













الحوثي

مع أن المليشيا الحوثية انقلبت على الشرعية والجمهورية قبل 11 عامًا في 21 سبتمبر، إلا أن هذا الشهر يشكل بالنسبة لها مصدر قلق دائم ورعب متزايد، لأنه يحمل ذكرى ثورة اليمنيين التي حررت الوطن من قيود الإمامة الكهنوتية، في 26 سبتمبر 1962.

ذهابهم بقصف إسرائيلي لا يغيّر من موقفنا تجاههم على الإطلاق. نحن مقصوفون منهم وبهم. هم من وضعوا أنفسهم أهدافًا باختيارهم.

حين يسقط قادة في صفوف المليشيا الحوثية بصاروخ إسرائيلي، يظن البعض أننا سنقف في حيرة، هل نصفق للقاصف أم للمقصوف؟ غير أن الحقيقة أوضح من كل هذه الالتباسات، فلا يمكن لعاقل يدرك ويشعر بمعاناة اليمنيين أن يُصفّق أو يساند أيّ طرف منهما.

يريد الكيان ضربة كبيرة خاطفة ليغسل دماء العجز عن وجهه.. وتريد طهران تمرير رسالة لنتنياهو، واختبار بعض التقنيات في إطار التجهيز لمواجهة محتملة. ويبدو أن العاصمة اليمنية صنعاء، المحتلة من الحوثة، كانت المكان المناسب لتبادل المنافع للطرفين.

من يقف مع الحوثي تحت أي ذريعة، إنما يثبت أن ولاءه هشّ، وأن وطنيته مشوبة بالشك. لم يخش هؤلاء على اليمن حين حاصر الحوثي تعز، ولم يبكوا على اليمنيين حين جاع أطفالها، ولم يتحرك ضميرهم حين دُمرت القرى وشُرّد أهلها.

ما يمارسه الحوثي هنا يتجاوز أعتى أشكال الكهانة التي عرفها التاريخ الإسلامي. فالكهانة القديمة على الأقل كانت تحاول استغفال الناس باسم الغيب أو الآخرة، أما هنا فنحن أمام جماعة لا تعبأ حتى بتغطية وجهها. إنها لا تكتفي بالخلط بين الديني والدنيوي، بل تتخطى ذلك إلى تدمير الوعي نفسه.