الأخبار

المدارس الخاصة بصنعاء مشاريع ربحية على حساب قدسية التعليم (تقرير خاص)

تقارير | 7 أغسطس, 2024 - 11:15 ص

يمن شباب نت ـ خاص

image

معلمة وطلاب في مدرسة خاصة ـ ارشيفية

 

انحدار التعليم العام في صنعاء الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي، والتدهور الذي لحق به نتيجة انقطاع المرتبات، دفع أساتذة المدارس لترك التدريس والتوجه للبحث عن أعمال حرة، بغية توفير لقمة العيش لأسرهم، هذا الأمر وغيره من العوامل المتعلقة بالانتهاكات الحوثية في حقل التعليم العام، ساهمت في اندفاع الطلاب إلى المدارس الخاصة التي تحولت جزء كبير منها من صروح تعليمية لها قداستها إلى مشاريع استثمارية.

مصادر تربوية في صنعاء كشفت لـ "يمن شباب نت"، عن فرض جماعة الحوثي إتاوات مهولة على المدارس الخاصة، تزامنًا مع بدء التسجيل لهذا العام، حيث أجبرت المدارس على توريد جبايات مالية تصل قيمتها إلى (50 دولار) على كل طالب في المرحلة الإعدادية، يتم توريدها إلى حساب ما تسمى بوزارة التربية والتعليم في حكومة الجماعة (الغير معترف بها).

وأضافت المصادر أن هذه الجبايات تختلف من مرحلة إلى أخرى، وتزداد في المرحلة الثانوية لتنعكس سلباً على الرسوم الدراسية.

وتفيد المصادر أن عدد المدارس الأهلية بلغت هذا العام (800) مدرسة في صنعاء لوحدها، كثير منها تعمل بطرق مخالفة للقانون، وبدون تراخيص، وتزاول أنشطتها التعليمية رغم صدور قرارات من الجهات المعنية بإغلاقها، مشيرة إلى أن مالكي تلك المدارس يستقوون بقيادات حوثية لمنع تنفيذ تلك القرارات.

تمييز طبقي ورسوم باهظة

يشكو أولياء أمور طلاب من ممارسات تمييزية تطال أبنائهم في بعض المدارس الخاصة، فضلاً عن تضررهم من الجبايات التي تفرضها المليشيا على تلك المدارس والتي تنعكس بصورة مباشرة عليهم.

ممارسات التمييز الطبقي تؤكدها الواقعة التي شهدتها مدرسة "فاملي سكول" الواقعة في حي القيادة، والذي يديرها وليد محمد الحازي، حيث قامت معلمة تُدعى "فاطمة الصعدي" بإنزال طالبة من مقعدها على الكرسي لتجلسها على البلاط، من أجل افساح مقعد لطالبة أخرى "ابنة المداني" أحد المشرفين التابعين لمليشيا الحوثي، في مشهد يكشف مدى تغلل الممارسات الحوثية القائمة على التمييز الطبقي إلى قطاع التعليم.

وفيما يتعلق بتداعيات الجبايات الحوثية على المدارس الخاصة في صنعاء، تشير المصادر إلى أن إدارات المدارس الخاصة، رفعت الرسوم الدراسية في الفصول التعليمية الأولى لتتراوح ما بين 130 إلى 150 ألف ريال، فيما تصل في بقية المراحل إلى 250 ألف ريال ما يقابل (530 دولار) وتزيد في المرحلة الثانوية.

(سعيد محمد ـ 43 عاما)، يؤكد في حديث لـ "يمن شباب نت" بأن المتضرر الوحيد من هذه الجبايات هم أولياء الأمور فقط، حيث تعمدت إدارات المدارس الخاصة رفع رسوم التسجيل، واضطهاد الموظفين من خلال منحهم رواتب زهيدة، دون النظر في خبراتهم ومؤهلاتهم خصوصًا، تحت ذريعة دفع الضرائب.

ويضيف وهو أستاذ وأب لطفلين يتلقون تعليمهم في مدرسة (سام 2 الأهلية) الواقعة في صنعاء القديمة، "أن التعليم الخاص أصبح مورد استثماري لا خسارة فيه، وأن ما تقوم به المدارس الخاصة من رفع رسوم التسجيل ما هو إلا شكل من أشكال كسب الربح المهول الذي تم تحديده قبيل افتتاح المشروع الاستثماري (المدارس الخاصة)، دون مراعاة للأوضاع المعيشية التي يعيشها المواطنون".

وتابع، أنه وعلى الرغم من الزيادات التي طالت الرسوم الدراسية، إلاّ أن تلك المدارس تجبر الطلاب على شراء الكتب من على أرصفة شارع التحرير وسط العاصمة، وذلك لعدم توفير الكتب من قبل الجهات المعنية في سلطات الحوثيين.

ويؤكد "سعيد" أنه يعمل في بسطة خضروات من أجل توفير مصاريف بيته، ودفع باقي رسوم التسجيل لأبنائه حتى لا يتم طردهم من المدرسة.

استغلال ومرتبات "موسمية"

 إحدى المدرسات في مدرسة أهلية، تقول لـ "يمن شباب نت": "إن انحدار التعليم في القطاع الحكومي، أنعش التعليم الأهلي.. مما دفع أولياء الأمور المقتدرين إلى نقل أبنائهم من المدارس الحكومية إلى المدارس الأهلية، من أجل الحصول على تعليم أفضل، وهذا ما خلق سوقًا مزدهرا، للاستغلال وتوظيف معلمين ومعلمات حديثي التخرج، أو ذوي مؤهلات ثانوية عامة، خصوصًا من النساء مقابل راتب موسمي خلال أشهر الدراسة فقط".

وشكت (سمية عبدالجبار ـ 29 عاماً) مشرفة سابقة في مدارس أنوار الغد، من استغلال المدارس الخاصة لحاجة المعلمين فتقول: "كسر أحد التلاميذ نافذة، أثناء تأديتي للدرس، فاتخذت الإدارة قرارا حملتني فيه مسؤولية النافذة، وتم إبلاغي من الإدارة بأنه سيتم خصم قيمة إصلاح النافذة من راتبي نهاية الشهر، بحجة أنني أثرت غضب الطالب".

وفي السياق ذاته تضيف سمية بأن زميلها، في مدرسة أخرى تحمل مجبرًا قيمة نظارة طبية لأحد الطلاب بعدما انكسرت نتيجة مزاح بين الطالب وزميله.

وأشارت سمية في حديثها لـ "يمن شباب ت"، إلى أنها وزملاؤها من الموظفين الذين يواجهون استفزازات وصعوبة العمل في المدارس الخاصة الصامدون رغم هذه التحديات في أداء وظائفهم كمدرسين في القطاع الخاص، هم بحاجة ماسة لهذا الراتب الزهيد، نظرًا لكثرة المتقدمين للعمل كمتطوعين، وعدم وجود البديل، في ظل غياب الوظيفة الحكومية.

وتضيف: "مرغمون على البقاء تحت أي اضطهاد، وهذا ما يجعل مدراء المدارس يستغلون الأوضاع المعيشة الصعبة التي يعيشها المعلمون...".

وتختم سمية حديثها قائلة إن طبيعة العمل في المدارس الخاصة يعتبر كل ما يوجد داخل الصف من أثاث، سواء كانت سبورة أو كرسي، أو نافذة، أو حتى نظارات الطلاب، وأي خلل في السبورة أو كسر نافذة، أو سقوط نظارة طالب، هي من مسؤولية المعلم، وهو من يعاقب عليها المعلم إذا حدث أثناء حصته، ويتم خصم قيمة الإصلاح من راتبه الذي بالكاد يصل (40 ألف ريال).

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024