













الإمامة

لم يكن يخطر ببال الساسة والعامة أن انقلاب الحوثي 2014 سيهرول باليمن عكسيًا إلى قعر رواية الولاية المندثرة والماضي السحيق الذي يعيد تنصيب القومية الهاشمية وتفويضها بالسلطة المطلقة بناءً على المشجر السلالي، وفقًا لرواية باطلة تنافي رسالة الدين وتشريعاته في الحكم كمطية رجعية ومعول تقويض للجمهورية: الثورة والفكرة، الدولة والدستور.

عداء الحوثي للصحافة ليس طارئًا، إنه امتداد لسلسلة طويلة من الكراهية المتأصلة ضد الكلمة الحرة. الإمامة القديمة كانت تقف على نفس الضفة؛ تجرّم التفكير، وتخشى الحرف، وتخنق كل صوت يخرج عن السطر.

الجغرافيا في اليمن ليست تضاريساً وطقوساً بل هي نظرية وجودية شمولية تشكل مظاهر الحياة، وتفرض حضورها في التركيبة البنيوية العميقة للمجتمع، تركيبة الوعي والسلوك والثقافة والمعتقد

تقبل العبودية أمر لا تبرره مصلحة البتة؛ وإنما يفسره اختلال في التنشئة وعاهة في التركيبة الاجتماعية الأولى والسلوك الاجتماعي المتناقض الذي صنع أناساً مشوهين مغايرين للفطرة الحقة المنسجوة بالكرامة والحرية،

على امتداد ستة عقود جمهورية نجد أن التجربة السياسية اليمنية كانت قائمة على تناقضات غريبة وتحولات أكثر غرابة، لم تصنع نخباً سياسية مدركة لمستقبلها السياسي أو مجتمعاً يعي مصالحه ويتبع طرق تحقيقها، وإنما كان هناك قطيعة بين الوعي الفردي النخبوي والوعي الجمعي الجماهيري..

ثم ترجّل الفارس الذي ظل يُنبت الفزع في قلوب محبيه كل مرة، امتطى صهوة الصعاب ومضى يخوض مغامراته الفذّة بنفسه، لم تكن ميتته الأولى، ولا نبأ استشهاده الأول، غير أنه في كل مرة كان يعود ملوّحا أن: لن يمروا.