الأخبار

استهداف منشأة صافر النفطية.. نزعة حوثية إجرامية لتدمير مقدرات اليمن الاقتصادية

تقارير | 24 أغسطس, 2024 - 7:07 م

خاص: يمن شباب نت

image

في تصعيد خطير من شأنه أن يفاقم الوضع الاقتصادي، شنت مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران فجر أمس الجمعة، هجوما بثلاث طائرات مسيرة في محاولة لاستهداف منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب، شمال شرقي اليمن.

وأعلنت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة في بيان مساء الجمعة، إسقاط ثلاث طائرات مسيرة انتحارية مجنحة تحمل مواداً شديدة الانفجار أطلقتها مليشيات الحوثي الإرهابية في محاولة إرهابية جبانة لتدمير منشأة صافر النفطية في محافظة مأرب.

وأوضح البيان، أن المعلومات تبين أن هذه الطائرات المعادية أُطلقت من نقطة واقعة بين منطقتي دحيضة وقرن الصيعري شرق مدينة الحزم بمحافظة الجوف الواقعة تحت سيطرة العدو، مؤكدا "جاهزية القوات المسلحة للرد على مثل هذه الأعمال التي تستهدف مصالح الشعب اليمني ومنشآته الاقتصادية السيادية".

وجاء هذا الهجوم بعد نحو شهر من إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وميليشيا الحوثي بشأن خفض التصعيد الاقتصادي، والتي شملت إلغاء القرارات التي اتخذها البنك المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة عدن بحق البنوك المخالفة لقرار نقل مراكزها الرئيسية من صنعاء.

وتمثل شركة صافر النفطية إحدى أهم مؤسسات الدولة اليمنية وأهم مصادرها الحيوية وظلت طوال أعوام الحرب تزود كل المناطق اليمنية بما فيها مناطق الحوثيين بمادة الغاز المنزلي، بأسعار بسيطة، قبل أن تمنع المليشيا دخوله إلى مناطق سيطرتها واستيراد الغاز المنزلي الإيراني بأسعار مضاعفة.

وتنتج شركة صافر نحو 40 ألف برميل نفط يومياً، كما تنتج الغاز المنزلي بطاقة إنتاجية مقدارها 800 طن متري يومياً تخصص للاستهلاك المحلي وتعد المنتج الوحيد للغاز الطبيعي المسال والمصدر إلى محطة التسييل في ميناء بلحاف بمحافظة شبوة على بحر العرب،المتوقفة منذ انقلاب المليشيات الحوثي ومغادرة الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط والغاز.

تصعيد خطير يهدد بنسف التهدئة

في أول موقف على الهجوم، حذرت الحكومة اليمنية من أن استهداف مليشيات الحوثي الإرهابية لمنشأة صافر النفطية في محافظة مأرب يُهدد بنسف فرص التهدئة وجر الأوضاع لمزيد من التعقيد، وينذر بانهيار الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحة، معمر الإرياني، إن "إقدام مليشيا الحوثي الإرهابية التابعة لإيران، على استهداف منشأة صافر تصعيد خطير يندرج ضمن الحرب الاقتصادية التي تشنها على الحكومة والشعب اليمني، ونهجها التدميري للبنية التحتية ومقدرات اليمن، وسياسات الافقار والتجويع الممنهج لليمنيين".

وأوضح في تصريح صحفي أن مليشيا الحوثي شرعت في شن حرب اقتصادية على الحكومة للحيلولة دون قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، وهاجمت في اكتوبر 2022 السفن والناقلات النفطية في موانئ محافظتي حضرموت، وشبوة ما أدى إلى توقف تصدير النفط.

كما أشار إلى أن المليشيا منعت بيع الغاز المحلي القادم من محافظة مأرب لمناطق سيطرتها واستبدلته بالغاز المجاني القادم من إيران عبر ميناء الحديدة، وضاعفت أسعار الرسوم الضريبية والجمركية في المنافذ البرية لمنع حركة البضائع والناقلات بين المحافظات، بهدف إجبار التجار على وقف الاستيراد من ميناء عدن.

وحذر الارياني من استغلال مليشيا الحوثي حالة التراخي الدولي للاستمرار في مسارها التصعيدي الذي يُهدد بنسف فرص التهدئة وجر الأوضاع لمزيد من التعقيد، وينذر بانهيار الاوضاع الاقتصادية، ويفاقم المعاناة الانسانية.

