارات تدير سجونًا سرية في اليمن. وأضافت "بحسب المعلومات الأولية التي نجح مكتبنا في اليمن بجمعها. فإن هناك أسبابًا تدفعنا للاعتقاد بتعرض سجناء يمنيين لمعاملة سيئة وتعذيب وتحرش جنسي من قبل عناصر الجيش الإماراتي".
 
وكانت دولة الإمارات العربية المتحدة، نفت في وقت سابق، في 21 يونيو/ حزيران، إدارتها لسجون جنوبي اليمن. وقالت إن الحكومة المعترف بها دولياً هي من تديرها. وفي 17 يوليو، عادت وجددت نفيها، ردا على تقرير العفو الدولية، كما أعادت التأكيد على إدارتها من قبل الحكومة اليمنية. لكن الأخيرة سبق وأن وجهت رسالة إلى مجلس الأمن الدولي في فبراير/شباط الماضي، أكدت فيها إنَّ تلك السجون (التي تديرها الإمارات) لا تخضع لسلطتها.
 
- كما، وسبق أيضا، أن أعلنت الشبكة العالمية لملاحقة مجرمي الحرب، في الثالث من فبراير/شباط العام الماضي، عن اعتزامها إدراج قائد القوات الإماراتية وقائد قوات التحالف العربي في الساحل الغربي لليمن العميد أركان حرب عبد السلام الشحي على قائمة المطلوبين للمحاكمة بسبب "ارتكابه جرائم حرب".
 
وقالت الشبكة على موقعها الإلكتروني إنها قدمت إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة مجرمي الحرب معلومات تفصيلية "موثقة ومدعمة بشهادات" بالجرائم التي ارتكبها الشحي، أو أمر بها، أو ارتكبتها القوات الإماراتية والتحالف تحت قيادته. وأكدت أنها تعمل حالياً على تقديم شكاوى مماثلة لدى العديد من الجهات الدولية المسؤولة.
 
وقالت الشبكة إنها وثَّقت العديد من الجرائم التي ارتكبتها القوات الإماراتية والمليشيا المتحالفة معها، بأوامر مباشرة من الشحي، وهي أوامر أدت إلى قتل عدة مئات من المدنيين اليمنيين، وجرح آخرين، بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى اعتقال مشتبه فيهم في مناهضة القوات الإماراتية، وإخفائهم قسراً في عدة أماكن، بينها أماكن سرية لم يُستدل على موقعها.
 

مرتزقة اجانب للاغتيالات في عدن
 


ومن أبرز وأهم فضائح الإمارات الكبرى في اليمن خلال العام الماضي، ما كشفته صحيفة "بز فيد نيوز" الإلكترونية الأمريكية منتصف أكتوبر/ تشرين أول الماضي، في تحقيق استقصائي، يكشف استئجار الإمارات لفريق اغتيالات، عبارة عن مرتزقة غربيين محترفين، يقودهم ضابط أمريكي متقاعد، تعاقدت معه الإمارات لتصفية أعضاء في حزب الإصلاح في مدينة عدن.
 
وتضمن التحقيق اعترافات لعدد من أعضاء الفريق، بينهم قائد المرتزقة الذي أكد "إن الإمارات طلبت المساعدة من الأمريكان، من أجل تعطيل وتدمير حزب الإصلاح". ونشر الموقع مقطع فيديو تم تصويره جويا لعملية الهجوم التي نفذها المرتزقة على مقر حزب الإصلاح بعدن في محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس المكتب التنفيذي للحزب بالمحافظة، البرلماني إنصاف مايو.
 

[للاطلاع على نص التقرير، اقرأ: "يمن شباب نت" ينشر الترجمة الكاملة لتحقيق استقصائي أمريكي يكشف تعاقد الإمارات مع مرتزقة امريكيين لتنفيذ اغتيالات في اليمن]

 

2018 عام الفضائح والإنكشافات
 


لم تكن هذه الأحداث والوقائع والانتهاكات التي تورطت فيها الدولة الرئيسية الثانية في التحالف العربي في اليمن خلال العام المنصرم (2018)، حديثة ومستجدة، بل كانت استمرار لمسلكها الإنحرافي عن أهداف التحالف، والذي دأبت عليه خلال الأعوام الثلاثة السابقة (2015 – 2017) من مشاركتها في الحرب.
 
وهو ما يؤكده رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، المحامي توفيق الحميدي، في تعليقه لـ"يمن شباب نت" حول ما قامت به الإمارات وادواتها الأمنية والعسكرية جنوب اليمن من انتهاكات خلال العام المنصرف؛ "والمتمثلة بدرجة رئيسية بالاعتقالات التعسفية، والاخفاء القسري، والتعذيب حتى الموت، والتعذيب الجنسي، اضافة الى القتل خارج القانون".  
 
الفارق هنا، هو أن الإمارات ظلت خلال الأعوام الثلاثة السابقة (2015 – 2017) بعيدا- إلى حد ما- عن تقارير الصحافة ومراكز الأبحاث الدولية، وذلك على عكس العام الماضي (2018) الذي جاء كمحصلة أولية لانتهاكاتها الحقوقية وانحرافاتها السياسية والعسكرية والأمنية المتراكمة، إلى الحد الذي ما عد بالإمكان التغاضي عنه من قبل وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث العالمية.
 
يعتقد الحميدي، أن استمرار الانتهاكات على هذا النحو، من شأنه أن "يؤدي الى تصادم بين دولة الامارات مع الكثير من فئات المجتمع اليمني، بما في ذلك الحكومة الشرعية، خاصة في ظل شبه انعدام كلي للمؤسسات القانونية وادواتها التنفيذية".
 
إلا أنه يرى أن الضغوطات السياسية والدبلوماسية الدولية قد تشكل جزء من الحل، خصوصا وأن أدوات الداخل غير قادرة على التخفيف والحد من هذه الانتهاكات.
 
وبرغم كل ذلك، تبدو الحقيقة الأكثر أهمية التي حصدتها الإمارات في اليمن خلال العام المنصرف، أن هذه الدولة الخليجية القوية والغنية التي قدمت إلى اليمن قبل أربع سنوات كفارس منقذ لليمنيين، تحولت مع نهاية هذا العام إلى محتل وقح في نظر الغالبية العظمى من أبناء البلد، وعدد كبير من المراقبين والخبراء الدوليين.  
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر