بين مؤتمري صالح وشباب الربيع*


وسيم القرشي

 رغم أنها كانت منقوصة واضطرارية؛ تقبَّل شباب ثورة فبراير اليمنية انتفاضة صالح ضد الحوثي وتعاطفوا لمقتله على يد الجماعة التي تحالف معها لإسقاط الدولة اليمنية الحلم لكل اليمنيين انتقاماً وتنكيلاً بقوى الثورة والقوى السياسية اليمنية.
 
 ورغم أنهم ثاروا ضده وبعد أن أذاقهم الويل والدمار وقتل منهم الكثير في مختلف المحطات، كانت ردة فعلهم الأسيفة على مقتله أقوى من ردة فعل كثير من أنصاره القابعين؛ بعضهم تحت الخوف؛ والبعض بانتظار من سيستخدمهم بعده. أما دافُعُ شباب الثورة لذلك قيم إنسانية تنشد الحرية والعدل لكل إنسان مهما كان رصيده ملطخاً، والرغبة في تجاوز معيقات الماضي إلى رحابة القادم.
 
لكن تظهر الأحداث والأيام أن الجزء الأصعب من مهمة شباب ثورات الربيع لم يكن إسقاط أنظمة فاسدة بل تغيير من لا يستطيعون العيش في أجواء الحرية، فمن يعتد العيش على التبعية سيصعب عليه العيش بحرية وكرامة.. وهذا هو الفارق الأبرز بين أبناء الربيع العربي وأتباع أنظمة الذل.
 
وبانتظار أن يتخلص أتباع المؤتمر الشعبي العام من حالة التبعية لنظام شخص إلى التبعية للوطن، جاءت بيانات المؤتمر هزيلة لم تجرؤ بنسختها اليمنية على تحميل الحوثي مقتل زعيمها، وتماهت في نسختها من مصر مع رغبة أطراف خارجية في مهاجمة شباب الربيع والذين تواجدوا وهم مستمرون في كل الجبهات التي تقاوم الحوثي، في حين كان صالح وأتباعه يشاركون الحوثي وأد الجمهورية اليمنية.
 
 ومع كل صوت ثائر ومقاوم يدعو للتسامح مع المنكسرين من حزب المؤتمر، نسمع من بعضهم أصوات ذليلة تجاه جلاديهم لكنه ينضح بالحقد على أبناء الربيع الذين يدافعون عن كرامتهم التي أهدروها بتحالفهم مع الحوثي.
 
منح اليمنيون التعاطف لصالح من موقف واحد متناسين أوجاع تسعة وثلاثين عاماً من الألم المصنوع بيد صالح رغبة في طَي هذه الصفحة وتشجيعاً لأتباعه للشراكة في بناء المستقبل، وجاء رد أتباعه بالنكران لهذه المبادرة وإعلانهم أن التبعية عندهم مبدأ والمتغير هو المتبوع، ولا مانع أن يكون هذه المرة خارجياً.
 
فضحت أحداث صنعاء قدراتهم؛ فالحاضنة الشعبية تبددت والحرس الذي أنفق صالح عليه كل ثروات اليمن لم يصمد يومين لحماية زعيمه وإهانة حزبه في صنعاء، في حين صمد شباب الثورة بأبسط الإمكانيات لثلاث سنوات في مناطق أخرى.
 
ومع ذلك سيبقى الرهان قائماً على حزب المؤتمر، إذ يحتضن الكثير من شرفاء اليمن، إن تخلص من مجموعة من الانتهازيين والمأزومين، تحاول تغيير مجرى التاريخ وإعادته للوراء بأوهام تسوقها لهم أطراف خارجية تريد استخدامه لضرب الشرعية في اليمن باسم مقاومة الحوثي.
 
ستبقى أيدي شباب الثورة والمقاومة ممدودة وقلوبهم مفتوحة لكل يمني يشاركهم همّ بناء اليمن ويعمل لاستعادة دولة العدل والمواطنة المتساوية.
 
 فالفرق واضح ودائم بين من يحمل لليمن تطلعات المستقبل ومن يحمل لها أحقاد الأمس، لكن نتمنى أن تبقى، أيضاً، أعينهم يقظة وخياراتهم مفتوحة مع كل من يحاول التآمر عليهم وعلى مستقبل اليمن.
 

* من مدونة الكاتب في موقع "العربي الجديد"

- وسيم القرشي: رئيس شبكة يمن شباب للإعلام، وباحث ماجستير دراسات دبلوماسية.
 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر