"صنعاء مُعتمة بألوان لا تُشبهها".. الاحتفالات بثورة 26سبتمبر تكسر قيود الحوثيين بمناطق سيطرتهم

[ احتفالات شعبية بثورة 26سبتمبر بمديرية السدة التي يسيطر عليها الحوثيين بمحافظة إب (وسط اليمن) ]

لم يفوت المواطنين في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي احتفالاتهم بالذكرى الـ 59 لثورة 26 سبتمبر المجيدة، رغم السطوة الأمنية التي تفرضها الميلشيات على المواطنين وعلى أي احتفالات خارج سيطرتهم في أي مناسبة وطنية لا يشرفون عليها.
 
في العيد التاسع والخمسون لثورة 26 سبتمبر، لا ملامح في العاصمة صنعاء لأي احتفال بذكرى الثورة المجيدة، حيث لا يعلو على شعارات الحوثيين وقتلاهم في الجبهات أي صورة أو علم وطني أو شعار يمثل الثورة الوطنية الأم، وفق ما تحدث سكان محليون لـ"يمن شباب نت".
 
لكن ذلك لم يمنع إقامة احتفالات بسيطة بمبادرات فردية في محافظات ومناطق نائية في المحافظات التي يسيطر عليها الحوثيين، كما حدث في محافظتي ذمار وإب، بالإضافة إلى احتفاء شعبي واسع في مواقع التواصل الاجتماعي والتي تكثفت منذ انقلاب الحوثيين.
 
وعلى غير عادتها منذ خمسة عقود، تعيش صنعاء منذ سبع سنوات، بلا ألوان تعبر عن هويتها الجمهورية، وتطغى عليها الألوان الطائفية التي لا تشبهها، حيث عمدت الميلشيات على تلطيخ جدرانها بشعاراتها وصور قتلاها وقادتها المتطرفين، الذين تستنكرهم جداران المدينة التي طردت الاماميين وصمدت في حصار السبعين رفضاَ للكهنوت الذي يكرر نفسه حاليا.
 


واكتفى الحوثيون بتجمع باهت في العاصمة صنعاء لقيادات مغمورة، لم يسبقه أي اعلان أو احتفاء واسع، كما يفعلون في مناسباتهم الطائفية وغيرها، حيث يحشدون أمولاً وينشرون سيارات في الشوارع، وتشتغل شركات الاتصالات لصالح فعاليتهم بشكل لافت.
 
لكنهم في المقابل أطلقوا وابل من الصواريخ عشية ذكرى 26 سبتمبر للمحافظات التي احتفلت بالذكرى، حيث استهدفوا تجمع للاحتفال بإيقاد شعلة سبتمبر في ميدي بمحافظة حجة (شمال غرب اليمن)، كما استهدفوا منزل محافظة مأرب سلطان العرادة بصاروخين بالستين.
 

صنعاء مُعتمة في ذكرى الثورة
 
وعشية الاحتفال بالذكرى الـ 59 لثورة سبتمبر انتشر عشرات المسلحين من ميلشيات الحوثي، في عدد من شوارع وأحياء العاصمة اليمنية صنعاء بالتحديد مساء السبت 25 بتمير 2011، خوفا من أي تجمع أو مبادرات فردية للاحتفاء بذكرى الثورة المجيدة.
 
وقال سكان في صنعاء لـ"يمن شباب نت": "إن العشرات من مسلحي ميليشيا الحوثي انتشروا في عدد من شوارع العاصمة الرئيسية كالدائري والزبيري، وهايل، والستين"، وأفادوا إلى "أن المسلحين يفرضون إجراءات أمنية مشددة على المواطنين وغير مسبوقة في الأيام العادية خوفاً من أي محاولات للاحتفاء بذكرى ثورة 26سبتمبر".
 
يأتي ذلك في الوقت الذي منعت فيه ميليشيا الحوثي المواطنين في صنعاء من الاحتفاء بثورة 26سبتمبر حيث بدأت شوارع وأحيا العاصمة صنعاء حزينة ومعتمة، وكأنها تعيش حياة ما قبل ستة عقود، ومنذ بداية سبتمبر الجاري، أقدمت ميليشيات الحوثي على منع المواطنين في صنعاء ومناطق سيطرتهم من رفع شعارات وملصقات ذات صلة بثورة 26 سبتمبر، كما منعت الأناشيد الوطنية وكل ما يتعلق بالثورة.
 
وخلال الأيام الماضية كانت ميليشيا الحوثي منعت طلاب المدارس الحكومية من إقامة فعاليات احتفالية بذكرى الثورة وذلك في إطار حربهم على الثورة ومحاولة وأد قداسة سبتمبر من عقول وقلوب الطلاب في مناطق سيطرتهم، في الوقت الذي فرضت إقامة احتفالات لذكرى انقلابهم في 21 سبتمبر 2014.
 


محافظات تحتفل رغماً عن الحوثيين

برزت محافظتي إب وذمار في احتفالات بمبادرات فردية، في خطوة تعد غير مسبوقة في مناطق سيطرة الحوثيين منذ انقلابهم، ففي الوقت الذي استطاع الحوثيون محاصرة المواطنين المحتفلين في ذمار، لكنهم لم يستطيعوا ان يفعلوا ذلك في محافظة اب.
 
والسبت الماضي 25 سبتمبر عشية الاحتفال بذكرى ثورة سبتمبر حاصرت ميلشيات الحوثي تجمعاً لمواطنين ومنعتهم من إيقاد شعلة ذكرى ثورة سبتمبر في محافظة ذمار (وسط اليمن)، وهددتهم بالاعتقال واستطاعت تفريق تجمعهم.
 
ونفذ المواطنون تجمعاً عفويا في النادي الأحمر وسط مدينة ذمار بهدف إيقاد شعلة احتفاء بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، قبل أن يتم محاصرتها من قبل العشرات من عناصر الميليشيا التي هددت المواطنين بالاعتقال وأجبرتهم على التفرق، وفق ما ذكرت مصادر محلية.
 
إلى ذلك شهدت مديرية السدة شرق محافظة إب (وسط اليمن) – التي يسيطر عليها الحوثيين – المديرية هي مسقط رأس مُفجّر ثورة 26 سبتمبر الشهيد البطل على عبد المغني، حيث مهرجاناً جماهيراً احتفاءً بالذكرى التاسعة والخمسين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة.
 
أوقد أبناء مديرية السدة شعلة الثورة في ميدان ظفار بمدينة السدة في طقوس سنوية لذات المناسبة، وتخلل المهرجان خطابات ثورية ورقصات شعبية وأغاني وطنية، وتداول الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع فيديو لاحتفالات المواطنين.
 
 كما شهدت مدينة إب وعدد من المديريات مظاهر احتفال مماثلة حيث أوقد المواطنون شعلة الثورة في الشوارع ومن على أسطح المنازل وفي أعالي الجبال كما تزينت المنازل والمحلات التجارية بالأعلام الوطنية، في مبادرات فردية وتعبير عن رفض لمليشيا الحوثي التي تعد امتداد للإمامة.
 


صواريخ الإمامة تحاول طمس الاحتفال
 
في الوقت الذي حاول الحوثيون الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر بشكل مخجل، وفي محاولة منهم لتطمين المواطنين في مناطق سيطرتهم أنهم ليسوا امتداد للإمامة التي ثار عليها الشعب، لم تدوم المغالطة الحوثية في التعبير عن أنفسهم كأماميين جدد وسلطة قمعية كهنوتية، حيث أطلقوا صواريخ استهدفت المحتفلين بذكرى الثورة المجيدة.
 
لم يسلم تجمع من المحتفلين في مديرية ميدي بمحافظة حجة (شمال غرب اليمن)، من جريمة وحشية بقصف صاروخي استهدف تجمعهم في حفل إيقاد شعلة ثورة سبتمبر، وأسفر عن 12قتيلا مدنيا و22 جريحا، وفق ما أعلنت السلطة المحلية، والتي قالت في بيان "احتفالات اليمنيين بهذا اليوم العظيم، أغاظ المليشيا الانقلابية فلجأت إلى استهداف الحفل، في تحد سافر لكل مبادئ ومواثيق القانون الدولي".
 
وفي ذات التوقيت استهدفت ميلشيات الحوثي منزل محافظ مأرب اللواء سلطان العرادة بصاروخين باليستيين، ما خلف أضرارا مادية، في منزل المحافظ ومنازل مجاورة له، إضافة إلى مستشفى ومسجد، وجاء الاستهداف عقب ايقاد المحافظ لشعلة العيد الـ59 لثورة 26 سبتمبر ومعه رئيس الأركان في وسط مدينة مأرب.
 
وقال محافظ مأرب سلطان العرادة – عقب استهداف منزله - "ما حصل لا استغربه كثيراً، وظنوا خاسرين أنهم سيعكرون علينا جو 26 سبتمبر"، مشيرا إلى "أن تاريخ الميليشيا مليء بأحداث الإبادة ولن تثنينا، وعهد لأبناء اليمن أننا لن نحكم إلا بثورة سبتمبر ومبادئها وثوابت أبناء اليمن".
 
وكان القيادي في حزب المؤتمر التابع لميلشيات الحوثي بصنعاء، حسين حازب أعلن مساء السبت، عن تنفيذ هجمات صاروخية على مواقع الاحتفالات بذكرى ثورة 26 سبتمبر في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وقال "أي شعلة يتم اشعالها تمرد على سلطة الدولة في صنعاء (في إشارة لسلطة الحوثيين) وشعلة تمزيق للوطن الواحد".
 
وأضاف في تغريدة - بحسابة على موقع "تويتر" – أن شعلة سبتمبر "سيتم اخمادها من قبل جيش الدولة (ميلشيات الحوثي) الذي يقوده المجلس السياسي الاعلى برئاسة مهدي المشاط القائد الأعلى (قيادي حوثي يترأس سلطة غير معترف بها دولياً)".
 


استهداف ممنهج للثورة ورموزها

ومنذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الشرعية في 21 سبتمبر 2021، عمدوا على طمس أهم المعالم والشواهد المتعلقة بثورة سبتمبر في صنعاء وقاموا بتغيير أسماء بعض الشوارع والمدارس الحكومية القاعات الدراسية في الجامعات الحكومية والساحات والمتاحف والميادين، ذات العلاقة بثورة 26 سبتمبر، كما قاموا بتحريف المناهج الدراسية، وشطب كافة الدروس المتعلقة بالثورة واستبدالها بخرافاتهم الطائفية.
 
وفي العام 2018 قاموا بدفن القيادي الحوثي صالح الصماد، في ميدان السبعين بمكان مجسم الجندي المجهول، والذي يعد احدى المعالم الجمهورية وتذكير بالشهداء الذين سقطوا خلال ثورة 26 سبتمبر 1962، وعمدوا على بناء مزار للقيادي الحوثي بدلاً من مجسم شهداء الجمهورية.
 
ويعتبر الحوثيون ثورة 26 سبتمبر بأنها عدوهم الرئيسي لأنها قضت على حكم الإمامة السلالي، حيث يعتبرون امتدادا لذلك المشروع البائد ويسعون لاستعادته، لذلك يواصلون مساعيهم الحثيثة لجرف الهوية الثقافية اليمنية الراسخة وطمس وتغيير جميع المعالم الرمزية المتعلقة بالثورة والجمهورية في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرتهم.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر