الأخبار
Image Description

سلمان الحميدي

البديل عن حفظ القرآن

‫كتابنا‬| 15 أغسطس, 2024 - 5:38 م

«لو أنهم تعلموا أشياء تفيد المجتمع بدلاً من حفظ القرآن لكان أنفع لهم» أصادف هذا التعليق أو معناه من أشخاص لم يسعفهم الوقت لجلب الفائدة لأنفسهم، وبالطبع لا يخصبون اليورانيوم، الحديث عن زملاء أعيش وإياهم حياة غارقة بعلوم المقايل!.

تعاود بعض التعليقات الناقدة لحفظ القرآن، ظهورها على مواقع التواصل مع كل فعالية لتكريم الحفاظ، بعض المنزعجين يُظهرون الحسرة على الجهد الذي يهرقه الطلاب: «مستقبل موحش.. هؤلاء يتفرغون للتلاوة، العالم يتقدم بالعلوم».

نظرة تعارض القرآن مع العلم/ العلوم الأخرى، لا تصلح سبباً نستدعيه للسخرية من الحفاظ، فأول سورة نزلت على النبي كانت تمجيداً للعلم: (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان مالم يعلم) حتى لو لم تكن سورة العلق أول سورة نزلت على النبي، تبقى سورة تمجد العلم.

وقد ورد العلم بمشتقاته وتصريفاته، في القرآن الكريم أكثر من 700 مرة، ذلك أن اكتشاف الآفاق وأسرار النفس وتعلم الإنسان لأشياء لم يكن يعلمها، في الغالب، تقود للإيمان العظيم (حتى يتبين لهم أنه الحق).

قد يكون القرآن لحافظه بوابةً لاكتساب العلوم الأخرى والتفوق فيها. الفيلسوف العبقري بن سينا، أول ما علمه والده القرآن والأدب.  في مؤلفه القانون في الطب، شرح ابن سينا المعروف بالشيخ الرئيس، الطب على نحو علمي قبل قرون من تطور العلوم في أوروبا. بالقياس لعلم ابن سيناء وغيره من جهابذة العلوم المختلفة من العرب والمسلمين فإن تعلم القرآن بسن مبكر يساعد على نبوغ الطالب، إن وجد بيئة تشجعه على التعلم.

المهندس علّام حميد اليوسفي، واحد من الـ 721 حافظا وحافظة، الذين احتفت بهم محافظة تعز قبل أيام. الحافظ الشاب، تخرج من جامعة الجند الخاصة، قسم تقنية المعلومات بتفوق، في الوقت نفسه كان يدرس هندسة ميكاترونكس في جامعة تعز الحكومية، وكان يأخذ دورات عن بعد مع دكاترة أمريكيين، ما يعني تفوقه باللغة الإنجليزية. وفي الوقت الذي كان يأخذ الإجازة الشرعية في القرآن، كان يقوم بتدريس الطلاب في حلقة تحفيظ.

قبل فترة، لاحظت أن معظم أبناء منطقتنا الذين التحقوا بالجامعات، إذا لم يكن كلهم، كانوا في حلقات التحفيظ. الملاحظة جديرة بالاهتمام. بعض المتفوقين في المدارس الذين لم يلتحقوا بحلقات التحفيظ لم يدخلوا الجامعة. لدينا في أوروبا طالب متفوق في الطب. دولة آسيوية متقدمة منحت أحد طلاب قريتنا الجنسية وكرمته على أعلى المستويات نظير تفوقه في التحصيل الجامعي. رغم اختلاف تخصصاتهم، والدول التي يدرسون فيها، يجمعهم رابط التفوق العلمي، القرية، وحفظ القرآن.

آخر مرة، اجتمع عقال البلاد وقرروا تنظيم دورة حفظ مكثفة لطلاب المنطقة، كانت قبل الحرب. عندما أتأمل الأسماء الآن، أخمن أنه تبقى لنا حافظين أو ثلاثة لم ينسوا ما حفظوه رغم مشاغلهم. الآخرون وهم بالعشرات، إما بالغربة أو في الجامعات أو يكدحون لمواجهة مشاق الحياة. ربما هناك من أغوته مظاهر الحياة، لكن القيم الأخلاقية التي غرسها القرآن بداخله تحد من استجابته للأعمال المؤذية. المهم.. أنه لا أحد من شباب دورة التحفيظ تلك ذهب للمليشيا، هل هذا سبب إغلاق المسيرة القرآنية التي لم نعرف منها شخصاً يحفظ القرآن، لمراكز التحفيظ؟ هل هذا سبب تفجير الحوثيين لدور القرآن وعبثهم بالمساجد؟.

استدراك:

الشخص الوحيد الذي حفظ أجزاء من القرآن، وتحوث، كان قد التحق بالتحفيظ قبل أكثر من عشرين سنة، وتوقف عندما بلغ سورة الأحزاب وانغمس مع رفقة سوء، لكنه، حتى وقد ترك الصلاة وتحوث بسبب المناكفات العائلية، يخجل أو يتوارى حين يرى شخصاً يعارض توجهه الجديد.  

| كلمات مفتاحية: تعز|القرآن|العلوم

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024