













الثورة

لا أجد لعنة أشد وقعًا على هذه الجماعة من لعنة التاريخ الذي أرادت من خلاله اغتيال سبتمبر الجمهوري، فاكتشفت أن ما حسبته نصرًا مؤقتًا تحول إلى هزيمة رمزية ممتدة، تؤكد أن محاولات طمس الذاكرة الجمعية تصطدم بجدار الوعي الشعبي، وتتحول إلى فضيحة تتجدد في كل ذكرى.

تجارب الدول تُظهر أن الرموز السياسية ضرورة وجودية، تمنح الأجيال هوية واضحة وتوفر للأنظمة جدارًا نفسيًا يحميها من محاولات الاختراق أو العودة إلى الماضي. الدول التي تمتلك رموزًا حية تستطيع إنتاج خطاب وطني جامع، بينما الدول التي تهمل رموزها تُترك شعوبها ضائعة في فراغ الذاكرة والارتباك والتيه.

لطالما أننا صرنا الآن في صلب معركة وجودية علنية مع كهنوت مستجد يعمل على طمس ذاكرة مقاومة جذوره، ومحو تاريخ صراع اليمني مع أسلافه، وإخفاء تاريخه الأسود، وخلق التباس وتزييف ينفذ من خلالهما إلى وعي المجتمع..

لا تموت الأصوات، تموت الأجساد. الأصوات تبقى، تتسلل من بين الأشرطة القديمة، من بين صدور الناس، من خلف الذكريات، وتظل تحوم فوق المآذن، وتطوف الساحات، وتتمشى في شوارع المدينة كلما فقدت شيئًا من روحها.

ثورة ١١فبراير هي ثورة شعبية عميقة الجذور انطلقت بصدق وتجرد وأهدافها ليست خاصة ولا حزبية ولا جهوية بل عامة لكل أبناء اليمن وهي ثورة لا تموت وتقاوم كل الأعاصير والأيام تثبت لنا كل يوم هذه الحقيقة.

فبرايرُ ليس مجرد ذكرى، بل هو فكرٌ يحترق في دمائنا؛ هو فلسفةٌ تمثلُ جوهر الحرية، وجوهر الإنسان الذي لا يقبل أن يُسحق تحت عجلة الاستبداد، هو القوة الوحيدة القادرة على خلق واقعٍ جديد، لأنه ببساطة: لم يكن، ولن يكون، مجرد تاريخ.