مجلة أمريكية: مخاطر مخططات الإمارات في "سقطرى" تتعاظم مع غياب الاهتمام الدولي (ترجمة خاصة)

منذ أن استولى المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من الإمارات على جزيرة سقطرى اليمنية النائية في يونيو وأطاح بالسلطات المحلية، ظهرت العديد من المزاعم التي لم يجري التحقق منها بشأن أنشطة الإمارات في الجزيرة عبر عميلها الانتقالي الجنوبي. 
 

تقع سقطرى على بعد حوالي 230 ميلاً من اليابسة لليمن و60 ميلاً من القرن الأفريقي. تُعرف سقطرى أيضًا باسم "غالاباغوس المحيط الهندي"، وهي أحد مواقع التراث التابعة لليونسكو، حيث أن 37 بالمائة من 825 نوعًا من النباتات المستوطنة في الجزيرة نادرة، ويوجد فيها 11 نوعًا فريدًا من الطيور و90 بالمائة من الزواحف التي تعتبر حصرية لنظامها البيئي، بمعنى آخر، لا يوجد مكان مثل سقطرى على وجه الأرض. 


وقالت مجلة «Inside Arabia» - في تقرير ترجمة "يمن شباب نت" -، مع افتقار أبو ظبي للشفافية حول سياساتها في سقطرى، قد يبدو من الصعب فهم أهدافها الحقيقية. قدمت المؤسسات الإعلامية الإماراتية في الغالب أفعالها على أنها "إنسانية" فقط، ومع ذلك، كما هو الحال في أي مكان آخر في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، اعتمدت الإمارات على التستر بغطاء الخير لإخفاء أهدافها التوسعية الحقيقية. 
 

يدعو المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي إلى استقلال جنوب اليمن بعيدًا عن رعاية حكومة عبد ربه منصور هادي، وفقًا لخطوط التوحيد التي سبقت عام 1990 عندما تم تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب.  وقد دعمت الإمارات ومكنت كليا المجلس الانتقالي الجنوبي في جميع أنحاء جنوب اليمن. 
 


وهذا يساعد في أهدافها في السيطرة على موانئ جنوب اليمن، وإنشاء مجال أوسع من النفوذ عبر القرن الأفريقي، وتعزيز التجارة البحرية العالمية عبر المحيط الهندي وباب المندب. السيطرة على الجزيرة ستمكن أبو ظبي من بناء قاعدة عسكرية وحماية البنية التحتية لمينائها في جنوب اليمن والقرن الأفريقي، على الرغم من أن هذا من شأنه أيضًا أن يقوض الجمال الطبيعي للجزيرة.
 

كانت السعودية والإمارات قد تصارعتا في السابق للسيطرة على سقطرى التي تعتبرانها جيوستراتيجية بحتة. تحركت القوات الإماراتية إلى الجزيرة في مايو 2018، لتعزيز سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي، مما أثار انتقادات من قيادة سقطرى وحكومة هادي.  حتى أن الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا اشتكت إلى الأمم المتحدة، مما أدى إلى تسليط الضوء على أبو ظبي. 
 

على الرغم من أن السعودية تفاوضت لاحقًا على انسحاب إماراتي جزئي، إلا أن قوات أبو ظبي احتفظت بوجودها هناك، بهدف طويل الأجل يتمثل في انتزاع السيطرة على الجزيرة.
 

مع تضاؤل الضغط على دور الإمارات في سقطرى شيئا فشيئا، يؤكد الاستيلاء الدائم في يونيو الماضي على أن أبو ظبي قد تفوقت بنجاح على الرياض في تنافسها على اليمن.  إذ يبدو أن السعودية، التي عارضت في السابق جهود الاحتلال الإماراتي، قد تقبلتها اليوم. 
 

ومع ذلك، فقد أثار استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على سقطرى مزيدًا من التوترات، حيث يعارض العديد من السكان محاولاته "لاحتلال" الجزيرة. 
 

وقال فؤاد راجح، الباحث اليمني المستقل، لمجلة Inside Arabia: "يواصل السكان المحليون الاحتجاج على تدهور الوضع بينما يطالبون بعودة الحكومة المحلية التي أُجبرت على الخروج بعد استيلاء المجلس الانتقالي الجنوبي على السلطة".  سقطرى منقسمة، وهذا ليس جيدا لأرخبيل كان مستقرا ومسالما. 




وبحسب ما ورد، أنشأ المجلس الانتقالي الجنوبي في أوائل نوفمبر مكتبًا في الجزيرة حيث يجب على اليمنيين الشماليين القادمين من خارج الجزيرة التسجيل كـ "أجانب". وقال مصدر نقلته وكالة أنباء الأناضول وموقع ميدل إيست مونيتور إن "المكتب يسجل بيانات اليمنيين الذين يأتون من خارج سقطرى ويمنحهم تصاريح عمل في الجزيرة حيث يعاملونهم كأجانب رغم جنسيتهم اليمنية". 
 

يأتي ذلك بعد محاولات عديدة من المجلس الانتقالي الجنوبي لطرد الشماليين من جنوب اليمن، ولا سيما عدن. من الواضح أن هذا تمييز ومناطقية المجلس الانتقالي الجنوبي هي جزء من أهداف الحركة لإنشاء دولة شمال اليمن، حيث يحظى الجنوبيون بهوية وطنية مميزة لهم عن الشماليين. 
 

اعتقل المجلس الانتقالي الجنوبي، في أكتوبر / تشرين الأول، الدكتور أحمد سلام الأميري، الأستاذ في كلية التربية بجزيرة سقطرى، لنشره مقال رأي حول الوضع في الجزيرة، وفقًا لمنظمة سام لحقوق الإنسان ومقرها جنيف. 
 

كما يدعي تقرير المنظمة أن العديد من معارضي المجلس الانتقالي الجنوبي طردوا من وظائفهم وتم اعتقال نشطاء. حالة أخرى حديثة تم تسليط الضوء عليها في 2 نوفمبر كانت متعلقة برياض سعيد سليمان، مدير ميناء سقطرى.  حيث تحدثت تقارير عن أنه سُجن، وأمرته قوات شرطة المجلس الانتقالي الجنوبي بالاتصال بشقيقه لتسليمه ختم وظيفته وهددته باحتجازه إذا رفض.
 

يسعى المجلس الانتقالي الجنوبي على ما يبدو إلى سحق المعارضة تجاه سيطرته على الجزيرة، وتسليم سقطرى للمشاريع الإماراتية الخاصة في نهاية المطاف.
 

في 7 سبتمبر / أيلول، حذر نواب وغيرهم من المشرعين المستقلين رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك سعيد من أن الإمارات تبني معسكرين في سقطرى، وأنها أنشأت بالفعل قاعدة عسكرية هناك. كما زعم النواب أن مسؤولين عسكريين إماراتيين سافروا إلى سقطرى وقاموا ببناء ثمانية أبراج إرسال.
 

وقال راجح لموقع Inside Arabia "القوات الإماراتية تسيطر الآن على الميناء البحري والمطار والبحر في سقطرى وسط تقارير عن قيام شركات إماراتية بالصيد دون إذن من الحكومة، أو بالأحرى تسرق الأسماك اليمنية". 


وزعم الزعيم القبلي بسقطرى عيسى سالم بن ياقوت في بيان في سبتمبر/ أيلول أن الإمارات والسعودية سمحتا لإسرائيل بدخول الجزيرة، واتهم أبو ظبي والرياض بـ "تدمير المعالم البيئية الساحرة والنادرة في جزيرة سقطرى وإقامة معسكرات وسط صمت دولي مدوي".   
 

جاء ذلك في أعقاب مزاعم بأن الإمارات وإسرائيل في ذلك الشهر أقاما معًا قاعدة تجسس في سقطرى، بعد تطبيع العلاقات بينهما.  وفي حين أنه من السابق لأوانه اقتراح تعاون كبير بين أبو ظبي وتل أبيب بشأن اليمن، فمن المحتمل أن يكون التعاون المستقبلي بشأن اليمن بات مرجحًا، لأن التطبيع يمكّن الحكومتين من تعزيز تعاونهما الإقليمي. 
 

قبل كل شيء، بحثت الإمارات في مكان آخر عن دعم خارجي للاعتراف بسيطرتها على سقطرى.  في يونيو، ذكرت صحيفة "الصومال اليوم" أن أبو ظبي عرضت إعادة فتح مستشفى الشيخ زايد في مقديشو، الذي أغلقته قبل عامين بعد توتر العلاقات بينهما. لكن هذه البادرة الإنسانية كانت مقابل اعتراف الصومال بسيطرة الإمارات على جزيرة سقطرى.  وقد رفضت مقديشو دعوة أبو ظبي. 


قد تسعى أبو ظبي في نهاية المطاف إلى ضم سقطرى بالكامل، على الرغم من أن ذلك سيتطلب اعترافًا دوليا بسيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على الجزيرة وجنوب اليمن. ومع ذلك، فإن استمرار الافتقار إلى الضغط الخارجي يمكن أن يسمح للإمارات بتثبيت نفسها ببطء في سقطرى عبر المجلس الانتقالي الجنوبي، حتى بدون اعتراف دولي. 
 

وعلى الرغم من المزاعم بأن جو بايدن سيكون أكثر صرامة مع دول الخليج مثل الإمارات العربية المتحدة، إلا أن بايدن أبدى القليل من الرغبة في تقليص أنشطة أبو ظبي الإقليمية، مقارنة بانتقاده السعودية خلال حملته الرئاسية. سيؤدي هذا في نهاية المطاف إلى إطالة أمد تسامح واشنطن مع إجراءات السياسة الخارجية لأبو ظبي. 
 

وبما أن سقطرى ليست أولوية بالنسبة للمجتمع الدولي، فقد تتجه الإمارات تدريجياً نحو تعزيز سيطرتها على الجزيرة في المستقبل. 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر