الأخبار

محاكمة العلماء واتهامهم بالتجسس.. محاولة حوثية لإهانة المعلمين وإفراغ الجامعات من عقولها (رصد)

تقارير | 5 سبتمبر, 2024 - 9:23 م

خاص: يمن شباب نت - متابعات

image

خبيران تربويان اتهمتهما المليشيا الحوثية بالتجسس

"العلم والدرجات العلمية صارت جريمة في عهد المليشيا الحوثية"، هكذا رد اليمنيون على إظهار مليشيا الحوثي الإرهابية رموز العلم في اليمن، وهم يرتدون الملابس الزرقاء الخاصة بالمتهمين، من داخل سجونها، واصفة إياهم بـ"الجواسيس".

وأدان اليمنيون، ظهور العالم الكبير الدكتور "محمد حاتم المخلافي"، أستاذ المناهج والمفكر التربوي، وفيلسوف التربية المعروف على مستوى اليمن والعالم من على قنوات مليشيا الحوثي وهو يدلي تحت التعذيب بما أسمته "اعترافات" واتهمامها له بأنه جاسوس عمل لصالح المخابرات الأمريكية السي آي إيه.

وحسب ناشطون يمنيون، فإن الدكتور المخلافي صديق مقرّب لطفولة مئات الالاف من اليمنيين، فهو الخبير التربوي الذي ساهم في تطوير المناهج التربوية اليمنية منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، قبل أن يتفاجأوا ظهوره بتلك الهيئة التي سعت مليشيا الحوثي لتقديمه للناس على أنه جاسوس، يشجع على الالحاد والانحلال الأخلاقي حسب زعمها.
 
إن ظهور المخلافي ليس إهانة له كما تعتقد المليشيا الإرهابية، وإنما إهانة للعلم والعلماء في اليمن، حيث تسعى جاهدة لضرب العملية التعليمية، وضرب وإهانة رموز التعليم في البلاد، وذلك في مساع منها لمحاولة إعادة منهجها الإمامي، الذي يدعو لتقديس السلالة، وما يسمى آل البيت فقط، وهذه جريمة الدكتور المخلافي.

محاكمة علنية لعلماء اليمن

وكانت مليشيات الحوثي قد بثّت اعترافات عبر قنواتها الإعلامية، قبل أيام، للخبيرين التربويين الدكتور "محمد حاتم المخلافي" 65 عامًا و "مجيب مهيوب المخلافي" 52 عامًا، وهم يعترفون على أنفسهم بالتعاون مع المنظمات الأمريكية وقيامهم بتسريب معلومات عن العاملين والمناهج في اليمن.

وعدّت منظمات حقوقية أنّ هذه التسجيلات تأتي ضمن سلسلة متصلة من الاستهدافات التي تقوم بها الجماعة ضد العملية التعليمية في اليمن، مشيرين إلى أنّ هذه الانتهاكات المُركبة ضد كل من الخبيرين التربويين، تمثلت في نشر اعترافات مزعومة على شاشات التلفاز في انتهاك واضح لخصوصية التحقيق وحقهم في عدم إذاعة ما ورد فيه. 

ووفق المنظمات الحقوقية، فإنّه يضاف لذلك أن الاعترافات جاءت أمام مأموري الضبط القضائي وهو عيب جوهري في الإجراءات التي تتطلب أن يكون التحقيق أمام النيابة العامة، فيما اعتبرها مراقبون بأنها محاكمة حوثية لعلماء اليمن لضرب قدسية التعليم.

نسف العملية التعليمية 

وفي هذا الصدد، وصف وكيل وزارة الإعلام الدكتور محمد قيزان، البروفيسور محمد حاتم المخلافي بأنه "خبير تربوي، صاحب سيرة حسنة، وسمعة طيبة بين زملائه وطلابه في جامعة صنعاء". 

وأضاف على صفحته في منصة "إكس"، "عمره يتجاوز 65 عامًا، اختطفته مليشيا الحوثي قبل أشهر من منزله بصنعاء بدون أي تهمة، واليوم يقدموه كجاسوس لأمريكا؛ بحجة دراسته فيها، ولقيامه بإعداد مناهج القراءة للصفوف (1-3) عام 1990م".

بدوره قال الباحث والسياسي اليمني نبيل البكيري، "هذا الذي في الصورة أمامكم أهم وأبرز علماء التربية ومناهجها في اليمن محمد حاتم المخلافي وواضع مناهج الصفوف الأولي في المدارس اليمنية".

وأضاف: "تقدّمه مليشات العهر الطائفي الحوثية كجاسوس، وتحاكمه كمجرم، وهو علم من أعلام اليمن في التربية والتعليم وحجتهم في ذلك دراسته الجامعية في أمريكا التي يدرس فيها جل أبناء مسؤلي وقياديي هذه الجماعة المليشوية الطائفية".

وفي تغريدة أخرى قال البكيري إن "‏العالم والخبير التربوي القدير الدكتور مجيب المخلافي يقبع في زنازين مليشات الحوثي منذ عام وبتهمة سخيفة وقذرة وهي التهمة التي تحاول من خلالها مليشيات الحوثي نسف العملية التعليمية في اليمن برمتها"، مؤكدا أن "‏الدكتور المخلافي واحد من كبار علماء التربية وطرق التدريس في اليمن".

وأضاف، المخلافي "ساهم في وضع المناهج، وأشرف وناقش عشرات الرسائل العلمية في الماجستير والدكتوراة في عديد الجامعات اليمنية"، مشيرا إلى أن مليشيا الحوثي "‏تستميت في ضرب التعليم؛ باستهداف هذه القامات العلمية التي بعد ضربها بتهمة التجسس السخيفة والمفضوحة يخلق فراغًا يتمدد فيه خرافاتهم وتفاهاتهم العنصرية والطائفية".

تفريغ الجامعات من عقولها


من جهتها، قالت المحامية والناشطة الحقوقية اليمنية هدى الصراري، تعليقا على ما نشرته وسائل إعلام حوثية ضد الدكتور المخلافي، "العلم والدرجات العلمية صارت جريمة في عهد المليشيا الحوثية، إما ان تكون عبدًا صاغرًا متخلّفا تتلقف كل البدع الطائفية، وتعيش عليها أو أن تكون جاسوسًا" 

بدوره قال السفير اليمني محمد جميح، إن "علم اليمن الكبير الدكتور محمد حاتم المخلافي، أستاذ المناهج والمفكر التربوي، وفيلسوف التربية المعروف على مستوى اليمن والعالم، يجبره الحوثيون بعد التعذيب الظاهر عليه على الاعتراف بخيانته وتعامله مع المخابرات الأمريكية!

وأضاف جميح متسائلا في مقال له تحت عنوان "المخلافي…جاسوساً"، ما هي "الجريمة" بالضبط؟! مستعرضا التهم الحوثية للمخلافي بأنه "أدخل عبارات "إلحادية" في  مناهج القراءة، من مثل أن المطر "يسقط من السماء"، وهي عبارة "إلحادية"، لأنها لم تذكر أن الله هو من ينزل المطر!".

وتابع: "كذا عبارة عن المطر بأنه "هدية السماء"، وهي عبارة "إلحادية" أخرى، حسب الاعترافات الإجبارية للدكتور المخلافي، لأن المطر هدية الله، وليس هدية السماء، ولأن هذه العبارة "نصرانية"، وكذا تهمة إدخال رسوم لنساء مع ظهور قليل من شعر الرأس،  في الرسوم التصويرية، وهذا دليل على تحريض الدكتور على "الإباحية"!

وأكد جميح أن "هذه التهم السخيفة تهدف لتفريغ الجامعات من عقولها، لتتفرغ لتدريس خرافات عبدالملك وأخيه من قبله، وهي تهدف لتهديد أساتذة الجامعات بأنهم سيلقون المآل نفسه، حال لم يلتزموا بخط مسيرة الجهل والتضليل، كما تهدف للابتزاز وقتل الروح المعنوية وإلحاق الأذى وتوجيه الإهانات لأسر المتهمين".

تهم إيرانية 

وجدد محمد جميح التأكيد على أن "هذه التهم هي عينها التهم التي وجهها الخمينيون لأساتذة الجامعات الإيرانية بعد مجيء الخميني للسلطة، ضمن ما سمي حينها ب"الثورة الثقافية"، التي قتل أثناءها عشرات الآلاف من أساتذة الجامعات والمفكرين والكتاب والأدباء والشعراء والمناضلين في إيران، والتي يستنسخها الحوثيون اليوم في اليمن".

وأضاف: "هذه التهم تذكّرنا بتهمة الكفر والفسوق والإفساد التي كان يوجهها نظام الإمامة لمفكري وعلماء وأحرار اليمن الذين قدمهم النظام الإجرامي إلى المقاصل في حجة وصنعاء وتعز وغيرها من مدن البلاد"، لافتا إلى أن "هذه التهم هي التهم التي وجهت لإمام اليمن وعظيمه، وقيله الكبير نشوان بن سعيد الحميري من قبل الطاغية عبدالله بن حمزة".

وجدد السفير جميح التأكيد على أن "محمد حاتم المخلافي سيظل أحد نجوم اليمن الزاهرة التي لن يستطع الكهنة الجدد النيل منه، مهما لفقوا له من تهم، وأجبروه على الاعتراف بها، بالطرق المملة التي أصبحت مكشوفة لكل اليمنيين".

استهداف منظّم للعملية التعليمية

بدوره، اعتبر المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) ما قامت به مليشيا الحوثي من بث اعترافات بالعمالة للخبيرين التربويين الدكتور "محمد حاتم المخلافي" و"مجيب مهيوب المخلافي" بأنه استمرار في استهدافها للتعليم.

وقال المركز بيان نشره على موقعه الالكتروني "إنّ ما قامت به مليشيا الحوثي من بث اعترافات بالعمالة للخبيرين التربويين الدكتور "محمد حاتم المخلافي" 65 عامًا و "مجيب مهيوب المخلافي" 52 عامًا، وهم يعترفون على أنفسهم بالتعاون مع المنظمات الأمريكية وقيامهم بتسريب معلومات عن العاملين والمناهج في اليمن، يأتي ضمن سلسلة متصلة من الاستهدافات التي تقوم بها الجماعة ضد العملية التعليمية في اليمن".

وذكر "الأمريكي للعدالة" أنه رصد العديد من الانتهاكات المُركبة ضد كل من الخبيرين التربويين، تمثلت في نشر اعترافات مزعومة على شاشات التلفاز في انتهاك واضح لخصوصية التحقيق وحقهم في عدم إذاعة ما ورد فيه. يضاف لذلك أنّ الاعترافات جاءت أمام مأموري الضبط القضائي وهو عيب جوهري في الإجراءات التي تتطلب أن يكون التحقيق أمام النيابة العامة.

انتهاك الخصوصية ومخالفات خطيرة

من جهته، قال المدير التنفيذي للمركز المحامي "عبد الرحمن برمان"، إنّ ما حدث مع الخبيرين التربويين يحمل مخالفات قانونية خطيرة وغير مقبولة تمثلت في انتهاك الخصوصية وعرض تسجيلات أُجبر فيها المقبوض عليهم بالاعتراف على انفسهم بارتكاب تلك الجرائم المذكورة في مقاطع الفيديو المصورة والمنشورة. 

وأكد برمان أن "مزاعم تلك الاعترافات تمت أثناء عملية الإخفاء القسري وأمام الجهاز الأمني لجماعة الحوثي وهي جهة غير مخولة قانونيًا بالتحقيق لا سيما وأن سجل جماعة الحوثي مليء بمثل هذه الحوادث التي نُرجح بأنها لجأت للضغط عليهما لانتزاع لتلك الاعترافات".

وشدّد المركز الأمريكي للعدالة على أنّ هذا الاستهداف للعاملين في القطاع التعليمي ليس الأول، فسجل الجماعة مليء بالانتهاكات والممارسات غير المبررة تجاه العملية التعليمية من اختطاف للمدرسين والموجهين والخبراء الأكاديميين إلى المحاولات المستمرة في تغير المناهج التعليمية بما يحقق الأهداف الطائفية للجماعة.

وأكد أن الجماعة تعمد إلى اتهام الأشخاص المشهود لهم بدورهم في تنمية قطاع التعليم في اليمن من أجل إزاحتهم وتوظيف أشخاص يحملون أيدولوجية وعقيدة الجماعة والعمل على تثبيتها في مناهج وأفكار طلبة المدارس.

ودعا المركز، جماعة الحوثي إلى سرعة إطلاق سراح المعتقلين "المخلافي" بشكل عاجل، مؤكدًا على أنّ ملف اختطاف وتعذيب التربويين ومقتل العديد منهم داخل سجون الجماعة بحاجة لفتح تحقيق فوري ومحايد من أجل الوقوف على تفاصيل تلك الانتهاكات الخطيرة وتقديم كل المتورطين فيها للعدالة.

السجن، مكافأة نهاية الخدمة

ونقل القاضي عبدالوهاب قطران (أحد المختطفين المفرج عنهم سابقا)، عن المختطف المخلافي، الذي مكث معه في المعتقل عدّة أشهر، ناقلًا معاناة المختطفين في زنازين مليشيات الحوثي الإرهابية قوله، "إنّه عمل بديوان عام وزارة التربية والتعليم 23 سنة، وآخرتها كانت مكافأة نهاية الخدمة زجوا بي بالسجن". مشيرًا إلى أنّه لم يعرف السجن طيلة عمره.

وأشار "قطران"، نقلًا عن المخلافي في المعتقل، إلى أنّ تهمته أنه يعمل لدى منظمة دولية تشتغل بتعليم الناشئة، وهي مرخصة رسميًا من سلطة المليشيا في صنعاء. مؤكدًا أنّ المليشيا تتعمد تلفيق التهم للمختطفين بالعمالة للخارج والجاسوسية، دون وجه حق".

وبيّن، حجم المآسي الذي يعانيها التربوي المختطف مجيب المخلافي، وتعامل المليشيا معه في الزنازين الانفرادية، وأساليب التحقيقات التي يستخدمها عناصر المليشيا بحق المختطفين في السجون.

وشكا "المخلافي" من تعامل المحققين في المعتقل، واصفًا تعاملهم بالحماقة، وقال: "إنّ جلسات التحقيق تستمر لأكثر من أربع ساعات وهو معصوب العينين، باسئلة تافهة تنم عن انعدام الخبرة والمعرفة، بهذه المليشيا.

قلق أوروبي

يأتي هذا في الوقت الذي أفادت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى اليمن، بأنها تشعر بقلق عميق إزاء الاحتجاز التعسفي من قبل مليشيا الحوثي لموظفين لدى الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية وبعثات دبلوماسية في اليمن.

وقالت البعثة، في بيان لها، إن استمرار احتجاز الموظفين الإنسانيين دون أي تواصل معهم لأكثر من 90 يومًا حتى الآن يعيق بشدة قدرة المجتمع الدولي على مساعدة ملايين اليمنيين المحتاجين إلى المساعدات بشكل عاجل.

وأكدت أن سفراء الاتحاد الأوروبي يدعمون بشكل كامل ويؤكدون على الدعوات الدولية المتكررة، التي أطلقها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، للإفراج الفوري وغير المشروط عن المختطفين.

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024