الأخبار
Image Description

سلمان المقرمي

غزة والأولوية العربية

‫كتابنا‬| 21 أكتوبر, 2024 - 5:26 م

موقف الشعوب العربية تجاه غزة ضعيف جدا، وبكل تأكيد أكثر ضعفا من موقف النظام الرسمي العربي المشين، وتعود أسباب هذا الضعف إلى الهزيمة المحققة التي تعرضت لها الشعوب العربية في 2011 عندما سعت بقوة هائلة حينها إلى بناء نظام عربي ديمقراطي يطلق طاقات شعوبها نحو المستقبل بقوة وكرامة، عبر النظام الديمقراطي.

أمام الجرائم المهولة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني في غزة وتقف معه الولايات المتحدة بكل قوة، ينبغي أن يعيد تشكيل وعي الشعوب العربية خاصة شعوب دول الربيع العربي وقواه الاجتماعية والسياسية والثقافية أن معركة التحول نحو الديمقراطية هو الأولوية الملحة لوضع حد لتلك الجرائم الإسرائيلية، على أن يكون ضمن ذلك الوعي أو أحد أهم أركانه أن من سعى لتقويض تلك المحاولة العربية العظيمة هي الولايات المتحدة، خدمة للاحتلال الإسرائيلي لتعطيل قوة الشعوب العربية التي نراها الآن فاقدة للحس والكرامة أمام الجرائم الإسرائيلية.

في سبيل ذلك، يقع العبء الأكبر على الحركات السياسية العربية في أقطارها المختلفة وبقية القوى الاجتماعية لإعادة تشكيل المعركة من أجل الوصول للديمقراطية على أسس واضحة منها أن التحول إلى الديمقراطية ستقف قوى الغرب الاستعمارية خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبا الغربية أمامها، رغم تصريحاتها المثيرة للتقزز عن دعمها الديمقراطية، وبالتالي يصبح النضال من أجل الديمقراطية في العربية شرطا لبقاء الدولة العربية القطرية على قيد الحياة، ومواجهة الضعف والتخلف والهوان الذي نعيشه على جميع المستويات.

من المهم أيضا أن تشهد القوى السياسية العربية خاصة في دول الربيع العربي مراجعة شاملة لأدائها وطموحاتها وخططها وقيمها وأخطائها القاتلة وتعترف بها، وتوفر تجربة حركة حماس في ظل الحرب الصهيونية البشعة عليها ملهما لمن كان له مشروع حقيقي ديمقراطي يسعى إليه، خاصة في جوانبه الفكرية وعلاقاتها مع القوى الداخلية المحلية، ومع السلطة الفلسطينية والأهم تجربتها الديمقراطية الداخلية، وكيفية بناء مؤسسات ديمقراطية داخل الحركات العربية نفسها، قبل أن تصل إلى السلطة، ذلك أن طريق السعي نحو الهدف يحدد الهدف ذاته.

إن أهم أسباب الصمت العربي المطبق رسميا، هو انتصار الثورات المضادة على الربيع العربي وشعوبها، وتفكيك تلك الأنظمة المنتصرة للقوى الاجتماعية والسياسية والثقافية والنقابية التي كانت تشكل عمود الثورات العربية، وكانت لديها قدرة معينة لتحريك الشارع العربي في عدة دول كما رأينا في 2011.

الهزيمة التي لحقت بالشعوب العربية في الربيع العربي كما يعرف إعلاميا ليست مبررا للاستسلام، فما نراه من صمود أسطوري في غزة للسكان المدنيين الرافضين للنكبة الجديدة والتهجير القسري، والمقدمين في سبيل ذلك الصمود عشرات الآلاف من العوائل والأطفال والنساء والمدنيين والكهول، يجب أن يكون ملهما للحركات السياسية العربية التي ترى أن تحويل الدول العربية الجمهورية من أنظمة استبدادية إلى أنظمة ديمقراطية وسيلة فعالة لحماية العرب أنفسهم في أقطارهم قبل حماية الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، والذي سيقود بالضرورة إلى حماية الشعب الفلسطيني، وهي علاقة واضحة تبادلية: إن هزم العرب في غزة سيلحقه بالضرورة هزيمة مذلة للدول العربية في بلدانها، وانتصار الشعوب في معركة التحول نحو الديمقراطية سيقود بالضرورة أيضا إلى كبح الغطرسة الإسرائيلية الأمريكية على منطقتنا العربية، وخاصة في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

مقالات ذات صلة

[ الكتابات والآراء تعبر عن رأي أصحابها ولا تمثل في أي حال من الأحوال عن رأي إدارة يمن شباب نت ]
جميع الحقوق محفوظة يمن شباب 2024