"مفاوضات سرية لتسوية مرتقبة".. اليمنيون يخشون شرعنة سلطة الحوثيين بعد سنوات في الجحيم

[ منذ انتهاء الهدنة في اكتوبر 2022 تجري مفاوضات سرية بين الحوثيين والسعودية برعاية عُمان (أ ف ب) ]

يتابع اليمني أحمد غالب (50 عاماً) وهو موظف حكومي من صنعاء أخبار وتسريبات عن قرب اتفاق بين الحوثيين والسعودية، لكنه ورغم الحديث عن صرف رواتب الموظفين حيث سيكون مستفيد من ذلك يقول انه يشعر بحالة من "التشاؤم مما تخبئه المفاوضات السرية على مستقبل البلاد".
 
في خضم التحركات الدبلوماسية المكثفة والمفاوضات الثنائية بين السعودية والحوثيين خلف الأبواب المغلقة للاتفاق على تسوية إنهاء الحرب، يخشى اليمنيون في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، من أي تسوية سياسية قد تشرّعن لبقاء سلطة الحوثيين واعتراف بهم، بعد ثمان سنوات من الجحيم.
 
وقال غالب في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أوضاعنا بمناطق سيطرة الحوثيين أصبحت مزرية وصعبة للغاية، ولا يمكن تحمل أكثر من ذلك، لكن ليس هذا ما نريده أن يكون في المستقبل بمباركة من الخارج في تسويات تحفظ مصالح خارجية لا مصالحنا كيمنيين".
 
وأضاف: "لقد عاش اليمنيون ثمان سنوات من الجحيم، لا رواتب، ولا أعمال، وتضيق وقمع وايدلوجيا متطرفة"، وأشار "أن تمكين الحوثيين يعني مزيداً من الفقر والجوع والظلم وغرس الأفكار والمعتقدات الطائفية، ونحن نريد الخلاص من هذا لحماية أبناءنا ومستقبلهم".
 
وتدخل الحرب الذي اشعلتها ميليشيا الحوثي في اليمن، عامها التاسع على التوالي، منذ اسقاطهم للدولة وسيطرتهم على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، أدت لمقتل مئات الآلاف من المدنيين ونزوح الملايين، وتسبب "بأسوأ أزمة إنسانية في العالم"، وفقا للأمم المتحدة.


تسوية غامضة

ومنتصف يناير/ كانون الجاري كشفت وكالة "أسوشييتد برس"، نقلاً عن مسؤولين يمنيين وسعوديين وأمميين، عن إعادة السعودية والحوثيين إحياء المحادثات بينهما، على أمل تعزيز وقف إطلاق النار منذ أكثر من 9 أشهر، ووضع مسار للتفاوض لإنهاء الحرب التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من سبع سنوات.
 
حتى هذه اللحظة لا تزال المباحثات السرية مستمرة بين الحوثيين والسعودية بوساطة عمانية وسط تسريبات ومعلومات تتحدث عن تركيز ميليشيا الحوثي على مطالب مالية من بينها ملف المرتبات دون تقديم ضمانات لوصول المرتبات لمستحقيها، إضافة لمطالب رفع القيود بشكل كلي أمام حركة الملاحة في مطار صنعاء وميناء الحديدة.
 
قالت الوكالة إن "السعودية طوّرت خريطة طريق مرحلية للتسوية، أيدتها الولايات المتحدة والأمم المتحدة"، ونقلت عن مصادر أممية بأن" التحالف الذي تقوده السعودية قدّم بموجبها عدداً من الوعود الرئيسية، للتوصل إلى اتفاق لإنها الحرب في اليمن".
 
وتثير التطورات الأخيرة قلق الحكومة اليمنية، أكد مسؤول حكومي يمني "أن المجلس الرئاسي يتخوّف من أن تقدّم السعودية تنازلات غير مقبولة للتوصل لاتفاق، كما اعتبر أن الحراك الحاصل أخيراً ترك الحكومة المعترف بها دولياً بلا صوت ولا خيار أمامنا سوى الانتظار"، وفق ما نقلت الوكالة الأمريكية.
 
ويترقب الشارع اليمني في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين ما ستسفر عنه المباحثات، ويخشون من تمكين الميليشيا خصوصاً في ظل التفاوض الثنائي الذي من المتوقع فرضة على الرئاسي اليمني، وهو ما يدفع اليمنيين إلى التخوف من نتائج المباحثات لصالح تمكين الميلشيات.
 
وقال رئيس هيئة التشاور والمصالحة اليمنية عبد الملك المخلافي بأن: "الوضع في اليمن أعقد من أي تبسيط، والمشكلة أكبر من أن تحل بالنوايا الحسنة، وأن الحوثي أكثر سوءًا مما يمكن وصفه، ولا يمكن أن يكون صانع سلام طالما والحرب والموت والقوة خياره، والعنصرية منطلقة في التعامل مع اليمنيين، والأيام كاشفه".
 


وأضاف وزير الخارجية اليمني السابق، - في تغريدة بموقع تويتر - "الشرعية واليمنيون جميعهم مع حل القضايا الإنسانية وإنهاء معاناة المواطن منذ الانقلاب الحوثي دون انتقاء، ودون تمكين الانقلاب، ودون إغفال أن إنهاء الانقلاب الذي استولى على الدولة هو الحل الحقيقي والشامل للقضايا الإنسانية وبداية الطريق لعودة اليمن لشعبها وأمتها العربية".
 
من جانبه قال الباحث في الشؤون العسكرية والاستراتيجية الدكتور علي الذهب "بعد مرور ثمان سنوات من الحرب في اليمن، يبدو أن السعودية أيقنت بأنه لا جدوى من استمرار الحرب خاصةً أن تكون هي طرف فيها، لذلك فهي تحاول الخروج من هذه الحرب بوصفها طرفاً خارجياً".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "لا مانع للسعودية من استمرار الاقتتال الداخلي بين اليمنيين ما دام وأنها استطاعت الخروج ولو جزئيا من هذه الحرب وحمت نفسها من اي هجمات أو تهديدات من قبل الحوثيين أو حلفائهم في المنطقة مشيراً بأن لديها الاستعداد أن تبذل ما بوسعها لتلبية مطالب الحوثيين".
 
وأشار الباحث الذهب "أن ذلك يسقط عنها جزئيا التعويضات الناجمة عن الحرب، لأنها عندما تلبي مطالب الحوثيين وفرض شروط الحوثيين على الحكومة يعد ذلك جزء من المقايضة"، ولفت "أن الحوثيين يتعاملون حتى اللحظة مع المفاوضات باعتبارها تتعلق فقط بالجانب الإنساني، وليس لها علاقة بالجانب السياسي".
 

هروب الحوثيين من أزمتهم وعجز حكومي

يعيش اليمنيون في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين أوضاعًا قاسية نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية، وانقطاع الرواتب الحكومية، وانعدام فرص العمل، وسط حالة سخط غير مسبوقة من قبل المواطنين الذين بدوا يرفعون أصواتهم رفضاً للحوثي في احتجاجات لافته خلال الأشهر الماضية.
 
وخلال نحو عشرة أشهر من الهدنة وجد الحوثيين أنفسهم أمام تصاعد للغضب الشعبي، وحالة احتقان حيث لم توفر او تغير من الواقع السيئ شيء، وقال رئيس مركز أبعاد للدراسات عبد السلام محمد "وضع الحوثيين الداخلي ينبئ عن احتمالية انفجار ثورة شعبية ضدهم نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنين".
 
وأضاف في حديث لـ"يمن شباب نت"، "أنهم من خلال التفاوض مع السعودية يبحثون عن متنفس لتخفيف الضغط عليهم"، مشيراً إلى "أنهم يريدون أن يحققوا انتصار معنوي"، وربما يبدو ذلك بارزاً من خلال استعراض قيادات الجماعة بالتهديدات خلال الأشهر الماضية.
 


ويرى الدكتور الذهب أن "آمال اليمنيين تبددت إذ أن الحكومة واطرافها المختلفة يعملون كوكلاء في المقام الأول، بالإضافة إلى غياب القاسم المشترك الذي يجمع كل الأطراف التي تفتقر الهوية الوطنية الواحدة التي تجمع كافة القوى تحت إطار واحد".
 
وعن مستقبل حسم المعركة عسكريا مع الحوثيين يقول الذهب لـ يمن شباب نت"، "الحسم العسكري ما يزال هو العنوان البارز ضمن أجندات الشرعية لكنها مقيدة ومنزوعة القرار، إذ أن قرارها بيد التحالف" لافتاً إلى "وجود ضغوطات دولية على الحكومة بالإضافة إلى دور الأطراف الخارجية في تفكيك صفوف الشرعية وتبديد قرارها وسيطرتها على المشهد بكله".
 

توقعات التسوية مع الحوثيين

يعتقد الصحفي اليمني عبد الله دوبله بأن "تحقيق اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار في اليمن لن يفضي إلى شيء، وأن التسوية السياسية بعده قد تتطلب سنوات لتنجز، وان انجزت شيئا فهو لن يغادر النموذج العراقي بعد الاحتلال".
 
وأضاف - في تغريدة بموقع تويتر - "الفرق أن العراق غني ما يعوض هذا التشوه فيما اليمن فقير، وسيظل بحاجة لجيرانه".
 
من جانبه يستبعد الدكتور الذهب، أن تقود المفاوضات إلى تسوية سياسية خلال المدى القصير، وقال: "أن الحوثيون حتى اللحظة يقولون بأنها مفاوضات إنسانية تتعلق بالجانب الإنساني أي أن الجانب السياسي لم يأخذ دوره حتى اللحظة".
 
وأضاف: "في حال قادت المفاوضات الحالية إلى تسوية سياسية فإننا قد ندخل في مفاوضات طويلة قد تُبقى على الحوثيين مثل "ضاحية بيروت " لكنها بجغرافيا أوسع"، مشيراً إلى "أنها قد تضيق في حال إذ استمرت الحرب وانحصرت داخل المحافظات الشمالية".
 
وأوضح الباحث الذهب "الاتجاه العام يسير نحو التسوية، لكن ما تقوم به السعودية والإمارات هو الدفع ببقاء المواجهات تحت أي شكل من الأشكال في المحافظات الشمالية بين الحوثيين وبين القوى الشمالية الصلبة الموجودة على الأرض في تعز، وفي الساحل، وفي مأرب، وفي حجة، وفي صعدة وما تبقى من اجزاء الجوف".

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر