"مجلس حضرموت الوطني".. ضرورة محلية ام صراع بين السعودية والإمارات في اليمن؟ (تقرير خاص)

[ لحظة وصول وفد حضرموت إلى مطار سيئون ]

 بعد شهر من المشاورات في العاصمة السعودية الرياض؛ أعلنت مكونات وقوى حضرموت، المناهضة للمجلس الانتقالي، الثلاثاء، تشكيل "مجلس حضرموت الوطني"، حاملاً سياسيًا معبرًا عن طموحات وتطلعات أبناء المحافظة شرقي اليمن.
 
هذه الخطوة، أٌعلنت الثلاثاء الماضي في الجلسة الختامية للمشاورات الحضرمية التي جاءت بدعوة ورعاية سعودية، وذلك بحضور محافظ حضرموت مبخوت بن ماضي والسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر.
 
كما أصدرت مكونات حضرموت "وثيقة سياسية وحقوقية"، تضمنت نتائج المشاورات الشاملة، واشتملت على بنود رئيسة تلبي تطلعات أبناء حضرموت وحقهم في إدارة شؤونهم السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية.
 
وتؤكد الوثيقة، على وحدة حضرموت وحق أبنائها في إدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والأمنية، مع الإقرار بالتعددية السياسية والاجتماعية في حضرموت والمحافظات الجنوبية، والتأكيد على الالتزام بالأهداف المشتركة مع التحالف الذي تقوده السعودية.
 
كما أكدت على حق حضرموت عبر مكوناتها المختلفة بالمشاركة العادلة في صناعة القرار السيادي والتمثيل في الغرف البرلمانية والهيئات الحكومية والاستشارية والتفاوضية بما يضمن حماية المصالح الحيوية لأبناء المحافظة بشكل مستقل.
 
وتعهدت الوثيقة بتحييد المؤسسات الخدمية والأمنية والعسكرية عن أي اختلافات بينية وصياغة إعلان مبادئ يضمن تماسك الجبهة الداخلية وردع أي تهديدات تستهدف حضرموت والمناطق المحررة ودول الجوار والأمن والسلم الدولي، ودعم أي اجراءات تدريجية تسعى لمعالجة المظالم وايجاد آليات متوافق عليها للانتقال للتسوية السياسية النهائية.
 
وكانت السعودية قد دعت في 20 مايو الماضي ممثلين عن مكونات حضرموت الرئيسة لعقد مشاورات في الرياض، وذلك بالتزامن مع تصعيد المجلس الانتقالي الجنوبي باتجاه المحافظة ووصول رئيس الانتقالي عضو المجلس الرئاسي عيدروس الزبيدي إلى مدينة المكلا، وتجوله في شوارعها على متن مدرعة إماراتية وسط حشود عسكرية قدمت من خارج المحافظة.
 
ضرورة ملحة 
 
ترى مكونات حضرموت أن تشكيل المجلس الوطني، جاء كضرورة، ليكون رافعة لمطالب حضرموت والعمل على تحسين أوضاعها وتجنيبها الصراع والفوضى التي تعيشها محافظات أخرى، وقطع الطريق على المجلس الانتقالي الجنوبي.
 
ويؤكد الشيخ سلطان التميمي، أمين عام مرجعية قبائل حضرموت، إن تشكيل "مجلس حضرموت الوطني كان ضرورة مُلحة قضتها الحالة السياسيّة الراهنة والصراعات الحاصلة في حضرموت بسبب التجاذبات السياسية".
 
وقال التميمي، لـ"يمن شباب نت"، إن "هذا الاتفاق يعد من أهم المنجزات الحضرمية في التاريخ المعاصر"، مشيرا إلى أن المجلس سيكون ملبيا لتطلعات أبناء حضرموت والمتحدث باسمهم في التسوية النهائية وسيجعل من حضرموت ندا وشريكا لكل الأطراف اليمنية الموجودة على الساحة.
 
وأضاف، "اليوم حضرموت لها من يمثلها، في السابق كان هناك من يدعي تمثيلها ويحقق المكاسب بهذا الادعاء اليوم حضرموت موجودة على الساحة بدون أن تعادي أحد وما حصل اليوم ليس ردة فعل وإنما هو رسم لمستقبل حضرموت في الخارطة السياسية".
 
وأردف: "كان للأشقاء في السعودية الدور الكبير في دعوة الوفود الحضرمية بمختلف مشاربها للجلوس معاً والخروج برؤية موحدة عن حقوق حضرموت، وكان هناك ثلاث محاور لهذا الوفد محور أمني ومحور سياسي ومحور اجتماعيّ واقتصادي وثم قدمت التصورات إلى لجنة مختصة من أبناء حضرموت لصياغتها من القانونيين والاستشاريين حتى خرجت بصورتها النهائية".


 
وبالمثل يؤكد لطفي بن سعدون الصيعري، عضو إعلامية مجلس حضرموت الوطني، إن "تشكيل هذا المجلس وإعلان الوثيقة السياسية والحقوقية، جاء كمطلب ضروري حتمت الظروف التاريخية والمرحلية التي مرت بها حضرموت منذ اكثر من ستة وخمسين عاما".
 
وقال الصيعري، في حديث لـ"يمن شباب نت"، إن "من ضمن الدوافع الرئيسية لتشكيل المجلس، هو أن تبحث حضرموت عن حل لمعاناتها التي ارتبطت بالتبعية للجنوب وللشمال منذ عشرات السنين".
 
واستدرك: "لسنا ضد أي تقارب أو أي تكامل أو أي توحد بيننا في منطقة اليمن والجنوب وحضرموت، لكن ما عانيناه من مأساة وتهميش وأزمات.. حتّم علينا التفكير بطريقة أخرى للانتقال من هذه الأزمات والحروب وجعل حضرموت نموذج جاذب للمنطقة استنادا إلى تاريخها وحضارتها وتوجهها السلمي ورغبة أهلها في العيش بسلام وبناء".
 
ولفت الصيعري، إلى أن" مأساة حضرموت ومشاكلها سببها التبعية والتهميش وعدم العدالة التي تمت من قبل الجنوب والشمال منذ سبعة وستين 67".
 
 وأوضح أن "هذه المسائل التي أوصلت حضرموت إلى الحضيض إلى الفقر والمجاعة وهي تسبح على بحور من النفط والثروات والعائدات، إلى جانب أبنائها المغتربين والمهاجرين الذين لديهم إمكانيات أن يبنوا حضرموت بناءً متقدماً مزدهراً متى ما توفرت الإمكانية والاستقلال السياسي وسيادة الحضارم على أرضهم".
 
وتحدث الصيعري، عن تعرض حضرموت للتهميش والحرمان والتبعية، موضحا أن "هناك خلل في عقلية النخب السياسية والثقافية في منطقة الجنوب واليمن بشكل عام ويتميز هذا الخلل بإلغاء الأخر وعدم البحث عن العدالة المشتركة بين الجميع والأنانيات وكلا يسعى فقط لترتيب وضعه".
 
وأشار إلى أن "مجلس حضرموت الوطني"، يضم مكونات حضرمية مستقلة وأعيان وشخصيات وقيادات بالسلطة المحلية سواء كانوا محافظين ووكلاء واعضاء مجلس نواب وأعضاء مجلس شورى..
 
ويشدد الصيعري، أن أبرز هدف للمجلس هو "جعل حضرموت منطقة آمنة ومستقرة فيها من التنمية التي ممكن تساعد أهلها بدرجة رئيسية وتساعد الأخرين سواء كانوا من أبناء المحافظات الأخرى لتوفير لهم العيش الكريم والعمل إذا أمكن والتواجد في هذه المنطقة، بشرط على مبدأ استقلال وسياسة القرار الحضرمي الرافض لأي تبعية وأي هيمنة".
 
وأشار إلى أن حضرموت مهيأة ثقافيا وحضاريا وإنسانيا عندها إمكانية لأن تبني هذه البقعة من المنطقة وتكون عامل جذب وعامل سلام وعامل ترتيب للأوضاع في المنطقة بشكل عام هذا هو بالنسبة للدور الذي نامل أن يكون للمحافظة".
         
صراع نفوذ
 
فيما يؤكد أبناء حضرموت أن مجلس حضرموت جاء كضرورة لبتني مطالب حقوقية وسياسية ورفض التبعية ومحاولات المجلس الانتقالي الانفصالي لتنصيب نفسه وصيا على المحافظة؛ يرى مراقبون وسياسيون أن هذه خطوة سعودية مرتبطة بصراعها مع الإمارات على النفوذ في جنوب اليمن وشرقه.
 
وقبل ساعات من إعلان تشكيل هذا المجلس؛ التقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي بممثلي مكونات حضرموت، وأشاد بـ"الأجواء الايجابية التي سادت المشاورات وبجهود السعودية للنأي بالمحافظة والمناطق المحررة عن أي نزاعات بينية، والتفرغ لمواجهة مشروع ولاية الفقيه المتربص بالجميع".
 
ووفق المحلل العسكري والاستراتيجي اليمني الدكتور علي الذهب، فأن تشكيل مجلس حضرموت الوطني هو "محصلة واقعية لصراع ناعم او تنافس بين الإمارات والسعودية".
 
وقال الذهب لـ"يمن شباب نت":"مثلما شكلت الإمارات المجلس الانتقالي الجنوبي للاستحواذ على الجنوب والتوسع فيها ما أمكن انشأت السعودية غطاء في حضرموت ما نسميها مناطق ذات بعد جيوسياسي يعني على حدودها وعلى أمن المملكة".
 
وأضاف، أن "من خلال بيان مجلس حضرموت، وأدبياته التي نشرت يبدو انه مختلفا تماما عن المجلس الانتقالي الجنوبي، لأنه لا يتبنى رؤية انفصالية على الجنوب أو على الشمال، مع أنه يميل للفدرالية كما يبدو دولة اتحادية".
 
لكن ـ بحسب الذهب ـ فإن هذا المجلس "يضيق من فرص الوحدة الوطنية، حين أصر على أن يكون الجيش والأمن في حضرموت من أبناء المحافظة، وهذا يمنحه مستقبلا فرص أكبر للاستقلال او التفلت أو الانحلال من الجسد اليمني".
 
وتوقع الذهب توسع هذا المجلس مستقبلا وإنشاء كيانات منه في المهرة وفي سقطرى، مضيفا: "في تصوري أن وجود هذا المجلس، خطوة سعودية ومكرا لاقتطاع حضرموت من اليمن بناء على حسابات جيوسياسية، من بينها توسيع رقعة المملكة العربية السعودية لتمتد من الماء إلى الماء شرقا وغربا شمالا وجنوبا".
 
وتابع: "يبدو أن السعودية انتصرت في صراعها مع الإمارات العربية المتحدة ولم تقم بهذه الخطوة إلا ولديها ضمانات من مجلس القيادة بالدعم، وأيضا ضمانات دولية حيث تداخل مع مصالح من الدول دائمة العضوية او لنقل الاتحاد الأوروبي".
 
وزاد: "كان واضحا في بيان انشاء هذا المجلس، أنه طالب المجلس الرئاسي بتبني القرارات تعزز من حضور المجلس ومطالبه واعتباره احد الكيانات الفاعلة التي تدعمه، لكن في تصوري أنه أشد خطرا، لأنه لو سُمح المجال لهكذا مجالس أنها تنتشر فنحن أمام تقسيم المقسم للبلد".
 
وبالمثل يقول الصحفي عبدالجبار الجريري، أن السعودية تسعى للاستحواذ على حضرموت في إطار التنافس مع الإمارات على المحافظات اليمنية الغنية. وقال إن "السعودية لم تكن يوما جادة في دعم أي جزء من اليمن، ولم تسعى منذ تدخلها في البلاد لتحسين أوضاع اليمنيين".
 
وأضاف الجريري لـ"يمن شباب نت"، أن ذلك يعني أن "دعم الرياض لتشكيل مجلس وطني حضرمي هدفه الحفاظ على مصالح السعودية، واستخدامه كورقة ضد الإمارات نتيجة الخلاف بينهما بسبب مشاكل تتعلق بتقاسم النفوذ في اليمن".
 
وتابع: السعودية "تحاول من خلال هذا المجلس منع وصول النفوذ الإماراتي إلى وادي حضرموت مما يعني أن حضرموت ستشهد صراع نفوذ بين البلدين في قادم الأيام وكل دولة ستحرك مجلسها للحفاظ على وجودها في وهو ما ينذر بمشهد خطير يهدد مستقبل هذه المحافظة الآمنة".
 
وتابع: "اعتقد أن هكذا مجالس تم تشكيلها خارج الوطن لا تمت للواقع بصلة وستكون محل رفض شعبي لأن الناس بحاجة لدعم اقتصادي وليسوا بحاجة لتفريخ مجالس جديدة تزيد الطين بلة"، على حد تعبيره.
 
 
ماذا عن مخرجات الحوار الوطني؟
 
عقب إعلان تشكيل مجلس حضرموت الوطني؛ أشاد رئيس مجلس الشورى الدكتور أحمد عبيد بن دغر بهذه الخطورة وقال إنها "موفقة ورؤية مستشرفة تنشد السلام والاستقرار في حضرموت وفي عموم اليمن، وتعزز الاتجاه نحو مزيد من الحقوق والحريات".
 
وقال ابن دغر في تغريدة على "تويتر"، إن "المشاركين في المشاورات ارتقوا بتبايناتهم نحو وحدة الموقف، فلم يسقطوا المشروع الوطني المعبر عنه في مخرجات الحوار الوطني الشامل ولم يتخلوا عن حقوقهم المشروعة في إدارة مجتمعهم المحلي بعيدًا عن المركزية والتبعية العمياء التي كانت سببًا في كوارث اليمن المتلاحقة".
 
لكن المحلل السياسي والعسكري الدكتور علي الذهب، أعتبر خلال حديثه لـ"يمن شباب نت" أن تشكيل مجلس حضرموت الوطني، والرؤية التي يحملها، بعيد كل البعد عن مخرجات الحور الوطني، موضحا أن "مخرجات الحوار الوطني تتبنى رؤية واحدة في تقسيم الكيانات الإدارية.. يعني رؤية وطنية واحدة لكل الأقاليم وليس أقاليم بعينها من أجل مصالح دول الجوار".
 
وقال الكتور الذهب إن "هناك آليات لتنفيذ أو لجعل هذه الأقاليم أمر واقع، لا يزال هناك دستور لا يزال هناك الاستفتاء عليه، ولايزال هناك مسالة الجيش، حتى الأمن كيانات مستقلة. النخبة الحضرمية قد تكون نواة لجيش مستقل وهذا أيضا خطر على البلد، خاصة في الوقت الراهن لم يجر دمج كافة التشكيلات المسلحة".
 
وأضاف الذهب "هناك تطلع للمجلس بأنه يكون لديه امتدادا أو نفوذا في الوادي والصحراء، من أجل هذا أيضا المجلس هناك أصوات متطرفة داخل هذا المجلس تحاول إخراج المنطقة العسكرية الأولى من سيئون، وخروجها بهذا الشكل دون إقرار الأقاليم الأخرى يعد إذن كامل أو سقف لحضرموت، أنها تكون مستقلة في أي لحظة سياسيا وعسكريا وأمنيا".
 
واختتم حديثه بالقول، إن هذه الخطوة "ستكون تحت غطاء على أساس أن أي توتر في هذه المنطقة، حينها يؤثر على الأمن القومي السعودي، وهناك مبررات كثيرة بأن هناك تهديد إيراني وأن هناك عنف داخل البلاد ولم تخرج منه إلى طريق، خاصة إذا استطالة الأزمة الراهنة"..
 


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر