"الحرب معقدة بشكل لايصدق".. مجلة أمريكية تتساءل: هل يعد وقف إطلاق النار في اليمن مكسبا لإيران؟

[ حوثيون في صنعاء يرفعون صورا للجنرال الايراني سليماني الذي قتل بالعراق بغارة أمريكية ]

يبتهج المجتمع الدولي بإعلان 2 أبريل/ نيسان عن وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة لمدة شهرين في اليمن، ويشير بيان صادر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى هذا الموقف، حيث قال: "يجب أن يكون اليوم بداية لمستقبل أفضل للشعب اليمني"، وانه ينوي "دعم التنفيذ الناجح للهدنة"، هذا يحسب له لكنه متفائل بحماس.
 
وأعتبرت مجلة «The Dispach» الأمريكية في تقرير لها، ترجمة "يمن شباب نت"، أن "هذا التفاؤل غير معقول"، مضيفة: "فمن المحتمل أن يمنح وقف إطلاق النار إيران إنجازًا، ومن غير المرجح أن يؤدي ما يمنح رجال الدين في طهران أفضلية، إلى سلام حقيقي".
 
من الواضح أن وزارة الخارجية الإيرانية تنظر إلى هذا على أنه مكسب، حيث أشاد المتحدث باسم الوزارة سعيد خطيب زاده بوقف إطلاق النار و "أعرب عن أمله في أن تكون هذه الخطوة مقدمة لرفع الحصار بشكل كامل والتثبيت الدائم لوقف إطلاق النار من أجل إيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية"، بحسب ما أفادت به تقارير إخبارية مختلفة.
 
إن الأمل في أن تكون إيران صادقة في السعي لتحقيق السلام أمر مفهوم، لأن التكاليف الإنسانية في اليمن كارثية، حيث أسفر الصراع عن مقتل 377 ألف شخص بحلول نهاية عام 2021، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، ويفتقر ما يقرب من نصف البلاد إلى الغذاء الكافي، وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، علاوة على ذلك فإن الوضع الحالي هو كابوس أمني.
 
حاليا اليمن هي بؤرة للجماعات الإرهابية، وفقًا لتقارير وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2020 حول الإرهاب في اليمن، فإن "القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش في اليمن والجماعات الإرهابية المدعومة من إيران مثل حزب الله وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني واصلت استغلال الفراغ السياسي والأمني ​​الناجم عن الصراع المستمر"، وهذا الوضع لم يتحسن.
 


وأشار تقرير المجلة الأمريكية "أن الحرب في اليمن معقدة بشكل لا يصدق، وتشمل جهات فاعلة متعددة من الداخل والخارج، ولها تاريخ طويل، وفي الواقع من الصعب تحديد موعد بدء الحرب الحالية، غالبًا ما يتم تجميعها مع الانتفاضات المختلفة التي حدثت خلال الربيع العربي في عام 2011، وذلك عندما اشتد القتال بالفعل".
 
لكن الصراع مع ما يعرف الآن باسم حركة الحوثيين، حدث لأول مرة في عام 2004 علاوة على ذلك، لم يكن اليمن حتى دولة موحدة حتى عام 1990، بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، في ذلك الوقت تم توحيد جنوب اليمن الشيوعي السابق واليمن الشمالي الأكثر تقليدية من قبل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأعقب ذلك فترة من الحرب الأهلية، وما عقد الأمور أكثر، هو حكم السلالة الزيدية لأجزاء من اليمن لقرون قبل الإطاحة بها في عام 1962.
 
لكن الأمل وحده لا يصنع سياسة جيده، في حين أن النظام الإيراني والحوثيين لم يكونوا متحدين دائما، لكن ايران احياناً تكافح للسيطرة عليهم، فمن الثابت أن الحوثيين وكيل للنظام الإيراني، وبالفعل فإن شعار الحوثيين هو نسخة مطابقة من الشعار الذي استخدمه ملالي إيران في ثورة 1979، وكما صرحت المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية ماري هارف للصحفيين قبل سنوات، "هناك تاريخ موثق جيدًا للدعم (الإيراني) للحوثيين"، هذا الدعم لم يتوقف.
 
ومع ذلك، كانت هناك عادة غريبة من جانب الكثير من وسائل الإعلام الغربية وقطاع من السياسيين الغربيين لتصوير الحرب بأكملها على أنها عدوان تقوده السعودية على الشؤون الداخلية لدولة أخرى - متجاهلة دور إيران - والدعوة إلى نهاية الحرب بشكل أساسي، من خلال إجبار التحالف السعودي الإماراتي اليمني على التنازل، هذا على الرغم من حقيقة أن التمرد الحوثي كان بلا شك، بتحالف مؤقت مع الرئيس السابق صالح، هو الذي أجبر حكومة الرئيس عبد منصور هادي المعترف بها دوليًا على النفي.
 


 شن الرئيس بايدن حملة لإنهاء الدعم الأمريكي لجهود السعودية، وشطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، مما عكس قرار إدارة ترامب في اللحظة الأخيرة، ومع ذلك لم تلتزم إدارة بايدن بهذا الوعد بالكامل، وربما أدركت أن استيلاء الحوثيين على اليمن بالكامل سيكون كارثيًا. بالكاد يتم ذكر دور إيران، في حين يتم تجاهل حقيقة أن الحوثيين أطاحوا بحكومة معترف بها دوليًا. 
 
ومع ذلك، صحيح أن المشاعر السائدة في واشنطن تميل إلى النظر إلى الصراع بأكمله من خلال عدسة التدخل السعودي، والنظر إلى الدعم الغربي على أنه خطأ، حيث أصدر مجلس الشيوخ قرارًا في عام 2019 يؤطر الحرب بأكملها من منظور الدور السعودي ويسعى إلى إنهاء أي دعم أمريكي للتحالف.
 
لا يحتاج المرء إلى عدم انتقاد النظام الملكي السعودي، أو الاعتذار عن الأساليب التي كثيرا ما ينتقدها الجيش السعودي في شن الحرب، ليدرك أن هذا خطأ.
 
في الواقع، لم يأتي وقف إطلاق النار إلا بعد عدة هجمات شنتها قوات الحوثي مؤخرًا ضد السعودية والإمارات، ليس في ساحة المعركة في اليمن، بل في أوطانهم، حيث تعتمد الإمارات العربية المتحدة بشكل كبير على حقيقة كونها "جزيرة استقرار" في منطقة غير مستقرة، وهو تصور كان من المحتمل أن يكون الهدف من هذه الهجمات هو إلحاق الضرر به.
 
والأسوأ من ذلك، هو ان هذه الهجمات جاءت بعد "مكاسب كبيرة" حققتها مؤخرًا "الحكومة في ساحة المعركة اليمنية"، من قبل القوات الإماراتية والسعودية ذات الصلة، بعبارة أخرى "يسعى الإيرانيون الغاضبون من المكاسب الحكومية الأخيرة إلى ترهيب الإمارات لعكس مسارها"، وفقًا لبعض المعلقين، وحتى بعض منتقدي التدخل السعودي في اليمن يتفقون بأن هذه الضربات هي "تصعيد في القتال، وتحذير من الحوثيين بأنهم سيستهدفون الإمارات بشكل مباشر رداً على مكاسب التحالف المناهض للحوثيين".
 
خلفية هذه القضية برمتها هي حملة إدارة بايدن المتهورة على نحو متزايد من أجل صفقة إيران الجديدة التي تفاوضت عليها روسيا، وهي بالتأكيد أضعف من الاتفاقية الفاشلة التي سبقتها، إن إحجام السعودية والإمارات عن إنتاج المزيد من النفط رداً على الحرب في أوكرانيا، وقرار الإمارات المثير للجدل بلقاء بشار الأسد، دكتاتور الإبادة الجماعية في سوريا، فضلاً عن استعدادهما للرضوخ لوقف إطلاق النار هذا، يمكن إلى حد كبير، أن يُنظر إليه على أنه نتاج لعدم الاستقرار الناتج عن الانسحاب الملحوظ للدعم الأمريكي.
 


إن عجز إدارة بايدن بشكل صادم في الرد على تحركات الحوثيين المزعزعة للاستقرار هو أيضًا جزئيًا نتيجة مساعيها لاسترضاء إيران، ولم يتصل بايدن بالأمير محمد بن زايد، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، لمدة ثلاثة أسابيع بعد الهجوم الأول، في الواقع كان الأمير زايد غاضبًا بشكل واضح، ورفض مقابلة الجنرال كينيث إف ماكنزي جونيور، قائد القيادة المركزية للولايات المتحدة آنذاك، لأنه جاء للزيارة فقط بعد أكثر من ثلاثة أسابيع من الهجوم.
 
كما كتب ديفيد أديسنك من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مؤخرًا لصحيفة The Dispatch، "دفع السعي وراء صفقة إدارة بايدن إلى تقديم تنازلات تضر بالمصالح الإماراتية (...) رد الحوثيون بتكثيف حربهم ضد اليمن حكومة اليمن المعترف بها دوليًا ومن بين داعميها الرئيسيين الإمارات".
 
وخلال الرحلة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية أنطوني بلينكين إلى المنطقة، بذل قصارى جهده لإصلاح العلاقة، حيث قام برحلة خاصة إلى المغرب لزيارة الأمير زايد الذي كان في إجازة، في حين أن هذا قد أدى إلى بعض الخطوات البسيطة التي تهدف إلى تهدئة المخاوف الإماراتية، فمن الواضح أن هذه الخطوات تهدف إلى السيطرة على الضرر أكثر من كونها علاقة إيجابية وتعاونية.
 
ليس هناك طريقة سهلة للخروج، اليمنيون شعب فخور قاوم التدخل الأجنبي من دول عديدة لقرون، والتدخل السعودي والإماراتي يُنظر إليه بتشكك، حتى من قبل العديد من اليمنيين الذين لا يقفون إلى جانب الحوثيين، في الوقت نفسه منع التحالف إيران من تعزيز سلطتها.
 
كما يشير بعض المحللين، فإن النصر الكامل للحوثيين في اليمن من شأنه أن "يسمح لطهران بقطع حركة الملاحة البحرية بين خليج عدن والبحر الأحمر وقناة السويس"، وهذا من شأنه أن يزيد من زعزعة استقرار المنطقة ويؤدي إلى مزيد من الصراع.
 
وعند إعلان وقف إطلاق النار، قال بايدن إنه "يجب الالتزام (...) ومن الضروري أن ننهي هذه الحرب"، وإذ بدت هذه اللغة مألوفة، فذلك لأنها تشبه اللغة التي استخدمها بايدن في الفترة التي سبقت الكارثة في أفغانستان، لكن الوضع في اليمن مختلف تمامًا، لكن كلما زاد تفكير الناس في إنهاء الحرب، بدلاً من التعامل مع العدوان الإيراني، من غير المرجح أن يتبع ذلك السلام.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر