استثمار مخابراتي بإشراف إيراني.. كيف حول الحوثيون الاتصالات في اليمن لأداة حرب؟

[ الاتصالات في اليمن أداة حوثية للتجسس على معارضيها (Getty) ]

كشفت مبادرة يمنية مستقلة، معلومات ووثائق عن مدى التدخل الإيراني في قطاع الاتصالات في اليمن، وتسخيره لصالح ميليشيا الحوثي في الجانب الاستخباراتي والاستثماري والمالي.

جاء ذلك في التقرير الذي أصدرته مبادرة استعادة (regain yemen)، المعنية برصد وتوثيق جرائم النهب والفساد والجريمة المنظمة وتعقب الأموال الحوثية، والذي حمل عنوان "سيطرة الحوثيين على قطاع الاتصالات في اليمن الاتصالات أداة حرب لا خدمة". 

وعرض التقرير ثائق ومعلومات تتحدث عن قيام الحوثيين بتنفيذ مشروع استثماري استخباراتي يشرف عليه خبراء إيرانيون من شركتي الما وبي ار تل الإيرانيتين، ومن جانب الحوثيين عبد الله مسفر الشاعر كطرف ممثّل لهم، إضافة إلى القائم بأعمال المدير التنفيذي لشركة "واي" ومدير شركة "فايبر فون" إبراهيم هاشم يحيى الشامي، وعبد الله حسين عبد الله الشهاري (ممثّل لشركة يو) بهدف إدارة قطاع الاتصالات في اليمن وكيفية تنمية استثماراته.

وأوضح أن ميليشيا الحوثي كلفت قيادات أخرى في الجانب الاستخباراتي وهم محمد حسين بدر الدين الحوثي، مدير دائرة الاتصالات العسكرية المشرف العام على برنامج التشارك الحوثي الإيراني، ومحمد ناصر أحمد مساعد (أبو عصام) مدير دائرة الاتصالات الجهادية (الاتصالات الخاصة بالميليشيا)، وعبدالخالق أحمد محمد حطبة نائب مدير دائرة الاتصالات العسكرية، وكذلك محمد محسن حسين المتوكل الملقب أبو بدر المتوكل، وينتحل اسما آخر هو محمد محسن الشهاري كحلقة الوصل الرئيسية بين الحوثيين والإيرانيين في مشروع التشارك.


الشركة الوسيطة

وسرد التقرير معلومات عن لقاءات وتنسيقات عقدت بين الجانبين (الحوثيين والإيرانيين) بشكل مباشر وغير مباشر وعبر شركة "فايبر فون" التي استحدثها الحوثيون لتكون بمثابة الشركة الوسيطة المزوّدة لخدمات الاتصالات في اليمن مع ممثّل الجانب الإيراني شركة "الما" الإيرانية وشركة "بي ار تل" اللتين تقومان بتقديم الخدمات الاستشارية والدعم اللوجستي الاستخباراتي والاستثماري لميليشيا الحوثي، إضافة إلى الاستشارات الفنية.

ويمثّل مشروع التشارك الدينامو الرئيسي المحرّك والمخطّط اللوجستي لقطاع الاتصالات في اليمن والذي سخّرت له كل الإمكانيات من أجل تحقيق أهداف الميليشيا استثمارياً وعسكرياً واستخباراتياً، وفق التقرير.

كما تطرق إلى تحايل ميليشيا الحوثي على القرارات والعقوبات الدولية التي طالت صالح مسفر الشاعر الحارس القضائي والذراع اليمنى للموارد المالية للميليشيا والذي فرضت عليه عقوبات دولية، من خلال تمكين شقيقه عبد الله مسفر الشاعر من قطاع الاتصالات والاستثمارات الخاصة به عبر شركة "شبام" القابضة التي تدير حالياً مجموعة من الاستثمارات الحوثية من بينها قطاع الاتصالات.


حلقة الوصل بين الحوثي وطهران

ويمثّل عبد الله مسفر الشاعر حلقة الوصل بين الجانب الإيراني الاستثماري وبين ميليشيا الحوثي. فيما يقوم محمد حسين الحوثي نجل حسين الحوثي مؤسس ميليشيا الحوثي بمهام إدارة الاتصالات داخليا في الخفاء.

وحسب التقرير، أنه بعد دخول ميليشيا الحوثي إلى صنعاء في العام 2014 أحكمت سيطرتها على مؤسّسات الدولة ومن بينها وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وقامت بإحلال وكلاء للوزارة ومدراء عموم وقيادات للمؤسّسات المختلفة من قيادات عقائدية تابعة للميليشيا الحوثية والذين يشرف عليهم متخصّصون في الاتصالات من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني. 

كما قامت المليشيا بـ"حوثنة" جميع الشركات والمؤسّسات التي تقدّم خدمات الاتصالات الحكومية مثل "تيليمن"، و"يمن نت"، والمؤسّسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية، و"الهيئة العامة للبريد والتوفير البريدي"، و"يمن موبايل".


عمليات تجسس

فيما يشكّل قطاع الاتصالات أحد أهم الموارد المالية واللوجستية للميليشيات الحوثية لاستمرار حربها ضد الشعب اليمني، إضافة إلى تسخيرها للاتصالات في جرائمها وانتهاكاتها بحق المعارضين، واستخدامها في انتهاك حرمات وخصوصيات المواطنين والمعارضين للميليشيات عبر التجسّس على اتصالاتهم ورصد تحرّكاتهم بغرض ابتزازهم وتطويعهم لخدمة توجّهاتها وأفكارها ومعتقداتها، والتجسّس على قيادات وأفراد الجيش ورصد تحرّكاتهم بغرض جمع المعلومات واستهداف القيادات والمقرّات والتجمّعات، والضغط على جبهات القتال لصالح الميليشيا عبر التحكّم في إغلاق وفتح خدمات الاتصالات في أماكن المواجهات بما يخدم تعزيز قدراتها وتفوقها على حساب القوات الشرعية.

كما أكد تسخير ميليشيا الحوثي خدمات الاتصالات كأداة من أدوات خطابها الإعلامي من خلال حجب المواقع والتطبيقات وإجبار المواطنين على متابعة المواقع والأخبار التابعة للميليشيات بغرض تجريف الهوية اليمنية وشحن المجتمع بمعتقداتها وأفكارها الهدّامة، وتسخير العائدات الكبيرة لقطاع الاتصالات في تمويل حروبها.


تفاصيل سرية

وكشف التقرير لأول مره التفاصيل السرية لصفقة استحواذ الحوثيين على شركة mtn في اليمن وتحويلها إلى شركة you تحت ستار الشركة اليمنية العمانية المتحدة وتفاصيل ومعلومات تنشر لأول مرة بالوثائق ونسبه الحوثيين والعمانيين في الصفقة.

كما تطرق التقرير إلى كيفية سيطرة الحوثيين على شركة واي وسبأفون وحجم الأموال التي تجنيها الجماعة الحوثية من قطاع الاتصالات وشركة يمن موبايل، إضافة إلى من يقوم بعملية تهريب المكالمات الدولية لصالح جهاز الأمن والمخابرات، و بإشراف مباشر من رئيس جهاز المخابرات عبدالحكيم الخيواني الكرار ومسؤول الاتصالات وتهريبها محمد أحمد العزي أبو نجم.


اجراءات حكومية

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر مطلعة الثلاثاء "أن الحكومة اليمنية شرعت في إجراءات الاستحواذ على أصول وممتلكات شركة MTN للاتصالات في المحافظات المحررة، والتي تم الاستحواذ عليها مطلع العام الجاري 2022 من قبل شركة استثمارات عُمانية". 

وأفادت المصادر "أن مجلس الوزراء أصدر قرار يقضي وضع اليد على كافة الأصول والممتلكات التي تخص شركة ام تي ان، وايقاف الخدمة عن الشركة البديلة المسماة اليمنية العمانية حيث لم تعترف الحكومة بعملية الاستحواذ التي تمت من قبل الشركة العُمانية". 

واطلع "يمن شباب نت" على وثيقة رسمية أوضح "أن قرار الحكومة أصدر في 19 مايو/ آيار الماضي، بناء على تقرير مقدم من وزارة الاتصالات بشأن معالجة الوضع القائم للاتصالات خاصة شركة ام تي ان، عقب رفض الوزارة عملية الاستحواذ". 

بناء على اعتماد وضع يدها على أصول الشركة، كلفت الحكومة خمس وزارات (المالية، الاتصالات، الصناعة والتجارة، حقوق الانسان والشؤون القانونية)، اتخاذ الاجراءات واعتماد الموازنة التشغيلية وشراء سنترالات جديدة وربطها بالسنترالات الموجودة بما فيها عدن نت. 


إغلاق مكاتب الشركة في عدن ومأرب

وأمس الاثنين، أغلقت الأجهزة الأمنية مكاتب الشركة التي استحوذت على أم تي إن، والتي باتت تحمل اسم "YOU" اختصارا لاسم شركة الاتصالات اليمنية العمانية، وأوقفت خدمتها في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) ومحافظة مأرب، بموجب أمر من النيابة العامة. 

وعقب ذلك أعلنت الشركة المستحوذة على "إم. تي. إن" (الشركة اليمنية العمانية المتحدة للاتصالات "YOU")، توقف خدماتها في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن) لأسباب خارجة عن إرادتها، ونوهت أن الأرقام الأرصدة للمشتركين ستظل محفوظة لحين عودتها. 

وفي منتصف يناير/ كانون ثاني مطلع العام الجاري، أعلن مسؤول بشركة الزمرد الدولية الاستثمارية العمانية، أن الشركة اعتمدت علامة تجارية جديدة بدلاً من علامة "إم. تي. إن" (MTN) للهاتف المحمول في اليمن، بعد استحواذها على معظم أسهم "إم. تي. إن". 


الاستحواذ على MTN

وكانت شركة الزمرد الدولية الاستثمارية العمانية أعلنت في 22 نوفمبر استحواذها على 97.8% من أسهم "إم.تي.إن" للهاتف المحمول في اليمن، بعد أيام من إعلان المجموعة الجنوب أفريقية انسحابها من اليمن. 

ورفضت وزارة الاتصالات في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في 23 نوفمبر/ تشرين ثاني 2021، الاعتراف بالإجراءات التي اتخذتها "إم.تي.إن" لإنهاء خدماتها في البلاد وبيع أسهمها إلى شركة اتصالات أخرى، في الوقت التي كانت تجري الترتيبات النهائية لإعلان عملية استحواذ الشركة العمانية بشكل رسمي. 

وقالت الوزارة في بيان حينها، إن "ستتخذ الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على الحقوق القانونية للحكومة الشرعية وحماية المستهلك اليمني والمستخدم للشبكة، وحق الحكومة في ملاحقته وفقا للقوانين اليمنية والدولية". 

وفي 13 فبراير/ شباط الماضي - أي بعد شهر من الإعلان الرسمي على الاستحواذ على شركة أم تي إن - قالت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، إنها "وجهت باتخاذ الاجراءات القانونية والفنية ضد شركة "إم تي إن" لمخالفتها للقانون والترخيص الممنوح لها"، جاء ذلك خلال اجتماع الحكومة الأسبوعي. 

وبشأن البدائل، اقترح مجلس الوزراء في قراره مقترحين الأول - بحسب الوثيقة التي أطلع عليها "يمن شباب نت"، "منح ترخيص لشركة جديدة مزود للخدمة بالشراكة مع الحكومة اليمنية ممثلة بوزارة الاتصالات أو المؤسسة العامة للاتصالات وفق نسب يتم الاتفاق عليها، بحيث يحتسب ما تم الاستحواذ عليه من اصول شركة ام تي ان ضمن حصة الحكومة". 

فيما يقضي الثاني "الدخول بشراكة ما بين الحكومة اليمنية وشركة هاتف نقال تعمل بالمحافظات المحررة ومرخص لها من قبل الحكومة على أن يتم احتساب الأصول التي تم الاستحواذ عليها من ام تي ان ضمن حصة الحكومة وفق نسب يتم الاتفاق عليها". 

وفي 24 إبريل/ نيسان الماضي، فرضت نيابة الأموال العامة، الحجز التحفظي على أصول الشركة، لأسباب تتعلق بمتأخرات الضرائب لعدة سنوات، والتي بلغت 24 مليار و238 مليون ريال يمني (الدولار 1,100 بمناطق سيطرة الحكومة) وهي متأخرات ضرائب مبيعات لثلاثة أعوام (2015، 2016، 2017). 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر