"للقضاء على مظاهر الحياة".. كيف يحارب الحوثيون الثقافة والرياضة في مناطق سيطرتهم؟ (تقرير خاص)

[ حوثيون في صنعاء يحملون شعار ايراني ]

لم تكتف الميليشيات الحوثية، بالتضيق على اليمنيين من خلال افتعال الأزمات، وحرمانهم من الخدمات الأساسية، فحسب إذ وصلت إلى استهداف الثقافة والرياضة، وشرعت بالاستحواذ على المنشآت الرياضية والثقافية، وتحويلها إلى مشاريع استثمارية خاصة.
 
في واقعة وصفها البعض بأنها خلاصة عهد الميليشيات الأسود في تأريخ البلاد، حول الحوثيون، بيت الثقافة في العاصمة صنعاء إلى معرض لبيع الملابس النسائية بعد أن كان معرضا للفن التشكيلي والكتب، والفعاليات الثقافية، والفنية منذ افتتاحه في عام ٢٠٠٠.
 
وجاء هذا الحادث بالتزامن مع تتويج منتخبنا الوطني للناشئين بكأس بطولة غرب آسيا، وهو الحدث الذي صنع فرحة نادرة في أوساط اليمنيين عبروا عنها بشكل لافت في معظم المحافظات اليمنية، في الوقت الذي حاول الحوثيون استغلال الحدث سياسياً على خلاف جميع المواطنين، مما أثار سخرية واسعة ضدهم عقب تصريح قيادي حوثي محمد المؤيد - المعين وزير للشباب والرياضة بحكومة الحوثيين الغير معترف بها - بالقول "ان زعيم الحوثيين مهتم بالرياضة".
 
 
وخلال السنوات الماضية استولت ميليشيا الحوثي الإرهابية على العديد من المرافق، وقامت بتحويلها إلى منشآت استثمارية، ولم تبدي أي اهتمام للرياضة، والثقافة بقدر اهتمامها بالجوانب الأخرى خصوصاً العسكرية وتكريس الطائفية من خلال تغيير المناهج الدراسية، وإقامة الفعاليات والأنشطة في المدارس والجامعات من اجل اما استقطاب مقاتلين أو غسل أدمغة الأطفال بالطائفية.
 


الحرب على المنشآت الرياضية

في محافظة إب (وسط اليمن) حولت ميليشيا الحوثي إحدى ملاعب كرة القدم إلى مقبرة لدفن القتلى إذ وجّه مدير مديرية القفر القيادي المُكنّى أبو الحسن في مطلع ديسمبر من العام ٢٠٢٠، بتحويل ملعب نادي شباب القفر، إلى مقبرة لدفن القتلى، وعقب صدور التوجيهات باشرت الميليشيات بدفن عشرات الجثث في ذات الملعب الرياضي الخاص بنادي المديرية.
 
ويأتي ذلك في الوقت الذي تعيش فيه الرياضة والرياضيين في المحافظة القابعة تحت سيطرة الحوثيين، ومؤخراً شرعت الميليشيات بتحويل الملاعب والصالات الرياضية الى سجون بالإضافة إلى الاعتداءات المستمرة على الرياضيين واختطاف اللاعبين والصحافيين العاملين في المجال الرياضي.
 
وفي العاصمة صنعاء تصاعدت خلال السنوات الماضية حدة الانتهاكات، والسطو على مقرات، ومرافق الأندية الرياضية من قبل قيادات حوثية، وتحويلها إلى محلات تجارية ومنشآت للاستثمار.
 
ففي اوائل سبتمبر من العام الجاري استولت ميليشيا الحوثي على مبنى مركز الطب الرياضي في مدينة الثورة الرياضية في العاصمة صنعاء، وقامت بتحويله إلى سكن خاص، ووفقاً لمصادر مطلعة "فإن القيادي الحوثي المدعو محمد حسين المؤيد، وجّه في سبتمبر، بإخراج كافة المعدات والأجهزة الطبية من مبنى الطب الرياضي ونقلها إلى جهة أخرى"
 
ومثل سيطرة الحوثيين على مبنى مركز الطب الرياضي ضربة كبيرة للرياضة والرياضيين في البلاد، خصوصاً وأنه كان في السابق يقدم خدمات علاجية للمصابين من مختلف ملاعب كرة القدم اليمنية كما أنه يساهم في علاج المصابين بالجلطات والحوادث المرورية.
 
وفي مطلع أغسطس من العام ٢٠١٨، أغلقت ميليشيا الحوثي مقر نادي شعب صنعاء، بتوجيهات من وزير الشباب والرياضة في حكومة الانقلاب الغير معترف بها، إثر رفض إدارة النادي تسليمه للميليشيات الحوثية.
 
وسبق أن استولت ميليشيا الحوثي على نوادي رياضية وعسكرية في صنعاء، من بينها نادي ضباط الشرطة، ونادي ضباط القوات المسلحة وتحويلها إلى منشآت للاستثمار ضمن ملكية خاصة لقياداتهم.
 


القضاء على مظاهر الحياة

ويرى الصحافي الرياضي عبد الله السامعي بأن: "تحويل مليشيا الحوثي للمنشآت الرياضية بما فيها مقرات الأندية والملاعب إلى منشآت للاستثمار يأتي ضمن ممارساتها في القضاء على مظاهر الحياة وتكريسها كل شيء لخدمة مشاريع الموت التي تدعو لها".
 
وأضاف في حديث لـ "يمن شباب نت" بأن: "أمانة العاصمة ومدينة إب أكثر مدينتين تعرضتا للانتهاكات والتعنيف الحوثية بذريعة في مجال الرياضة والرياضيين لافتاً إلى أن الانتهاكات شملت كل المحافظات، حيث لا يزال أيضاً مقر ومنشآت نادي التلال في عدن مدمرة إلى اليوم منذ اجتياح المليشيا لمدينة عدن في عام ٢٠١٥".
 
يلفت السامعي إلى أن: "ميليشيا الحوثي لم تتفرغ للسيطرة على المنشآت الرياضية بشكل كامل بسبب انشغالها في التحشيد للقتال، وفي حال تفرغت أو انتصرت في الحرب حينها لن يكون هناك شيء اسمه أنشطة رياضية، أو حتى أندية رياضية وثقافية".
 
 
خطف وترويع

في انتهاك للرياضة والرياضيين كانت ميليشيا الحوثي الإرهابية اختطفت في أواخر نوفمبر الماضي الصحفي الرياضي في اتحاد إب ماجد ياسين، أثناء عودته إلى منزله في مدينة إب، وما يزال رهن الاختطاف حتى اللحظة.
 
وسبق أن تلقى ياسين عدداً من التهديدات، والمضايقات على خليفة تدوينات له على موقع "فيسبوك "دعا فيها إلى الحد من الفساد، لافتاً إلى قضايا الفساد الذي عم مختلف القطاعات الحيوية في المحافظة القابعة تحت سيطرة الحوثيين منذ خريف 2014.
 
وقالت الحقوقية اليمنية إشراق المقطري بأن: "الرياضي اليمني حريته منقوصة، وحياته في خطر"، وأضافت - في تغريدة على موقع تويتر- "بأن اللاعب عدنان علي ناصر لاعب شعب حضرموت ومدرب فريق الاجيال في هجدة تعز تعرض للاختطاف في نهاية ٢٠١٦ لافتة إلى تعرض للتعذيب القاسي في سجن الأمن السياسي في مدينة إب لمدة ٩ أشهر، ثم نقل إلى أمن سياسي صنعاء، وأفرج عنه قبل نصف شهر".
 


‏وبمناسبة فوز المنتخب الوطني للناشئين في بطولة غرب آسيا تطرقت المقطري إلى الانتهاكات والاختطافات التي تعرض لها رياضيين في مناطق سيطرة الحوثيين خلال السنوات الماضية.
 
وقالت المقطري بأن: "فؤاد العماري لاعب المنتخب اليمني وأهلي صنعاء يقبع في سجن الأمن السياسي التابع للحوثيين حتى اللحظة لافتة إلى أنه تعرض للإخفاء القسري في بداية اختطافه مشيرةً إلى تدهور حالته النفسية إثر تعرضه لانتهاكات ومعاملة قاسية".
 
كابتن منتخب الناشئين لعام٢٠٠٢م إبراهيم النعيمي هو الآخر تعرض للاختطاف تعسفيا من داخل منزله في البيضاء من قبل ميليشيا الحوثي، وبحسب إشراق المقطري فإن النعيمي يقبع في سجن الأمن السياسي في صنعاء منذ نهاية عام ٢٠١٦، بتهمة وضع احداثيات صالة العزاء وبدون محاكمة أو حتى عرض على النيابة حتى اللحظة".
 
ولم تكتفي ميليشيا الحوثي باختطاف اللاعبين والرياضيين فحسب إذ أقدمت على قصف واستهداف مقرات رياضية وتسببت بوفاة رياضيين بالإضافة إلى الزج بهم في جبهات القتال.
 
ففي منتصف ديسمبر من العام ٢٠٢٠ قصفت مليشيات الحوثي بالمدفعية مقر النادي الأهلي، أثناء التدريبات الصباحية التي اعتاد اللاعبون القيام بها ما أسفر عن مقتل الكابتن الريمي ونجله الطفل عمران، وجرح طفلين آخرين.
 
وفي مطلع ديسمبر الجاري قُتل بطل الجمباز الطفل الناشئ "عبد الرحمن فؤاد قاسم التوهمي" بعد أن استدرجته مليشيات الحوثي وزجت به إلى خطوط النار في محافظة مأرب شمال شرقي اليمن.
 

الحرب كأولوية للميلشيات

يقول السامعي بأن: "ميليشيا الحوثي لا تولي اي اهتمام بالرياضة في مناطق سيطرتها لافتاً إلى أن استهداف الرياضيين والمقرات الرياضية بالإضافة إلى الاستحواذ والسيطرة عليها، وتحويلها إلى منشآت للاستثمار".
 
"عندما كان الحوثي حسن زيد الذي يشغل منصب وزير الشباب والرياضة بحكومة الانقلاب أتى إليه اثنين من الرياضيين الذين حققوا إنجازات دولية وطالبوا بمكافآت قانونية رد عليهم إن ما قاموا به لا يمثل إنجازا ولا يستحق المكافأة وإن من يستحقون المكافأة هم المقاتلون في الجبهات فقط"، بحسب الصحفي السامعي.
 
وقال: "ميليشيا الحوثي تنظر إلى أن جميع مظاهر الحياة على أنها ممارسات عبثية، وترى أن الأولوية هي للحرب فقط".
 
وخلال السنوات الماضية منعت ميلشيات الحوثي على منع أي فعاليات خارج أهدافها، ونالت الثقافة عملية قمع شديدة، حيث لا أحد يتذكر فعاليات ثقافية تقام الا نادراً وبخوف شديد من المداهمة الحوثية، حيث سبق أن منعت إقامة أي فعاليات ثقافية، الى ذلك يعيش المثقفون والفنانون تحت وطأة القمع الحوثي، ويعانون من بؤس المعيشية بعد قطع رواتبهم وعدم مقدرتهم العمل في المجال الثقافي.
 
 
وخطفت الميلشيات خلال السنوات الماضية عدد من الفنانين والمثقفين، وفرضت مؤخراً إجراءات صارمة على الفنانين في الاعراس، في حين منعت كليا الأغاني في عدد من المناطق النائية وخاصة بمحافظة حجة (شمال اليمن)، وسبق أن اقتحمت صالات اعراس ومنع الفنانين من الغناء والتي تعد المكان الوحيد الذي بإمكان المواطنين التجمع فيه لسماع الأغاني اليمنية من الفنانين.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر