‏معهد أمريكي يستعرض ويقارن واردات موانئ اليمن ويضع ثلاثة خيارات أمام واشنطن بشأن الحديدة (ترجمة خاصة)

[ جنود من الجيش الوطني مع مدرعتهم بالخوخة بالحديدة ]

استعرض معهد أمريكي، واردات الموانئ اليمنية الخاضعة لسيطرة الحوثيين والحكومة الشرعية، خلال الربع الأول لعام 2018 الجاري.

وقارن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في تقرير لـ "مايكل نايتس" وهو زميل في برنامج الزمالة "ليفر" بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يتخذ من واشنطن مقر له، بين حجم الواردات بين الموانئ العاملة حالياً في اليمن.

وطرح التقرير الذي حمل عنوان " حملة الحديدة (الجزء الأول): الدور الإنساني والسياسي لموانئ البحر الأحمر" وترجمه موقع "يمن شباب نت"، طرح ثلاثة خيارات أمام واشنطن بشأن موضوع موانئ الحديدة.  

وأوضح ان الخيار الأول يتضمن "تجميد التحركات العسكرية في البحر الأحمر مع عدم توفير الحل، مشيراً إلى أنه يعد الخيار الأسوأ بالنسبة للولايات المتحدة.

وذكر أن الخيار الثاني يتمحور حو "نزع سلاح في الموانئ الخاضعة للحوثيين، معتبراً أنه الخيار الأفضل الذي يجنب ميناء الدمار.

أما الخيار الثالث، يتمثل في دعم تحرير خاطف للموانئ بالحديدة.


"يمن شباب نت" ينشر نص المقال...

حملة الحديدة (الجزء الأول): الدور الإنساني والسياسي لموانئ البحر الأحمر

إذا تم طرد الحوثيين، سيسهم ميناء الحديدة والصليف بدرجة كبيرة جداً في معالجة واردات الغذاء، ولهذا فإنه يتوجب على الولايات المتحدة، أن تدعم نوع ما من عملية نزع السلاح من الموانئ أو أن تساعد في تحريرها.

أسباب أزمة اليمن الإنسانية

تعاني أجزاء اليمن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، إضافة الى المناطق الأكثر سكاناً في البلاد، من أزمة إنسانية حادة، وحتى قبل اندلاع الحرب في عام 2015 فقد كان اليمن على حافة انهيار إنساني غير أن تحليلا  لإحصاءات برنامج الغذاء العالمي في العام 2017 توحي بأن الحرب ضاعفت بشكل أكبر من عدد اليمنيين الذي يفتقرون للأمن الغذائي، ليبلغ العدد 17،8 مليون (أي ما يشكل ما نسبته 64% من عدد السكان مقارنة ب31،5 في عام 2010 ) بما فيهم 7 ملايين (أي 25% مقارنة ب11،8% في عام 2010 )،والذين يفترض افتقارهم للأمن الغذائي  بشكل حاد .

وتشمل الأسباب الرئيسية للأزمة انهيار السجل الحكومي للرواتب في مناطق سيطرة الحوثيين منذ عام 2015 حيث يفرض الحوثيون ضرائب على الغذاء الذي يدخل مناطق سيطرتهم، وفقاً لما وثقته لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، والنقص في كمية الغذاء الذي يصل اليمن عبر الحديدة، الميناء الأقرب لمناطق الحوثيين. (وحتى زمن قريب من شهر مايو عام 2016 فقد استقبل ميناء الحديدة 543،782 طن متري في الشهر وفي الربع الأول من عام 2018 الجاري بلغ المتوسط الشهري فقط  151،917 طن متري).

وفي الوقت الذي تلوح فيه معركة الحديدة يتمثل السؤال الرئيس بالنسبة لصناع السياسة في الولايات المتحدة، فيما إذا كان تحرير ميناء الحديدة سيسهل أو سيُصعب من الوضع الإنساني.

وفي جهد لأجل تطوير فهم لهذه المشكلة يعتمد على البيانات، أجرى المؤلف مسحاً لكل من التحالف الخليجي وأمريكا والحكومة البريطانية، إضافةً إلى القياسات المترية للمنظمات الغير حكومية، حول الواردات عبر الموانئ الخاضعة للحوثيين والموانئ الخاضعة للحكومة والمنافذ البرية الخاضعة للحكومة إضافة للمطارات.

حيث ركزت فترة التغطية على الربع الأول لعام 2018 الجاري بما في ذلك سجلات مفصلة لـ 424 سفينة أفرغت حمولاتها في ستة موانئ (وهي عدن والمكلا والحديدة ونشطون والشحر والصليف.) بالإضافة للتدفقات عبر المنافذ البرية الحدودية في الوديعة والخضراء (على الحدود السعودية) والشحن وصرفيت (على الحدود العمانية) مضافاً إلى ذلك الشحنات الجوية التي تمت عبر مأرب.

الحديدة لاتزال حاسمة

تعتمد شحنات الغذاء والوقود إلى اليمن تقريباً وبشكل تام على الموانئ البحرية حيث يظهر مركز دعم العمليات الانسانية الشاملة للتحالف في اليمن والذي أطلع عليه الكاتب، بأن ،4757797طن متري تم تسليمها لليمن خلال الربع الأول من هذا العام لكن 158،870طن متري فقط (3،3% ) دخلت اليمن عبر المنافذ البرية ودخلت نسبة ضئيلة تقدر بـ  292طن متري عبر الجسر الجوي المدني الى مأرب. (وتعد قوائم الشحن البحرية التي توضح الأطنان المترية التي تحملها السفن غير صحيحة في الغالب وذلك يرجع جزئياً إلى أن جزء من الغذاء يتم تحويله من قبل  الفساد قبل وصوله اليمن ومع ذلك وبافتراض أن خسارة  كهذه تعد  متساوية تقريباً مع حال السفن المتجهة لكافة الموانئ ،فلابد من بقاء  التوازن النسبي بين الموانئ حيوياً )
ويؤكد انهيار واردات الغذاء عبر البحر المقدم من مركز العمليات الانسانية التابع للتحالف، على الدور الحاسم للموانئ الخاضعة للحوثيين.

* موانئ الحوثيين

ميناء الحديدة باعتباره ميناء اليمن الأول ذو المياه العميقة يظل نقطة دخول حيوية للغذاء حيث استقبل 455751طن متري خلال الربع الأول من العام الجاري 2018 أما الصليف وهو الميناء الأخر الخاضع لسيطرة الحوثيين فقد أدخل 182403طن متري أخرى خلال الربع الأول من هذا العام. وبمجموعمها معاً يقول مركز العمليات الإنسانية الشاملة التابع للتحالف، إن موانئ الحوثيين أفرغت حمولات تقدر ب 638،154طن متري من الغذاء خلال الربع ذاته.

وكمعيار فإن احصاءات آلية التحقق والتفتيش في اليمن، التابعة للأمم المتحدة تقول بأن 672،555طن متري من الغذاء تم إفراغها من سفن "أفرغت حمولتها ومن ثم أبحرت " وذلك في الحديدة والصليف، ما يعد رقماً عالي لكنه رقم مماثل تقريباً.

*الموانئ الخاضعة لسيطرة الحكومة

يستقبل اثنان فقط من الموانئ الخاضعة للحكومة كميات كبيرة من الغذاء حيث استقبل ميناء عدن 255،626طن متري خلال الربع الأول من 2018 بينما يستقبل ميناء المكلا 68،310طن متري.

وبمجموعهما معاً فقد استقبل الميناءين 323،936 طن متري خلال الربع الأول من العام الجاري بما يرقى ليعادل 50،7% فقط من واردات الغذاء التي وصلت عبر الموانئ الخاضعة للحوثيين.

كما تكفلت صادرات الغذاء براً عبر الشاحنات في المناطق الخاضعة للحكومة ب 107،782 طن متري أخرى خلال الربع الأول أيضاً من بينها 72،738طن متري مرت عبر منفذ الوديعة على الحدود مع السعودية.

ما يعنيه ذلك هو أن مركز العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن، التابع للتحالف، لا يعتبر مساراً قابلاً للتطبيق كما أعلن عنه، ليحل محل الحديدة والصليف كمحور لواردات الغذاء، وإذا ما كان هنالك شيء يذكر فهو أن تعزيز الموانئ الخاضعة للحكومة، قد أفاد صادرات الوقود (751،173طن متري في الربع الأول من 2018مقابل540،961 طن متري تم تفريغها في الموانئ الخاضعة للحوثيين) وخصوصاً البضائع الاستهلاكية (1،377،501طن متري في ربع عام  2018 الأول وذلك وفقاً لمركز العمليات الإنسانية الشاملة التابع للتحالف، مايعد أكبر بعشر مرات من الـ9،474 طن متري التي تم استيرادها عبر الموانئ الخاضعة للحوثيين) .

فوائد تحرير الحديدة

حالياً ومما سبق ذكره، يتبين لنا أنه ليس هنالك أمل حقيقي موجود من أجل استبدال تدفقات الغذاء من الحديدة والصليف حيث أن الموانئ الأخرى كميناء عدن تعد بعيدة جداً عن المراكز السكانية الخاضعة للحوثيين، كما أنها تستورد القليل جداً من الغذاء نتيجة للفساد والعجز إضافة إلى أنها نفسها تعد معرضة لغياب الاستقرار المحلي.

وعندما أغلقت موانئ البحر الأحمر مؤقتاً في نوفمبر من العام الماضي، سجل برنامج الغذاء العالمي ارتفاعاً حاداً بمقدار 10% في أسعار الغذاء في ديسمبر، إضافة إلى ارتفاع لاحق بنسبة 6% في الشهر التالي وذلك يرجع إلى عدم ثبات الأسعار على الرغم من أن الموانئ أعيد فتحها بسرعة أمام الملاحة.
 
وربما أن الإمداد الغذائي المحلي في الحديدة نفسها والتي تعد مدينة مكتظة بالسكان، الذي من المحتمل أن يبلغ 700 ألف نسمة، قد ينهار بشكل كارثي خلال المعركة.

مع ذلك يحمل التراخي والتغاضي عن (تحرير)الحديدة في طياته كلفة باهظة، أو طالما ظل الميناء تحت سيطرة الحوثيين فلن يعود الشاحنون وتجار الغذاء لأنهم يخشون من مراجعة أوراق مرهقة وأوقات كاملة بطيئة ومن مخاطر الحرب والضرائب الحوثية.

وفي حال تحرير الميناء فمن الممكن توسيع سعته بسرعة خصوصاً إذا ما تم التحرير بسرعة وبعناية، حيث يعتبر الناس في مناطق سيطرة الحكومة أحسن حالاً من نظرائهم في مناطق سيطرة الحوثيين تحديداً، بسبب أنه تمت إعادة وصلهم بالموانئ العاملة وبشكل جزئي نتيجة لنظام سجل الرواتب الحكومي، ولهذا سيستفيد الناس في الحديدة من تحريرها، كما أنهم أيضاً يريدون تحريرها، لأن الحوثيين غرباء بالنسبة لمنطقتهم فيما تشمل القوات اليمنية المتقدمة، اعداداً كبيرة من قوات البحر الأحمر.

وأخيراً، من المحتمل أن يكون تحالف دول الخليج والحكومة اليمنية أكثر انخراطاً في محادثات سلام بحسن نية في حال عدم خشيتهم من دويلة حوثية متصلة بإيران بحراً.

سياسة الولايات المتحدة بشأن الحديدة وموانئ أخرى

بالإضافة لتقليص أرجحية حدوث المجاعة، فإنه يتعين على الولايات المتحدة التركيز على إنهاء الحرب في اليمن التي تعتبر إرباكاً مدمراً ومكلفاً لحلفاء أمريكا في الخليج.

غير أنه لا تحالف السعودية والإمارات واليمن ولا الحوثيين، من المحتمل أن يتخلى عن سباقهم المحتدم على الموانئ. حيث تزحف الحرب بتصلب لتقترب من الحديدة كل يوم، ولذلك هنالك ثلاثة خيارات أمام واشنطن وهي:  

* الخيار الأول: تجميد التحركات العسكرية في البحر الأحمر مع عدم توفير الحل

حيث سيكون الخيار الأسوأ بالنسبة للولايات المتحدة هو مواصلة معارضتها سراً وخلف الكواليس لعمليات عسكرية حازمة بقيادة الإمارات لتحرير الحديدة وساحل البحر الأحمر، بينما في الوقت نفسه لا تطرح بديلاً.

وهذا الخيار قد يروق للبعض لأنه لا يستلزم كلفة او التزامات أمريكية مباشرة لكنه فقط يرجح تطويل أمد الحرب والمعاناة الإنسانية، وسيستمر التجار والشاحنون بتجنب الحديدة حتى يتضح مستقبل الميناء.

 سيزحف التحالف صوب الميناء كما يجري حالياً لأنه من المرجح أن لا يستطيع دعم أية اتفاق سلام في اليمن، تترك الحوثيين كنسخة من كيان حزب الله، مع إمكانية وصول بحري مباشر مع إيران وكذلك لأن نظام التفتيش بعيداً عن الشاطئ اثبت عدم إمكانية تطبيقه.

هذا الخيار "الاستنزاف" شكل عملياً السياسة الأمريكية لمعظم العامين المنصرمين، وقد نجح فقط في منع الحديدة من معاودة الظهور، كأبرز محور استيراد غذاء في اليمن، حتى يتم طرد الحوثيين من الحديدة او يقومون بالابتزاز وإساءة ادارة الميناء، فلن يتوانى ابداً عن زيادة السعة والقدرة الضرورية لإطعام شمال اليمن.

الخيار الثاني: نزع سلاح في الموانئ الخاضعة للحوثيين

ربما يتمثل السيناريو الأفضل في كون موانئ البحر الأحمر منزوعة السلاح، تحت سيطرة وكالات دولية ومحليين يمنيين – ما يسمى بمبادرة الحديدة التي برزت مجدداً في مطلع مايو، حيث أنه في حال تجريد الحديدة من السلاح فإنه سيكون ممكناً السعي لتحقيق سلسلة من الخطوات وسيتسنى تجنيب الميناء للدمار تماماً ويمكن أن يصدر تحالف دول الخليج دليلاً ارشادياً طويل الأمد لتجار الغذاء ومشغلي الملاحة لتشير لهم بأن الميناء سيبقى مفتوحاً إضافة إلى أن تكاليف التأمين قد تقل في حال تمت رعاية أمن الميناء من قبل لاعبين دوليين، وربما يعود الميناء بسرعة لمستويات الاستيراد السابقة - التي فاقت بشكل متكرر 1،6 مليون طن متري في الربع، وفقاً لمنظمة أممية .

وطالما تم تضمين ميناء الصليف فعلى الأرجح أن التحالف سيكون مستعداً لدراسة تلك النتيجة لأنه سيسمح بالقيام بتفتيش بحري أكثر فعالية وأقل إثارة للجدل، للبضائع والشحنات كما سيقلص كثيراً من مخاوف التحالف من إعادة تزويد إيران للحوثيين بالصواريخ عبر الميناء.

يمكن للولايات المتحدة أن تشير للمجتمع الدولي بأن من المرجح أن تكون هذه هي الفرصة الأخيرة لتجنب العمليات العسكرية لتحرير ميناء الحديدة، وبأن واشنطن لن يكون بمقدورها ثني اليمن والتحالف عن شن عملية حازمة، وسط غياب أي تقدم دبلوماسي بخصوص الحديدة.

الخيار الثالث: دعم تحرير خاطف للموانئ

في حال فشل المجتمع الدولي في فهم وتبني مبادرة الحديدة، فإن هذا الصيف سيشهد عمليات عسكرية مشددة قرب الحديدة والصليف.
وفي ضوء هكذا تطورات، ستتغير المصالح الأمريكية حيث يجب أن يكون القتال، أقصر وأحزم وأحرص على المدنيين بقدر ما كان ذلك ممكناً.
كما أن تكتيكات" الأرض المحروقة "المدمرة وإحداث الدمار الكلي يجب أن تحفظ في مستويات أدنى تماماً (كما سيتم مناقشته لاحقاً ضمن الجزء الثاني من هذ السلسلة).

وإذا ما تم إطلاق معركة الحديدة، ربما تقوم الولايات المتحدة بتصوير تحرير الميناء باعتباره الطريقة الأفضل لحماية الأنفس في اليمن وذلك عبر تقصير الحرب وتسهيل دخول بضائع أكثر بسبب الكفاءات الأقدر بالنسبة لتفتيش الشحنات بحراً.

وبإقناع الهيئات الدفاعية لحماية الحلفاء في الخليج وكذا ممرات الملاحة الدولية، سيتسنى تحديد الدعم الأمريكي ليصبح إجراءات غير مباشرة، مثل كشف عمليات إطلاق الصواريخ الحوثية، إضافة إلى الألغام البحرية الحوثية والهجمات المضادة للملاحة في ساحل البحر الأحمر.

كما أن بمقدور الدعم القادم من الحرس البحري المتعددة الجنسية وسفن التجار التي تحمل رافعات داخلية، أن تعيد الحديدة بسرعة ليصبح ميناء حاويات فعال.

وبمقابل دعمها القوي فإن واشنطن سيتوجب عليها أن تنتزع ضمانات قوية مسبقة من السعودية والإمارات، بأنه مقابل تحرير مينائي الحديدة والصليف، سيدعم التحالف وقف فورياً لإطلاق النار مع الحوثيين الذين سيكونون محاطين كلياً باليابسة، كما سيدعم عملية الوساطة الأممية.


لقراءة التقرير من مصدره إضغط هنا

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر