"يمن شباب نت" ينشر الترجمة الكاملة لتحقيق استقصائي أمريكي يكشف تعاقد الإمارات مع مرتزقة امريكيين لتنفيذ اغتيالات في اليمن

[ تحقيق استقصائي لصحيفة الكترونية امريكية يكشف تعاقد الامارات مع مرتزقة امريكيين لتنفيذ اغتيالات ضد شخصيات سياسية ودينية في اليمن ]

 
نشر موقع "بز فييد نيوز" الأمريكي تحقيقاً استقصائيا عن تعاقد الإمارات مع مرتزقة أمريكيين لتشكيل خلية لإدارة عمليات اغتيال في اليمن ضد كوادر حزب الإصلاح وخاصة في مدينة عدن (جنوب اليمن) والعاصمة المؤقتة للبلاد.
 
وفي هذا التحقيق الاستقصائي المطول، استند الصحفي الاستقصائي أرام راستون (Aram Roston)، منفذ التحقيق، على إجراء مقابلة مع قائد فريق المرتزقة، ونشر فيديو مصور بطائرة لعملية محاولة اغتيال فاشلة كانت تستهدف رئيس حزب الإصلاح في عدن "إنصاف مايو"، في 29 ديسمير/كانون أول 2015، وهي إحدى العمليات التي نفذها المرتزقة الذين يعملون لحساب شركة أمريكية استأجرتها الإمارات.
 
واستعرض التحقيق تفاصيل حصرية كثيرة، بما في ذلك كيف عقدت الصفقة بين قائد الفريق والجانب الاماراتي الذي مثله الفلسطيني محمد دحلان، حيث يعمل حاليا مستشارا لمحمد بن زايد. كما قدم التحقيق تفاصيل العملية الفاشلة لا غتيال القيادي بحزب الاصلاح بعدن، إنصاف مايو. 

 
وهنا ينشر "يمن شباب نت" الترجمة الكاملة لنص التحقيق مع الصور التي تضمنها، (كما تجدون تسجيل العملية بالفيديو نهاية الصفحة):  
 

احتضن البندقية الألية من طراز "إي كي 47" ولعق قطعة ثلج مدورة على نهاية عود، وأرتطم البريه الأخضر للجندي الأمريكي السابق في مؤخرة سيارة دفع رباعي مدرعة أثناء تجوالها في شوارع عدن المظلمة.
 
وكان هناك مغواران أخران من قوات الكوماندوز من الجنود السابقين لقوات البحرية في هذه المهمة. وكمقاتلين من النخبة في العمليات الخاصة الأمريكية، كانوا يتكئون على رصيد سنوات من التدريب المتخصص من قبل الجيش الأمريكي لحماية أمريكا.
 
 لكنهم الآن يعملون لحساب سيد مختلف: شركة أمريكية خاصة استأجرتها الإمارات العربية المتحدة، وهي دولة ملكية صحراوية صغيرة على الخليج الفارسي. (يطلق الأمريكيون على الخليج العربي هذه التسمية).
 
في تلك الليلة، 29 ديسمبر 2015، كانت مهمتهم تنفيذ عملية اغتيال.
 
وكان هجومهم المسلح، الذي وصفه أثنين من المشاركين لبزفيد نيوز (BuzzFeed News)، وتم تأكيده من خلال لوحة مراقبة طائرة بدون طيار، هو أول عملية في مشروع ربحي مذهل.
ولعدة أشهر في اليمن التي مزقتها الحرب، عمل بعض الجنود الأميركيين الأكثر تدريباً في مهمة مرتزقة ذات مشروعية غامضة لقتل رجال دين بارزين وشخصيات سياسية إسلامية.
 
كان هدفهم في تلك الليلة: أنصاف علي مايو، القيادي المحلي في حزب الإصلاح السياسي الإسلامي. حيث تعتبر الإمارات أن الإصلاح يمثل الفرع اليمني لجماعة الإخوان المسلمين في العالم، والتي تعتبرها الإمارات منظمة إرهابية.
 
ويصر العديد من الخبراء على أن حزب الإصلاح، الذي فاز أحد أعضائه بجائزة نوبل للسلام، ليس جماعة إرهابية. حيث يقولون إنه حزب سياسي شرعي يهدد دولة الإمارات ليس من خلال العنف بل بالتحدث ضد طموحاتها في اليمن.
 
وكانت خطة المرتزقة هي إلصاق قنبلة مملؤة بشظايا على باب مقر الإصلاح، بالقرب من ملعب كرة قدم في مدينة عدن. والانفجار، بحسب ما وصف أحد قادة الحملة (المهمة)، الناجم عن هذه القنبلة كان من المفترض أن "يقتل جميع من بداخل المبنى".
 
وعند وصولهم عند الساعة 9:57 في الليل، بدى الجميع هادئون. حيث تسلل الرجال من على سيارات الدفع الرباعي وبنادقهم على أهبة الاستعداد ثم حمل أحد الرجال العبوة المتفجرة نحو المبنى. ولكن عندما كان على وشك الوصول إلى الباب، فتح عضو آخر من الفريق النار، وأطلق النار على طول الشارع الخافت لتنكشف على إثر ذلك خطتهم المصممة بعناية.
 
 
وكانت العملية ضد القيادي انصاف مايو - والتي تداولتها التقارير الصحفية في حينها ولكن حتى الآن لم يكن معروفًا ان من قام بتنفيذها هم مرتزقة أميركيين- تمثل نقطة محورية في الحرب في اليمن، التي تشهد صراعا وحشياً يتضور الأطفال فيه من الجوع، كما قصفت القرى، وتفشت الأوبئة مثل الكوليرا في صفوف السكان المدنيين.
 
 وكان هذا التفجير هو أول هجوم ضمن سلسلة من الاغتيالات التي لم تنتهي وأدت إلى مقتل أكثر من عشرين من قادة الحزب.
 
الشركة التي استأجرت الجنود ونفذت الهجوم هي مجموعة عمليات "سبير" (الرمح)، التي تأسست في ولاية ديلاوير وأسسها أبراهام جولان، وهو مقاول أمن هنغاري إسرائيلي ذو شخصية كارزمية يعيش خارج بيتسبرغ. وكان هو من قاد عملية الفريق ضد القيادي الاصلاحي انصاف مايو.
 
وقد تحدث مع موقع "بز فيد نيوز" (الأمريكي) قائلا: "كان هناك برنامج اغتيال مستهدف في اليمن"، مضيفاً "كنت أركض. لقد فعلناها. وقد أبرمتها الإمارات وهي ضمن التحالف".
 
وتقود دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تحالفًا من تسعة بلدان في اليمن حيث يخوضون حربًا بالوكالة ضد إيران. وتساعد الولايات المتحدة الجانب السعودي الإماراتي من خلال توفير الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية وغيرها من أشكال الدعم.
 
ورفض المكتب الاعلامي لسفارة الولايات المتحدة في الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى شركة هاربر جروب التابعة لشئونها العامة في الولايات المتحدة، الرد على عدد من المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني.
 
إن الكشف عن أن الحكومة الملكية في الشرق الأوسط استأجرت الأمريكيين لتنفيذ الاغتيالات تأتي في لحظة يركز فيها العالم على القتل المزعوم للصحافي المعارض جمال خاشقجي من قبل المملكة العربية السعودية، وهو نظام استبدادي له علاقات وثيقة مع كل من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة. (لم ترد السفارة السعودية في الولايات المتحدة على طلب للتعليق. وقد نفت الرياض أنها قتلت خاشقجي، رغم أن تقارير إخبارية تشير إلى أنها تفكر بإلقاء اللوم في وفاته على استجواب فاشل).
 
وقال جولان إنه خلال فترة تعاون شركته في اليمن، كان فريقه مسؤولاً عن عدد من الاغتيالات لشخصيات بارزة في الحرب، رغم أنه رفض تحديد أي واحد منها. وجادل في أن الولايات المتحدة بحاجة إلى برنامج اغتيال مماثل للنموذج الذي نشره. وقال "أنا فقط أريد أن يكون هناك نقاش"، واضاف "ربما أنا وحش، ربما يجب أن أكون في السجن، ربما أنا شخص سيئ لكنني على حق".
 
وتشير مهمة الاغتيال الخاصة التي تقوم بها مجموعة عمليات سبير (الرمح) إلى التقاء ثلاثة مشاريع تطوّر طريقة الحرب في جميع أنحاء العالم:
 
1 - أن مكافحة الإرهاب الحديثة تحولت من الأهداف العسكرية التقليدية - مثل تدمير المطارات، أو مواقع المدافع، أو الثكنات – الى قتل أفراد معينين، وإعادة تشكيل الحرب إلى حد كبير في الاغتيالات المنظمة.

2- أن الحرب أصبحت مخصخصة بشكل متزايد، مع قيام العديد من الدول بالاستعانة بمصادر خارجية لتقديم خدمات الدعم العسكري عبر مقاولين خاصين، مما جعل القتال في الخطوط الأمامية بمثابة الوظيفة الوحيدة التي لم تتعاقد فيها الولايات المتحدة والعديد من الجيوش الأخرى مع المشاريع الربحية.

3- اعتمدت الحروب الأمريكية الطويلة في أفغانستان والعراق بشكل كبير على القوات الخاصة النخبوية، مما أنتج عشرات الآلاف من الكوماندوز الأمريكيين المدربين تدريبا عاليا والذين يمكنهم المطالبة بمرتبات عالية من القطاع الخاص للتعاقدات الدفاعية أو العمل المرتزق الصريح.
 
مع مهمة مجموعة عمليات سبير (الرمح) في اليمن، تقاربت هذه الاتجاهات في عمل جديد ومثير للاشمئزاز يتمثل في صفقات القتل العسكري، ينفذها مقاتلون أمريكيون ماهرون.
 
وقال خبراء إنه من غير المتصور أن الولايات المتحدة لم تكن تعلم أن الإمارات التي تدربها الولايات المتحدة وتسلحها على كل المستويات تقريبا، استأجرت شركة أمريكية يعمل بها قدامى المحاربين الأمريكيين لتنفيذ برنامج اغتيال في حرب تقوم بمراقبتها عن قرب.
 
 وكان أحد المرتزقة، وفقاً لثلاثة مصادر على اطلاع بالعملية، معتادًا على العمل مع "الفرع البري" التابع لوكالة المخابرات المركزية، التي تساوي القوات العسكرية الخاصة بالجيش. حيث كان أحدهم رقيب في القوات الخاصة في الحرس الوطني لجيش ولاية ماريلاند.
 
والأخر، وفقا لأربعة أشخاص ممن عرفوه، كان لا يزال ضمن قوات الاحتياط البحرية كضابط بحرية وكان لديه تصريح سري للغاية. لقد كان أحد المخضرمين في فريق SEAL 6، أو DEVGRU، حسبما أخبرت المصادر موقع بز فيد نيوز- BuzzFeed News. وقد وصفت صحيفة نيويورك تايمز ذات مرة وحدة النخبة، الشهيرة بقتل أسامة بن لادن باعتبارها "أداة إبادة بشرية عالمية بإشراف خارجي محدود".
 
إجراءات التدقيق 
 
وقالت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية إنه ليس لديها أي معلومات عن برنامج الاغتيال بواسطة المرتزقة، ورفضت القيادة الحربية الخاصة بالبحرية التعليق. وتحدث مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية عمل في الإمارات العربية المتحدة في البداية مع موقع بزفيد نيوز- BuzzFeed News- قائلا إنه لا سبيل للسماح للأمريكيين بالمشاركة في مثل هذا البرنامج.
 
ولكن بعد التحقق من ذلك، تذكر قائلا "كان هناك أشخاص يقومون بشكل أساسي بما قلته". وكان مندهشًا مما علم بشأنه متسائلا "ما هي إجراءات التدقيق للتأكد من أن الرجل الذي تشتبه به هو حقًا شرير؟" ثم قال إن المرتزقة هم "تقريباً مثل عصابة للقتل".
 
وما إذا كانت عملية مرتزقة "سبير" تنتهك القانون الأمريكي أم لا فهي مسالة غير واضحة بشكل مدهش. فمن ناحية، يجعل قانون الولايات المتحدة من غير المشروع "التآمر لقتل أو خطف أو تشويه" أي شخص في بلد آخر.
 
ومن المفترض أن تقوم وزارة الخارجية بتنظيم الشركات التي تقدم خدمات عسكرية لدول أجنبية، والتي تقول إنها لم تمنح أبداً أية شركة سلطة لتقديم قوات مقاتلة أو مرتزقة الى دولة أخرى.
 
 ومع ذلك، وكما ذكر موقع BuzzFeed News سابقاً، فإن الولايات المتحدة لا تحظر المرتزقة. ومع بعض الاستثناءات، فمن القانوني تماما أن تتم الخدمة في الجيوش الأجنبية، سواء كان المرء مدفوعًا بالمثالية أو المال.
 
وفي ظل غياب أي تبعات قانونية، خدم الأميركيون في جيش الدفاع الإسرائيلي، والفيلق الفرنسي الخارجي، وحتى ضمن ميليشيا تقاتل داعش في سوريا.
 
 ووفقا لثلاثة مصادر فقد رتبت مجموعة عمليات الرمح "سبير"، لدولة الإمارات العربية المتحدة منح رتب عسكرية للأميركيين المشاركين في المهمة، والتي قد توفر لهم غطاء قانوني.
 
وعلى الرغم من العمل في منطقة غير واضحة قانونيا وسياسيا، فإن جولان يفصح عن وسمه الخاص بالاغتيالات المستهدفة باعتبار ذلك استراتيجية دقيقة لمكافحة الإرهاب مع عدد أقل من الضحايا المدنيين.
 
 لكن عملية انصاف مايو تشير إلى أن هذا الشكل الجديد من الحرب يحمل العديد من المشاكل القديمة نفسها. حيث كانت خطط الكوماندوز تنحرف، وأثبتت المخابرات أنها خاطئة. حيث كانت عمليتهم بعيدة عن النجاح اذ ان العبوة الناسفة التي الصقوها بباب مقر الاصلاح مصممة لقتل جميع في المكتب وليس شخصا واحدا.
 
وبعيداً عن الاعتراضات الأخلاقية، تضيف الاغتيالات الموجهة بغرض الربح معضلات جديدة للحرب الحديثة حيث يعمل المرتزقة الخاصون خارج سلسلة القيادة العسكرية الأمريكية، ولذلك إذا ارتكبوا أخطاء أو جرائم حرب، فانه لا يوجد نظام واضح لمحاسبتهم. وإذا كان المرتزقة قد قتلوا مدنيًا في الشارع، فمن سيحقق في الأمر؟
 
وتكشف مهمة (أغتيال) القيادي انصاف مايو، مشكلة أكثر مركزية: تتمثل في اختيار الأهداف. ويصر جولان على أنه قتل فقط الإرهابيين الذين حددتهم حكومة الإمارات العربية المتحدة، حليف الولايات المتحدة. لكن من هو الإرهابي ومن هو السياسي؟ وما هو الشكل الحديث من أشكال الحرب، وما هو مجرد القتل المأجور من الطراز القديم؟ ومن له الحق في اختيار من يعيش ومن يموت - ليس فقط في حروب الدول الملكية السرية مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، بل أيضاً في الدول الديمقراطية مثل الولايات المتحدة؟
 
 وقد قام موقع بوز فيد BuzzFeed بربط تفاصيل القصة الخفية للهجوم على مقر قيادة حزب الإصلاح مع بعضها، لأكتشاف كيف تبدو حرب المرتزقة الآن - وماذا يمكن أن تصبح.


 
تفاصيل القصة

الصفقة التي جلبت المرتزقة الأمريكان إلى شوارع عدن تم ابرامها على مأدبة غداء في أبو ظبي، في مطعم إيطالي في نادي الضباط في قاعدة عسكرية إماراتية. جولان وضابط في سلاح البحرية الأمريكية السابق الذي تم خداعه ويدعى إسحاق غيلمور استقلا طائرة من الولايات المتحدة لعقد صفقتهم. وذلك، كما تذكر جيلمور، لم يحدث بشكل جيد.
 
وكان مضيفهم محمد دحلان، رئيس الأمن السابق والعقل المدبر للسلطة الفلسطينية يرتدي بدلة مصممة بشكل جيد، ينظر إلى المرتزقة الضيوف ببرود وأخبر جولان بأنه في سياق آخر ربما سيحاولون قتل بعضهم البعض.
 
 في الواقع، لقد شكل الاثنان زوجًا غير متوقع. فجولان، الذي يقول إنه ولد في هنغاريا لأبوين يهوديين، يحافظ على علاقات طويلة الأمد في إسرائيل بسبب عمله الأمني، حسب مصادر عدة، ويقول إنه عاش هناك لعدة سنوات.
 
وقد شارك جولان مرة في لندن في حفلة مع رئيس الموساد السابق داني ياتوم، وفقا لمقال صدر عام 2008 لماذرجونز، وكان تخصصه "توفير الأمن لعملاء الطاقة في أفريقيا". وكانت أحد صفقاته وفقا لثلاثة مصادر هي حماية السفن خلال الحفر في حقول النفط البحرية النيجيرية من التخريب والإرهاب.
 
جولان يطلق اللحية كليا ويدخن سجائر المارلبورو الأحمر، يشع بالحماس وصفه مسؤول سابق في وكالة الاستخبارات المركزية بانه سمسار جيد. جولان نفسه، الذي يقرأ جيداً وغالباً ما يستشهد بالفلاسفة والروائيين، يقتبس لأندريه مالرو قوله "ليس الإنسان هو ما يعتقده بل ما يخفيه".
 
ويقول جولان إنه تلقى تعليمه في فرنسا، وانضم إلى الفيلق الخارجي الفرنسي وسافر في جميع أنحاء العالم، وكثيراً ما كان يقاتل أو ينفذ عقوداً أمنية. وفي بلغراد، كما يقول، تعرّف على المقاتل شبه العسكري ورجل العصابات شتيلكو رازوني فيتش  ?eljko Ra?natovi? ، المعروف باسم Arkan، والذي اغتيل في عام 2001. حيث قال: "اكن الكثير من الاحترام لأركان".
 
ولم يتمكن موقع BuzzFeed News من التحقق من أجزاء من سيرة جولان، بما في ذلك خدمته العسكرية، لكن غيلمور وشخص آخر مخضرم في العمليات الخاصة الأمريكية والذي كان معه في الميدان قال إنه من الواضح أنه يتمتع بخبرة في مجال التجنيد.
 
وقال مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية إنه يعتبر كفوءاً وقاسًيا ودقيق. وقال ضابط سابق في وكالة المخابرات المركزية، إنه "ميال للمبالغة"، لكنه قال: "بالنسبة لقذارة مجنون فهو النوع المناسب لرجل تستأجره".
 
أما دحلان، الذي لم يستجب لرسائل متعددة أرسلت من خلال شركائه، فقد نشأ في مخيم للاجئين في غزة، وخلال انتفاضة الثمانينيات أصبح لاعباً سياسياً رئيسياً. في التسعينات، تم تعيينه رئيسًا للأمن الفلسطيني في غزة، حيث أشرف على حملة قاسية ضد حماس في عامي 1995 و1996.
 
والتقى في وقت لاحق بالرئيس جورج دبليو بوش وأقام علاقات قوية مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، حيث التقى بمدير الوكالة جورج تينيت عدة مرات. وكان دحلان يوصف في وقت من الأوقات بأنه قائد محتمل للسلطة الفلسطينية، ولكن في عام 2007 سقط اعتباره، واتهمته السلطة الفلسطينية بالفساد، واتهمته حماس بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية وإسرائيل.
 
وكرجل بدون بلد، فر إلى الإمارات العربية المتحدة. ويقال إنه اعاد صناعة نفسه كمستشار رئيسي لولي عهد الإمارات محمد بن زايد آل نهيان، الحاكم الحقيقي لأبو ظبي. وقال الضابط السابق لوكالة المخابرات المركزية الذي يعرف دحلان، "إن الإمارات العربية المتحدة تمسكت به كثور الحفرة". (تعبير أمريكي يشار فيه إلى تشكيلة متنوعة من كلاب الصيد الأمريكية الشبيهة بالثور الذي يقاتل من أجل الصعود، ويطلق عليها "الكلب الثور"، وهي مشهورة ببنيتها العضلية وارتبطت بالشراسة غالبا).
 
حاليا، على الغداء في نادي الضباط، تحدى ثور الحفرة زواره ليخبروه بماذا يتميز المقاتلين من أمريكا. ولماذا كانوا أفضل من الجنود الإماراتيين؟
 
أجاب جولان بتبجح. راغبا أن يعرف دحلان أنه قادر على إطلاق النار والتدريب والركض، والقتال بشكل أفضل من أي شخص في الجيش الإماراتي، حيث قال: أعطني أفضل رجل لديك وسأضربه. أي واحد.
 
أومأ الفلسطيني إلى مساعدة شابة منتبهة تجلس في الجوار وقال إنها أفضل رجالي.
 
تلك النكتة خففت مناخ التوتر، وهدئ الرجال. أوصاهم دحلان بتناول الاسباغيتي (أكله مطبوخة بالمكرونة).
 

 
وتعتمد دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تتمتع بثروة هائلة ولكن سكانها حوالي مليون مواطن فقط، على العمال المهاجرين من جميع أنحاء العالم للقيام بكل شيء من تنظيف دورات المياه إلى تعليم طلاب الجامعة.
 
ولا يختلف جيشها عن ذلك. حيث تُدفع مبالغ باهظة لشركات الدفاع الأمريكية المتلهفة والجنرالات السابقين. وصادقت وزارة الدفاع الأمريكية على ما لا يقل عن 27 مليار دولار من مبيعات الأسلحة وخدمات الدفاع إلى الإمارات منذ عام 2009.
 
الجنرال الأمريكي المتقاعد ستانلي ماكريستال قام بالتسجيل في مجلس شركة عسكرية إماراتية. ويدير كل من ضابط البحرية الأسبق ونائب الأميرال روبرت هارورد قسم شركة لوكهيد مارتن في الإمارات. اما المسؤول التنفيذي الأمني "إيريك برينس"، المتورط الآن في التحقيق الخاص الذي أجراه معه روبرت مولر في التدخل الروسي في الانتخابات، فقد أقام معرضا لبعض الوقت، لمساعدة الإمارات على استئجار مرتزقة كولومبيين.
 
الإمارات تقف بالكاد وحدها في استخدام مقاولي الدفاع؛ ففي الواقع، الولايات المتحدة هي التي ساعدت في تمهيد الطريق للتحرك العالمي نحو خصخصة الجيش. ويدفع البنتاغون الشركات للقيام بالعديد من المهام التقليدية، من إطعام الجنود إلى صيانة الأسلحة إلى حراسة القوافل.
 
الولايات المتحدة ترسم الخط في القتال؛ فهي لا تستأجر المرتزقة لتنفيذ هجمات أو الانخراط مباشرة في الحرب. لكن هذا الخط يمكن أن يصبح ضبابيًا. توفر الشركات الخاصة تفاصيل أمنية مدججة بالسلاح لحماية الدبلوماسيين في مناطق الحرب أو ضباط الاستخبارات في الميدان.
 
 يمكن لمثل هؤلاء المتعاقدين الدخول في معارك بالأسلحة النارية، مثلما فعلوا في بنغازي الليبية، عندما توفي مقاولان في عام 2012 دفاعًا عن موقع تابع لوكالة الاستخبارات المركزية. لكن، رسميا، كانت المهمة الحماية، وليس الحرب.
 
 لكن مع الاسباغيتي مع دحلان، كان جولان وجيلمور يقدمان شكلا استثنائيا من الخدمة المرتزقة. ولم يكن ذلك يوفر تفاصيل أمنية، ولم يكن حتى لقتال عسكري تقليدي أو حربا ضد التمرد. بل كان، وفقا لجولان وجيلمور، قتلا مستهدفا.
 
وقال جيلمور إنه لا يتذكر أي شخص يستخدم كلمة "الاغتيالات" على وجه التحديد. لكن كان واضحا من خلال ذلك الاجتماع الأول، أن هذا لا يتعلق باحتجاز أو أسر قيادة الإصلاح حيث قال "لقد كان هدفنا محددًا للغاية".
 
وقال جولان إنه تم إخباره صراحة بالمساعدة في "تعطيل وتدمير" الإصلاح، الذي يصفه بأنه "فرع سياسي لمنظمة إرهابية".

ووعد هو وجيلمور بأنهما يمكنهما سويا تجميع فريق لديه المهارات المناسبة، وبسرعة.
 
 وفي الأسابيع التي تلت مأدبة الغداء، كانوا قد استقروا على شروط تضمن ان يحصل الفريق على 1.5 مليون دولار شهريًا، كما أفاد غولمان وجيلمور لموقع BuzzFeed News. كما كانوا يكسبون مكافآت مقابل عمليات القتل الناجحة – ورفض جولان وجيلمور الافصاح عن العدد- لكنهما سينفذان أول عملية لهما بنصف السعر لإثبات ما يمكنهم فعله. وفي وقت لاحق، سيقوم فريق سبير بتدريب الجنود الإماراتيين على تكتيكات الكوماندوز (الأمريكي).
 
وكان لجولان وجيلمور شرط آخر: فقد كانا يريدان دمجهما في القوات المسلحة الإماراتية. وأرادوا أن تأتي أسلحتهم - وقائمة أهدافهم - من ضباط عسكريين. وهذا كان "لأسباب قضائية" بحسب جولان، الذي اضاف "لأنه إذا ضرب القرف المروحة"، فإن علامات الزي العسكري الإماراتي وصفائح التتبع ستشير إلى "الفرق بين المرتزقة والرجل العسكري".
 
ووقع دحلان والحكومة الإماراتية على الصفقة، كما قال جولان وجيلمور، وبدأت مجموعة عمليات سبير (الرمح) العمل.


 
ومن النتائج غير المعروفة للحرب على الإرهاب، خاصة في السنوات الـ 17المشتركة بين الحرب الأمريكية في العراق وأفغانستان، أن عدد قوات العمليات الخاصة قد تضاعف أكثر من الضعف من 33 الف إلى 70الف، منذ 11 سبتمبر.
 
هذه مجموعة ضخمة من الجنود غير القانونيين الذين تم اختيارهم وتدريبهم واختبارهم من قبل أكثر وحدات النخبة تدريبا في الجيش الأمريكي، مثل قوات البحرية التابعة وجيش رينجرز. ومن المعروف أن بعض جنود الاحتياط الخاصين يشاركون في عمليات ربحية، على حد قول مسؤول رفيع المستوى في "SEAL"- البحرية الامريكية- طلب عدم نشر اسمه. وقال: "أعرف عددًا ممن يفعلون هذا الأمر". وأضاف أنه إذا لم يكن الجنود في الخدمة الفعلية، فإنهم غير ملزمين بالإبلاغ عما يفعلونه.
 
 وقال جولان وجيلمور إنهما يعرضان على مقاتليهم الأميركيين 25 ألف دولار في الشهر- حوالي 830 دولار في اليوم - بالإضافة إلى المكافآت، وهو مبلغ كبير في أي سوق تقريبا.
 
ومع ذلك، عبرت العربة اليمن إلى منطقة مجهولة، ورفض بعض من أفضل الجنود. حيث قال غيلمور: "كان الوضع لا يزال رماديًا بما فيه الكفاية"، مشيرا إلى أن الكثير من الشبان وافقوا بتردد.
 
وقال جيلمور نفسه إن لديه سجلًا غير مثالي. فخلال مهمة التدريب على النارالتي قادها، ذات مرة في أيام البحرية ، قال أنه أطلق النار عن طريق الخطأ على ضابط بحرية، واضاف أن هذا هو ما دفعه إلى مغادرة البحرية، في عام 2011. وكان آخر عمل كبير له قبل انضمامه إلى شركة Spear هو مدير تنفيذي في شركة Tequila الحرفية.
 
وقال إن تلك اللطخة في مسيرته العسكرية هي أيضا ما دفعه إلى المجازفة مع فريق سبير: كان دخيلا، ولم يكن في الاحتياط، ولم يكن لديه معاش تقاعدي يقلقه.
 
وبحلول نهاية عام 2015، قام جولان، الذي قاد العملية، ومعه جيلمور، بجمع فريق من عشرات الرجال. ثلاثة منهم كانوا قدامى المحاربين الأمريكيين الخاصين، ومعظم الباقين كانوا من القوات الأجنبية الفرنسية السابقة، الذين كانوا أرخص حيث تقاضوا فقط حوالي 10 ألف دولار في الشهر كما يتذكر جيلمور وهو أقل من نصف ما قاله هو وجولان أنهما مخصصان لنظرائهم الأمريكيين.
 
وقد اجتمعوا في فندق بالقرب من مطار في نيو جيرسي. وكانوا يرتدون ملابس متنوعة من الزي العسكري بعضها مموه، وبعضها أسود. وكان بعضهم ملتحًيا ومفتولي العضلات وبعض آخر موشمًا.
 
وقال جيلمور إنه عندما حان الوقت للذهاب، أقنعوا موظفي الفندق بإعطائهم العلم الأمريكي في الخارج. وفي مراسم مؤقتة، قاموا بتثبيتها في مثلث صغير وأخذوها معهم.
كما أنهم اخذو معهم "وجبات الطعام الجاهزة للأكل" تكفي لأسابيع والدروع الواقية ومعدات الاتصالات والمعدات الطبية. وقال جيلمور إنه أحضر سكينة خاصة لتجهيز أغطية التفجير على المتفجرات. كان من المؤكد أن الفريق قام بتخزين الويسكي أيضا - ثلاث حقائب من نوع باسل هايدن لأنه من المستحيل الحصول على أي كحول في اليمن، ناهيك عن المادة الجيدة.
 
 وفي يوم 15 ديسمبر، استقلوا طائرة غالفستريم G550. وبمجرد وصولهم جواً، سار جيلمور إلى قمرة القيادة وأخبر الطيارين أنه كان هناك تغيير طفيف في خطتهم الجوية. فبعد التزود بالوقود في اسكتلندا، لن يكونوا في طريقهم إلى المطار التجاري الرئيسي في أبو ظبي ولكن إلى قاعدة عسكرية إماراتية في الصحراء.


 
ومن هذه القاعدة، ركب المرتزقة طائرة نقل تابعة للقوات الجوية الإماراتية إلى قاعدة أخرى في عصب، إريتريا. وخلال تلك الرحلة، يتذكر جيلمور، انه قام ضابط إماراتي يرتدي الزي الرسمي باطلاعهم وقدم لهم قائمة اغتيالات- 23 بطاقة تحتوي على 23 اسمًا و23 وجهًا. كل بطاقة تتميز بذكاء بدائي: دور الشخص في السياسة اليمنية على سبيل المثال أو إحداثيات الشبكة لمكان الاقامة أو اثنين.
 
وقال غيلمور إن بعضهم كانوا أعضاء في حزب الإصلاح وكان بعضهم رجال دين وبعضهم إرهابيين خارجيين، لكنه أقر بأنه لا يستطيع التأكد.
 
 وحصل الموقع على واحدة من البطاقات المستهدفة. حيث على ذلك هو اسم الرجل، صوره ورقم الهاتف، وغيرها من المعلومات. وفي أعلى اليمين توجد شارة الحرس الرئاسي الإماراتي. 
 
 
ما يغيب بشكل واضح هو لماذا أحدهم أراده ميتًا أو حتى الجماعة التي كان مرتبطًا بها. ولم يكن بالإمكان الوصول إلى الرجل للتعليق، وليس من المعروف ما إذا كان على قيد الحياة أم ميتا.

خلفية تاريخية لاستخدام أمريكا الاغتيالات
    
من الناحية التاريخية لعبت الاغتيالات دورا محدودا في الحرب الامريكية والسياسة الخارجية. وفي 1945، كان "وايلد بيل" دونوفان، مدير وكاله الاستخبارات المركزية الأمريكية السابقة، المعروفة حينها باسم OSS، قد سلّم الخطة النهائية لنشر فرق القتل في جميع انحاء أوروبا لمهاجمه القادة النازيين مثل هتلر، وهيملر، وغورينغ، فضلا عن ضباط SS من رتبة رائد أو ما فوقها، وفقا للسيرة الذاتية لدونوفان التي كتبها دوغلاس واللير. ولكن مدير الـOSS أصابه الغثيان بشأن مشروع "الأغتيالات الجماعية" فقام بالغائه.
 
واثناء الحرب الباردة، لعبت وكاله المخابرات المركزية دورا في التخطيط لاغتيال القادة الأجانب، مثل باتريس لومومبا من جمهوريه الكونغو الديمقراطية، ورافائيل تروخيلو من جمهورية الدومينيك، وإنجو دينه ديم من جنوب فيتنام.
 
وفي وقت لاحق في حرب فيتنام، أطلقت الولايات الأمريكية برنامج فينيكس (العنقاء)، الذي غالبا ما تعاونت فيه وكالة المخابرات المركزية مع الوحدات العسكرية الأمريكية لـ"تحييد"- أو، كما يقول النقاد، لاغتيال- قيادات الفيتكونغ. ومع ذلك، لم تكن عمليات القتل المستهدفة ركيزة أساسية للاستراتيجية العسكرية الأمريكية في فيتنام. وبعد أن فضح الكونجرس أنشطة وكالة المخابرات الأمريكية في السبعينات، حظرت الولايات الاميركية اغتيالات القادة الأجانب.
 
ثم جاءت الحرب علي الإرهاب.
 
وفي ظل حكم الرئيس جورج دبليو بوش، استخدمت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) والجيش طائرات الدرونز المسيرة لقتل الإرهابيين، وطورت السي آي إيه قدرات الاغتيال السرية. ثم جاء الرئيس باراك أوباما من بعده ليوقف برنامج الاغتيال السري للوكالة ولكنه رفع من مستوى استخدام ضربات الطائرات بدون طيار في باكستان واليمن وأفغانستان والصومال. ولاحقا استخدمت وكاله المخابرات الامريكيه والجيش الطائرات المسيرة- التي يتم التحكم بها عن بعد باستخدام شاشات الفيديو- لقتل الناس الذين لم تكن الولايات الاميركية تعرف حتى أسمائهم، من خلال "الضربات المصادقة" التي تستند فقط على ارتباطات وانشطة المستهدف. وجاءت ادارة الرئيس دونالد ترامب لتسهل أكثر قواعد الضربات للطائرات بدون طيار.
 

ولكن في حين أن المتعاقدين الخاصين غالباً ما يحتفظون بطائرات بدون طيار وأحياناً يقومون بتجريبها، فهناك عمل واحد لا يمكن أن يقوموا به: لا يستطيع سوى ضابط يرتدي الزي الرسمي الضغط على الزر الذي يطلق صواريخ الطائرات بدون طيار ويقتل الهدف.
 

ومع تحول الاغتيالات المنظمة إلى جزء روتيني من الحرب في المنطقة، طورت الإمارات شهيتها الخاصة. وكانت هذه الدولة (الإمارات) قد بدأت تستعرض المزيد من العضلات العسكرية، وبحلول عام 2015 أصبحت لاعباً رئيسياً في الحرب في اليمن. وسرعان ما استهدفت "الإصلاح"، وهو حزب سياسي إسلامي فاز بأكثر من 20% من الأصوات في أحدث انتخابات برلمانية أجريت في اليمن عام 2003
 
وتشير إليزابيث كيندال، الخبيرة في شؤون اليمن في جامعة أكسفورد، إلى أنه خلافاً للقاعدة أو الجماعات الإرهابية الأخرى التي تحاول الاستيلاء على السلطة من خلال العنف، يشارك الإصلاح في العملية السياسية.
 
لكنها قالت إن المنطق الأمريكي وراء ضربات الطائرات بدون طيار قد أضفى الشرعية على سعي الدول الأخرى إلى اغتيالاتها. واضافت "إن المفهوم المائي الغامض كثيرا للحرب على الإرهاب قد تركت الباب مفتوحًا على مصراعيه لأي نظام يقول:" هذا كله حرب على الإرهاب".
 
 وعلى رأس مجموعة الأهداف التي حصلوا عليها من الإمارات، قال كل من جيلمور وجولان، كان انصاف مايو، قيادي في الإصلاح في عدن. كان ذا شعر مقطوع، ونظارات ذات حواف سلكية. وكان قد تحدث ضد هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار في اليمن، وقال لصحيفة واشنطن بوست في عام 2012 إنها بدلا من إيقاف القاعدة، عززت نموها.
 
وحين سُئل عن أخلاقيات وشرعية قتل القادة السياسيين للإصلاح غير المسلحين، في مقابل الإرهابيين المسلحين، أجاب جولان: "أعتقد أن هذه الثنائية هي ثنائية فكرية بحتة".
 
وقال جولان إنه يطور مشروع اغتيال في برنامج القتل المستهدف الذي نفذته إسرائيل منذ تأسيس الدولة، والذي، على الرغم من بعض الأخطاء والمضايقات البارزة، يدعي أنه تم بشكل صحيح. ويجادل بأن هناك بعض الأعداء الإرهابيين الذين يشكلون خطراً شديداً وقاسياً - ويصعب إلقاء القبض عليهم – مضيفا أن الاغتيال هو أفضل حل.
 
ويصر على أن فريقه ليس فرقة قتل. وكدليل على ذلك، روى جولان كيف أن دولة الإمارات، عندما تواصلت مهمتهم، قدمت أسماء لا علاقة لها بالإصلاح أو أي جماعة إرهابية أو غير ذلك. وقال جولان انه رفض ملاحقة هؤلاء الأفراد، وهو ادعاء لا يمكن التحقق منه.
 
وكما قال هو وجيلمور، فان الاشخاص الذين استهدفهم الفريق كانوا اهدافا مشروعه لأنهم محددين من قبل حكومة الإمارات العربية المتحدة، حليفة الولايات المتحدة التي انخرطت في عمل عسكري تدعمه الولايات المتحدة.
 
وقال غيلمور إنه وجولان أبلغا الإمارات بأنهما لن يتصرفا أبدا ضد المصالح الأمريكية. وادعى جولان أنه بناء على خبرته العسكرية، كان بإمكانه معرفة ما إذا كان الهدف إرهابيا بعد أسبوع أو أسبوعين فقط من المراقبة.
 
ومع ذلك، اعترف غيلمور بأن بعض الأهداف ربما كانوا مجرد أشخاص غير مستحسنيين من العائلة الحاكمة. وبالإشارة إلى ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، قال غيلمور: "هناك احتمال أن يكون الهدف شخصًا لا يحبه محمد بن زايد وسنحاول ضمان عدم حدوث ذلك".


 
وعندما وصلوا إلى عدن، وزعت الأسلحة على المرتزقة. لقد فوجئوا ببنادق هجومية صينية ذات نوعية رديئة وقذائف آر بي جي، وفقا لجيلمور وجولان.
 
وفي مرحلة ما، تلقوا أيضا تعيينهم الرسمي في الجيش الإماراتي. وتم تسمية جولان كولونيل وجيلمور مقدماً، وهو "تشجيع" كبير لرجل كان قد خرج من البحرية كضابط صغير.
 
وكان جليمور ما زال محتفظا بصفيحة التتبع خاصته التي سلمتها له الإمارات، وهي عبارة عن مستطيل طبع عليها باللونين الذهبي والأبيض مع فيصلة دمه AB سالب. واسمه كان مكتوبا في جهة منها باللغة الانجليزية والجهة الأخرى بالعربية. 

 وقال جيلمور إنه باستخدام مصادر سلمتها إليهم شبكة المخابرات الإماراتية، قام بمتابعة نمط الحياة اليومية لإنصاف مايو - المنزل الذي يعيش فيه والمسجد الذي كان يصلي فيه والأعمال التجارية التي يتردد عليها.
 
مرت مناسبة عيد الميلاد مع المرتزقة في تقاسم الويسكي والتآمر كيف ينبغي أن يقتلوا بالضبط انصاف مايو. بهجوم، أم بقنبلة، أم بقناص؟ واضاف "كان لدينا خمسة أو ستة مسارات للعمل.
 
وبعد بضعة عمليات مراقبة سريعة لمقر الإصلاح، قرروا استخدام المتفجرات. وقال غيلمور أنه رسم خطة المهمة على أرضية الخيمة. لقد أظهرت زوايا المسار، والهجوم، والأهم من ذلك، طريق الهروب.

وبعد يومين، تذكر غيلمور، أنهم حصلوا على كلمة مفادها أن مايو كان في مكتبه لحضور اجتماع كبير.
 
 وتجمع جولان مع جيلمور، وجندي سابق في قوة دلتا، لهذه المهمة. لقد تركوا وراءهم محافظهم وجميع المعلومات المحددة، وارتدوا مجموعة متنوعة من الأزياء العسكرية - قال غيلمور إنه كان يرتدي قبعة بيسبول وأحذية سالومون سبيدكروس، مع جهاز صدرية مليء بالذخيرة الاحتياطية. وجميعهم كانوا يحملون AK-47، وواحد منهم كان يحمل قنبلة مرصعة بالشظايا.
 
وقفز جيلمور وجولان واثنان آخران في سيارة دفع رباعي مدرعة مع جندي إماراتي يرتدي ثياباً مدنية. كان جنود الفيلق الأجنبي الفرنسي في سيارة دفع رباعي أخرى، والتي سوف تتوقف على مسافة قصيرة من موقع الهجوم، على استعداد للاندفاع في حالة دخول الأمريكيين في ازدحام. وفتحت أبواب عرباتهم العسكرية وتسللوا إلى شوارع عدن الليلية.
 

 
 لم يكن من الواضح ما هو الخطأ الذي حصل؟

مباشرة قبل وصول المرتزق إلى الباب الأمامي، وهو يحمل الشحنة المتفجرة التي كان من المفترض أن تقتل مايو، أطلق أحد زملائه المقاتلين في الجزء الخلفي من سيارة الدفع الرباعي النار على امتداد الشارع الخلفي.
 
 وكانت هناك طائرة بدون طيار عالية، ويظهر الفيديو، الذي حصلت عليه BuzzFeed News، إطلاق نار ولكن ليس ما كان يطلق عليه الأمريكيون. لا يظهر مقطع الفيديو بدون طيار أي شخص يبادل اطلاق النار على المرتزقة.
 
 وقال جيلمور إنه أطلق النار على شخص في الشارع، لكن مسدسه تعطل. وقال إنه غير متأكد من الذي أطلق النار عليهم. وعلى أي حال، فإن المرتزقة الذين كانوا يحملون المتفجرات إلى المبنى استمروا على الرغم من الضجة المحيطة به- لمدة 20 ثانية كاملة، حسبما يظهر الفيديو.
 
ولبدء عملية هروبهم، عاد المرتزقة إلى العربات الإماراتية المدرعة. ثم وفجأة كان هناك انفجار- الانفجار على الباب (الذي وضعت فيه القنبلة)- تلاه انفجار اخر كان الأقوى. الانفجار الثاني كان على عربة الدفع الرباعي للمرتزقة. وقال جولان وجليمور أنهم قاموا بعملية خداعية لإخفاء مصدر القنبلة، ارتبك الاصلاح، واضيف إلى الدمار. 

وعاد الفريق إلى القاعدة دون أي شيء يعلمون أنهم بحاجة إليه. وتصفها قوات العمليات الخاصة الأمريكية بأنها تحديد هوية موجب، أو "PID" - وهذا دليل على موت مايو. صورة، على سبيل المثال، أو الحمض النووي.
 
وقال جيلمور: "هذا سبب بعض المشاكل مع دحلان". ومع ذلك، بدى أن مايو اختفى. ونادرا ما نشر على صفحته على فيسبوك، ولفترة من الزمن، قال جيلمور وجولان، إنه لم يشاهد علانية.
 

 
ومع ذلك، لم يعلن الإصلاح عن وفاته، كما حدث عندما اغتيل أعضاء آخرون. السبب، كما قال متحدث باسم الإصلاح في مقابلة عبر الهاتف، هو أن مايو على قيد الحياة - فقد غادر المبنى قبل عشر دقائق من الهجوم، وبحلول يوليو كان يعيش في المملكة العربية السعودية. لا أحد، كما قال المتحدث، مات في هجوم المرتزقة.
 
يبدو أن مايو قد عاود الظهور في السياسة اليمنية. ففي شهر مايو تم ترشيحه لمنصب من قبل الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، بحسب تشارلز شميتز، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط واليمن في جامعة تاوسون في ولاية ماريلاند. وقال شميتز إنه عثر على صورة حديثة لمايو تقف في مجموعة مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن.
ويوكد جولان أنه على الأقل تم تحييد مايو لفترة من الزمن. وقال: "إنه نجاح بالنسبة لي، طالما أن الرجل اختفى".
 

 
وعلى الرغم من أنه فشل في قتل مايو، يبدو أن الهجوم بقنبلة المرتزقة قد بشر بمرحلة جديدة في حرب الإمارات ضد حزب الإصلاح. وقال شميتز: "لقد كانت نقطة الإفصاح التي تحدد النسق الذي سيتم خلاله استهداف الاصلاح الآن".
 
 المتحدث الرسمي باسم حزب الإصلاح، الذي تحدث إلى بازفيد نيوز- BuzzFeed News، اعاد ذكر التاريخ عن طريق الذاكرة: 29 ديسمبر 2015. وقال "لقد كان ذلك هو الهجوم الأول".
 
مع تقدم عام 2016، بدأ أولئك الذين يراقبون الوضع المتدهور في اليمن يلاحظون أن أعضاء الإصلاح، وغيرهم من رجال الدين في عدن، كانوا يتساقطون بالرصاص بوتيرة متسارعة مثيرة للقلق. وقال غريغوري جونسن من مؤسسة العربية التي عملت في عام 2016 ضمن لجنة الأمم المتحدة التي تحقق في حرب اليمن: "يبدو أنها حملة استهداف موجهة". وأضاف: "كان هناك ما بين 25 إلى 30 عملية اغتيال"، على الرغم من أن بعضها يبدو أنه عمل داعش. (اعتاد جونسون الكتابة في BuzzFeed News)
 
وقال كيندال، وهو خبير من جامعة أكسفورد: "هناك اعتقاد واسع النطاق على الأرض، أن الإمارات العربية المتحدة هي وراء اغتيال مسؤولي الإصلاح والناشطين".

عندما قرأت بازفيد نيوز- BuzzFeed News- على جلمور أسماء بعض من تم قتلهم، أومأ برأسه متعرفا على اثنين منهم – قائلا "يمكنني التعرف على وجوههم"- وقال إنهم كانوا من بين أهداف الفريق. لكنه قال إنه لم يشارك في تصفيتهم.
 
وقال جولان إن فريقه قتل العديد من القتلى لكنه رفض إعطاء رقم أو أسماء محددة. لكن بعد المهمة الأولى غير المتقنة، أعيد تحديث المرتزقة.
 
 لقد تخلصوا من الفيلق الأجنبي الفرنسي، ليحلوا محل الأمريكيين. كما زودهم الإماراتيون بأسلحة أفضل ومعدات أفضل، وذكر جولان وجيلمور، منها: المتفجرات من نوع C4 والمسدسات المزودة بكواتم الصوت وبنادق M4 الأمريكية الصنع الراقية.
 
 كما تم تجهيزهم ايضا بدراجات نارية يمكن أن يستخدموها في التنقل بسرعة خلال الازدحامات المرورية بعدن والصاق القنابل الممغنطة اللاصقة على السيارات. وجميع المعدات، كما قالوا، جاءت من الجيش الإماراتي.


بقي غيلمور في عمله هذا لفترة قصيرة فقط. وقال إنه ترك "سبير" في أبريل/ نيسان 2016. ورفض هو وجولان قول السبب، لكن غيلمور قال إنه يتمنى لو أنه كان أكثر عدوانية في اليمن. وقال: "إذا تمكنت من فعل ذلك مرات أخرى، لكان من الممكن لنا أن نقلل المخاطر المكروهة". وأضاف "كان بإمكاننا القيام ببعض الأشياء المدهشة- مع أننا كنا أيضا استطعنا القيام ببعض الأشياء المذهلة، وانتهى الأمر كله في السجن".
 

 دانيال كوربيت، أحد أعضاء الفريق الجدد، الذي تم استئجاره في أوائل عام 2016، كان أحد المحاربين القدامى المخضرمين في فريق SEAL 6، وفقًا لثلاثة مصادر وتم التأكد من ذلك عن طريق الصور. كان كوربيت جنديا رائعا، كما يقول أولئك الذين يعرفونه، وقد خدم في جولات قتالية متعددة في أفغانستان والعراق. كان لا يزال في الاحتياط، لذلك يمكن للجيش الأمريكي نشره في أي لحظة؛ جمع راتبا حكوميا؛ وكان من المفترض أن يقدم تقريرا عن التدريبات الشهرية. ومع ذلك كان في اليمن بعقد خاص للعمل في جيش أجنبي. ومن غير الواضح ما إذا كان هو نفسه قد تورط في مهمات لاغتيال أي شخص.
 

في تطور غامض، سجن كوربت حاليا في صربيا، حيث يجري التحقيق معه بسبب امتلاك مسدس غير قانوني. احتجز المحارب الأمريكي المخضرم هناك منذ شباط / فبراير 2018. وتعذر الوصول إلى كوربيت، ولم يرد محاميه على المكالمات التي تطالب بالتعليق.
 

وبينما استمروا في عملهم في اليمن، بقي المرتزقة في الأكواخ، ينامون في المتارس. حمل البعض أسلحة مميزة استعدادا لقتال قريب محتمل. الأول، وفقا للصور الفوتوغرافية، حمل خنجرين على حزامه يمكنه أن يسحبها عبر الوفاض. وثمة آخر يحمل توماهوك صغير.
 

بدأ الفريق في تطوير ما أسماه جيلمور "روح الفيلق". رفعوا علم مؤقت يعرض جمجمة وسيوف متقاطعة- نوع من (أعلام) جولي روجر (القراصنة) على خلفية سوداء- ورسموا ذلك الشعار على سياراتهم العسكرية وأماكن سكنهم.

 
ولا يزال الكثير حول فريق مرتزقة الرمح "سبير" مجهولاً، وقد أوضح البعض ممن شاركوا فيه أنهم ليس لديهم رغبة في تسليط الضوء على ما حدث. وعندما سئل عما إذا كان قد تم نشره في مهمة اليمن، أجاب أحد الأمريكيين: "وإن كنتُ، فأنت تعرف أنني لا أستطيع مناقشة ذلك".


الجندي السابق ذو البريه الأخضر الذي كان يمص عمودا من المادة المثلجة خلال المهمة، بعث إلى بازفيد نيوز- BuzzFeed News- برسالة نصية قال فيها: "ما قد يكون قصة كبيرة بالنسبة لك يمكن أن تكون قصة مأساوية بالنسبة لفريق الشخصيات الممثلة؛ خصوصا إذا كانوا


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر