الأخبار
Image Description

عبد الحكيم هلال

علامَ تحتفل الأحزاب بذكرى تأسيسها اليوم؟

‫كتابنا‬| 14 سبتمبر, 2024 - 4:17 ص

 

 

 

- في هذه الأثناء، يواصل حزب "التجمع اليمني للإصلاح" احتفالاته البهيجة بالذكرى الـ 34 لتأسيسه (13 سبتمبر 1990)..
- وقبله بأسابيع قليلة فقط؛ سبقه حزب "المؤتمر الشعبي العام"، بالاحتفال بالذكرى الـ 42 لتأسيسه (24 أغسطس 1982)..

بكثير من الحب والولاء، أغرق أعضاء وأنصار الحزبين الكبيرين في البلاد، مختلف منصات التواصل الاجتماعي، بعبارات ونصوص وصور وتصاميم وأهازيج وطنية، اتسمت معظمها بطابع الدعاية السياسية (البروباجندا)، بكل ما يمكن أن تجيده وتبدعه أقوى آلتين دعايتين حزبيتين في البلاد التي ما زالت ترزح تحت نير الحرب الداخلية، في سنتها العاشرة..!

إن سنوات التأسيس الطويلة لكليهما، بكونها هنا مبعث تلك الاحتفالات البهيجة؛ هي بالأساس تمثل انعكاسا تاريخيا لما للحزبين الكبيرين من أثر في الحياة السياسية، سواء بديمقراطيتها الناشئة على الساحة اليمنية على مدى ربع قرن (1990 – 2015)، أم بحربها الداخلية المقتطعة من سنواتها العشر الأخيرة (2014 – 2024)..!

وحيث أن فترة الربع قرن، من الفعل السياسي الديمقراطي (الناشئ)، هو ما يفترض أن يشكل الجزء الإيجابي لفعل الاحتفاء والبهجة- حتى على الرغم من كونه قد أفضى إلى نهاية قاتمة؛ فإن عشرية الحرب الأخيرة، بدمويتها، يفترض أن تحيل كل احتفال (حزبي) في هذا الجانب، إلى مجرد صورة شخصية (سيلفي) عتيقة، خالية من تفاصيل الوطن المدمر الذي نعيشه..!

فعلامَ إذا يحتفل اليوم الحزبان الكبيران، وقد أفلتا من قبضتيهما وطن السياسة، قبل أن يخفقا لاحقا في إدارة حرب تحريره من قبضة المجرمين الشرسة؟! في حين انه ليس هناك من هو أقدر منهما على ذلك، فيما لو أنهما أتحدا على فعله فحسب..!!  

 إن تكريس فكرة الاحتفالات، المبالغ بها، بمناسبة ذكرى تأسيس حزب ما، اليوم؛ قد يحسبه البعض على أنه نوع من النرجسية السياسية واستعراض القوة. إلا أن ذلك، في ظل ظروف سياسية طبيعية، قد لا يعد جرما كبيرا، من حيث أنه يشكل جزء من "بروباجندا" الأحزاب السياسية لكسب المزيد من الأنصار، أو للاستقواء السياسي.

  أما في ظل ظروف استثنائية حرجة، كظروف الحرب هذه؛ فإن ذلك قد يعد عبثا سياسيا، مفتقدا للمسئولية الوطنية والأخلاقية. ذلك أن أي احتفال حزبي (خاص) هنا، من شأنه أن يوحي أن هذا الحزب، إنما يعيش خارج حسابات الوطن الكبير، وبعيدا عن قضايا شعبه المصيرية..!!

وفي مثل هذه الظروف؛ فإن الاحتفال الواجب، ينبغي ألا يكون دون الاحتفال بالنصر الذي ينتظره الجميع، للتخلص من بقايا الإمامة الملكية التي عادت بثوبها الجديد (الحوثية)، لتجثم على البلاد والعباد مجددا، خلال العشرية الأخيرة..!!

على أنه، حقيقة، ما كان لهذه الكارثة أن تحل على الوطن، وتستفحل فيه، لولا الخلافات البينية بين هذه الأحزاب الكبيرة، التي وجدناها اليوم تثابر على المبالغة بإحياء ذكرى تأسيسها على أرض يُباب، بدلا مما كان ينبغي عليها المثابرة على تصحيح أخطائها الساذجة، وتجميع قواها، لتمنحنا عيدا وطنيا مشتركا يبتهج فيه الجميع.

وحتى ذلك الحين، يظل الاحتفال بالمناسبات الوطنية، بما تخلقه من مشتركات جمعية سياسية وعاطفية، هي الذكرى السنوية التي من المفترض التركيز عليها، والمبالغة فيها دون حدود. وفي هذا المقام، تبرز تلك المناسبات الوطنية الكبرى، المرتبطة أكثر بمجريات الأحداث الراهنة، والتي هنا تأتي على رأسها؛ الاحتفال بذكرى ثورة الـ 26 من سبتمبر، التي اسقطت حكم الإمامة الملكية في شمال اليمن عام 1962م. وليس ببعيد منها: الاحتفال بثورة الـ 14 من أكتوبر التي أسقطت الاحتلال البريطاني في جنوب اليمن عام 1968م. باعتبارهما تمثلان رأس المرجعيات الثورية الوطنية الجامعة.  

وها نحن؛ بعد أقل من أسبوعين فقط، تحل علينا الذكرى الـ 62، لثورة سبتمبر الرائدة، تليها بمسافة قليلة (ثلاثة أسابيع فقط) الذكرى الـ 56 لثورة أكتوبر المجيدة. ما يجعلنا نتساءل: ما إذا كان بالإمكان جعل احتفالاتنا الوطنية هذه أكثر من مجرد إحياء ذكرى سنوية رتيبة، نحو استلاهم سبل الخلاص والتحرر؟!

إن الاحتفال بذكرى تأسيس الأحزاب، في آتون هذه الحرب المتلونة تباعا، قد يجعلها خارج إطار الفعل السياسي الوطني المطلوب منها، ما لم تكن تسعى من وراء ذلك فرض حضورها في المشهد العام، المحكوم من قوى خارجية تعد هي الأكثر تأثيرا وفاعلية من قوى الداخل.

كما أن احتفالنا، نحن، بذكرى الثورة بذات الطريقة المكرورة كل عام، منحصرين بنشوة النشر والتعليق على منصات التواصل الاجتماعي، لن يشكل فرقا عما تقوم به تلك الأحزاب في احتفالاتها التأسيسية، ما لم نسعى إلى محاولة إيجاد/ وفرض/ سبل الخلاص الوطني في سياق المشهد العام ذاته، والعائم على كل التفاصيل..!   

وحتى نشكل فرقا في الاحتفال بذكرى ثوراتنا المرجعية، هذا العام، يجب أن نحرص في تناولاتنا على قسر قوانا الحزبية الوطنية على التوحد، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيد للخلاص من عدونا الداخلي الغاشم، بعد استعادة قراراتنا السيادية من الوصي الخارجي، كما فعل أحرار ثورتي سبتمبر وأكتوبر المجيدتين، على التوالي..

 أنها عشر سنوات كبيسة، وآن لنا أن نصرخ اليوم بأعلى صوت: "كفى. لقد سأمنا كل هذا الهراء"، وعلى هذه الحرب أن تتوقف عند حدود هذه العشرية المائعة.

وحين ينجح هذا الأمر، سيكون من الجيد أن تحتفل الأحزاب بذكرى تأسيسها. ولكن ليس قبل أن يكون هناك وطن نحتفي بعودته أولا، وقبل أي شيء.   

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024