وأضاف:" "نؤكد أن الحكومة لن تقف مكتوفة الأيدي وستتخذ كافة التدابير التي تحفظ مصالح ومقدرات الشعب اليمني، وتصون تضحياته في معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".

ودعا الارياني الشعب اليمني بكل فئاته ومكوناته وفي المقدمة القاطنين في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، الذين يزدادون كل يوم بؤسا وفقرا إلى أن أن يدركوا أن اليمن يخسر كل يوم واقتصاده ومنشآته تتدمر.

وأضاف، أن المليشيا لا تحمل أي مشروع للبناء والتنمية والاعمار، وأنها لا تجيد سوى تفجير الحروب والقتل والهدم والتخريب وافقار وتجويع اليمنيين، وأن استعادة اليمن لعافيته وأمنه واستقراره مرهون برحيل هذه العصابة الإجرامية.

وطالب الإرياني المجتمع الدولي والامم المتحدة ومبعوثها الخاص لليمن، بإصدار إدانة صريحة لهذا العمل الإرهابي، واتخاذ مواقف صارمة إزاء هذا التصعيد الخطير الذي يؤكد عدم اكتراث مليشيا الحوثي بالجهود التي تبذلها الدول الشقيقة والصديقة لإحلال السلام.

كما طالب بالشروع الفوري في تصنيفها "منظمة إرهابية عالمية"، وتكريس الجهود لدعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لاستعادة مؤسسات الدولة وفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار في كامل الأراضي اليمنية.

إعلان حرب ونزعة إجرامية

واعتبر مراقبون ومحللون أن محاولة مليشيات الحوثي الإرهابية استهداف منشأة صافر النفطية نزعة إجرامية للتدمير وبمثابة إعلان حرب وتقضي على الهدنة وأي تفاهمات لتحقيق السلام.

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي، مصطفى ناجي، إن إقدام الحوثي على قصف منشآت صافر النفطية بثلاث طائرات مسيرة أسقطتها الوحدات العسكرية هناك دون حدوث كارثة مشابهة لما حدث في الضبة في حضرموت.

وأضاف ناجي عبر منصة "أكس": "لأن الطائرات لم تحقق هدفها فان الأمر سيمضي وكأن شيئا لم يكن. هذا العمل إعلان حرب يقضي على أي هدنة وتفاهمات سلام تمام. يختلف كليا عن أي خروقات سابقة أو هجوم صغير في جبهة من الجبهات".

وتابع: "الغريب أن هذه العملية جاءت بعد توعد بالرد على إسرائيل وبعد أن بدأت صحف أمريكية تكتب أن مخزون الحوثي من المسيرات نفد وأنه أصبح يلجأ إلى صواريخ محمولة على الكتف في تنفيذ عملياته في البحر الأحمر".

وأردف ناجي: "الحقيقة ان الحوثي يخصص سلاحه لقتل اليمنيين والقضاء على مقدراتهم الاقتصادية لتركيعهم وتشييد دولة جنود الرب ومصطفيه. هذه العملية هي التنفيذ الاقتصادي لاتفاق التراجع عن إجراءات البنك (المركزي اليمني) وهي التزام بالوعد الذي ابتهج وهلل له المبعوث (الأممي) ودول الإقليم".

بدوره، قال المحلل عدنان الجبرني، "تحت نشوة تدفق سفن الغاز والنفط الإيراني للمليشيا الحوثية عبر ميناء الحديدة منذ الهدنة، تواصل الجماعة محاولاتها استهداف شركة صافر رغم أنها طيلة سنوات الحرب ظلّت تزوّد كل منزل يمني بالغاز، بسعر زهيد رغم مضاعفته من قبل الحوثي في مناطق سيطرته".

وأضاف، عبر منصة "إكس"، أن الشركة استطاعات، بدعم قيادة السلطة المحلية بمأرب أن تتخطى كل المخاطر لاستمرار عمل صافر كمصلحة سيادية ومكتسب لكل يمني، ولكن هذا لن يستمر وسوف تحصد الجماعة نتيجة حساباتها الحمقاء.

وأوضح الجبرني، أن "لا تفسير لاستهداف المليشيا الحوثية لمنشأة شركة صافر الوطنية لإنتاج واستكشاف النفط -رغم توقف التصدير وفي ظل الهدنة ونقاشات خارطة الطريق- سوى طغيان نزعة التدمير الإجرامية الحوثية لكل مقدرات الشعب، وعدم قدرة الجماعة على التوقف ولو مؤقتا عن استهداف اليمنيين ومصالحهم".

وكتب الباحث إبراهيم جلال متسائلا: "بعد توعدهم بالرد على إسرائيل، استهدف الحوثيون منشأة صافر بمأرب. ترى، هل الطريق إلى فلسطين يمر عبر مأرب؟ وهل تنوع الجماعة سبل تدمير مقدرات اليمنيين ورفع كلفة العيش، تارةً عبر جلب إسرائيل وتارةً عبر نهجها؟ وهل فقد السلام ضوابطه وأطره الموضوعية ليصبح فوضى بلا أفق واضح؟".

ورقة ضغط سياسي

بدوره، وصف الكاتب الصحفي، مأرب الورد، الهجوم على منشأة صافربـ"التطور الخطير" لكنه ليس غريبا على الحوثيين الذين يدمرون مصالح الشعب ولا يهمهم سوى مصالحهم الخاصة.

وقال الورد عبر منصة "إكس" منتقدا موقف مجلس القيادة الرئاسي: "في الوقت الذي تلهج ألسنة خصوم الحوثيين المحليين بالحديث عن الهدنة وكأنها الكنز الثمين الذي يجب الحفاظ عليه، يستخدمها وكلاء إيران لتحقيق أهدافهم السياسية ولا يكترثون لهذا الحديث السامج".

وأضاف أن "استهداف منشأة صافر رسالة ضغط سياسي بأسلوب عسكري للتركيع لخارطة الطريق التي تخدمهم وحدهم"، مشددا على أنه "ينبغي أن تذكّر هذه الحادثة وما سبقها وما قد يلحقها في أي مكان، جميع الأطراف أن التفكير بعقلية كل واحد "يوبه لجربته" ليس حلا، وأنه ما لم يكونوا موحدين بالفعل لا بالكلام فسيخسرون جميعا".

وحمل الصحفي أدونيس الدخيني مجلس القيادة الرئاسي المسؤولية الكاملة عن أي دمار يلحق مقدرات هذا الشعب، وقال:" اختار المجلس ذاته مهادنة ميليشيا الحوثي والخضوع لكل أشكال الابتزاز الذي يمارسه مرتزقة إيران، وتخلى عن مسؤوليته في الدفاع عن ثوابت ومقدرات البلاد".

وأضاف الدخيني عبر منصة "إكس": "عدت مليشيا الحوثي إلغاء مجلس القيادة قرارات البنك المركزي، شيكاً مفتوحاً تمارس فيه كل ما تطمح إليه، وذهبت إلى استهداف منشأة صافر في مأرب".

وتابع: "لم يضع مجلس القيادة، سقفاً للتفاوض، ولا حداً للإرهاب الحوثي الذي استهدف كل مقدرات الشعب، وضد الشعب ذاته، ورد عليها مجلس القيادة بحملة على منصة إكس"!.

وفي هذا السياق، يرى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة علي الذهب أن التهديدات الحوثية المتصاعدة على المنشآت النفطية في ظل جهود السلام التي ترعاها الأمم المتحدة تستخدم ورقة ضغط جديدة لتحقيق مكاسب سياسية كبيرة من خلال ربطها بمسارات إنسانية واقتصادية طويلة الأمد يستفيد منها الحوثيون.

واعتبر الذهب في تصريح لصحيفة "إندبندنت عربية"، أن "خريطة الطريق المقترحة التي تدعمها الأمم المتحدة تخدم مصالح الحوثيين بصورة كبيرة، إذ تمنحهم الوقت الكافي للاستفادة من الانفراجة في الجانب الاقتصادي والإنساني وتأخير الجانب السياسي وهو تمكين للحوثيين من فرض شروطهم حين تسلب الحكومة الشرعية  الكثير من مصادرها المالية وقرارها السياسي".

وأمام هذه التحديات يرى الذهب أن "على مجلس القيادة الرئاسي التحرر من التأثيرات الخارجية واتخاذ موقف أكثر صلابة تجاه الحوثيين من خلال الرد الحازم على أي تهديدات"، مشيراً إلى أن "التهاون في هذا الشأن قد يؤدي إلى عواقب وخيمة"

وسبق أن استهدفت المليشيات الحوثية في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ميناءي النشمية بمحافظة شبوة والضبة في حضرموت، بطائرات مسيرة ما تسبب بوقف تصدير النفط.وفي الرابع من أغسطس (آب) الجاري، أعلنت الحكومة تكبدها خسائر مالية قدرت بنحو 1.5 مليار دولار، بسبب توقف تصدير النفط.

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024