













الجمهورية

لم يكن يخطر ببال الساسة والعامة أن انقلاب الحوثي 2014 سيهرول باليمن عكسيًا إلى قعر رواية الولاية المندثرة والماضي السحيق الذي يعيد تنصيب القومية الهاشمية وتفويضها بالسلطة المطلقة بناءً على المشجر السلالي، وفقًا لرواية باطلة تنافي رسالة الدين وتشريعاته في الحكم كمطية رجعية ومعول تقويض للجمهورية: الثورة والفكرة، الدولة والدستور.

من المثالب المأخوذة على العهد الجمهوري طيلة عقوده إهماله للتراث اليمني وإغفاله للتاريخ، وتجاهله لأغلب المخطوطات، والكتب النفيسة التي تمثل كنزًا حضاريًا وقيمة فكرية عظيمة قادرة على تأسيس هوية حقيقية ووعي وطني مستنير،

مدينة كتعز ظلت واقفة في حنجرة الكهنوت، عصية على الانحناء، صامدة في ردع كل الدسائس والأحقاد طيلة عقد، لن تجهل مؤامرة إضعافها من الداخل، وتآكلها ذاتياً، وإغراقها بمظاهر التشوه وانحراف بوصلتها الوطنية

ظلت اليمن حبيسة الماضي وغارقة في قعره بكل مساوئه وجموده، ولم تخط نحو المستقبل إلا ثلاث مرات في 26سبتمبر و14أكتوبر و22مايو، خطوات صنعت وجوده ورسمت ملامحه الحقيقية في خارطة العالم، فأصبحت هي حقائقه الوطنية المثبتة لحيويته وديمومة حضوره..

وقد عمل كرب إل وتر على توحيد البلاد تحت سلطة واحدة وإنهاء عصر الدويلات المستقلة من خلال نهج يجمع بين السلمي والعسكري، ففي الأول أقام تحالفا مع اتحاد قبائل سمعي في شمال الرحبة، وفي الثاني أخضع مملكة أوسان، التي كانت تشكل منافسا سياسيا، بالقوة وضم أراضيها.

بالتزامن مع الذكرى الخامسة والثلاثين لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، يستحضر اليمنيون لحظةً تاريخية مثّلت ذروة تطلعاتهم الوطنية نحو دولة موحدة، مدنية، ديمقراطية، تقوم على المواطنة المتساوية والتعددية السياسية.