الأخبار

"عملية معقدة وتراكمية".. مصادر تكشف كيف استطاع الاحتلال اختراق صفوف حزب الله الأولى

عربي| 5 أكتوبر, 2024 - 6:31 م

image

أثير الكثير من الجدل حول قدرة الاحتلال الإسرائيلي على اختراق حزب الله والوصول إلى كافة التفاصيل التي ساعدته على اغتيال معظم قيادات الصف الأول، بما فيهم كذلك الأمين العام للحزب حسن نصر الله.

في الوقت نفسه، فإن الاحتلال لم يتوقف عن استهداف أماكن الحزب حتى أنه مستمر في قصف أمكنة، يقول عنها أنها تخص جهاز استخبارات حزب الله في العاصمة اللبنانية بيروت. فكيف وصل الاحتلال إلى قيادات الحزب بهذه الدقة؟ وكيف يصل إلى أماكن يدير منها الحزب استخباراته؟

قصف إسرائيلي

تطورات الأحداث على الأرض، ترسخ طيلة الوقت قدرة الاحتلال على الوصول لكل أهدافه داخل حزب الله بسهولة، وقد استطاع الاحتلال بعد اغتيال حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله وبعد محاولة اغتيال القيادي الكبير في الحزب هاشم صفي الدين، أن يقتل عضواً كبيراً في ذراع المخابرات التابع لحزب الله يُدعى حسن خليل ياسين، خلال غارة على جنوب بيروت.

وقد أعلن الجيش الإسرائيلي أنه استهدف مقر مخابرات جماعة حزب الله اللبنانية في بيروت، وأنه يعمل على تقييم الأضرار الناجمة عن الهجوم الذي وقع الجمعة بعد سلسلة من الضربات على شخصيات بارزة في الجماعة.

في حين أوضح الجيش الإسرائيلي في بيان له أن طائراته الحربية قصفت، استناداً إلى معلومات استخباراتية دقيقة، مواقع تابعة لركن الاستخبارات في حزب الله داخل بيروت. وأكد البيان أن الغارات أصابت وحدات وأجهزة جمع المعلومات، ومقرات القيادة، وبنى تحتية أخرى.

وأشار الجيش الإسرائيلي إلى أن "ركن الاستخبارات" في حزب الله يعتبر المؤسسة المركزية المسؤولة عن بناء الصورة الاستخباراتية لحزب الله بشأن إسرائيل وجيشها، وهو يقود الجهود الاستخباراتية في مواجهة إسرائيل ويمتلك قدرات استراتيجية لجمع المعلومات.

وجاء في بيان الجيش الإسرائيلي: "قبل فترة قصيرة، قامت طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، بناءً على معلومات استخباراتية للجيش الإسرائيلي، بضرب أهداف تابعة لمقر استخبارات حزب الله في بيروت، بما في ذلك نشطاء إرهابيين ينتمون إلى الوحدة، ووسائل جمع المعلومات الاستخبارية، ومراكز القيادة، والبنية التحتية الإرهابية الإضافية".

وأضاف الجيش الإسرائيلي في البيان: "جهاز الاستخبارات هذا هو جهاز الاستخبارات الرئيسي لحزب الله وهو مسؤول عن جمع المعلومات الاستخباراتية عن الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل".

اختراق دوائر القيادات الأولى

مصدر إيراني مقرب من مستشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان للشؤون الاستراتيجية، جواد ظريف، قال لـ"عربي بوست" إن عملية الاختراق التي قام بها الاحتلال لصفوف حزب الله الأولى هي عملية معقدة وتراكمية للغاية.

قال المصدر الإيراني المقرب من دوائر صنع القرار داخل إيران إن الاختراق تم بالكامل عبر شبكة الاتصالات الهاتفية في إيران، وأشار إلى أن عائلات القيادات في حزب الله لديهم جميعاً تليفونات حديثة "سمارت فون"، ويتواصلون من خلالها مع دوائرهم الاجتماعية.

 وقد استطاع الاحتلال في المرحلة الأولى من عملية الاختراق أن يخترق كل هواتف عائلات الصف الأول من قيادات حزب الله من الزوجات والأبناء وأبناء العمومة، وقام برصد كل المحادثات التي تخص القيادات على لسان زوجاتهم وأولادهم وتخزينها لفترات طويلة.

الأمر الثاني الذي أشار إليه المصدر الإيراني هو استخدام تطبيق "واتس اب" في المحادثات بين عائلات قيادات حزب الله ودوائرهم الاجتماعية، وأن هذا التطبيق تم اختراقه من جانب الاحتلال الإسرائيلي وحصل على كافة التفاصيل المدرجة في كل رسائل المحادثات بين عائلات قادة حزب الله على فترات طويلة في السنوات الماضية.

يشير المصدر الإيراني إلى أن الإيرانيين التفتوا إلى خطورة واتس اب، وقاموا بحظره على نطاق واسع وقد أوصوا كل قيادات النظام الإيراني بألا يتعاملوا مع الواتس في أي أمور هامة أو رسائل تخص العمل سواء في السياسة أو في الجانب العسكري.

يقول إن الاختلاف بين إيران ولبنان أن إيران تحاول حجب كل تطبيقات التكنولوجيا الغربية وتطوير شبكاتها الداخلية لكن شبكة الاتصال اللبنانية بالكامل هي تحت الإشراف الأمريكي ولا تستطيع لبنان مواجهة ذلك.

قال كذلك إن الاحتلال بعد تجميع كافة البيانات والرسائل من هواتف عائلات القيادات الأولى بدأ في المرحلة الثانية من تتبع قيادات الحزب، اعتمادًا على رسائل العائلات على الهواتف، وقام باستخدام تكنولوجيا حديثة لتحديد أماكن القيادات.

كما أشار إلى أن كاميرات مراقبة المنازل في الضاحية الجنوبية كانت من الأسباب التي كشفت قيادات الحزب، إذ أن المئات من اللبنانيين المقيمين خارج لبنان يضعون كاميرات مراقبة أمام منازلهم لمراقبة منازلهم وهم خارج إيران وقد استطاع الاحتلال اختراق هذه الكاميرات والاستفادة من مخزونها التي قامت بتوثيقه من فيديوهات وسجلته.

لكن المصدر الإيراني، يشير إلى أن هناك أزمة في حزب الله وهي أنه بعد دخوله إلى سوريا توسع في عضوية المجندين في سوريا وكذلك في لبنان وهو ما فتح باب تسرب بعض العناصر إلى داخل الحزب والتي تعمل مع الاحتلال وقامت بتجميع معلومات عن القيادات من خلال النقاش مع عناصر الحزب في الصفوف الوسطى والدنيا.

يشرح المصدر الإيراني أزمة التدخل الإيراني وكذلك حزب الله في سوريا وتأثيرها على البنية الأمنية لحزب الله، ويشير إلى أن الحزب تدخل في سوريا عسكريًا منذ عام 2012، وهو ما تسبب في استنزافه ماليًا و بشريًا و عسكريًا.

وقال إن الحزب لجأ إلى تعويض الأزمة في خسائره البشرية من خلال فتح مراكز تجنيد كبيرة في سوريا يقوم من خلالها بتجنيد الأشخاص، وهو الباب الذي كان سببًا في اختراق الحزب.

يشير إلى أن الحزب فتح أبوابه لدخول عشرات الآلاف من العناصر الجدد إليه وقد اخترق الاحتلال هذه العناصر، ما سمح للاحتلال بالحصول على كمية كبيرة من المعلومات ساعدته في الوصول إلى القيادات الأولى في الحزب.

كذلك قال إن عملية الاختراق طالت الصف الأول بالكامل بسبب الهواتف وأن الحزب حتى الآن لا يجد أي حل لهذه الأزمة لأنه حسب المصدر الإيراني حزب غير سري وبالتالي تحرك قياداته بسرية في لبنان سوف يواجه صعوبات كبيرة سواء الآن أو بعد ذلك.

رواية أخرى للاختراق

تلعب تكنولوجيا المراقبة الإلكترونية دورًا حيويًا في هذه الضربات. وقد سبق أن قال الجيش الإسرائيلي إن لديه كاميرات أمنية وأنظمة استشعار عن بُعد مدربة على المناطق التي ينشط فيها حزب الله، وإنه يرسل بانتظام طائرات استطلاع دون طيار عبر الحدود للتجسس على خصومه وذلك وفق تقرير نشرته وكالة رويترز.

ويعتبر التنصت الإلكتروني الذي تقوم به إسرائيل -بما في ذلك اختراق الهواتف المحمولة وأجهزة الحاسوب- على نطاق واسع من بين أكثر العمليات تطورًا في العالم، بحسب التقرير.

إذ أن الهواتف المحمولة، التي يمكن استخدامها لتتبع موقع المستخدم، وبعد إدراك حزب الله لخطورتها تم حظرها من ساحة المعركة لصالح وسائل الاتصال القديمة، بما في ذلك أجهزة الاستدعاء والسعاة الذين يسلمون الرسائل الشفهية شخصيًا.

كذلك فإن حزب الله يستخدم أيضًا شبكة اتصالات ثابتة خاصة يعود تاريخها إلى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وفي حالة سماع المحادثات، يتم استخدام كلمات مشفرة للأسلحة ومواقع الاجتماعات، وإنه يتم تحديثها بشكل يومي تقريبًا وتسليمها إلى الوحدات عبر البريد السريع، بحسب تقرير رويترز.

كذلك فإن حزب الله بدأ يشتبه في أن إسرائيل تستهدف مقاتليه من خلال تتبع هواتفهم المحمولة ومراقبة لقطات الفيديو من الكاميرات الأمنية المثبتة على المباني بالمجتمعات الحدودية.

وفي 28 ديسمبر/كانون الأول، حثّ حزب الله سكان الجنوب في بيان تم توزيعه عبر قناته على تليغرام على فصل أي كاميرات أمنية يمتلكونها عن الإنترنت. وبحلول أوائل فبراير/شباط، صدر توجيه آخر لمقاتلي حزب الله: ممنوع استخدام الهواتف المحمولة في أي مكان بالقرب من ساحة المعركة.

كذلك فإن مقاتلي حزب الله بدأوا في ترك هواتفهم خلفهم عندما نفذوا العمليات. وقال مسؤول آخر في المخابرات اللبنانية إن حزب الله يقوم في بعض الأحيان بإجراء عمليات تفتيش مفاجئة على الوحدات الميدانية لمعرفة ما إذا كان أعضاؤه يحملون هواتف أم لا.

وقال مصدران آخران إنه حتى في بيروت، يتجنب كبار السياسيين في حزب الله إحضار الهواتف معهم لحضور الاجتماعات.

وقد سبق أن حزب حسن نصر الله في خطاب متلفز له في 13 فبراير/شباط 2024، أنصاره من أن هواتفهم أكثر خطورة من جواسيس إسرائيليين، قائلاً إن عليهم كسرها أو دفنها أو حبسها في صندوق حديدي.

المصدر: عربي بوست

أخبار ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024