كيف يمكن لروسيا توظيف الصراع في اليمن في خدمة حربها على أوكرانيا؟ (تقرير خاص)

[ مع الضغط الدولي القاسي على روسيا في حربها ضد أوكرانيا، ستحاول موسكو استخدام ميليشيات الحوثي لتوسيع الصراع في المنطقة وتهديد الملاحة البحرية ]

على نحو لم تتوقعه حتى الاستخبارات الأمريكية والغربية، استطاعت أوكرانيا مقاومة الجيش الروسي الذي يزحف نحوها من عدة محاور. وبينما كانت التقديرات الأمريكية، وتصريحات الأوكرانيين، تقول إن الأيام الثلاث الأولى من العملية العسكرية الروسية العسكرية (التي انطلقت في 24 من فبراير/ شباط) هي الحاسمة..؛ فإن مدة العملية، أو الصراع في أوكرانيا دخل مرحلة طويلة مع تعثر الجيش الروسي في حسم الحرب بسرعة قياسية.
 
وبينما شجع الصمود الأوكراني الغرب على تقديم دعم قتالي لأوكرانيا بالأسلحة والاستخبارات، بعد أن كانوا شبه مستسلمين لسقوط أوكرانيا بيد الروس بسرعة، فإنهم سارعوا إلى فرض عقوبات هائلة على روسيا تؤدي- وفق ما تخطط وتصرح واشنطن وبريطانيا- إلى إفشال العملية العسكرية الروسية عن تحقيق أهدافها.
 
وبأي حال، فإن الحرب الروسية الأوكرانية، أو الحرب الروسية الغربية، أدت إلى فتح جبهات جديدة بين روسيا وحلفائها- من جهة- على قلتهم، وبين الغرب وحلفائهم من جهة أخرى، بما من شأنه إحداث تأثير مباشر على الصراع في اليمن.
 
ومع أن عضو فريق لجنة خبراء العقوبات الخاصة باليمن في مجلس الأمن، لم يستطع- في نهاية فبراير/ شباط الماضي- التنبؤ بنوع التغير أو التأثير للصراع في أوكرانيا على وحدة مجلس الأمن الثابتة بشأن الصراع في اليمن؛ إلا أن الملف اليمني ظهر ورقة فاعلة في هذا الصراع. وهو ما يحاول هذا التقرير توضيحه من زوايا متعددة، أهمها وأبرزها تأثيرها بشكل خاص على دول الإقليم، على رأسها دول الخليج، لا سيما تلك المرتبطة بملف الحرب اليمنية بشكل مباشر.
 



صفقات سياسية دولية  

قبيل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بثلاثة أيام، وتحديداً في 21 فبراير/ شباط الماضي، بينما كانت إرهاصات الحرب الروسية قد بلغت أوجها؛ كتب الصحفي الروسي "راويل مصطفين" في صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، عن "محاولة إجلاس المتحاربين في اليمن إلى طاولة المفاوضات بوساطة الأمم المتحدة". وفقا لما نقله موقع "روسيا اليوم" (RT) الروسي- الناطق بالعربية.

 
في المقال، تحدث الكاتب الروسي عن الورطة الجديدة التي وقع فيها الحوثيون منذ يناير "بفتح جبهة جديدة ضد أنفسهم، وهذه المرة بمهاجمة الإمارات"، الأمر الذي جعل الحلفاء الغربيون يعرضون "على الفور خدماتهم لحماية الإمارات". وعن الموقف الروسي من التفاوض والصراع في اليمن، استشهد الكاتب ببيان الخارجية الروسية الصادر نهاية يناير/ كانون الثاني، الذي أعربت فيه موسكو عن قلقها "من تصاعد العنف في هذا البلد العربي"، مضيفا: "وفي روسيا يرون أن إطلاق عملية مفاوضات شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة يمكن أن يساعد في حل الوضع".
 
في وقت لاحق على تورطهم في الهجوم على مصافي النفط والمطار في أبو ظبي، قدم الحوثيون في منتصف فبراير/شباط الماضي رسالة إلى روسيا تتضمن موقفهم من الصراع. وكان من اللافت أن حدث ذلك مع بداية تحولهم من الهجوم إلى الدفاع في جبهات محافظة مأرب النفطية إثر التدخل الإماراتي الحاسم في شبوة..
 
حينها، قال القيادي الحوثي المقيم في سلطنة عمان محمد عبد السلام: "سلمنا الأصدقاء الروس عبر سفير موسكو رؤيتنا للحل الإنساني". وأضاف: "أن الرؤية تهدف لتخفيف معاناة الشعب اليمني وتهيئة الأجواء لوقف الحرب والدخول في عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن الحوثيين سبق أن سلموا نسخة من الوثيقة نفسها للمبعوث الأممي لدى اليمن هانس غروندبرغ، دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل.
 
ليست هذه المرة الأولى التي يعول فيها الحوثيون على خدمات الروس، حليفة حليفتهم إيران؛ فقد سبق وأن قدموا في يناير/كانون الثاني 2018، مقترحا لموسكو أيضاً، تضمن رؤيتهم لحل النزاع.
 
وطوال الفترة الماضية من الحرب اليمنية، تمسكت روسيا بموقف محايد- إلى حد ما- من الملف اليمني في مجلس الأمن. فمع أنها كانت غالبا ما تحرص على أن تظهر مرونة في التعاطي مع الإجماع الدولي في المجلس، في إطار سياسة التوافق الدولي لتوحيد عمل مجلس الأمن الدولي؛ إلا أنها لم تخفي تعاطفها مع الحوثيين والوقوف إلى جانبهم أحيانا. وكان أحدث تلك المواقف مع نهاية العام الماضي (2021)، حين دعا مندوب روسيا بمجلس الأمن إلى ضرورة تجاوز القرار الدولي 2216 الذي يشرعن للتدخل العربي في اليمن. وهو موقف يتماشى مع مطالب الحوثيين.
 
 وفي الخامس والعشرين من فبراير/ شباط الماضي، أي في اليوم التالي على بدء روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا، امتنعت الإمارات (الممثل للمجموعة العربية في مجلس الأمن) عن دعم وتأييد مشروع أمريكي يأسف ويدين الهجوم الروسي على أوكرانيا. وظهر لاحقا أن هذا الموقف جاء في مقابل صفقة سياسية عقدتها الإمارات مع روسيا، وبموجبها وافقت موسكو على تسمية مليشيا الحوثي الإيرانية في اليمن باعتبارها "جماعة إرهابية" في إطار القرار الدولي رقم 2624 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في الـ 28 من نوفمبر.
 
وعلى أية حال، فإن التوافق الروسي الإماراتي هذا، في مجلس الأمن، بشأن الصراعين في أوكرانيا واليمن، انتهى إلى خلاف في جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 2 مارس/آذار، حيث صوتت الإمارات والسعودية، ومعهما اليمن، على قرار يدين، بشدة، الغزو الروسي لأوكرانيا ويدعو روسيا لوقف حربها تلك فورا.
 
ورغم عدم فاعلية أو تأثير قرارات الجمعية العامة وتصويت الدول العربية ضد روسيا، إلا أنه يمكن النظر إليه كمؤشر على سرعة التحولات في المواقف الدولية. في الوقت الذي سيترتب عن ذلك إحداث تغييرا في الموقف الروسي بمجلس الأمن إزاء الملف اليمني، من الآن فصاعدا. حيث لن توفر موسكو جهدا في دعمها للحوثيين بدون حرج. خصوصا وأن موقف هذه الجماعة ظل مطابقا لموقف طهران من الحرب الروسية في أوكرانيا.
 
وتهتم وسائل الإعلام الحوثية- كرديفتها الإيرانية- بتغطية الصراع في أوكرانيا بطريقة مكثفة تتبنى الرواية الروسية. حتى وإن بدى ذلك طبيعيا بحكم علاقة التقارب المتين بين موسكو وطهران، وتبعية الحوثي للأخيرة؛ إلا أن تماييز هذه المواقف بوضوح يفرض على الروس ثمنا يتوجب عليهم دفعه، خصوصا في ظل استمرار المحاولات المحمومة في عزل روسيا دوليا.


