لماذا قَيّدَتْ خلافات الانقلابين حركة التحالف والشرعية؟ (تقرير خاص)

[ لماذا قَيّدَتْ خلافات الانقلابين حركة التحالف والشرعية؟ (يمن شباب نت-خاص) ]

   أعتبر البعض أن تصاعد التوتر والخلافات بين شريكي الانقلاب (الحوثيين-صالح)، مؤخرا، بمثابة الفرصة للحكومة الشرعية لتحقيق انتصارات عسكرية وسياسية على حساب تصدع الجبهة الداخلية للانقلاب، إلا أن الملاحظ أنها واصلت الاستسلام لحالة الجمود التي تشهدها الساحة اليمنية على الصعيدين العسكري والسياسي، منذ فترة..!

 فعلى الصعيد العسكري، وهو الأهم هنا، تشهد أهم الجبهات القتالية حالة من الجمود، منذ أكثر من ثلاثة أشهر، تقريبا، خصوصاً جبهة نهم-شرقي محافظة صنعاء، المتوقفة منذ مايو/أيار الماضي، على الرغم من كونها تمثل للمليشيات الانقلابية الخط الدفاعي الأول عن أمانة العاصمة التي يسيطرون عليها منذ 21 سبتمبر/أيلول 2014.

 وفي حالات استثنائية، وبالتزامن مع الاشتباكات التي اندلعت أواخر أغسطس/آب الماضي بين صالح والحوثيين والتي راح ضحيتها مقتل أربعة من الطرفين بينهم نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية، العقيد/خالد الرضي، كانت طرأت بعض المتغيرات في المشهد العسكري شمالي البلاد، تمثلت بانتصارات جديدة حققتها قوات الجيش الوطني في محوري البقع بصعدة وميدي بمحافظة حجة إلا أن تلك المتغيرات لم تستمر وسرعان ما توقف تقدم القوات.

وعلى العكس، وجدنا أن المليشيات الانقلابية هي التي كثفت من تحركاتها الميدانية في أكثر من جبهة، وخصوصا في الحدود مع السعودية، وميدي، والجوف، وتعز. إلا أن مراقبون اعتبروا ذلك محاولة للفت الانتباه بعيدا عن الخلافات الداخلية المتوسعة، بما في ذلك محاولة إثبات أنها ما تزال قوية وقادرة على الفعل والحركة برغم هوة الخلافات.

رهان وتعويل
 ويعتقد أن أحد أسباب جمود تحركات الحكومة الشرعية ومعها دول التحالف العربي، في جبهات استراتيجية هامة، ناجم عن مراهنتها على ما يفترض أن تفعله تلك الخلافات في فكفكة قوة تماسك شريكي الانقلاب، إلا أن هناك من يسخر من ذلك، وينصح بعدم التعويل على مثل هذه الخلافات، مهما كانت التوترات ماتزال مستمرة بين الطرفين كنتيجة طبيعية لتوسع الهوة وبالتالي تخوف كل طرف من الأخر، حتى برغم سعيهما وإعلانهما رأب الصدع والالتزام بالتركيز على الحرب ضد الحكومة الشرعية والتحالف.

 لذلك، يرى مراقبون أن هذه المرحلة قد تمثل فرصة أمام القوات الحكومية لتكثيف التحرك نحو الحسم العسكري، خصوصاً في ظل الحديث عن سحب الحوثيين مئات المقاتلين إلى صنعاء لتعزيز مواقعهم بسبب الخلاف مع شريكهم صالح.

ويرى الكاتب والصحفي عبدالعزيز المجيدي، أن الصراع الذي ظهر جلياً بين شريكي الانقلاب، الحوثي وصالح، وتطور إلى اشتباكات مسلحة قُتل فيها من الطرفين "يعني أننا أمام صراع حقيقي لا بد أنه سينفجر في لحظة ما مهما بدت محاولات التهدئة بين الطرفين".
 
 وأشار المجيدي في سياق حديثة لـ"يمن شباب نت" إلى أن هذا الصراع كان يمكن أن يتحول إلى نقطة تفوق ميداني للشرعية مسنودة بالتحالف واستغلال ذلك لتحقيق انتصارات عسكرية وسياسية مؤثرة، لكن الأمر تحول إلى ما يشبه الرهان على الخلاف".

وفي خضم الصراع الذي نشب بين حليفي الانقلاب، برزت تكهنات ترجح وجود تدخلات خارجية من إحدى دول التحالف العربي للتقارب والتعاون مع الرئيس السابق علي صالح ضمن صفقة يقوم بموجبها بالانقلاب على حليفه الحوثي. الأمر الذي من شأنه أن يبرر ذلك الجمود الميداني من قبل الشرعية والتحالف، على أساس المراهنة على النتائج للبدء بالتحرك على ضوئها ضمن خطة معدة سلفا.

وقد اعتبر "المجيدي" وجود صفقة من هذا القبيل، إذا صحت التكهنات، بأنه قد يكون "أمرا جيدا من الناحية التكتيكية، إذا كان الغرض منه إضعاف الطرف الانقلابي.."، غير أنه أبدى اعتراضه من أن يتحول الأمر إلى "تعويل كامل"، مضيفا: "لدرجة أن ثمة من نادى بإسناد صالح في هذا الخلاف، ضمن رؤية تريد العودة إلى نقطة الصفر ومنح صالح ونجله دوراً في المستقبل".

جمود سياسي
 المشهد السياسي هو الأخر اتسم مؤخراً بحالة من الجمود، ويبدو أنه تأثر بفعل المتغيرات الأخيرة التي تشهدها صنعاء بين شريكي الانقلاب. فمساعي المبعوث الأممي، ولد الشيخ، تجمدت منذ مطلع أغسطس/آب الماضي.

 وكانت آخر تلك المبادرات التي اقترحها ولد الشيخ في أواخر يوليو/تموز الماضي، خطة لحل الأزمة وانهاء الحرب، تقضي بتسليم ميناء الحديدة إلى طرف ثالث محايد لتأمين وصول المواد والمساعدات الاغاثية والانسانية ووضع برنامج عمل لجباية الضرائب والعائدات واستغلالها لدفع رواتب الموظفين.

واستقبلت الحكومة الشرعية تلك الخطة بالترحيب، فيما رفضها تحالف الانقلابين. لتدخل المشاورات والنقاشات التي يجريها المبعوث الأممي طور الجمود.

وبداية، أرجع المحلل السياسي "ياسين التميمي"، أسباب ذلك الجمود إلى عدم قبول الانقلابيين بالحل السياسي على أساس المرجعيات الأساسية.

وأضاف، ضمن حديثه مع "يمن شباب نت"، أن جزء من التصلب في موقف الانقلابيين "يعود إلى التبدل في اتجاهات ومواقف وترتيبات التحالف، الذي جمد العمليات العسكرية، وبدأ يرسل إشارات إيجابية إلى الطرف الانقلابي أو جزء منه". في إشارة إلى تلك التكهنات بخصوص عقد دول قيادية في التحالف العربي صفقة مع المخلوع صالح ضد حلفاؤه الحوثيين.  

تأثيرات الجمود
وبشأن ما إذا كان هناك علاقة للخلافات المحتدمة بين شريكي الانقلاب بالجمود السياسي؟ يرجح التميمي ذلك، مؤكدا أنها "أثرت بقوة على خياراتهما ووحدة موقفهما حيال مطالب الحل السياسي".

ومع أنه يرى أن "هناك اختلاط واضح في الأوراق، إلى حد يمكن معه تصديق أن أطرافا عديدة بينها التحالف تشتبك بصورة أو بأخرى في الصراع الذي يتفاعل في صنعاء"، إلا أنه يستدرك قائلا: "لكن لا التحالف، ولا الحكومة الشرعية، بانتظار ما سيسفر عنه الصراع في صنعاء لاتخاذ الخطوة المقبلة".

 ويرى التميمي، أن المشكلة الحقيقية عند جميع الأطراف -باستثناء الحكومة – هي أنهم باتوا بعيدين جداً عن مرجعيات الحل السياسي، حتى أن التحالف يتجه نحو خيارات سيئة بالنسبة لليمنيين، لإنجاز حل، من الواضح أنه يستند إلى التصورات الخاصة به (التحالف).

وعن طبيعة تلك التصورات، يعتقد بانها "تصورات محكومة بدوافع أيديولوجية، وتستند إلى الحد الأدنى من الحرص على مصالح اليمن".
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر