عن الإغاثة واليمن (1-3)


صلاح م. إسماعيل


مع دخول اليمن في العام الرابع من الحرب تشهد حياة اليمنيين تدهورا مستمرا، حيث ارتفع عدد الأسر الفقيرة و بلغ عدد المحتاجين للمساعدات 22.2 مليونيا أي 75% من إجمالي السكان، منهم 11.3 مليون في حاجة شديدة (عاجلة) حسب خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2018، و التي أعدها مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
 
أدت الحرب إلى أضرار جسيمة في معيشة اليمنيين و سبل حياتهم، حيث فقد مئات الالاف أعمالهم و مصادر دخلهم الخاصة، ثم لحق ذلك توقف الأجور و المعاشات لموظفي القطاع العام منذ أكثر من عام و نصف. أصبحت اليمن أولوية لدى المنظمات الدولة العاملة في مجال الإغاثة و الأزمات. تبلغ عدد المنظمات الدولية الحاضرة في اليمن في الوقت الراهن حوالي 40 منظمة تعمل في مجالات مختلفة كالأمن الغذائي و الصحة و النازحين و الحماية و المياه و غيرها.
 
في خطة الاستجابة الإنسانية لهذا العام حدد الأمن الغذائي كأولوية بين القطاعات المختلفة التي تعمل فيها المنظمات مع التقارير التي تتحدث عن تدهور الوضع الإنساني في 107 مديرية من أصل 333 مديرية في اليمن وانتقالها من المرحلة الثالثة (مرحلة الأزمة) المرحلة الرابعة (مرحلة الطوارئ)، و التحذيرات من أن عدم التدخل الإنساني العاجل و الطارئ في هذه المناطق سيعني تفاقما في الأزمة و انتقال بعض المديريات إلى المرحلة الخامسة و الأخيرة من مراحل الوضع الإنساني و هي (مرحلة الكارثة) أو المجاعة و التي تعني تسجيل حالات للوفاة نتيجة النقص الشديد في الغذاء.
 
يواجه العمل الإنساني في اليمن صعوبات من جهة و انتقادات من جهة أخرى. من الصعوبات التي تواجهها منظومة العمل الإنساني أن كثير من المديريات و المناطق المتضررة تقع في خطوط تماس أو اشتباكات مما يصعب إمكانية الوصول للمتضرر و المحتاجين، خاصة أن هذه المنظمات تضع معايير صارمة بخصوص سلامة موظفيها و طواقمها أو حتى طواقم المنظمات المحلية الشريكة لها و التي تقوم بالتنفيذ. بالإضافة إلى الشروط التي يضعها الحوثيون على المنظمات في مناطق سيطرتهم و التي تصل إلى طلب نسبة من موازنة المشاريع أو بدل حماية و ضرائب و جمارك الخ.
 
و من الانتقادات التي تواجهها المنظمات الدولية العاملة في اليمن في مجال الإغاثة و المساعدات تلك المتعلقة بالفاعلية و مدى تأثير المساعدات في حياة المستهدفين أو المستفيدين. حيث توجد شكاوى بخصوص آلية الوصول إلى المحتاجين الحقيقيين و تكدس مشاريع في مديريات و مناطق معينة بسبب سهولة الوصول و التنفيذ فيها بينما هناك مديريات يعاني سكانها بشدة و محرومة من المساعدات نتيجة وقوعها في مناطق اشتباكات مباشرة، و من هذه المناطق مديريات في محافظة تعز و الحديدة.
 
و مما يمكن أن يزيد الأمور تعقيدا و سوءً في محافظة تعز اغتيال اللبناني حنا لحود، الموظف في الصليب الأحمر الدولي، الأسبوع الماضي، حيث أعلنت المنظمة عن تعليق عملها في المحافظة و قد تتبعها منظمات أخرى بداعي السلامة و الوضع الأمني و المخاطر على موظفيها. و ربما أن من الممكن الربط بين الاغتيال و الجهود التي تقودها السلطة المحلية في سبيل تثبيت الأمن و منع مظاهر الانفلات المسلح و الذي سيساعد على تحسين حياة الناس و الحد من التدهور في الوضع الإنساني عن طريق عودة مظاهر الحياة و إفساح المجال للمنظمات للعمل بشكل أفضل و فعالية أكبر.
 
غير أن الاعتماد على العمل الإنساني يبقى محدودا، و مهما بلغ عدد المنظمات و المشاريع والميزانيات المخصصة لها، فإن كل ذلك لا يغني عن وجود الدولة و جهود الحكومة. و الدليل أن الوضع الإنساني في اليمن يتدهور عاما بعد عام بشكل دراماتيكي و متسارع رغم زيادة عدد المنظمات و مجالات التدخل و المشاريع الإغاثية و الأموال المخصصة لها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر