لا حل لها سوى التفريغ.. "ناقلة صافر" كارثة بيئية وشيكة في اليمن ستكون الأسوأ عالمياً

[ ناقلة صافر ترسوا في البحر الأحمر قبالة سواحل مدينة الحديدة غرب اليمن ]

"من النادر رؤية كارثة بحرية تتكشف في حركة بطيئة، لكن هذا هو ما يحدث بالضبط قبالة سواحل اليمن"، بحسب تحذيرات أطلقها كريستوفر ريدي، وهو عالم بارز في معهد وودز هول لعلوم المحيطات - في مقال نشرته شبكة «CNN» الأمريكية.  
 
وترسو ناقلة النفط المتهالكة صافر، على بعد خمسة أميال من الساحل اليمني منذ مارس 2015، عندما سيطر المتمردون الحوثيون على ساحل البحر الأحمر بالقرب من مدينة الحديدة الساحلية.
 
وقال الكاتب في المقال - الذي ترجمة "يمن شباب نت" – "ان عملية التفريغ هي الطريقة الوحيدة لضمان نزع فتيل القنبلة البيئية قبالة سواحل اليمن والسماح للشعب اليمني بالتركيز على المسألة الملحة المتمثلة في إعادة بناء بلدهم".
 
يعمل المسؤولون الدوليون على درء كارثة بيئية وبشرية محتملة: إذ تمتلئ السفينة التي يبلغ ارتفاعها 362 مترًا (1118 قدمًا) بأكثر من مليون برميل (40 مليون جالون) من النفط الخام الخفيف الحلو – ما يعني حمولة سائلة يمكن أن تؤدي إلى كارثة بيئية في حال تسرب النفط من السفينة أو انفجرت.
 
إن الانسكاب الكارثي الذي حدث في مارس 1989 من شركة اكسون فالديز هو المعيار الذي يتم على أساسه قياس جميع كوارث النفط البحرية الأخرى، تلك الكارثة التي حدثت قبل 33 عامًا، غطت مئات الأميال من ساحل ألاسكا بخام كثيف، مما أدى إلى تدمير الحياة البحرية النقية في المنطقة.
 


لكن الكارثة البيئية التي تشكلها "صافر" قد تقزم حتى تلك التي خلقتها اكسون فالديز، إذ أنه وبالإضافة إلى الضرر الذي سيلحق بالحياة المائية، فإن العديد من أسوأ آثارها ستؤثر بشكل مباشر على الناس.
 
إن وقوع حادث يشمل صافر من شأنه أن يفسد مصايد الأسماك التي يعتمد عليها عدد كبير من السكان في المنطقة في الحصول على الغذاء، ويطلق أبخرة سامة في الهواء، مما قد يصيب الآلاف من الناس، كما أن من شأنه أن يفسد مصدرًا حيويًا لمياه الشرب الضرورية للمجتمعات في جميع أنحاء المنطقة.
 
ولعل أكثر ما ينذر بالسوء هو أن السفينة معرضة لخطر الاشتعال في كرة نارية محمولة بالماء يمكن أن تنفجر بقوة تفجيرية هائلة، مما سيتسبب في مزيد من الدمار البيئي المحتمل.
 
تحمل "صافر" ما يقرب من أربعة أضعاف كمية النفط المنسكبة من اكسون فالديز، ولكن ليس فقط حجم حمولة السفينة هو الذي يتسبب في زيادة المخاطر، فالحقائق المناخية هي أيضا عامل مؤثر.

بدلاً من المياه الباردة المحصورة في جنوب شرق ألاسكا، والتي ساعدت في احتواء وتجميد النفط من اكسون فالديز، أوجدت المياه الدافئة للبحر الأحمر سيناريوها مختلفًا تمامًا - وهو سيناريو يمكن أن ينتشر فيه النفط المنسكب من الناقلة صافر فوق مئات من الاميال.
 
وقد وجدت دراسة أجرتها منظمة السلام الأخضر، أو green peace العام الماضي أن النفط يمكن أن ينتقل إلى سواحل جيبوتي وإريتريا والمملكة العربية السعودية المجاورة.

عامل آخر هو نوع النفط الخام: فالنفط الذي تحمله الناقلة يشبه وقود الديزل أكثر من النفط الخام الأكثر لزوجة وكثافة، الذي كانت تحمله اكسون فالديز، مما يعني أنه سينتشر بسرعة كبيرة، وما سيحمله هو تيارات البحر الأحمر المتقلبة والمتغيرة، وبصورة محبطة سيجد المستجيبون الأوائل الذين يهرعون إلى موقع الانسكاب القليل من النفط الذي يمكن احتوائه.
 
وفي الوقت نفسه، يمكن أن تخلق درجات الحرارة الدافئة في المنطقة كابوسًا يتعلق بجودة الهواء بالنسبة لأولئك المستجيبين الأوائل، وكذلك للسكان في جميع أنحاء المنطقة، ومن شبه المؤكد أن الحرب الدائرة في اليمن ستوفر عقبات إضافية أمام تنظيف الأجواء أمام الأطقم التي ستأمل المساعدة في احتواء الانسكاب.
 


هناك خطر كبير آخر، وهو الخطر الذي يقزم حتى المخاوف الكبيرة حول كيفية تأثير التسرب على مياه المحيطات: إن الناقلة صافر وبكل ما تعنيه الكلمة، هي قنبلة موقوتة عائمة.
 
داخل مساحة مقدمة السفينة - المنطقة الفارغة التي تفصل حمولتها السائلة عن الجزء العلوي من حواجزها - يتحرك سائل أبخرة متجول وقابل للاشتعال، ويمكن أن يشتعل إذا تعرض لأدنى شرارة.
 
لسنوات، فشلت الجهود الدولية لنزع فتيل أزمة صافر، لكن في الآونة الأخيرة، وقع الحوثيون اتفاقا لنقل محتويات السفينة صافر إلى سفينة أخرى حتى يمكن إزالتها وبيعها بأمان.
 
وتتوقف الاتفاقية على قيام الأمم المتحدة بجمع الأموال لتحقيق هذه الخطة، فضلاً عن توفير مرفق بديل قادر على التصدير، كلا الهدفين قابل للتحقيق وكلاهما مطلوب بشكل عاجل.
 
لا يمكن المبالغة في التأكيد على أهمية القيام بذلك دون تأخير، ولإثبات أن هذه كارثة تنتظر الحدوث، يحتاج المرء فقط إلى العودة إلى 4 فبراير من هذا العام، عندما انفجرت سفينة تخزين نفط متطابقة تقريبًا، وهي FSO Trinity Spirit، وغرقت قبالة سواحل نيجيريا.  بكل المقاييس، كانت تلك السفينة أيضًا في حالة مزرية من ناحية الإصلاحات، إن Trinity Spirit وصافر ليستا سوى اثنتين من عشرات السفن المماثلة حول العالم التي تحتاج إلى اهتمام فوري.
 
هذا هو السبب في أن الاتفاق بين الأمم المتحدة والحوثيين هو هدية يحتاج العالم إلى انتزاعها بكلتا يديه، ستكون عملية التفريغ محفوفة بالمخاطر سياسياً وصعبة تقنيًا وخطيرة للغاية، لكنها الطريقة الوحيدة لضمان نزع فتيل القنبلة البيئية قبالة سواحل اليمن والسماح للشعب اليمني بالتركيز على المسألة الملحة المتمثلة في إعادة بناء بلدهم.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر