قبل أيام قرأت كتاب "الديمقراطية.. الإله الذي فشل"، وتوصلت إلى هذه الحقيقة: ليست الديمقراطية الإله الذي فشل، ولكن "هانز هيرمان هويا" هو الفيلسوف الذي فشل!
 
 كنت استند في حكمي تجاه الكتاب، وكاتبه، من واقع كوني معتقد بالديمقراطية إلى حد نهائي. فهي عقيدة سياسية جديدة لدى بعض الشعوب العربية، ومنها اليمن.. ومن كون الكاتب تناول الموضوع (الكتاب) من زاوية علم الاقتصاد السياسي، الأمر الذي كان عصيا على الاستيعاب الأمثل بالنسبة لشخص لم يقرأ في الاقتصاد سوى كتاب واحد، أو لا.
 
أعود وأفكر في نظرية المؤامرة، وأقول: لماذا مثل هذه الكتب تباع في هذا التوقيت بالذات؟ ربما هناك أطراف تدفع بمثل هذه الثقافة لتجد طريقها الى عقول الشباب، وهذا يأتي في سياق الحرب المضادة ضد الديمقراطية التي بدأت في الربيع العربي. وما ألبث حتى أتجاوز الفكرة وأعود للكتاب مجددًا.
 
وفي قرارة نفسي، كان رأيي متجاوزا للكثير من الحقائق الواقعية في اليمن. فمثلاً في بلادنا تحديدا: الديمقراطية فشلت فشلاً تاما.. مع ذلك ما زلنا مؤملين بالديمقراطية في جلب الاستقرار لهذا البلد.!
 
أسوأ ما في الديمقراطية أنها تمكن أي شخص من الوصول إلى السلطة..! المهم أن يكون قادرا على حشد الأنصار والمصفقين..!! وفي رأيي ربما هذا هو أخطر ما في الديمقراطية على الإطلاق.
 
 تشهد الأنظمة غير الديمقراطية استقرارا سياسيا وتنمويا؛ وذلك لأن الحاكم يمتلك "تفضيلا زمنيا" عاليا في الدول الديمقراطية.. على عكس الحاكم في الانظمة الملكية؛ حيث يمتلك "تفضيلا زمنيا" منخفضاً. هذا هو جوهر نظرية الفيلسوف هانز هيرمان في كتابه "الديمقراطية الإله الذي فشل"..!
 
 ولشرح معنى "التفضيل الزمني"، افترض الكاتب أن شخص ما يمتلك شركة تجارية خاصة به؛ سوف يعمل على تطويرها باستمرار، وسوف يقلص من درجة المصروفات الآنية طمعا في تحقيق مصالح استراتيجية مستقبلا. وهذا ما تعمله الأنظمة الملكية برأي الكاتب. في المقابل؛ لو أن الشركة ليست حصرا بشخص بعينه، سوف يعمل على تحقيق أكبر قدر من مصالحه الذاتية في زمن قياسي، مستشعرا ان بقاءه في كرسي الحكم لن يدوم طويلا.
 
 في كتابه "التحول الديمقراطي" يقول العالم والسياسي الأمريكي صامويل هنتنغتون إن الديمقراطية لا تصلح إلا للبلدان التي تشهد تطورا اقتصاديا. إذ أن الوضع الاقتصادي للبلد هو الذي يؤهلها لتبني نظام حكم ديمقراطي. وذلك على عكس الدول الفقيرة، فالديمقراطية ليست نظاما سياسيا مناسبا لها.
 
لست في صدد التنظير لحكم غير ديمقراطي في اليمن، ولكني أتحدث هنا من منظور علم السياسة، وأتحاشى إسقاطه على الواقع اليمني، لأن لليمن كما يقول البعض "خصوصياته"..
 
 ولا أدري ما إذا كان المقصود بهذه "الخصوصيات"، أن يبقى البلد متشظيا الى الأبد؟! وهل ينبغي على اليمنيين أن يجربوا أنظمة حكم لا ديمقراطية؟!
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر