













الكهنوت

عداء الحوثي للصحافة ليس طارئًا، إنه امتداد لسلسلة طويلة من الكراهية المتأصلة ضد الكلمة الحرة. الإمامة القديمة كانت تقف على نفس الضفة؛ تجرّم التفكير، وتخشى الحرف، وتخنق كل صوت يخرج عن السطر.

ليس هناك ما هو أكثر إثارة للشفقة من أن يكون العقل مستجيبًا لأوهام الكهنوتية، أن يتحول الإنسان من كائن مفكر إلى مجرد صدى يتردد في الفراغ، يهتف باسم زعيم لم يره، لم يلمس حضوره إلا في شاشة، كما لو أن الصورة أصبحت أكثر واقعية من الحقيقة، وكما لو أن هذا الغائب في كهفه أصبح إلهًا تُرفع له الأيدي، وتُطأطأ له الرؤوس.

مقارنة بالظروف القاسية التي كان يعيشها اليمن حينها، وكمية الظلم المسلط عليه من قِبل الإمام، وإخضاع أبنائه بالحديد والنار، لم يكن ما قام به القردعي حدثاً عابراً، أو فعلاً اعتيادياً يمكن توقعه، بل مجداً وطنياً وفخراً بطولياً ينم عن شخصية استثنائية بشجاعتها وإخلاصها وتضحياتها، شخصية بطولية سئمت الإذلال وضاقت ذرعاً بالقهر..