"في حرب مزقت اليمن".. كيف حولت إيران الحوثيين من ميلشيا بدائية الى تهديد لدول الخليج؟

[ المساعدة العسكرية الإيرانية السرية للحوثيين وسعت من قدراتهم ]

قالت صحيفة أمريكية "إن تنشئة إيران للحوثيين على مدى سنوات الحرب في اليمن وتسليحهم بالصواريخ والطائرات بدون طيار، قد أدى لتحول الجماعة من مجرد ميليشيا بدائية عشوائية، الى تهديد يعرض للخطر السعودية والامارات، شركاء واشنطن وخصمي طهران، ومساعدة الجماعة على ترسيخ دولة بوليسية قمعية في مناطق سيطرتها، تعيش على اقتصاد الحرب".

وأشار تقرير «The New York Times» الامريكية - ترجمة "يمن شباب نت" - "خلال الحرب الأهلية التي مزقت اليمن في السنوات التي تلت ذلك، مرت جماعة الحوثي بتحول ملحوظ، وهي الآن تحكم دولة قمعية بدائية في شمال اليمن وتمتلك ترسانة ضخمة تضم مجموعة من صواريخ كروز والصواريخ الباليستية وقوارب كاميكازي". 

ولفت إلى "قيام الحوثيين بتجميع طائراتهم بدون طيار بعيدة المدى، والتي وسعوا نطاق وصولها عبر شبه الجزيرة العربية وضاعفت التهديدات للقوى الخليجية العربية: السعودية والإمارات". 

ويرجع الفضل في التوسع السريع لقدرات الحوثيين إلى حد كبير إلى المساعدة العسكرية السرية من إيران، وفقًا لمسؤولين ومحللين أمريكيين ومن الشرق الأوسط.

حيث أن إيران سعيًا منها وراء طرق جديدة لتهديد المملكة العربية السعودية، خصمها الإقليمي، قامت بدمج الحوثيين في شبكة الميليشيات التابعة لها وبنت قدرة الحوثيين على تشويش دفاعات جيرانهم الأثرياء بأسلحة رخيصة نسبياً، والعديد من هذه الأسلحة يُصنع في اليمن، أفقر دولة في العالم العربي. 

وقال عبد الغني الإرياني، باحث في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية: "ما نشهده في اليمن هو أن التكنولوجيا أصبحت عامل التعادل الكبير"، ولخص ذلك قائلا "طائرتك F-15 التي تكلف ملايين الدولارات لا تعني شيئًا لأنني أمتلك طائرتي بدون طيار التي تكلف بضعة آلاف من الدولارات والتي ستحدث نفس القدر من الضرر".

وفق تقرير النيويورك تايمز، ساعد صعود الحوثيين كقوة قادرة على الضرب إلى ما هو أبعد من حدود اليمن على دفع عملية إعادة اصطفاف سياسية أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، الأمر الذي أدى ببعض الدول العربية إلى إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في عام 2020 ودفع دول أخرى للتحرك نحو التعاون العسكري والاستخباراتي السري لمواجهة إيران. 
 


مليشيا تزدهر بالحرب وليس السلام

كذلك أضافت التكنولوجيا العسكرية المتطورة للحوثيين إلحاحًا جديدًا للجهود السعودية لإنهاء الحرب بعد سبع سنوات من التدخل، لكن هذه التطورات ربما جعلت الحوثيين أقل اهتمامًا بإنهائها، على الرغم من أنهم وافقوا على وقف إطلاق النار لمدة شهرين بدأ في بداية هذا الشهر، بهدف إطلاق محادثات السلام. 

كما ألقت السعودية والإمارات بدعمهما وراء مجلس رئاسي جديد تم تشكيله هذا الشهر لإدارة الحكومة اليمنية وقيادة المفاوضات مع الحوثيين. ومع ذلك في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام، أظهر الحوثيون التهديد الذي يشكلونه على دول الخليج العربي. 

عمقت الحرب علاقة الحوثيين مع داعمهم القوي إيران، مما سمح لهم بتطوير اقتصاد حرب واسع لتمويل عملياتهم، كما جعلهم أيضًا سلطة غير متنازع عليها على جزء كبير من شمال اليمن، حيث يعيش أكثر من ثلثي سكان البلاد - وهي مكاسب من غير المرجح أن يتخلوا عنها طواعية، كما قال محللون. 

وقالت ندوى الدوسري، محللة شؤون اليمن في معهد الشرق الأوسط: "إذا توقفت الحرب سيتعين على الحوثيين أن يحكموا، ولا يريدون أن يحكموا - لإن معنى ذلك تقديم الخدمات وتقاسم السلطة"، وأضافت: "الحوثيون يزدهرون في الحرب وليس السلام". 

شحذ الحوثيون، المعروفون رسميًا باسم أنصار الله، قدراتهم في حرب العصابات خلال سلسلة من المعارك الوحشية مع الدولة اليمنية والمملكة العربية السعودية في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وعززت تلك الصراعات من شعورهم بأنهم مستضعفون يدافعون عن اليمن ضد المعتدين الأكثر قوة.  

مع وصول الحرب الحالية إلى مأزق طاحن وأزمة إنسانية متفاقمة، عززت إيران بهدوء دعمها لآلة الحرب الحوثية، حيث سافر تقنيون من الحوثي إلى إيران للتدريب، وسافر خبراء من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني إلى اليمن لتنظيم مقاتلي الجماعة وفرقها الإعلامية، وبعد ذلك لتعليم الفنيين الحوثيين كيفية صنع الأسلحة، بحسب أعضاء المحور الإيراني في المنطقة ومحللون متابعون للصراع. 

في بداية الحرب، رد الحوثيون في الغالب على المملكة العربية السعودية بضرب أهداف على طول الحدود السعودية مع شمال اليمن، لكن مدى تطور أسلحتهم وتطورها قد زاد بسرعة، مما مكنهم من استهداف المواقع الحساسة بدقة في السعودية والإمارات، على بعد مئات الأميال من حدود اليمن. 

تشمل أسلحتهم الآن صواريخ كروز وصواريخ باليستية، يمكن أن يطير بعضها أكثر من 700 ميل، وفقًا لتقرير حديث عن الحوثيين أعدته كاثرين زيمرمان، الزميلة في معهد أمريكان إنتربرايز، كما نشروا زوارق كاميكازي غير مأهولة لضرب السفن في بحر العرب ولديهم مجموعة من الطائرات بدون طيار التي تحمل عبوات ناسفة ويمكنها الطيران لمسافة تصل إلى 1300 ميل.

وكتبت زيمرمان أن بعض المعدات، مثل محركات الطائرات بدون طيار وأنظمة تحديد المواقع، يتم تهريبها بمساعدة إيرانية، لكن معظم أسلحة الجماعة مصنوعة في اليمن، إذ يتم تجميع الطائرات بدون طيار من أجزاء مهربة ومحلية باستخدام التكنولوجيا والمعرفة الإيرانية، ويتم تصنيع الصواريخ من نقطة الصفر أو تعديلها لمنحها المدى اللازم للوصول إلى عمق المملكة العربية السعودية. 

حتى الآن، تسببت معظم هجمات الحوثيين في أضرار محدودة وتعلم خصومهم إسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ. 

لكن قبل بدء وقف إطلاق النار، واجهت المملكة العربية السعودية غالبًا هجمات متعددة شهرياً، وقال التحالف الذي تقوده السعودية في ديسمبر كانون الأول إن الحوثيين أطلقوا 430 صاروخا باليستيا و851 طائرة مسيرة مسلحة على المملكة منذ مارس آذار 2015 مما أسفر عن مقتل 59 مدنيا سعوديا. 

كذلك، تعد مسألة الدفاع ضد النيران القادمة مكلفة للغاية، وقالت زيمرمان إن صاروخًا لنظام دفاع باتريوت، على سبيل المثال، قد يكلف مليون دولار، بينما تقدر تكلفة طائرات الحوثيين بدون طيار والصواريخ ما بين 1500 و10 آلاف دولار. 

تعود علاقة إيران بالحوثيين إلى عام 2009 على الأقل، لكنها استخدمت الحرب لدمج الحوثيين ضمن شبكة وكلائها، هذا الدمج متكامل لدرجة أن الحوثيين أعلنوا مرتين على الأقل عن هجمات لم يكونوا مسؤولين عنها في الغالب، لتوفير غطاء للجماعات الأخرى المدعومة من إيران. 
 


في عام 2019، أعلن الحوثيون عن هجوم بطائرات مسيرة وصواريخ على منشآت نفطية في شرق المملكة العربية السعودية أوقف مؤقتًا نصف إنتاج المملكة النفطي، وفي حين أن طائرات الحوثيين بدون طيار كانت على الأرجح جزءًا من الهجوم، خلص مسؤولون أمريكيون في وقت لاحق إلى أن الضرر الكبير كان من صواريخ كروز التي ربما جاءت من الشمال، وربما أطلقت من العراق أو إيران. 

كما أعلن الحوثيون في البداية مسؤوليتهم عن هجوم على الإمارات العربية المتحدة، في شباط (فبراير)، على الرغم من أن ذلك أيضًا بدا أنه انطلق من العراق وأعلنت جماعة مسلحة غامضة هناك مسؤوليته عنه لاحقًا. 
 

دولة بوليسية تعيش على اقتصاد الحرب

في الأراضي التي يسيطرون عليها، أقام الحوثيون دولة بوليسية قمعية تهدف إلى سحق أي تهديد لسيطرتهم وتوجيه جميع الموارد إلى آلة الحرب الخاصة بهم. 

قامت قواتهم الأمنية بحبس الصحفيين والمواطنين العاديين لانتقادهم الحركة، وقال تقرير قدمته لجنة الخبراء المعنية باليمن إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا العام إن الجماعة استخدمت بانتظام العنف الجنسي ضد النساء الناشطات سياسياً والمهنيات. 

تمول الجماعة نفسها من خلال اقتصاد حرب متطور يتضمن فرض رسوم تعسفية على الشركات وعامة السكان وتحويل الأرباح من قطاعي النفط والاتصالات في المنطقة. وكتبت اللجنة العام الماضي أن الحوثيين حولوا مسار 1.8 مليار دولار على الأقل كانت مخصصة للحكومة اليمنية إلى خزائنهم في عام 2019. 

وكتبت اللجنة هذا العام أن الحوثيين يجندون الأطفال أيضًا للقتال، وقتل أكثر من 2000 في القتال من يناير 2020 إلى مايو 2021. 

الأطفال غير الموجودين في الخطوط الأمامية غارقون في الدعاية الحوثية في المدارس الحكومية، حيث لم يعد بإمكان العديد من العائلات تحمل تكاليف إرسال أطفالهم للمدارس بسبب الاقتصاد المنهار في البلاد. 

وقالت السيدة الدوسري من معهد الشرق الأوسط: "لقد شنوا حربًا على التعليم، وهذا ليس مجرد تلقين عقائدي"، "إنهم يقومون بتلقين الأطفال معتقداتهم الطائفية الخاصة بهم، وجعلوا من الصعب للغاية على الناس إرسال أطفالهم إلى المدرسة".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر