نساء يصنعن النجاح.. الحرف اليدوية طوق نجاة الأسر في زمن الحرب (تقرير خاص)

[ نساء في المعرض العيد التسويقي الثاني للمرأة في مدينة تعز (يمن شباب نت) ]

ظلت "أم عبد الله" لعدة أشهر تبحث عن دخل مادي من أجل توفير احتياج بناتها الثلاث بعد أربع سنوات من الانتظار لوظيفة تخفف عنها التعب والمشقة. ومؤخراً التحقت في معرض العيد التسويقي الثاني للمرأة في مدينة تعز لعرض منتجاتها المكونة من حلويات وأكلات شعبية، أملا في الحصول على عائد مالي يمكنها من توفير الاحتياجات الضرورية لها ولأطفالها.
 
وتسببت الحرب بخلق مأساة في المعيشية لدى كثير من الأسر بعد أن فقد المئات من الموظفين مصادر رزقهم في مدينة تعز، إما بسبب انقطاعها من المؤسسات الحكومة، أو إفلاس بعض الأعمال التجارية وتوقفها في القطاع الخاص، وواجهت كثير من النساء مسؤولية مضاعفة لإعالة أسرهن.
 
الاعتماد على النفس

"ام عبد الله" امرأة أرملة ثلاثينية تقول إن الدافع الرئيسي وراء التحاقها في المعرض التسويقي "السنوات الطويلة التي مرت من العمر دون وظيفة وتكالب مسؤوليات الحياة وظروفها ومشاكل الحرب والظروف البيئة التي تجبرك على الاعتماد على النفس والكفاح".
 
وأضافت في حديث لـ "يمن شباب نت" عندي ثلاثة أولاد احتاج أصرف عليهم وأوفر احتياجاتهم ورعايتهم بطريقة تضمن لهم المستقبل المشرق وألا تكون معاناتي في الماضي جزء من معاناتهم في الحاضر والمستقبل.
 
واستدركت أم عبدالله -التي تحمل شهادة جامعية- بالقول: "الان أفكر في تأمين مستقبل أولادي وحياتهم وحتى التحاقهم بالجامعة حيث بر الأمان وتولي أمر أنفسهم".
 
"أم ندى" ربة بيت أخرى صادفها معد تقرير "يمن شباب نت" ضمن عشرات المشاركات في المعرض التسويقي الثاني للمرأة وتشكو من ظروف الحرب التي أثرت على أسرتها وأجبرتها على العمل في المشغولات المنزلية والمتمثلة في صناعة العطورات والبخور والإكسسوارات وبعض من الأزياء الشعبية.
 
تضحية وكفاح

ضحت "أم ندى" (42عام) بابنتيها الشابتين اللتين أصيبتا بجروح مختلفة جراء القصف التي تتعرض له الاحياء السكنية بمدينة تعز من قبل مليشيات الحوثي الانقلابية.
 
تسبب القصف الذي تعرض له منزلها الكائن أمام معسكر الدفاع الجوي (شمالي غرب المدينة) قبل عامين بإصابة ابنتها الجامعية في الفك السفلي وتساقط الأسنان فيما أصيبت ابنتها الصغرى بشظية في الدماغ ما تسبب في إعاقتها.
 
وقالت في حديث لـ "يمن شباب نت" إن معاناة وظروف الحرب والتي أثرت على اسرتي وبناتي واجبرتني على النزوح وأوقفت عمل زوجي كل ذلك دفعني إلى الاشتغال بالأعمال اليدوية.
 
وأضافت أم ندى "أن ابنتها الكبرى بحاجة إلى تقويم للثة وعظم الأسنان فيما البنت الصغرى تحتاج الى علاج دائم واجراء عملية جراحية للدماغ" وأشارت "ما أقوم به اليوم في هذا المعرض النسوي هو الهدف منه مساعدة زوجي وأسرتي للبقاء على قيد الحياة".
 
أما "ياسمين" خريجة الجامعة التي لم تتمكن من إيجاد وظيفة فقد استطاعت مؤخراً أن تحصل على فرصة عمل بصناعة الورود والعطورات تجمع منها مبلغا ماليا لا بأس به.
 
تقول ياسمين "إن الاعتماد على الذات والاستقلالية في العمل دفعها للانخراط في المعرض واتقان حرفة صناعة الورود وصناعة بعض البخور خصوصا وأن الدخل الخاص لا يكفي هذه الأيام".
 
ترى ياسمين ضمن حديثها لـ"يمن شباب نت" أن تنوع المرأة في مجالات الحياة "يجعل لها قيمة في المجتمع ومكانه تحظى به عندما تعمل باستقلالية ذاتية".
 
المعرض التسويقي للمرأة
 
يحتوي معرض العيد التسويقي الثاني للمرأة في مدينة تعز على العديد من النساء اللاتي شاركن في مختلف أنواع الأشغال اليدوية والتراثية والشعبية.
 
وقال حامد ريدان -المعد والمنفذ للمعرض التشكيلي للمرأة المنتجة- "تعود فكرة المعرض النسوي إلى عام 2018 عندما بدأت إدارة الجمعية اليمنية للإنتاج المحلي في عقد لقاء تشاوري مع عددا من المنظمات المدنية والجمعيات الخيرية بمشاركة 120 امرأة منتجة للتحضير والإعداد لهذا المعرض دعما للمرأة في الانتاجات والحرف اليدوية".
 
وأضاف "أن هناك الكثير من المعوقات التي واجهته اثناء إقامته للمعرض وأبرزها الاستعانة بأسرة بعض اللوكندات لاستخدامها كطاولات لعرض المنتجات والحصول على قاعة ملائمة لإقامة المعرض".
 
وحول الدافع لاستهداف المرأة عن غيرها من شرائح المجتمع في هذا المعرض يقول ريدان لـ"يمن شباب نت": إنها الرغبة في أن تتوصل المرأة فعلاً إلى التمكن الاقتصادي والانخراط في سوق العمل بذاتها".
 
وطالب ريدان السلطة المحلية في المحافظة "النظر إلى هذه المجموعة من النساء الحرفيات والتجاوب مع مطالبهن في توفير قاعة لتكون مقر دائما للمعرض" داعياً كل المنظمات والموظفين في دعم النساء المشاركات في المعرض وتشجيعهن في الاستمرار على البقاء وسد رمق أسرهن".
 
وأثبتت سنوات الحرب قدرة المرأة اليمنية على النضال من أجل الحفاظ على تماسك اسرتها وكانت مكافحة في وجه الظروف القاسية، التي فُرضتها الحرب ووقفت بكل قوة وتحملت كثير من المعاناة في سبيل الحفاظ على الحد الأدنى من متطلبات الحياة.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر