"انهيار شامل للمنظومة البنكية".. البنوك اليمنية في صنعاء ترفض صرف أموال المودعين (تقرير خاص)

 اشتكى عشرات المودعين في البنوك اليمنية في صنعاء الخاضعة لمليشيات الحوثي الإرهابية من عجزهم عن سحب أموالهم وبرفض جميع البنوك إرجاع أموال المودعين، فضلا عن الأرباح.
 
وحصل "يمن شباب نت" على شهادات من عدد من المودعين يشكون فيه عجزهم عن سحب أموالهم من البنوك التجارية والإسلامية في صنعاء.
 
وينشر كثير من المودعين تعليقاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي ويظهرون غضبهم على البنوك والحوثة في صنعاء الذين يتهمونهم بالسيطرة على أموال المودعين، وأرباحهم.
 
بعض المودعين اشتكوا عن عجزهم من سحب أموالهم المودعة منذ سنوات، والتي تفقد قيمتها الحقيقية باستمرار في ظل التضخم وغلاء الأسعار.
 
قال مصدر رفيع في أحد البنوك في صنعاء لـ"يمن شباب نت" إن "الحوثي استولى على كل الإيداعات والأموال في البنوك حتى 2019، ورفض إعادة أي منها وسبب عجزا هائلا لدى البنوك".
 
وقالت تولين العبسي في تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي إن "والدتها عجزت عن سحب أموالها المودعة في 2016 رغم تقديم كل التقارير الطبية التي بموجبها يتوجب سفرها إلى الخارج".
 
لكن أحد المتعاملين مع بنك اليمن الدولي -رفض كشف هويته- أشار إلى أنه فتح حاسبه في بنك اليمن الدولي في 2019 وأن آخر عملية إيداع قام بها في 2020 وعجز عن سحب أمواله.
 
وقال المصدر في تصريح خاص لـ"يمن شباب نت" إنه "عجز عن استرداد ماله، وأنه رغم كثافة جهوده وزياراته للبنك لسحب أمواله لا يتمكن إلا من سحب مبلغ يتراوح بين 50-100 ألف ريال يمني فقط في الشهر الواحد".
 
شاركت إحدى المتضررات من قرار الحوثي السيطرة على أموال البنوك على وسائل التواصل الاجتماعي بالقول، إن "جدها عجز عن سحب 80 مليون ريال، كانت مودعة بأحد البنوك منذ سنوات طويلة، وتضيف أنه صار الأمر أشد صعوبة بعد وفاة جدها".
 
عمولة السحب تصل 70%
 
قال مودعون إنه اضطروا إلى سحب أموالهم بتقديم عمولات مختلفة لمسؤولين في البنوك أو صرافين يتعاملون مع البنوك تتراوح بين 50 و70% من إجمالي قيمة الأموال التي يسحبونها.
 
وأشار فراس العولقي إلى أن عمولة سحب مبلغ مليون ريال من البنك تصل 700 ألف ريال، بينما يبقى لصاحب الحساب مبلغ 300 ألف ريال فقط.
 
وقال يوسف خالد إنه "عجز عن سحب أمواله من أحد البنوك، لكن صرافا عرض عليه قدرته على سحب ماله من البنك بعمولة تصل إلى 70%".
 
كيف حدثت السيطرة على أموال البنوك؟
 
بموجب قانون البنوك يتوجب على كل بنك توريد نقديته أولا بأول إلى البنك المركزي في صنعاء.
 
ومنذ سيطرة الحوثة على البنك المركزي في صنعاء في 2014 واندلاع الحرب لاحقا استولى على تلك الأموال ومنع أي بنك من استرداد أمواله، التي هي بالأساس أموال مودعين ومستثمرين وتجار وغيرها.
 
مع انهيار النظام البنكي في صنعاء عاد الحوثي وسمح للمودعين بعد 2019 من سحب أرصدتهم التي أودعوها من ذلك التاريخ، لكن متعاملين تحدثوا لـ"يمن شباب نت" قالوا إن "هذه الأموال تسحبها بصعوبة بالغة".
 
وفي مطلع 2023 أصدر الحوثي قانونا جديدا بحجة مكافحة الربا، قضى بموجبه بمنع جميع أشكال العمليات البنكية من أذون خزانة واستثمار وتمويل وصكوك، وألغى كليا الأرباح بجميع أشكالها، واستولى عليها، بأثر رجعي.
 
وقال مسؤول كبير في فرع البنك المركزي بصنعاء لـ"يمن شباب نت" إن "البنوك صارت بعد هذا القانون بلا عمل، وتحولت إلى ما يشبه شركات الصرافة".
 
وقال تقرير خبراء العقوبات الأخير إن النشاط الرئيسي للبنوك كان يتمثل في أذون الخزانة، بنسبة 60%. فيما قال المسؤول البنكي، إن النسبة تبلغ في بعض أنشطة البنوك في أذون الخزانة أكثر من 80%.
 
وأشار المسؤول إلى انهيار شامل تعانيه المنظومة البنكية، مؤكدا أن جمعية البنوك تبذل قصارى جهدها متحدة لمواجهة القرار الحوثي الذي صدر في مطلع مارس الماضي.
 
وكان مسؤولون وخبراء وقضاة وجمعية الغرفة التجارية واتحاد الغرف التجارية وجمعية البنوك قد حذروا مليشيا الحوثة من إصدار قانونه لكن رمى بها عرض الحائط، وأدى إلى عزل شامل للبنوك عن التعاملات البنكية.
 
قضى قانون البنوك الحوثي، بحظر جميع أشكال الفوائد، وإلغاء الاتفاقيات الدولية. كما قرر الحوثة وفق خطاب للمدعوا مهدي المشاط نهاية مارس الماضي بتحويل جميع الأموال المودعة للاستثمار لدى مليشيا الحوثي.
 
وقال المشاط إن الاستثمار الحوثي لها سيكون حقيقيا، مشيرا إلى عزم مليشياته إصدار ضوابط جديدة وإنشاء استراتيجية طويلة الأمد لحل مسألة إرجاع الأصول لأصحابها.
 
وقال متعاملون وتجار في صنعاء لـ"يمن شباب نت" إن البنوك تبلغ أي مودع يرغب بأمواله أو أرباحه بالقول: "اذهب خذها من المجلس السياسي"، (السلطة الانقلابية التي أنشأها الحوثة في 2016، ويصدر القوانين).
 
بورصة إيرانية
 
منتصف العام الماضي، كشفت مليشيا الحوثي عن توقيع اتفاقية تفاهم مع البورصة الإيرانية لإنشاء سوق للأوراق المالية في صنعاء. وقال المشاط في خطابه في مارس الماضي إن مليشياته تعتزم إنشاء سوق للأوراق المالية قريبا، وأن أموال البنوك المودعة بها ستستثمر بتلك البورصة.
 
كما يعتزم الحوثة إنشاء صندوق للقرض الحسن، على طريقة حزب الله اللبناني الذي يمتلك صندوقا لديه أموال أكثر من أموال البنوك في لبنان.
 
ورغم القبضة الأمنية الشديدة وتحكمه الكلي في سعر الصرف وحركة العملة، يمتنع الحوثي عن تقديم أي أموال للتجار بالعملة في مناطق سيطرته لاستيراد الغذاء، والدواء والوقود.
 
ويتكفل البنك المركزي اليمني في عدن بتوفير سيولة شهرية للتجار عبر مزاداته الأسبوعية التي تترواح بين 30 مليون و50 مليون دولار لجميع التجار بما فيهم التجار في المناطق المحتلة من الحوثي وإيران.
 
وعانى البنك المركزي مؤخرا من ضائقة مالية شديدة وانخفضت احتياطاته النقدية من العملة الأجنبية نهاية السنة الماضي إلى مليار دولار بسبب توقف صادرات النفط جراء الهجمات الإرهابية الحوثية على موانئ التصدير في حضرموت وشبوة.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر