جندرة الحرب اليمنية


صلاح م. إسماعيل

 
تتحدث بعض سفارات الدول المهتمة بالملف اليمني وكذلك شخصيات رفيعة في الأمم المتحدة وناشطات يمنيات عن أهمية إشراك النوع الاجتماعي "الجندر" في مباحثات جنيف 3 بشأن الأزمة اليمنية. اشكالية تمثيل المرأة في المؤتمر -المخطط له برعاية الأمم المتحدة- بين أطراف الصراع المسلح سببه عدم القدرة على التفرقة بين "مؤتمر الحوار الوطني" يعني بإشراك جميع مكونات وأطياف وشرائح المجتمع كالمرأة والشباب والمهمشين وغيرهم بنية صياغة دستور أو عقد اجتماعي يضمن الحقوق والحريات لجميع فئات وشرائح المجتمع، وبين مفاوضات سياسية لإنهاء الحرب والتي تعني بأطراف الصراع الأساسية كقادة سياسيين كوفد ممثل.
 
إن كانت المرأة ممثلة سياسيا بين أطراف الحرب فإشراكها طبيعي كقيادة سياسية وليس ضمانا للجندر. أي أنها في هذه الحالة تشارك كممثل للجماعة المسلحة أو للحكومة وكسياسية وليس كناشطة نسوية.
 
أو أن الناشطات اللاتي يردن المشاركة في المفاوضات بين طرفي الحرب يمكنهن أن يخترن طرفا ينضوين تحته كممثلات له، فهكذا مفاوضات لا تحتمل طرفا ثالثا مشاركا على أن يكون محايدا ولا يملك قرارا للحل أو قوة ميدانية حتى عبر سيطرة على الأرض وإن كانت حتى كسلطة أمر واقع. رغم أن هناك طرف ثالث ممثل بالأمم المتحدة كميسر أو مسير للمفاوضات.
 
المطالبة بإدراج المرأة كممثلة في مؤتمر جنيف 3 بشأن اليمن يستدعي البحث عن نوعية المشاركة أو الصفة التي ستشارك فيها هل: 1) كممثلة ضمن فريقي الصراع، 2) أم بصفة ميسر يقرب بين وجهات النظر دون أخذ وعطاء و -هذا الدور الذي تقوم به الأمم المتحدة ويمكنها إشراك النساء في لجان المؤتمر-، 3) أم طرف ثالث محايد كمراقب بين طرفي الصراع؟
 
التركيز المبالغ به في قضايا النوع الاجتماعي "الجندر" في صناعة السلام عبر إشراكها في مؤتمر جنيف 3، يبدو متكلفا و بروتوكوليا يضعنا أمام تساؤل عن مؤتمر جنيف برمته و جديته في السير بالملف اليمني نحو الحل و ليس أنه أكثر من مبادرة أممية بروتوكولية حتى تشعر الأمم المتحدة و المجتمع الدولي بأنهم قاموا بالواجب تجاه ملايين اليمنيين بدعم السلام بين أطراف الصراع و إن شكليا!
 
من باب السخرية، يمكن للناشطات اللاتي يردن المشاركة في مؤتمر جنيف 3 والجلوس مع أطراف الصراع أن يشكلن مليشيات مسلحة ويقمن بالسيطرة على الأرض ومن ثم يمكنهن أن يمثلهن كطرف مسلح، ويكون ذلك تحت شعار "مشاركة المرأة في الصراع المسلح من أجل المشاركة في مؤتمرات السلام". فمؤتمر جنيف 3 -كما أظن- يعني بجلوس أطراف الحرب حول طاولة المفاوضات للاتفاق حول كيفية إخماد الحرب وتوقيع اتفاقية للسلام لا أكثر، بغض النظر عن إمكانية نجاحه من فشله.
 
أخيرا، من المؤسف أن تتحول دوافع الكثير للمشاركة في هكذا أحداث، -فقط- بحثا عن البدلات المالية دون معرفة ما يمكن أن يقدمه الشخص وما الدور الذي سيكون عليه، لأن هذا التهافت يضع الشخص في إحراج لا يحتاجه.
 

*المقال خاص بـ "يمن شباب نت"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر