"واشنطن بوست" تضع ستة أسباب لتفسير أهمية الأزمة الراهنة في جنوب اليمن (ترجمة خاصة)

[ حطام مركبات القوات الحكومية التي دمرتها غارات إماراتية بالقرب من عدن (ا ف ب) ]

سلطت صحيفة «واشنطن بوست» الضوء على الأحداث الجارية في المحافظات الجنوبية بين ميليشيات الانتقالي الإماراتي من جهة والقوات الحكومية من جهة أخرى، والتي أصبحت تعرف "بالحرب الأهلية داخل الحرب الأهلية" بحسب الصحيفة.
 
ووضعت الصحيفة في تقريرها – الذي ترجمة "يمن شباب نت" – ستة أسباب فسرت من خلالها أهمية الأزمة الراهنة، وأبرزها انها تهدد بانقسام اليمن، بالإضافة إلى التسبب بحدوث خلافات بين قوتيين عربيين إقليميتين في إشارة إلى السعودية والإمارات.
 
وقالت الصحيفة: على مدار السنوات الخمس الماضية، اندلعت حرب أهلية في اليمن بين الحكومة المعترف بها دولياً والمتمردين الحوثيين في الشمال دون أيما مؤشر على حل وشيك.  الآن، أصبح مشهد النزاع أكثر تعقيدًا مع اندلاع اشتباكات عنيفة جنوب اليمن بصفوف القوات المتحالفة مع الحكومة.
 
وتضع أعمال العنف التي جرت مؤخراً- وأصبحت تُعرف بشكل متزايد بالحرب الأهلية داخل الحرب الأهلية في اليمن - الميليشيات الانفصالية الجنوبية في مواجهة القوات الأخرى المتحالفة مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي حيث ظهرت التوترات قبل أكثر من عام بين الحلفاء، لكن هذا الشهر تصاعدت إلى أسوأ قتال بينهما.
 

[إقرأ أيضا.. باحث عربي: ما نفذته الإمارات باليمن رسالة صارمة للسعوديين رداً على تغيير قواعد اللعبة]


ويتحالف الجانبان مع تحالف إقليمي بقيادة المملكة العربية السعودية، والذي انضم إلى الحرب ضد المتمردين في الشمال المعروفين باسم الحوثيين في مارس 2015. وهدف التحالف الظاهري هو استعادة حكومة هادي ومنع ثيوقراطية إيران الشيعية من الحصول على نفوذ إقليمي من خلال تحالفها مع الحوثيين.
 
وتسببت الحرب في أفقر بلد في الشرق الأوسط في تفاقم الفقر والأمراض. إذ يواجه اليمن ما وصفته الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية في العالم.
 
وسيطر الانفصاليون على عدن، مقر الحكومة اليمنية المنفية مما عمق الخلاف بين السعودية في الأسابيع الأخيرة، على الرغم من الدعوات لوقف إطلاق النار، امتد القتال ليشمل المحافظات الجنوبية الأخرى. وقامت كلا من السعودية والإمارات بشن غارات جوية لدعم وكلائها اليمنيين.
 
ويوم الأربعاء، دخلت قوات الحكومة اليمنية عدن وادعت أنها استعادت المدينة. لكن يوم الخميس، قالت القوات الانفصالية إنها استعادتها.  وقالت منظمات إنسانية إن القتال العنيف تسبب في موجة جديدة من الإصابات بين المدنيين في المدينة.
 
تداعيات القتال في جنوب اليمن من المحتمل أن تمتد خارج تلك المنطقة بطرق لا تقل عن ستة وهي كالتالي:
 

إمكانية تقسيم اليمن
 
التوترات الحالية في الجنوب لها جذور تعود لعقود من الاحتكاك بين الشمال والجنوب. وكانت اليمن ذات يوم بلدين - شمال اليمن وجنوب اليمن - حتى التوحيد في عام 1990. وظل الكثير من الجنوبيين متشككين من الشماليين الذين حكموا البلاد لعقود من الزمن، متهمين إياهم بتهميشهم سياسياً واقتصادياً.
 
يريد الانفصاليون فصل جنوب اليمن عن الشمال مرة أخرى. وحتى لو لم يحدث ذلك، يقول المحللون إنه من غير المرجح أنه بعد أكثر من أربع سنوات من الصراع وعدم الثقة، سوف يصبح اليمن مستقبلاً ذا حكومة مركزية قوية. وبالفعل، تشكلت مراكز قوة مختلفة في جميع أنحاء البلاد.
 
ويقول بعض المحللين إن النظام الفيدرالي الذي تقسم فيه البلاد إلى مناطق تتمتع بالحكم الذاتي يتماشى بشكل واسع مع المركز سيكون أفضل ما يمكن لأي أحد أن يأمل فيه.

 
حدوث أنقسام بين القوى الإقليمية
 
على الرغم من أن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة متحالفتان ضد الحوثيين وإيران، فإن لديهم رؤى مختلفة لمستقبل اليمن. حيث إن دولة الإمارات العربية المتحدة والانفصاليين، يحذرون من تحالف هادي مع الإصلاح، الذي يضم أعضائه علي محسن الأحمر، نائب رئيس هادي.
 
وتعتبر القيادة الإماراتية الإصلاح بمثابة تهديد بسبب صلاته بالإخوان المسلمين، فيما يراه الإماراتيون وحلفاؤهم راديكاليين. ومع ذلك، يرى السعوديون أن الإصلاح يلعب دورًا أساسيًا في حرب اليمن وفي السياسة المستقبلية.
 
وفي الوقت الذي ينظر فيه السعوديون إلى دورهم في اليمن كرادع لطموحات إيران، فإن للإماراتيين هدفاً إضافياً يتمثل في اكتساب النفوذ في شبه الجزيرة العربية الجنوبية والقرن الإفريقي، والتي تمتد عبر طرق الملاحة المربحة والاستراتيجية في البحر الأحمر والمحيط الهندي.
 
ويقول محللون إن عدن، بمينائها المطل على البحر الأحمر، تمثل جائزة اقتصادية قيمة لدولة الإمارات العربية المتحدة.


[للمزيد إقرأ... مجلة نيوزويك: الخلافات السعوديةـ الاماراتية بلغت ذروتها مع اندلاع اشتباكات في عدن (ترجمة خاصة)]


ولتأكيد السيطرة، دعمت الإمارات السياسيين الجنوبيين ذوي النفوذ وعملت على تمويل الانفصاليين الجنوبيين ورجال القبائل وغيرهم من الميليشيات، بما في ذلك قائد جنوبي مدرج في قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية بسبب صلاته المزعومة بتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية.
 
في يونيو، ظهر مؤشر آخر على التصدعات داخل التحالف الذي تقوده السعودية.  حيث قالت الإمارات إنها تسحب قواتها البرية من جنوب اليمن، وهي خطوة يفسرها بعض المحللين على أنها إشارة إلى أن الإماراتيين لم يعودوا يوافقون على النهج السعودي المتشدد تجاه إيران.
 
كما أدت المصادمات الأخيرة إلى إضعاف وحدة التحالف. إذ قصفت الطائرات السعودية مواقع انفصالية، بينما قصفت المقاتلات الإماراتية هذا الأسبوع القوات الحكومية اليمنية. والسؤال الذي يدور بمخيلة العديد من العقول هو: هل تؤثر الانقسامات في اليمن على العلاقة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في المسائل الإقليمية الأخرى؟
 

فتح الباب أمام القاعدة وداعش
 
لطالما وفر الجنوب ملاذاً لفرع تنظيم القاعدة في اليمن، أو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية. وبالنظر إلى اعتباره من قبل المسؤولين الأمريكيين كأخطر فروع الشبكة الإرهابية، فقد استهدف تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الغرب عدة مرات، بما في ذلك محاولة لتفجير طائرة أمريكية في ديترويت يوم عيد الميلاد عام 2009.
 
وفي عام 2000، فجرت القاعدة المدمرة الأمريكية كول في ميناء عدن، وقتل 17 بحارا أمريكيا.  وقد ساعدت حملة الضربات الجوية الأمريكية في إضعاف القاعدة في جزيرة العرب، لكنها لا تزال تشكل قوة في الجنوب. كما نشأ إحدى الفروع التابعة للدولة الإسلامية الناشئة في السنوات الأخيرة.


[إقرأ أيضا.. الحكومة: الإمارات مسؤولة عن تنامي الإرهاب وعملية داعش في عدن تثير علامة استفهام]


هذا الشهر، حظيت كلتا المجموعتين بفرصة في أعمال العنف والفوضى التي أنهكت عدن. ووفقاً لإليزابيث كيندال، الباحثة في جامعة أكسفورد "نفذ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب تسع هجمات على القوات الانفصالية التي تدعمها الإمارات، وشنت داعش هجومين على الأقل في عدن، وهي المرة الأولى التي تضرب فيها المجموعة المدينة منذ أكثر من عام".

وقالت كيندال "القاعدة في جزيرة العرب وتنظيم الدولة الإسلامية يستفيدان بالفعل من الفراغ الأمني المتزايد في جنوب اليمن".
 

تهديد حركة الملاحة الدولية
 
تقع عدن في موقع استراتيجي عند مصب البحر الأحمر، وعلى طول امتداد ممرات الشحن البحري لمضيق هرمز، بالقرب من إيران. إنها بعض من أكثر ممرات الشحن الحيوية في العالم، والتي تستخدمها الناقلات من أوروبا وآسيا بشكل يومي.
 
إن الاضطرابات الناجمة عن الاشتباكات أو الضربات الجوية أو التفجيرات - أو إذا سيطر المتشددون على الجنوب - قد تؤثر على إمدادات النفط وأسعار الوقود العالمية. ولدى جميع الأطراف، بما في ذلك المتمردون الحوثيون، القدرة على مهاجمة السفن في البحر، والتي حدثت بالفعل أثناء الحرب.
 

 تعطيل تدفق المساعدات الإنسانية

عدن هي منفذ دخول رئيسي للمساعدات الإنسانية والسلع التجارية، ليس فقط للجنوب ولكن للعديد من المناطق في الشمال. ووفقًا للأمم المتحدة، يحتاج ما يقدر بنحو 80 في المائة من السكان - 24 مليون شخص - إلى شكل ما من أشكال المساعدة الإنسانية أو الحماية، بما في ذلك 14.3 مليون شخص منهم في حاجة ماسة. 

وقد تركت الاشتباكات في عدن عشرات المنظمات الإنسانية عاجزة عن العمل بشكل صحيح.
 
وقال جاسون لي، القائم بأعمال المدير القطري لمنظمة أنقذوا الاطفال في اليمن، في بيان يوم الأربعاء "منذ 28 أغسطس، "تم إغلاق مطار عدن مؤقتًا وتم تعليق الرحلات الجوية".

وعلاوة على ذلك، يعد ميناء عدن حيويًا لاستيراد وتوزيع الضروريات والخدمات الأساسية في جميع أنحاء اليمن، حيث يهدد انعدام الأمن تشغيله إنه لمن دواعي القلق الشديد أن تكون شرايين الحياة الحيوية، سواء عن طريق الجو أو البحر، معرضة لخطر الانقطاع.
 

 الحاجة إلى اتفاق سلام أكثر شمولا
 
محور جهود السلام لإنهاء الصراع في اليمن هو ميناء الحديدة الغربي.  ولا يزال اتفاق وقف إطلاق النار الهش التي توسطت فيه الأمم المتحدة سارياً.  ويأمل المسؤولون في الأمم المتحدة وعمال الإغاثة أنه إذا استمر السلام في الحديدة، فقد يكون له تأثير متقطع في جميع أنحاء البلاد.
 
لكن التوترات في الجنوب يمكن أن تعوق الجهود في الحديدة، حيث يقاتل حلفاء التحالف بعضهم البعض، مما يمنح للمتمردين الحوثيين فرصاً للاستيلاء على مزيد من الأراضي.  كما تظهر العداوات الجنوبية أيضًا أن المظالم التي تغذي النزاعات الداخلية المتعددة في اليمن قد لا يتم معالجتها من خلال إحلال السلام في مدينة واحدة فقط.
 
وقالت كيندال في اشارة الى الاشتباكات في الجنوب "هذا يعوق عملية السلام من خلال فتح حلبة المواجهة بين الشمال والجنوب".
 
وأضافت "لقد كان المجتمع الدولي يركض وراء اتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة على أمل أن تتم معالجة النزاعات الاخرى المستعرة بمجرد تنفيذ الاتفاق. وتظهر الاشتباكات الأخيرة أن هناك حاجة إلى مقاربة أوسع وأكثر شمولية، وبالتالي أكثر تعقيداً".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر