بريطانيا ومساعي تغيير القرار 2216.. خفايا التصريح ودلالات التوقيت (تقرير خاص)

[ المبعوث الأممي يقدم أول إحاطة لمجلس الأمن/ مكتب المبعوث ]

أجمع محللون وباحثون يمنيون وعرب، على أن التصريحات التي أدلى بها مؤخراً السفير البريطاني الجديد لدى اليمن، ريتشارد أوبنهايم، عن الحاجة إلى قرار أممي جديد لدعم التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن، تمثل ضوءًا أخضرًا للحوثيين لمواصلة إرهابهم بحق الشعب اليمني.
 
واستنكرالمحللين تلك التصريحات خاصة وأنها صادرة عن سفير دولة حاملةً القلم في الملف اليمني بمجلس الأمن الدولي، التي فشل مواطنها مارتن غريفيث في إيجاد حلول لإنهاء الأزمة اليمنية طوال أكثر من ثلاثة أعوام ونصف من مهمته كمبعوث خاص للأمم المتحدة إلى البلد الذي يشهد حرباً من أكثر من سبع سنوات.
 
وكان السفير ريتشارد أوبنهايم، قال في حوار نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية: "إن فجوة حدثت بين مضمون القرار 2216 الذي أصدره مجلس الأمن في عام 2015، والوضع على الأرض الذي يتغير يومياً"، لافتاً إلى أن ذلك سينعكس على أي تسوية سياسية مقبلة.
  
ورجّح الدبلوماسي البريطاني أن يقدم المبعوث الأممي الجديد لليمن، هانس غروندبرغ، خطة سلام شاملة بكل سرعة وجدية، مضيفاً: "أعتقد عند أي تسوية سياسية بين الأطراف نحتاج قراراً جديداً".
 
وفي أبريل 2015، صدر قرار مجلس الأمن رقم 2216 حول اليمن في 25 مادة، وبتأييد 14 عضواً بمجلس الأمن، وامتناع روسيا عن التصويت.
 
يشير القرار الالتزام بوحدة اليمن وشرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور، وضرورة العودة لتنفيذ مبادرة مجلس التعاون الخليجي، وصياغة دستور جديد، وتنظيم الانتخابات في اليمن.
  
ويطالب القرار الحوثيين بـ"سحب قواتهم من جميع المناطق التي استولوا عليها، ومن ضمن ذلك العاصمة صنعاء، والتخلي عن جميع الأسلحة التي استولوا عليها من المؤسسات العسكرية والأمنية، والتوقف عن جميع الأعمال التي تندرج ضمن نطاق سلطة الحكومة الشرعية".
 
كما يطالب القرار بضرورة "الامتناع عن الإتيان بأي استفزازات أو تهديدات للدول المجاورة، والإفراج عن وزير الدفاع محمود الصبيحي، وعن جميع السجناء السياسيين، وجميع الأشخاص رهن الإقامة الجبرية".


 
مسقط  محور التحركات

حديث السفير البريطاني جاء في ذروة التحركات الدولية التي تسعى لإنهاء الحرب في اليمن بأي كلفة حتى وإن كانت على حساب اليمنيين، وسط عجزٍ دولي عن تنفيذ قرارات مجلس الأمن التي تؤسس لإنهاء انقلاب مليشيا الحوثي مشعلة الشرارة الأولى للحرب.
 
فخلال أسبوعين طار المبعوثين الأممي والأمريكي إلى مسقط لبحث الملف اليمني مع مسؤولين عُمانيين و قيادات حوثية تقيم بشكل دائم في مسقط.
 
تخلل ذلك زيارة قام بها مسؤول بريطاني رفيع  إلى مسقط بحث خلالها مع مسؤولين عمانيين مستجدات الأوضاع في اليمن.
 
وذكرت وزارة الخارجية البريطانية على حسابها في "تويتر" أن وزير شؤون الشرق الأوسط جيمس كليفرلي التقى في مسقط عدداً من المسؤولين في المكتب السلطاني، إضافة إلى وزير الخارجية العماني بدر بن حمد البوسعيدي.
 
ونقلت الخارجية البريطانية عن كليفرلي قوله إنه "بحث اليوم مع المكتب السلطاني في عُمان دعم المملكة المتحدة لعملية السلام في اليمن، وضرورة عودة إيران إلى الالتزام بشأن برنامجها النووي".

من جهتها أفادت وكالة الأنباء العمانية أن المباحثات مع وزير الدولة البريطاني تطرقت إلى مساعي وقف الحرب في اليمن، ودعم النواحي الإنسانية والوضع في أفغانستان والملف النووي الإيراني، وأكدت حرص البلدين لمؤازرة ودعم كافة الجهود الرامية إلى تعميق وتمتين دعائم الأمن والاستقرار والسلام.


 
يُشعل حرباً ويخل بالتزامات المجتمع الدولي

وفي تعليقه على تصريح السفير البريطاني قال علي الصراري عضو المكتب السياسي للاشتراكي والمستشار السياسي والإعلامي لرئيس الوزراء، في مداخلة على قناة "يمن شباب"، أن ذلك التصريح "أسوأ تصريح يصدر من سفير دولة كاملة العضوية في مجلس الأمن".
 
وأضاف: "هذا التصريح غير ملائم ويخل بالتزامات المجتمع الدولي ويخل أيضاً بالتزامات بريطانيا التي كانت دائماً موقفها إيجابياً إلى حدٍ كبير".
 
وأكد أن أي تغيير للقرار لن يؤدي إلاّ إلى زيادة تعنت الحوثيين وأطماعهم، مؤكداً أن القرار الأممي 2216 لايزال هو المدخل للحل الحقيقي في اليمن، وكان يجدر بالسفير احترام هذا القرار الذي وافقت عليه بلاده.
 
ولفت الصراري إلى أن الحوثيين لن يقبلوا بأي قرار لم ينص صراحة على أنهم الدولة اليمنية وأصحاب اليد الطولى في اليمن، مشيراً إلى أنهم لا يعترفوا بشراكة الآخرين ولا بالمجتمع الدولي وقد سبق وأن صرحوا أن "قرارات المجتمع الدولي تحت أقدامهم".
 
وأوضح مستشار رئيس الحكومة أن تغيير القرار 2216 مسألة خطيرة وسيفتح أبواب جحيم أكبر مماهو حاصل الآن، و سيشعل حرباً جديدة، لأن ذلك لو تم سيدفع الحوثيين للاعتقاد أن المجتمع الدولي بدأ يرضخ لمطالبهم وبالتالي سيكون عليهم تصعيد الحرب حتى تأتي اللحظة التي يعترف فيها المجتمع الدولي بهم.
 
وأكد الصراري رفض الشرعية لأي مساعٍ لتغيير القرار 2216، والعمل على السير في خيار استعادة الدولة، مشيراً إلى ثبات موقف الحكومة بالتمسك بالمرجعيات الثلاث للحل في اليمن بمافي ذلك القرار 2216.
 


ضوء أخضر وتشجيع على الإرهاب

بدوره اعتبر المحلل السعودي سلمان عسكر، تصريحات السفير البريطاني بمثابة الضوء الأخضر من المجتمع الدولي لمليشيا الحوثي بمواصلة إرهابها ضد الشعب اليمني والمنشآت المدنية السعودية.
 
وأكد في مداخلة على قناة "يمن شباب"، أن إيران لا تجرؤ على مواصلة ضرب القرارات الاممية عرض الحائط واستمرار تهريب الأسلحة إلى اليمن إلا تحت مظلة دولية.
 
ولفت إلى أن السفير البريطاني سبق وأن أيد قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن برفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، مايعني أن هناك عمل يجري تحت الطاولة من قبل عدد من الدول العظمى التي حمّلها كل مايحدث في اليمن بسبب ماقال "صمتها وتماهيها وتلاعبها بالقرارات الدولية".
 

مقدمة للتقسيم

الباحث والخبير العسكري اليمني علي الذهب، اعتبر أن مساعي إسقاط القرار 2216 بشأن اليمن بداية لتنفيذ الأجندة الخبيثة و مقدمة لتقسيم اليمن.
 
وأضاف في سلسة تغريدات على تويتر، "موقع بريطانيا الآن، ماسك القلم في مجلس الأمن الدولي، وهذا يعني أنها صانعة التصورات، بشأن الشواغل الدولية، ومنها أزمة اليمن".
 
وتابع: "أن بريطانيا تحاول بكل خبث إعادة اليمن إلى ما قبل 1962 و 1967، عهد الإمامة في الشمال والاحتلال في الجنوب".
 
وأردف الذهب: "تقسيم اليمن يمضي على قدم وساق، وأتصور أن ثمة وعود استعمارية للقوى الجنوبية".
 

الخيار على الشعب

ويرى الدكتور عادل المسني ـ كاتب وباحث في العلاقات الدولي ـ أن هذه التصريحات تأتي في إطار إعادة رسم خريطة الفاعلين الإقليميين لصالح إيران في المنطقة ووضعها كقوة إقليمية مؤثرة لاستمرار الفوضى عبر مليشياتها في العراق ولبنان وسوريا واليمن.
 
وأكد في حديثه لـ "يمن شباب"، أن التصريح مرفوض لكنه يعكس رغبة وتوجه غربي لدعم إيران في المنطقة، مرجحاً أن تكون المباحثات التي تجري بين السعودية وإيران تأتي في هذا السياق حيث أنها جاءت نتيجة لضغوط مارستها أمريكا.
 
وأضاف المسني أن السعودية اليوم في مباحثاتها مع إيران ترسم خريطة النفوذ في اليمن على حساب الشرعية باعتبار أنها خلقت بدائل للحكومة في الجنوب وتمددت في مناطق الحكومة الشرعية ومن هنا يمكن فهم استمرار الحوثي نحو السيطرة على مأرب رغم الكلفة.
 
ويؤكد الباحث اليمني أنه رغم كل ذلك، فإن اليمنيين قادرين على رفض وإجهاض كل المشاريع التآمرية، و أن الشعب والمقاومة والقوى السياسية والشرعية هم من يعول عليهم قلب الطاولة وإحباط كل هذه المخططات وإرباك أجندة المجتمع الدولي.
 
وختم بالقول: "الفاعل الشعبي قوي وفاعل ومؤثر وسيربك كل المخططات والرهان دائماً على الشعوب".


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر