













الجمهورية

لم يكن ميلاد حزب التجمع اليمني للإصلاح ميلادًا عابرًا، بل كان نقطة فارقة في المشهد السياسي اليمني، جاء في لحظة زخم سياسي وتحول ديمقراطي، وتلاحم المشروع الوطني مع تأسيس حياة سياسية طموحة وملتصقة بالواقع وقريبة من الجماهير.

لطالما أننا صرنا الآن في صلب معركة وجودية علنية مع كهنوت مستجد يعمل على طمس ذاكرة مقاومة جذوره، ومحو تاريخ صراع اليمني مع أسلافه، وإخفاء تاريخه الأسود، وخلق التباس وتزييف ينفذ من خلالهما إلى وعي المجتمع..

تبنّى اليمنيون الجمهورية، كغيرهم من شعوب أخرى، لكن دوافعهم كانت ربما أكثر منطقية ومعقولية من دواعي غيرهم، لأن اليمن عاش تجارب حكم كهنوتية شديدة التخلف والظلم والهمجية والانحطاط السياسي، والكارثة أن هذه التجربة الكهنوتية كانت مرتبطة باستبداد ديني مذهبي بوصفها واحدة من أكثر تجارب الاستبداد الديني والسياسي انحطاطاً في التاريخ.

من أسوأ اللحظات السياسية اليمنية اللحظة التي تقوض فيها الحقائق وتبدل فيها الثوابت، ويبلغ التطرف السياسي حد الإجحاف والتنكر لدرجة أن تغدو مأرب مادة دسمة للتنمر ومرتكزًا للاستهجان والتعرية في الخطاب السياسي والإعلامي..

تعز تقف وحيدة ضد أشنع تطرف في الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي؛ حقدٌ عليها، واتهامٌ لها، وانتقامٌ منها، وتشفٍّ بأوجاعها، وتخوين لبطولاتها، واحتقار لتضحياتها، وازدراء من ثقافتها وهويتها، وتهويل لإشكالياتها، وتعرية لأخطائها، وتأليب مستميت لكسرها،

من الخطأ تصوير القبيلة كأنها نقيض للجمهورية فالمجتمع اليمني بطبيعته قبلي في بنيته الاجتماعية وإن اختلفت درجة تماسك هذه الروابط من منطقة إلى أخرى..