













إيران

منذ الحرب مع العراق (1980-1988) لم تخض إيران حربا بالأصالة، بمستوى هذه الحرب التي خاضتها مع إسرائيل. وكان طبيعياً أن يؤيد إيرانَ جيرانُها العرب الذين خاضوا صراعات وحروب مع إسرائيل، وما يزال العداء مع إسرائيل مستحكماً والصراع مستمراً، تؤججه الطبيعة العدوانية لإسرائيل، ويصعده ما يحدث في غزة من بطش وتجويع ودمار شامل.

إيران باعت الوهم في سوق عربية كانت تتخبط فيه مخلفات الباحثين عن "حق" الحكم في سراديب مظلمة، مكتظة بالجماجم والأضابير المنقعة في دم لم يجف، تمتد إلى زمن السقيفة وعهود من الخيانات التي يصر منتسبوها اليوم

خمسة وعقود ونيف منذ ميلاد إيران بنسختها الخمينية الإسلامية، لم يكن ميلادها خلاصة عناء أو انبثاق لمستقبل جديد لشعبها ونظامها؛ بل كان وعدًا لتفتق فوهات الجحيم واستجماع تناقضات الماضي المضطرب دينيًا، والحاضر القائم على تأزمات وعداءات ومشاريع تمزق وتغيير خريطة المنطقة

الفرح بقصف طهران ليس انتشاءً لحظة، إنه فعل سياسي وأخلاقي، وعدالة تاريخية مؤجلة. كلما كانت تفيضُ الدماء العربية كلّما اتسعت شهية إيران للهيمنة، يغدو الفرح بقصف طهران فعلًا سياسيًا وأخلاقيًا، لا مجرد انتشاء لحظة.

الأسبوعَ الماضي دارَ الحديثُ وتَكرَّرَ عن عزمِ إسرائيلَ على استهدافِ المرشد الأعلى في إيران، كمَا لو كان مجردَ هدفٍ عسكري هيّنٍ آخرَ في الحرب الضَّروس بين إسرائيلَ وإيران، التي قد تلتحق بهَا الولاياتُ المتحدة لاحقاً. وقد حرصَ الرئيس الأميركي على أن يباعدَ بينه وبين التخطيطِ الإسرائيلي، معلناً أنَّ القائدَ الإيراني الأعلى على رأسِ قائمة الأهداف الإسرائيلية، وقد أصبحَ على مرمى هدفِهم. وأوضحَ ترامب أنَّه ضد مسعى إسرائيل هذا، ويعارضُه.

عانينا من نظام إيران كثيراً، ويكفي أن يكون حليفهم في اليمن؛ الحوثي، الذي تسبب في نكبة تاريخيّة ومأساة إنسانية يمنية غير مسبوقة. وإذا كنا نحترم شعب إيران، فلا أحد ممن اكتوى بنار النظام الحاكم هناك، وحلفائه، يكن لذلك النظام مودةً أو تعاطفاً.