- وزير الدفاع الأمريكي يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا علامات تدل على أن كاميرا هاتفك مخترقة لبنان.. مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في بعلبك وغارات إسرائيلية تستهدف ضاحية بيروت لحج.. محكمة الحدّ في "يافع" تغلق أبوابها أمام قضايا المواطنين موقع أمريكي: البنتاغون يُجيز منح ميداليات الحرب العالمية على الإرهاب للقتال ضد الحوثيين بن دغر مُعلّقا على لقاء قيادة الإصلاح بالزبيدي: خطوة ايجابية نحو المصالحة الشاملة وفاة ثلاثة أشخاص بحادث مروري مروّع في شارع الستين بمدينة تعز
صلاح الأصبحي
جريمة تفجير الحوثيين للمنازل
كتابنا| 22 نوفمبر, 2024 - 5:58 م
تحت عنوان" عقد من التفجير والتشريد.. عشر سنوات لجريمة مستمرة"؛ وثقت الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل تقريراً شاملاً يرصد حالات التفجير التي نفذتها مليشيات الحوثي الإرهابية بين عامي 2014 /2024 في ستة عشر محافظة يمنية، حازت مأرب المرتبة الأولى بواقع 130 منزلاً من الإجمالي الكلي البالغ 884 .
التقرير يطمح في إعادة هذه الجريمة الحوثية إلى واجهة الرأي العام المحلي والدولي، بعد صمت وتغاضي من قبل الرأي العالمي رغم أن هذا الفعل يندرج ضمن جرائم الحرب والإبادة التي يجرمها القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية.
في القرن الأخير الذي شهد أعتى الحروب التي مرت على الكوكب لم يعهد العالم ذهاب أحد طرفي الحرب سواء المنتصر أو المنهز إلى تفجير منازل المدنيين وإن كانوا خصوماً، قد تباد مدن بأكملها في إطار المعارك والمواجهات العسكرية لكن الاستهداف الفردي للمنازل غير وارد في قاموس الحروب باستثناء القاموس السلالي الهاشمي.
قد يتصور البعض أن تفجير المنازل فعل حوثي مبتكر حديثاً، ولد في زمن الحروب الحوثية الستة التي دأبت فيها الجماعة على تفجير منازل بعض خصومها باعتبارهم أدوات وعيون تابعة للحكومة التي تقاتلهم، أو مرحلة ما بعد الانقلاب.
لكن التاريخ الدموي للهاشمية يدحض هذا التصور ويفصح عن حقيقة هذا العمل غير الأخلاقي واللا إنساني، فقد دأب الهاشميون السلاليون المتوردون - منذ وطئوا اليمن كهامش وأقلية متحصنة بالمكانة النبوية لتتحول إلى سلطة سياسية ذات قدسية دينية مخولة بتسلم مقاليد الحكم في اليمن على يد مؤسسها الهادي يحيى بن الحسين الرسي - على اتخاذ هذه الطريقة لقمع المناوئين لسلطتهم والرافضين لتسلطهم، حتى أصبح تفجير المنازل عملاً مشروعاً ويقيناً ثابتاً متبعاً كنهج سلالي طائفي متجذر في العقيدة الهاشمية، واعتمدته السلالة كسلوك متأصل للتعامل مع خصومها في أزمان متعددة ومن سلاليين مختلفين.
أعاد الإماميون الجدد إحياء هذا النهج الإجرامي منذ انقلابهم، مستعدين قبح أسلافهم، والتنكيل بالرافضين لمشروعهم، فتوسع تفجيرها للمنازل في كل محافظة ومديرية وقرية دون استثناء، بعضها هدمت على رؤوس ساكنيها وبعضها كانت خاوية، الأهم بالنسبة لهم أن تغدو أطلالاً كالصريم، وعبرة واضحة لكل من تسول له نفسه الوقوف في طريقهم.
المثير في الأمر بقاء هذا الفعل الشنيع غير مرئي في مرآة الرأي العام العالمي ومنظماته الحقوقية والإنسانية والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي طيلة عقد كامل حتى اللحظة، هذه الكيانات الدولية المرموقة التي تدعي دوماً اهتمامها بحياة المدنيين في أصقاع الأرض وتندد بالانتهاكات التي تطولهم في كل مكان، وتسلط الضوء على مرتكبيها وتقود الرأي العالمي كلياً صوب أي اضطهاد لا يكون على مزاج المجتمع الدولي وهندساته المتناقضة في تقبلها من جماعة ورفضها من جماعة إرهابية أخرى.
لقد أراد تقرير الهيئة المدنية لضحايا تفجير المنازل الكشف عن أبعاد هذا النهج الحوثي الذي ينحدر منحدر التطهير العرقي الطائفي والاجتثاث السياسي السلالي المؤدي إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك أواصره، والخشية من انزلاقه إلى نزاعات عرقية دامية وإبادة انتقامية خلافاً لصورتها الماثلة في اللحظة الراهنة وأسبابها الظاهرة.
لا يعد الرقم هيناً لمنازل مدنيين عزل فجرت مساكنهم، خلافاً لمنشآت أخرى نالت حظها كدور العبادة ومراكز تحفيظ القرآن ومناطق أثرية، لكن هذا العدد المخيف يكشف عن جريمة خطيرة لعصابة سلالية متمردة على الأعراف المحلية والقوانين الدولية ولا تأبه بالصورة الوحشية المرسومة عنها داخلياً وخارجياً، ما يهم أنها تمارس وسيلة تأديب متوارثة ومن أدبيات الإمامية الهاشمية الثابتة.
وبالعودة قليلاً إلى الوراء سنجد أن المليشيات الحوثية استطاعت استمالة وخداع الرأي العام العالمي إبان انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 المساندة للشرعية اليمنية، وذلك من خلال توثيقها للضحايا المدنيين والمنازل المدمرة والاستهداف للأحياء السكنية المدنية من قبل التحالف العربي عن طريق الخطأ أو كانت ملاصقة لأهداف عسكرية حوثية، فتم للمليشيات تمثيل دور الضحية المضطهد، والظفر بانحياز المجتمع الدولي إلى جانبها، وإغفال أن هذه الجماعة انقلابية متمردة على الشرعية اليمنية القائمة على مبادرات دولية وإقليمية رعتها الأمم المتحدة بشكل مباشر ومتابعة حثيثة، حتى آلت الأمور إلى كف المليشيات التي أغرقت اليمن في حرب أهلية.
عمل القمع الحوثي وترهيبه الوحشي على إخفاء هذه الجرائم والتكتم عليها من قبل الإعلام، ولا تستطيع حتى المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والأجنبية العاملة في مناطق سيطرته الإفصاح عنها في حينها؛ مما جعل هذه القضية مغيبة عن دائرة الاهتمام المحلية والدولية.
فحين تورطت الجماعة العام الماضي في تفجير عدة منازل على قاطنيها في منطقة رداع، وخروج الجريمة إلى العلن سعت بكل السبل للتغطية على القضية والتبرير لحدوثها وإلصاق التهم ببعض قادتها والتضحية بهم كأفراد تفادياً لتشويه سمعتها داخلياً وخارجياً، وهروباً من العقوبات الدولية.
لم تكف الجماعة عن ممارستها لهذا النهج، ففي الأسبوع الفائت أقدمت على إحراق وتفجير منزل مواطن في مديرية القفر/ إب رداً على منشورات فسبوكية تنتقدها من أبناء الضحية، وهذا التطور المريع ينبئ أن الجماعة ماضية في إسكات كل منتقديها بهذه الطريقة، ولم يعد تفجير المنازل مقتصراً على خصومها الفاعلين المقاتلين في الجبهات أو السياسيين البارزين أو الإعلاميين الفاضحين لجرائمها في مختلف وسائل الإعلام.
ولذا فإن استشعار مخاطر صمت وتغاضي المجتمع الدولي إزاء هذه القضية يفتح شهية الحوثي على التمادي أكثر في ارتكابها بحق اليمنيين، وستصبح الوسيلة الوحيدة المتبعة حوثياً لقمع كل مخالف في الرأي أو معترض على سياسته أو متهم بلا ذنب سيناله العقاب الحوثي على هذه الشاكلة.
وسيكون من المعيب جداً والمفارقة المخزية الحديث عن اتفاقيات سلام أو طرح أية مبادرة دولية ومقترحات حلول تفاوضية سياسية مع جماعة إرهابية تمارس كل أساليب العنف والتنكيل بحق مجتمع تحت سلطتها، فكيف يمكن التفاوض معها من قبل حكومة شرعية تقاتلها منذ عشر سنوات وتطمح الجماعة للسيطرة على المناطق المحررة لتجرع أبنائها من أفعالها الإجرامية كتفجير المنازل وغيرها من الجرائم التي لا آخر لها.
مقالات ذات صلة