 

الطاقة كسبب لتوسيع الصراع

ما سبق الإشارة إليه، ليس سوى جزء من المخاوف التي ستزيد من تعقيد الملف اليمني دوليا. ولإيضاح الصورة أكثر، سيكون من المهم الوقوف على التداعيات الدولية عموما، والإقليمية بشكل خاص، التي ستجرها الحرب الروسية الأوكرانية على المنطقة العربية تحديدا، وصولا إلى اليمن.
 
في هذه الجزئية، سنتناول تأثيرات الصراع في أوكرانيا على مصادر الطاقة وبدائلها، في ظل تكثيف العقوبات الدولية على روسيا، وما قد ينجم عن ذلك من تداعيات محتملة على المنطقة العربية..
 
حتى مطلع مارس/ آذار الجاري، أدى التصعيد الكبير للمعارك في أوكرانيا، وتعثر القوات الروسية في حسم الموقف، إلى فرض عقوبات قياسية هائلة من الغرب ضد روسيا؛ ابتدأت بإخراجها من شبكة التحويلات المالية العالمية (الـ: سويفت -SWIFT)، ووصلت إلى فرض عقوبات عليها حتى في الرياضة ورعاية القطط والمؤلفات الروسية..
 
بالنسبة لموسكو؛ الجيد حتى الآن أن تلك العقوبات استثنت قطاع الطاقة الروسي الذي يمد أوروبا، وخاصة ألمانيا وإيطاليا، بـ 40%، وأمريكا بـ 10%، من احتياجات الطاقة. ولحسن حظ روسيا، فإن معظم الصادرات التي تعتمد عليها هي صادرات النفط والغاز. حيث تنتج روسيا حاليًا ما يزيد قليلاً عن 10 مليون برميل في اليوم من النفط الخام، وتصدر منها أكثر من 5 مليون برميل يوميا، أي ما يقرب من 12٪ من العرض العالمي. ويتم تصدير أكثر من النصف إلى أوروبا و 20٪ إلى الصين، وفقًا لتقديرات وكالة الطاقة الدولية.
 
لذلك؛ بالنسبة للروس، فإن فرض عقوبات على قطاع الطاقة سيكون أشبه بإلقاء قنبلة نووية اقتصادية عليهم من قبل الغرب، ما سيؤدي حتما إلى ردة فعل مماثلة، في إطار تصعيد الصراع الاقتصادي، الذي سيتجاوز أوروبا ليطال الشرق الأوسط، وتحديدا الجزيرة العربية التي تضم دول الخليج النفطية واليمن.
 
وهذا يفرض تساؤلا جوهريا عن ردة الفعل الروسية من هذه الحرب الاقتصادية، لا سيما ما يتعلق منها بدول الخليج؟
 
في خضم الإرهاصات السابقة للغزو الروسي لأوكرانيا، نشرت قناة "روسيا اليوم" على موقعها الإلكتروني، في 11 فبراير، تحليلا موجها للمحلل السياسي الروسي ألكسندر نازاروف، تحت عنوان: "هل تكون بلدان الخليج العربية "كبش فدا" لحرب أمريكية ضد روسيا والصين؟"، يضع فيه دول الخليج في قلب هذا الصراع الدولي كدول محورية مؤثرة، لسببين؛الأول: كونها تشكل بديلا للطاقة الروسية لأوروبا، ما يجعلها تحت الضغوط الأمريكية بهدف إشراكها في الصراع لتعويض النقص المتوقع في النفط والغاز الروسي؛
 
والثاني: كونها تحتضن قواعد عسكرية أمريكية في أراضيها، ما يجعلها عرضة للاستخدام ضد روسيا إذا ما توسعت المعركة نحو حرب دولية؛ سيكون قطبيها الرئيسيين روسيا والصين من جهة، والغرب بقيادة أمريكا من جهة أخرى.
 
ويخلص الكاتب، في تحليله، إلى تحذير دول الخليج من الانصياع لضغوطات واشنطن والانخراط في هذا الصراع الاقتصادي والعسكري ضد موسكو، لأنها ومنشآتها النفطية والغازية بالكامل ستكون هدفا مشروعا لروسيا.
 

دول الخليج في عمق الصراع
 
بعد مقدمة تطرق فيها إلى الاستعدادات العسكرية الروسية، يلفت الكاتب الروسي الى أنه بالنسبة لأوروبا "فإن العقبة الرئيسية هي اعتمادها على روسيا في توفير النفط والغاز، وتحاول واشنطن حالياً إجبار الدول العربية في الخليج، وخاصة قطر، على إعادة توجيه إمداداتها من الصين وآسيا إلى أوروبا". وفي حين لفت إلى أنها لم تحقق حتى الآن أي جدوى، أستدرك بالقول: "ولكن، وفي حال نشوب صراع عسكري، ستوجّه واشنطن إنذاراً نهائياً إلى العواصم العربية، التي لن تتمكن حينها على الأرجح من رفضه".
 
ويوضح الكاتب شكل الصراع الدولي بعد توسعه على أساس الصراع على الطاقة، قائلا إن "المحاولات الأمريكية المستمرة لاستبدال النفط والغاز الروسيين في السوق الأوروبية تعني نقصاً هائلاً في موارد الطاقة في العالم، ووقف الإمدادات إلى الصين. أي أن المشاركة في الحرب الروسية الأمريكية بشكل آلي وفوري، ستجعل من دول الخليج أعداءً للصين، التي من المرجح أن يدفعها هذا السيناريو إلى تسريع انخراطها في الحرب على موارد الخليج إذا تحولت صادراتها إلى الغرب على حساب الصين".
 
 ويصل التقرير إلى تحذير وتهديد دول الخليج: "بالنسبة لروسيا، يعد القضاء على مصادر الطاقة البديلة (أي دول الخليج)، ثاني أهم هدف في هذا الصراع، بعد حياد أوروبا". كما يضيف محذرا أيضا: "واستخدام القواعد الأمريكية بدول الخليج في خضم صراع محتمل مع روسيا، يجعل هذه الدول أهدافاً مشروعة للرد العسكري الروسي. كما أنها توفر ذريعة مشروعة لتدمير منشآتها النفطية والغازية بشكل كامل". وفي سياق، سبق وأن نوه الكاتب إلى أن القوات الروسية في سوريا ستكون قادرة على قصف أي قواعد أمريكية خارج أوروبا- في إشارة واضحة لتلك القواعد المتواجدة في الخليج وتركيا.
 
وبعد جرعة التهديدات المباشرة، يقدم الكاتب رؤيته للمخرج الوحيد لدول الخليج لتجنب الغضب الروسي: "الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمنع روسيا من القيام بذلك هو أن تظل دول الخليج مورداً رئيسياً للنفط والغاز للصين الصديقة لروسيا"، غير أن هذا الخيار- وفقا للكاتب- قد لا يكون آمنا من الجهة الأخرى، كونه سيعني أن دول الخليج ترفض محاولات واشنطن لاستبدال الإمدادات الروسية في أوروبا "وهذا يعني صراعاً حاداً بين هذه الدول وواشنطن، وربما انقلاباً أو احتلالاً".
 
ومع ذلك فليس أمام دول الخليج إلا أن تختار: "بطريقة أو بأخرى، لا يمكن للدول العربية في الخليج إلا أن تختار، وسيتعيّن عليها اتخاذ هذا الخيار في وقت مبكّر عن دول العالم الأخرى. بل وسيكون هذا الاختيار صعباً للغاية". كما يقول الكاتب الذي يؤكد اعتقاده "أن مصير الصراع الروسي الأمريكي والنظام العالمي الجديد سيتقرر في إقليم الشرق الأوسط ومنطقة الخليج".


 

اليمن في معادلة الصراع الدولي

وعلى هذا الأساس، لن يكون اليمن- بموقعه الجغرافي الاستراتيجي- إلا جزءا رئيسيا من هذا الصراع، وسيشكل ملف الحرب الداخلية- وفقا لأطرافها وتحالفاتها الموزعة دوليا- أحد أدواته المؤثرة.
 
ونشر موقع "روسيا اليوم" بتاريخ 23 فبراير، ملخصا لمقال كتبه الروسي أندريه باكلانوف، خبير نادي "فالداي"، في صحيفة "إزفيستيا"، تحت عنوان "روسيا على الجبهة الجنوبية"، ركز فيه على: كيف يمكن أن يساهم حل الأزمة في اليمن في تطوير علاقات روسيا مع منطقة الشرق الأوسط؟

واعتبر الكاتب أنه "في ظل ظروف التوتر الدائم في علاقات موسكو مع الدول الغربية، تزداد أهمية علاقات روسيا التجارية والاقتصادية مع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، مستدركا: "ولكن إمكانية توسيع هذه العلاقات اليوم تعتمد إلى حد كبير على مدى استقرار الوضع في هذه المنطقة".
 
وعند هذه النقطة يؤكد الكاتب على أن حلحلة الصراع في اليمن هو الأمر الحاسم لتطوير تلك العلاقات: "حتى الآن، الأزمة الأكثر حدة التي تزعزع استقرار الوضع في تلك المنطقة هي المواجهة المسلحة بين اليمنيين"، وقد نوه- في السياق- إلى أن تلك المواجهات دخلت مرحلة أكثر حدة منذ بدء السنة الحالية.
 
ويضيف الكاتب أن الضربات الحوثية التي طالت أهدافا اقتصادية في السعودية والإمارات، دفعت بالولايات المتحدة إلى استغلالها والتفكير مجددا بإنشاء منظومة دفاع غربية جوية وصاروخية متكاملة للدفاع عن الإمارات. وهو ما تراه موسكو تطورا خطيرا يهدد مصالحها في المنطقة، وتعتبره عملية موجهة ضدها في الاتجاه الجنوبي على غرار توسع حلف الناتو في شرق أوروبا.
 
وعليه، يختتم الكاتب مقالته بالتأكيد على أن "من مصلحة روسيا أن يتجاوز اليمن أزمته"، قبل ذلك. وهو إيعاز واضح إلى أن الملف اليمني يجب أن يشكل محورا رئيسيا لروسيا خلال الفترة القادمة، في معادلة الصراع الروسي الغربي في أوكرانيا.
 
وهو ما ركزت عليه الصحافة الروسية. فمع دخول العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا أسبوعها الثالث، عادت الصحافة الروسية للملف اليمني، والبحث في إمكانية توظيفه في صراعهم مع الغرب في أوكرانيا.
 



الحوثيون ذراع روسيا الجديدة

 وفي هذا الصدد، عاد الباحث الروسي ألكسندر نازاروف، وكتب مقالا نشره موقع روسيا اليوم بالعربي في 4 مارس الجاري، بعنوان "العلماء الحوثيون على وشك تحقيق اختراق في تكنولوجيا الصواريخ"، عززّ فيه وجهة نظره السابقة (التي تطرقنا إليها أعلاه في سياق تحليله السابق)، فيما يتعلق بمحورية شبه الجزيرة العربية في الصراع الروسي الغربي والصراع الأمريكي الصيني، في الوقت الذي أضاف إليه خلاصات جديدة صارمة..
 
 أستهل الباحث الروسي مقاله بالقول: "قلتها ألف مرة من قبل إن شبه الجزيرة العربية ستصبح ساحة للمعركة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، في اللحظة التي تقرر فيها واشنطن حصار غريمتها".
 
وذهب الكاتب إلى أن وضع دول الجزيرة العربية بعد الصراع في أوكرانيا صار أسوأ بانتظار فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي من قبل الغرب، الذي يدرس قادة أوروبا والولايات المتحدة إمكانية تنفيذه.
 
ويرى الكاتب أن فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي، مع إجبار "عرب الخليج على تحويل صادراتهم من آسيا إلى أوروبا"، أي كمصدر طاقة بديل، فإن ذلك سيؤدي إلى إدخال الصين إلى ما وصفها بـ"الحرب العالمية الثالثة"، من أجل الوصول إلى النفط والغاز في الخليج؛ وأيضا إلى "إمكانية تدمير روسيا لمصادر الطاقة البديلة لها، إذا ما كانت الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة لها". ويقصد بـ"مصادر الطاقة البديلة" دول الخليج.  
 
وعليه ينصح الكاتب دول الخليج، من أنه لا يتعيّن عليها "أن تستسلم لوهم أن روسيا يمكن أن تعتبر المشاركة في الحرب الاقتصادية ضدها أي شيء سوى أنها مشاركة في الحرب الحقيقية"..
 
ولا يقف الكاتب عند هذا الحد، بل ينتقل فجأة، في نهاية مقاله، إلى الحديث عن تعزيز قوة الحوثيين في اليمن كأداة لتهديد دول الخليج، قائلا "أظن أن الاختراق الهائل والمفاجئ للحوثيين في تطوير تكنولوجيا الصواريخ قد لا يكون المفاجأة الأخيرة". في إشارة تهديد واضحة لإمكانية توظيف موسكو لميليشيات الحوثي في تدمير قطاعات الطاقة الخليجية، من خلال منحهم مثل تلك التكنولوجية الصاروخية.
 
ويربط الكاتب هذا الخيار بالحرب الأوكرانية: "فكما يظهر الوضع في أوكرانيا، عندما يتعلق الأمر بالبقاء على قيد الحياة، فإن روسيا لا تتمسك كثيراً بالإجراءات الرسمية والبروتوكول الدبلوماسي".
 
ولم يستغرق الوقت طويلا، حتى بادر الحوثيون إلى تعزيز تلك التهديدات الروسية على أرض الواقع. حيث كشف مسؤولون أمريكيون لوكالة اسوشيتد برس يوم الاثنين الماضي (7 مارس)، عن هجوم بصاروخ باليستي استهدف سفينة في البحر الأحمر نفذه المتمردون الحوثيون يوم السبت الماضي، لكنه لم يصبها.
 
ونقلت الوكالة عن الأسطول الخامس للبحرية في الشرق الأوسط، قوله إنه "على الرغم من أن حركة النقل البحري لم تتأثر في هذه الحالة، إلا أن هذه الإجراءات تزعزع الاستقرار وتشكل خطراً على جميع السفن التي تمر عبر ممر مائي دولي بالغ الأهمية".
 

للمزيد.. أقرأ:

[مسؤول أمريكي يكشف: الحوثيون أطلقوا صاروخاً على البحر الأحمر السبت الماضي]

 
وفي سياق مشابه، توالت الأنباء عن قيام موسكو بتجنيد محاربين سوريين للقتال لصالحها في المدن الأوكرانية. كما قالت مصادر عراقية إن جهات عدة في محافظة البصرة، جنوبي العراق، تعمل على تجنيد مرتزقة شيعة من فصائل الحشد الشيعي للقتال في أوكرانيا لصالح روسيا.
 
ويؤشر ذلك، إلى أن روسيا تمضي في طريقها قدما لاستخدام كل الأوراق المتاحة، بما في ذلك الميليشيات المسلحة التابعة لحليفتها إيران، بهدف توسيع جغرافية حربها الدولية ضد الغرب على خلفية ما تتعرض له من تنمر غربي في أوكرانيا.
 
وبالتالي هو متوقع من الحوثي أن ينخرط في هذا الصراع الدولي لمصلحة روسيا، في مقابل ما سيتحقق له من وراء ذلك من مصالح سياسية وربما عسكرية مستقبلية، من جهة موسكو، التي بدورها لن تلزم نفسها بأي بروتوكولات دولية "عندما يتعلق الأمر بالبقاء على قيد الحياة". كما أكد الباحث الروسي الكسندر نازاروف.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر