الأخبار

جامعة تعز.. الفن التشكيلي ريشة بدون فنان (تقرير خاص)

تقارير | 18 أكتوبر, 2024 - 10:30 ص

خاص: يمن شباب نت ـ فتح العيسائي

image

في مدينة تعز التي لطالما عُرفت بالعاصمة الثقافية لليمن، أصدرت كلية الآداب بجامعة تعز، قرارًا يقضي بإغلاق شعبة الفن التشكيلي، بعد عشرة أعوام من اطلاقها ضمن قسم الفنون الجميلة الذي أطلق عام 2014م.

كلية الآداب التابعة لجامعة تعز الحكومية، بررت القرار نتيجة شحة الإمكانيات المادية واللوجستية، وغياب الكادر الأكاديمي بالإضافة لضعف الإقبال، في حين ربطت إمكانية عودة النشاط التشكيلي بمدى قبول الطلاب الملتحقين بهذا التخصص التسجيل بنظام الموازي والنفقة الخاصة.

شحة في الإمكانيات

لا تتلقى شعبة الفن التشكيلي في قسم الفنون الجميلة بكلية الآداب جامعة تعز، أية موازنات رسمية، وهو الحال ذاته لدى مختلف كليات وأقسام الجامعة، إذ يعتمد كل قسم على نفسه بتوفير نفقاته التشغيلية، وذلك من الرسوم الدراسية في نظامي الموازي والنفقة الخاصة للطلاب الملتحقين به، الأمر الذي أدى الى عجز شعبة التشكيلي عن الاستمرار نظرًا لقلة الملتحقين بهذا التخصص.

وفي هذا السياق، يشير الدكتور أمين مهيوب رئيس قسم الفنون الجميلة بكلية الآداب جامعة تعز إلى أن: "كلية الآداب معتمدةً على نفسها، ولا يوجد لديها موازنات رسمية، ويتم تسيير العمل الأكاديمي من عائدات الطلاب والرسوم الدراسية في نظامي الموازي والنفقة الخاصة من مختلف التخصصات"، حد تعبيره.

وأضاف مهيوب في حديث لـ"يمن شباب نت": "هناك طلاب موهوبون ويتمتعون بقدرات كبيرة، لكن تغيب الإمكانات المادية، ونحن في قسم الفنون الجميلة نواجه حالة من العوز، ونحتاج لمن يقدم لنا الدعم لاستيعاب هذه المواهب الفنية الفريدة، لكننا في الوقت الحالي غير قادرين على الاستمرار نظرًا لشحة الامكانيات المتاحة لدينا في شعبة الفن التشكيلي".

وتابع: "لم يتم إغلاق شعبة الفن التشكيلي بشكل نهائي حتى الآن، ولكن توقفت نظرًا لشحة الموارد وعدم قدرة القسم على تلبية احتياجاتها نتيجةً لقلة المقبلين عليها".

وأوضح: "في حال وافق عدد من الطلاب بما لا يقل عن 15 طالبًا، أن يتحولوا الى نظام الموازي أو النفقة الخاصة، بما يغطي احتياجاتها المادية، سيعاود القسم افتتاح الشعبة مرة أخرى".

image

وأكد مهيوب أن: "الفن التشكيلي مهم جدًا خصوصًا في ظل الظروف السياسية التي تمر بها البلاد في الوقت الحالي، وهو اللغة التي يتشاركها العالم، إذ أنه بمقدور أي مجتمع مخاطبة مختلف الفئات الاجتماعية بما في ذلك الصم والبكم، ويمكن من خلال لوحة بسيطة أن نوصل رسائلنا للعالم بشكل عام"، حد وصفه.

واختتم بالقول: "كلية الآداب مستعدة لاستئناف نشاط شعبة التشكيلي في حال توفر دعم يكفي لتلبية متطلبات الملتحقين بالشعبة، سواءً من كوادر أكاديمية أو غيرها من المتطلبات المادية الأخرى".

إقبال ضعيف

وفي حين بررت كلية الآداب وقف شعبة الفن التشكيلي بحجة ضعف إقبال الطلاب عليها، يرى حفظ الله محمد وهو الطالب الوحيد والأخير بالفن التشكيلي، والذي واصل دراسته لهذا التخصص خلال أربعة أعوام دون زملاء، بعد أن تحول زملائه إلى تخصصات أخرى، يرى أنه من غير الممكن قياس الفن التشكيلي بكثرة الملتحقين به أو قلتهم.

وأشار حفظ الله محمد في حديث لـ"يمن شباب نت" إلى أن: "الدافع الأول والاساسي لدراسته مجال الفن التشكيلي، هو ميوله الفطري للفن وحبه للرسم منذ كان صغيرًا، وهو ما مثل بالنسبة له الدافع الأكبر للالتحاق بشعبة الفن التشكيلي".

وأضاف: "تمسكي بهذه الشعبة خصوصًا وأنني الطالب الوحيد الذي استمر بدراستها، هو أنه لا يمكن قياس الفنون التشكيلية بالكثرة أو القلة، وانما هو ميول فني، وهو تخصص يلزمه الموهبة لدعمه أكاديميا، ولا مجال لمحاكمته كباقي التخصصات التي يمكنك الالتحاق بها لمجرد أنها ستضمن لك وظيف مرموقة، على العكس الفن التشكيلي تخصص يتطلب أناس موهوبون".

ونوه: "في البداية لم أكن الطالب الوحيد، ولكن قامت رئيسة قسم الفنون التشكيلية السابقة بتحريض الطلاب الذين كانوا يدرسون معي، حتى تحولوا إلى شعبة الجرافكس".

وأكد بالقول: "قامت أيضًا بتهديد الطلاب المقبلين على هذا التخصص، بأنه إن لم يحولوا إلى شعبة الجرافيكس، سيتم فصلهم من الجامعة، ونجحت في تحويلهم وإغلاق شعبة الفن التشكيلي"، حد قوله.

ويشكو حفظ الله من تعرضه للإهمال من قبل كلية الآداب كونه الطالب الوحيد، فيما يقول إن العمادة حرمته من حقوقه في التعليم، من خلال رفضهم صرف المستحقات المالية للمدرسين الذين يقومون بتدريسه بنظام الساعات.

واختتم بالقول: "هذا آخر عام دراسي لي، قامت عمادة الكلية بإخراجي من القاعة المخصصة لشعبة التشكيلي، بحجة أنني طالب وحيد، تعرضت للتهميش بشكل كبير وتحولت قاعات التشكيلي إلى قاعات لطلاب شعبة الجرافكس".

ركود فني

شهدت التخصصات الفنية بمختلف أنواعها تراجعًا كبيرًا في الآونة الأخيرة، لا سيما الفن التشكيلي مثل الرسم والمنحوتات، غير أن متخصصون يرون أنها مشكلة قديمة زادت خلال العقد الأخير بشكل أكبر مع اختلاف الظروف السياسية في البلاد واندلاع الحرب المستمرة منذ أكثر من عشرة أعوام.

وفي هذا السياق، يقول رسام الكاريكاتير رشاد السامعي الذي يرى أن نسبة الركود الذي يعاني منه الفن التشكيلي في محافظة تعز ارتفع مؤخرًا بشكل أكبر بسبب الحرب: "هذه المشكلة قديمة يعاني منها التشكيلي في مختلف المحافظات حتى منذ قبل الحرب".

ويضيف السامعي لـ"يمن شباب نت" أن: "البدايات الاولى للفنان التشكيلي هي الموهبة، وهي بحاجة للرعاية والتنمية التي تبدأ من المدرسة خلال المراحل التعليمية الأولى، وهو ما تفتقر له المدارس بشكل عام، الا من محاولات ضعيفة"، حد وصفه.

ويعتقد الرسام التشكيلي أن العائلة يجب أن تلعب دورًا في اكتشاف مواهب الأطفال، لتكون شريكًا رئيسيًا في تشكيل وعيهم الفني قبل أن تتلقاهم المدارس التي قصرت هي الأخرى في تحفيز هذا المجال الفني منذ البداية.

وقال: "تفتقر المدارس لإمكانيات التوجه الفني، سواء بالمكتبات أو الحصص الفنية أو الكادر التعليمي المتخصص، فتضيع معظم المواهب والمؤشرات الابداعية لدى الكثير ".

وأضاف: "الفن التشكيلي بشكل عام، بحاجة لمحفزات تدفع به للنمو والتطور، مثل إقامة المعارض الدائمة، وتنمية الذائقة عند الجمهور، وشراء أعمال الفنانين، واحتكاك الأكاديميين وأصحاب الخبرة بالفن التشكيلي، وبمن هم في بداية الطريق".

وشدد السامعي على أن الفن بحاجة لتوفير بيوت فنية ودعمها والنأي بها عن الصراعات والمماحكات، بالإضافة لتوفير الدعم للفنانين من أدوات الرسم، مع حضور النقد التشكيلي البناء الذي يطور العملية التشكيلية، مع التركيز على تفعيل دور نقابة الفنانين التشكيليين.

واختتم بالقول: "هذا الفن بحاجة لإتاحة الفرصة للمشاركات الخارجية، وهذا دور وزارة الثقافة والسياحة، فالفن رسالة عالمية تحدد هوية البلد وثقافته ونسبة وعيه وماهي قضاياه، وكل هذه المتطلبات شبه مغيبة في اليمن من قبل الحرب، وجاءت الحرب لتقضي على ما تبقى من محاولات للاستمرار".

image

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024