"حان وقت المحاسبة".. 50 برلمانيا فرنسيا يستجوبون وزير الخارجية حول انتهاكات الإمارات في منشأة "بلحاف"

[ صورة لمنشأة بلحاف في شبوة (شرق اليمن) التي تديرها شركة توتال في يونيو 2010 (الفرنسية) ]

كشفت صحيفة لوموند الفرنسية عن أن 51 برلمانياً فرنسياً، طالبوا، في رسالة مفتوحة يوم الجمعة 11 ديسمبر/ كانون الأول، باستجواب وزير الخارجية جان إيف لودريان ، حول وجود قاعدة عسكرية ومركز احتجاز تابعين لجيش الإمارات العربية المتحدة ضمن نطاق موقع غاز تديره شركة توتال الفرنسية في اليمن. 
 

وتتمحور أسئلتهم حول المعلومات التي نشرتها صحيفة "لوموند" في نوفمبر/ تشرين الثاني حول الانتهاكات المنسوبة للقوات الإماراتية في هذا الموقع، إضافة إلى الصراع المستمر للسيطرة عليه. حيث كانت المنشأة، التي أُغلقت بسبب الحرب في عام 2015، تمثل في السابق ما يصل إلى 45٪ من عائدات اليمن. 
 

وقالت الصحيفة، في تقرير - ترجمة "يمن شباب نت" -  "منذ عام 2019، أكد لنا مسؤول في التحالف السعودي الإماراتي، الذي تدخل عسكريًا في البلاد منذ 2015، وجود "خلية احتجاز مؤقت" في موقع بلحاف، وكانت لا تزال نشطة مطلع 2020، بحسب شهادة مدير المستشفى الرئيسي بالمحافظة، الذي ادعى أنه استقبل سجناء سابقين وعليهم أثار تعذيب".
  

إقرأ أيضاً..
أمنية شبوة تكشف عن استحداثات إماراتية في معسكر العلم ومنشأة بلحاف


وشكل موقع توتال موضوعًا، في عام 2019، لتقرير صادر عن مرصد التسلح و SumOfUs وأصدقاء الأرض، ثم تم عقب ذلك طرح أسئلة على الحكومة الفرنسية. 
 

وكتب البرلمانيون، بقيادة النائب هوبير جوليان لافيريير "يبدو مقلقًا بالنسبة لنا أن نلاحظ أن مصنع بلحاف، الذي يعد المساهم الرئيسي فيه (شركة توتال) رائد في صناعتنا، يتم استغلاله بطريقة تتعارض مع القانون الدولي والاتفاقيات التي تحكم قانون الحرب". 
 

ومعظم المعارضين والموقعين على هذه الرسالة هم ممثلون منتخبون سابقًا عن تجمع الجمهورية (LRM)، مثل السيد جوليان لافيريير وسيدريك فيلاني، وأعضاء الحزب الشيوعي والحزب الاشتراكي وفرنسا.  
 

كما انضم إليهم أعضاء الحركة الديمقراطية ومنسق لجنة الدفاع عن LRM، فابيان جوتيفاردي ، وهو أيضًا رئيس مجموعة الصداقة الفرنسية اليمنية في التجمع. 
 

وقال النواب إن رسالتهم "تثير تساؤلات مفيدة حول الوضع الحالي لمنشأة الغاز هذه، التي بقيت مصدر أساسي للنقد الأجنبي لليمن خلال فترة عملها، لكن فرنسا، من خلال توتال، لديها جزء من الأوراق في متناول اليد.   
 

ووفق الرسالة "سيكون من المهم لدبلوماسيتنا أن تضغط قدر الإمكان على الإمارات لحل هذا الموضوع".
 

وقال النائب هوبير جوليان لافيريير لصحيفة ليبراسيون "فرنسا لم تفعل أي شيء منذ عام، وقد حان الوقت لمحاسبة الإمارات".   
 

وقالت الرسالة "إن قلقنا أكثر حدة لأن الدولة قد دعمت مشروع الغاز هذا (بلحاف) منذ إطلاقه في عام 2009 بضمان ائتماني يصل إلى 216 مليون يورو". 

وتابعت: "لذلك، لا يمكن التسامح مع مساهمة المال العام، ولو بشكل غير مباشر، في الجهود العسكرية لقوة أجنبية. الإمارات العربية المتحدة - تتحمل مسؤوليتها عن جرائم الحرب في اليمن التي باتت موثقة أكثر فأكثر".

 


سجن إماراتي للتعذيب

وفي نوفمبر 2019 كشفت صحيفة "لوموند" الفرنسية أن دولة الإمارات تدير سجنا في منشأة غاز يمنية تشرف عليها المجموعة الفرنسية "توتال"، وذلك بناء على شهادات عدة استقتها من منظمات حقوقية دولية ومعتقل سابق وعائلة معتقل آخر. 
 

وتساهم "توتال" بنسبة 39.6% في المجمع المخصص لتسييل الغاز في منطقة بلحاف جنوبي اليمن، وتقدر تكلفة إنشائه بنحو 4.3 مليار يورو، وتديره الشركة المحلية اليمنية للغاز الطبيعي المسال التي تسيّرها "توتال". 
 

وحصلت الصحيفة الفرنسية، على شهادات متطابقة لسجين سابق وعائلة معتقل آخر أكدوا أن السجن كان يضم معتقلين إلى غاية منتصف العام الحالي. 
 

استقت الصحيفة معلوماتها من شهادات جمعتها منظمة العفو الدولية، وكذا مجموعة من خبراء أمميين في الشأن اليمني، إضافة إلى منظمات غير حكومية ونشطاء يمنيين أكدوا وجود هذا السجن الموجود داخل قاعدة عسكرية أنشأتها الإمارات في المكان ذاته. 
 

واستنادا إلى شهادات إنه تم تسجيل حالات اختفاء أشخاص يُشتبه في انتمائهم لحزب الإصلاح، ويبدو أن بعضهم وقع ضحية تصفية حسابات وتعرض لاعتقالات تعسفية، كما ذكر شهود أنهم تعرضوا في السجن لتعذيب شديد. 
 

وتقول الصحيفة إن "توتال" والدولة الفرنسية التي دعمت مشروعها الصناعي في اليمن، لا يمكنهما تجاهل واقع أن عددا من سكان شبوة تحدثوا عن اعتقالات وتوقيفات تعسفية في المحافظة، ويشيرون بأصبع الاتهام إلى منطقة "بلحاف"، حيث تقع أبرز قاعدة عسكرية في المنطقة. 
 

أما بالنسبة لـ"توتال"، فإن المجمع لم ينف ولم يؤكد وجود سجن إماراتي داخل منشأة بلحاف، وقال مسؤول في الشركة المحلية اليمنية للغاز الطبيعي المسال التي تسيّرها "توتال" إنهم "لا يتدخلون في ما يقوم به الجنود هناك". 
 

كما قال المجمّع الفرنسي إنه لم يحصل على الوسائل التي تتيح له الاعتراض على التواجد العسكري داخل المنشأة أو استدعاء قوة عسكرية للتواجد في ذلك المكان. وأكد مسؤول في التحالف السعودي الإماراتي للصحيفة وجود ما أسماه "زنزانة حبس مؤقت". 
 

وأقامت الإمارات قاعدة عسكرية وسجنا داخل المجمّع الغازي بناء على طلب رسمي قدمته الحكومة اليمنية في منتصف العام 2017، علما أن هذه المحطة توقفت عن العمل منذ ربيع 2015 بعد اندلاع الحرب في اليمن، وقد كانت تغطي 45% من مجموع مداخيل الدولة اليمنية. 
 

وسبق وأن كشف تحقيق أجرته وكالة أسوشيتد برس عن وجود شبكة سجون سرية في اليمن تديرها الإمارات، ويخضع فيها المعتقلون لصنوف مختلفة من التعذيب. 
 

وقالت الوكالة إنها وثقت وتحققت من حوادث لاختفاء مئات الأشخاص في هذه السجون السرية بعد اعتقالهم بشكل تعسفي في إطار ملاحقة أفراد تنظيم القاعدة. وبحسب المعلومات التي أوردتها الوكالة، فإن هذه السجون كانت تشهد حالات تعذيب وحشية تصل إلى حد "شواء" السجين على النار. 
 


الحكومة وحاجتها لتصدير الغاز

وفي منتصف أكتوبر الماضي 2020، حذّر محافظ محافظة شبوة محمد صالح بن عديو، الإمارات من غضب شعبي عارم في حال استمرت سيطرتها على منشأة بلحاف الغازية، وقال إ"ن المواطنين سيضطرون للتظاهر أمام المنشأة "وهذا ليس في صالحهم (الاماراتيين) أما نحن فلن نخسر شيئا أكثر مما خسرنا". 

  

وأضاف بن عديو في مقابلة تلفزيونية "إن الإمارات أوقفت تصدير الغاز منذ 5 سنوات وسرحت مئات العمال وترفض مغادرة منشأة بلحاف وحولتها إلى ثكنة عسكرية، رغم طلبات الحكومة اليمنية المتكررة لها بإخراج قواتها من هناك". 
 

وكشف المحافظ عن تقديمه عرضا للإماراتيين بتوفير المكان البديل في محافظة شبوة "خمسة نجوم وعلى حسابي" واخلاء المنشأة لمعاودة التصدير، "لأننا بلد يعتمد في موازنته على عائدات الغاز بنسبة 70 ونواجه ضغطا شعبيا لأن هناك الاف العمال تم تسريحهم وأصبحوا بلا عمل. 
 

وأكد بن عديو عن أن الشركات جاهزة فنياً للعودة إلى العمل بعد شهر واحد من إخلاء المنشأة، وأمنياً تقوم القوات الأمنية بتأمينها بالكامل في البر والبحر، لكن "الفيتو" على تشغيل المنشأة. 
 

وحذّر بن عديو من تعطل المنشأة بشكل نهائي، حيث كشف أن نحو 8 شركاء في المشروع منهم توتال وهونداي وهنت وشركات أخرى، بدأوا يناقشون فكرة بيع بلحاف بعد اليأس من عودتها للعمل. 
 

وتابع: "إذا تم بيع منشأة بلحاف سيمثل ذلك ضربة قاضية للاستثمار في اليمن، وانسحاب تلك الشركات سيكون خسارة وطنية عظمى". 
 

وترفض القوات الإماراتية إخلاء منشأة بلحاف من التواجد العسكري، في مسعى لاستمرار تعطيل عملها وخنق الشعب اليمني اقتصادياً، ويهدف التواجد العسكري إلى "تعطيل منشأة بلحاف ومنع إعادة تشغيلها". 
 

ويرى مراقبون أن ما تقوم به الإمارات هو "خنق الشعب اليمني والضغط على الشرعية وفي سياق مساعي تقسيم اليمن، وتحويله إلى مربعات تتنازعها مليشيات، لتتمكن من الهيمنة على موانئ وموارد البلاد، في والوقت الذي تتمسك السلطة المحلية بضرورة إخلاء منشأة بلحاف، وإنهاء سيطرة الإمارات عليها. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر