













Houthi

بات من الطبيعي، بل من الواجب اليوم، التحدث صراحة عن أولئك الذين لا يعجبهم أي مشهد جميل في تعز، ولا يطيقون رؤية جسد المدينة المحاصرة متماسكًا، ولا يهنأ لهم بال إن تعافت قليلا؛ يريدونها دائما أن تبدو بصورة سوداوية مليئة بالمشاكل والاختلالات، حتى صار تصويرها بهذه الصورة مصدر رزق لهم، ومادة دائمة لنشاطهم الإعلامي المُريب.

من الظواهر المريبة الدالة على تدني الوعي السياسي اليمني وفقدانه توازنه، أن ثلة من الكُتّاب الصحافيين والسياسيين والناشطين المقيمين في المناطق الحوثية لم تعد لديهم أية حساسية مع الوجود الحوثي، لكنهم – في ذات اللحظة – يشاركون بآرائهم في كل شاردة وواردة في المناطق المحررة، يشنون هجومًا لاذعًا على خصومهم السابقين، وكأن الزمن ما زال قبل الانقلاب.

عامان مرا على العدوان الصهيوني على قطاع غزة، عامان تضخمت فيهما الحوثية وتغوّلت في تفاصيل المشهد اليمني، متغذيةً على الدم الفلسطيني لتستعيد أوكسجينها السياسي. فبعد أن كادت تخنقها نقمة الداخل وغضب الشارع، جاءت حرب الإبادة لتمنحها قبلة حياة مؤقتة.

لا أجد لعنة أشد وقعًا على هذه الجماعة من لعنة التاريخ الذي أرادت من خلاله اغتيال سبتمبر الجمهوري، فاكتشفت أن ما حسبته نصرًا مؤقتًا تحول إلى هزيمة رمزية ممتدة، تؤكد أن محاولات طمس الذاكرة الجمعية تصطدم بجدار الوعي الشعبي، وتتحول إلى فضيحة تتجدد في كل ذكرى.

تفرض المليشيا الحوثية سيطرة قمعية خانقة على محافظة "إب"، منذ أكثر من عشر سنوات، لكنها لم تشعر معها بالطمأنينة والاندماج والأمان؛ بل ظلّت دخيلة وخائفة وأشبه بوباء ثقيل، كونها بلا قبول شعبي، ولا جذور راسخة..

يريد الكيان ضربة كبيرة خاطفة ليغسل دماء العجز عن وجهه.. وتريد طهران تمرير رسالة لنتنياهو، واختبار بعض التقنيات في إطار التجهيز لمواجهة محتملة. ويبدو أن العاصمة اليمنية صنعاء، المحتلة من الحوثة، كانت المكان المناسب لتبادل المنافع للطرفين.