عن قلق القراءة.. ماذا أقرأ؟


صلاح الواسعي

  هذا السؤال يشكل مصدر أرق للكثيرين؟ ممن لديهم شغف قراءة الكتب. مرات كثيرة وجدت نفسي أطرحه على مثقفين وقراء قضوا عمرا كبيرا في عالم الكتب. وفي كل مرة كانت الردود متفاوتة..
 
باعتقادي أن سؤال: ماذا أقرأ؟ لا يزال مفتوحا، وسوف يظل مفتوحا الي الأبد. فالإجابة عن سؤال القراءة لا تزال غير محسومة. بمعنى أنك لن تجد إجابة واحدة لمثل هكذا تساؤل. وكل رأي يطرح في هذا الجانب إنما يمثل تجربة شخصية على الأرجح. لكن من المهم التنويه لفكرة أن التجارب الشخصية تحتل قيمة كبيرة في العلم وفي الحياة العامة. فالتجربة هي إحدى غايات القراءة، خصوصا في المجال الأدبي. عندما نقرأ الرواية فنحن نبحث عن التجربة. هكذا قال "أوهان باموق" الروائي التركي الشهير.
 
يقال إن هناك كتب مركزية يجب على القارئ عدم إغفالها. هذا أحد الآراء التي وجدتها في حياتي.. ثمة كتب مركزية في الحياة هي التي تستحق أن نقرأها، أن ننقب عنها من بين ملايين الكتب لنقرأها؛ لإننا لا نمتلك الوقت الكافي لنقرأ كل ما كتبه العالم. ولكني شخصياً لستُ ملتزما بهذا النوع من القراءة. بمعنى أنني لا أبحث عن أي الكتب مركزية أو غير مركزية، رغم اهتمامي الشخصي بكل ما له قيمة معرفية جديدة. لا تضيع وقتك بما ليس له قيمة حقيقية.
 
 على القارئ أن يختار كتبه بنفسه. الاستماع للاقتراحات ليس جيدا على طول الخط. قد نستفيد من تجارب الأخرين واقتراحاتهم بشأن الكتب. أمر جيد؛ لكن لا يجب أن يغدو نهجا متبعا. إن اختيار الكتب هو جزء من ثقافة الكاتب، يعكس وجهته الثقافية وفلسفته الذاتية للحياة. بمعنى أن اختيارك لثقافتك هو الذي يحدد وجهتك الثقافية..
 
اقرأ حسب شغفك. في هذه الجزئية؛ هناك رأي يقول: اختار الكتب التي تجد فيها روحك، والتي تمثل روحك أنت، الكتب التي لا تعكر مزاجك، وتحافظ على روحك، وتبقي على انسجامك. ينطلق هذا الرأي من مسألة: أن الكاتب إذا حافظ على روحه وانسجامه، سوف يكتب بشكل جيد، وسوف يتفلسف من تلقاء ذاته.
 
ويسند أيضا الى مسألة: أن القارئ قد يقرأ كتبا كثيرة؛ لكنه قد لا يخرج منها بحصيلة. والسبب أنه يقرأ بمزاج مشتت، ويجد نفسه مجبرا على قراءة كتاب ربما لا يستسيغه أبدا؛ وبالتالي يفقد حساسيته بالكلمة والعبارة، وتتعكر لغته ونظامه العقلي، يواجه عطالة ذهنية فيشعر انه لا يستفيد مما يقرأه. وهناك قول شائع: "ليس مهما كم تقرأ؟ وإنما ماذا تقرأ؟ وكيف تقرأ؟"
 
في المقابل؛ هناك رأي آخر يقول: إن القراءة ليست عملية سهلة؛ بل تحتاج إلى بذل جهد شاق. بمعنى أنه ينبغي على القارئ أن يجاهد نفسه ومزاجه كي يقرأ كتابا قد لا يستسيغ فهمه أو لغته. شخصيا؛ لم أعد أميل لهذا الرأي.
 
يرى البعض أن من المهم أن يكون القارئ متخصصاً بنوع محدد من الثقافة، أن يقرأ في مجال معين، مثل "أن تسبح في بحيرة واحدة". فمثلا: لو كرس قارئ ما اطلاعه في التأريخ اليمني، فبعد مدة سيجد نفسه وقد أصبح مرجعا في هذا المجال، يعود اليه الآخرون، صحفيين وباحثين ومراكز دراسات...الخ.
 
هناك من يقول:" اقرأ في كل شيء.!" أو: "لا تنام قبل أن تقرأ شيئا جديداً"..
 
لدي قناعة أن كل كتاب تقرؤه يضيف لك شيئا جديدا. حتى الكتب الرديئة إن لم استفد منها شيئا، يكفي أن أعرف أنها رديئة.
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر