"صنعاء".. موتى بلا مقابر ومواطنون بلا حيلة موجعون بالفقدان وصعوبة الدفن (تقرير خاص)

بعد أن توفي والده المُسن تحرك "أمجد أمين" على عشرات المقابر في العاصمة صنعاء، من أجل الحصول على قبر لدفن جثمان والده، لكن المهمة كانت مستحيلة، بسبب الارتفاع الباهظ بأسعارها، وإغلاق بعضها، بأوامر من الحوثيين.
 
وخلال الأسابيع الماضية ارتفعت أسعار القبور في العاصمة صنعاء إلى 250 ألف ريال (ما يعادل 400 دولار أمريكي)، وكانت أسعارها في السابق لا تتجاوز 40 ألف (أقل من 100 دولار)، بسبب تزايد أعداد الوفيات جراء تفشي فيروس كورونا، وهو ما ضاعف معاناة المواطنين.
 
وقال الشاب أمجد "أنه عاش أسوأ أيامه عندما توفي والده في رابع أيام عيد الفطر المبارك وظل جثمانه منذ الرابعة عصرا وحتى ساعات متأخرة من الليل يفاوض مسؤولي المقابل من أجل الحصول على قبر لدفن جثمان والده كأبسط حق يناله لكن دون جدوى".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت" أن المسؤولين في سلطات الحوثيين استغلوا كثرة الوفيات للحصول على أموال كثيرة مقابل القبر، وأثناء وفاة والدي ولم يكن بحوزتي سوى ثلاثين ألف ريال وجميع المقابر طلبت مني دفع مبلغ هائل وبعضهم يقول يوجد لدينا مساحة لاستقبال أي جثمان.
 



موتى بلا مقابر
 
تضاعف حزن "أمجد" على والده أكبر بسبب العناء الذي واجهه للحصول على قبر للدفن، وأثارت فيه مواجع مضاعفة على الحالة التي وصلت إليها البلاد، وقال: "موجع أن نجد أنفسنا يوماً في بلاد لا نستطيع الحصول على قبر لدفن موتانا، بعد حياة بائسة جراء حالة الحرب للعام السادس".
 
لا يوجد حلول كثيرة أمام الأسر الفقيرة التي تواجه الموت بسبب الوباء، في الحصول على قبر لدفن جثمان المتوفي، فهي تقف عاجزة أمام عملية الدفن، بانتظار مساعدات مالية تستطيع من خلالها شراء القبر، أو نقل الجثمان إلى أقرب منطقة ريفية.
 
وفي اليوم الثاني من وفاة والد "أمجد" اضطر لنقل جثمان والدة لدفنها في إحدى المقابر بريف صنعاء بعد عجزه عن توفير المبلغ المطلوب الذي يفرضه مسؤولي المقابر خصوصا، وأن وفاة والدة تزامن مع أيام عيد الفطر، وكان حينها قد أنفق راتبه الذي يتقاضاه من أحد إحدى الشركات الخاصة التي يعمل فيها.
 



استغلال الموت

ويشكو سكان العاصمة من أزمة مقابر حادة وارتفاع أسعارها في الوقت الذي تمتنع فيه ميليشيا الحوثي عن تخصص مساحة من أراضي الأوقاف التي يسيطرون عليها للدفن، وبالإضافة إلى انهم عمدوا على رفع أسعار القبور مستغلين تزايد أعداد الوفيات.
 
وتسببت ارتفاع الوفيات بصنعاء الناتجة عن تفشي فيروس كورونا بحدوث أزمة كبيرة في المقابر لدفن الموتى، بعد أن تجاوزت بعض المقابر طاقتها الاستيعابية وذلك تسبب بارتفاع أسعارها إلى أعلى مستوياتها.
 
وكانت ميليشيا الحوثي قد أصدرت توجهات بمنع المواطنين من دفن موتاهم في المقابر المخصصة لقتلاهم، وخاصة ضحايا فيروس كورونا، وطلبت من مسلحيهم بتعقب من يحاول الدفن والقبض عليه، مما تسبب بمعاناة جديدة للمواطنين.
 
ومنذ نحو شهر تزايدت أعداد الوفيات في العاصمة صنعاء مع انتشار فيروس كورونا وسط تعتيم حوثي وتحذيرات من كارثة صحية خصوصا مع تفشي الوباء، وانهيار النظام الصحي بسبب الحرب، وعدم وجود أي إجراءات تمنع مزيد من الضحايا.
 
وفي نهاية مايو الماضي تم تعليق لا فته على "مقبرة خزيمة"، - والتي تعد من أكبر مقابر صنعاء – بإعلان من سلطات الأمر الواقع الحوثية بامتلاء المقبرة، وعدم وجود مساحات لقبور جديدة لدفن الموتى من السكان.
 



تدهور الأوضاع

ونقلت وكالة الأسوشيتد برس عن مسؤولي صحة محليون وعمال إغاثة وسكان ونشطاء، إن الوضع في اليمن الذي مزقته الحرب "يزداد سوءًا بشكل سريع".
 
وقالت الوكالة في تقرير لها "أن منظمات محلية لديها أعداد لوفيات كورونا لكنها تتحفظ عليها، وأن 46 من العاملين في المجال الطبي و28 قاضيًا و13 محامًا لقوا حتفهم خلال ثلاثة أسابيع بين منتصف مايو/ أيار، وأوائل يونيو/ حزيران، وهو رقم أعلى بكثير من العدد الرسمي للحوثيين".
 
وكشفت الوكالة في تقريرها عن تفاقم الوضع في الشمال الذي يسيطر عليه الحوثيون، حيث قام المتمردون بطمس المعلومات حول الفيروس، ومعاقبة كل من يتحدث عن تفشيه، وروجوا لنظريات المؤامرة.
 
وأشارت إلى أنه "لا يتم إخبار العائلات بشأن حقيقة وفاة ذويهم بسبب فيروس كورونا. ولا يتم نشر نتائج الاختبار على الإطلاق"، ولفتت "أن صلوات الجنازة لا تنقطع يوميا، في الوقت الذي تغمر فيه وسائل التواصل الاجتماعي عبارات التعازي وصور الموتى".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر