البنك المركزي يكشف أسباب الاختلالات المالية واستنفاد خياراته لمعالجتها

 أرجع تقرير حديث عن البنك المركزي اليمني بالعاصمة المؤقتة عدن"، السبب الرئيسي في الاختلالات الكبيرة التي يواجهها البنك حاليا، وتسبب في استنفاد خياراته في معالجة وضع البنك، إلى استنزاف الاحتياطيات الخارجية من (5.4) مليار دولار أمريكي في سبتمبر 2014م، إلى أقل من (600) مليون دولار أمريكي في مايو 2016م.
 
وأكد التقرير السنوي الصادر عن البنك المركزي اليمني، وفقا لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن استنزاف تلك الاحتياطات الخارجية "أدى إلى تعليق البنوك المراسلة حسابات البنك الخارجية"، كما أنه "تسبب باستنفاد خيارات معالجة وضع البنك، وعجزه عن سداد التزاماته الداخلية في صرف المرتبات منذ يوليو 2016م"
 
وأضاف التقرير أن استنزاف الاحتياطات الخارجية تسبب أيضا في "عجز البنك، منذ مايو 2016م في الوفاء بالتزاماته الخارجية في سداد التزامات المديونية الخارجية للجهات الثنائية ومتعددة الأطراف، وتلك الالتزامات التي نشأت للبنوك اليمنية مقابل فتح الاعتمادات المستندية لواردات السلع الأساسية".
 
وأشار التقرير إلى أن السبب ذاته، والمتمثل باستنزاف الاحتياطات الخارجية على ذلك النحو "أدى إلى استنفاد المخزون النقدي بالعملة الوطنية خلال نفس الفترة، والقيام بضخ الأوراق النقدية التالفة الآيلة للتدمير، مقابل عجز البنك عن الطباعة أو استقبال منح وقروض خارجية كونه كان مكبلاً ويرزح تحت الهيمنة والتهديد في صنعاء".
 
قرار نقل البنك وتداعياته
وكان الرئيس عبده ربه منصور هادي أصدر في سبتمبر 2016 قرارا قضى بنقل مقر البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء -الواقعة تحت سيطرة وحكم الميليشيات الانقلابية منذ مطلع 2015- إلى العاصمة المؤقتة عدن، بعد تقارير مالية اكدت انخفاض الاحتياطات الخارجية اليمنية إلى ما يقارب النصف مليار دولار، من قرابة خمسة مليار ونصف دولار أواخر 2014.
 
وبالتزامن مع قرار نقل البنك، عين الرئيس، محافظ جديد للبنك ونائب له كما أعاد تشكيل مجلس إدارته.
 
وتباينت أراء خبراء اقتصاديون إزاء هذه الخطوة، ما بين مؤيدين لها كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، ومعارضين لها حذروا من خطورة النقل في ظل الظروف المعقدة التي تمر بها البلاد، فيما كان هناك رأي وسط دعا إلى اتخاذ إجراءات وتدابير ضرورية وعاجلة قبل النقل.     
 
وجاء في خبر وكالة (سبأ) المنشور حول تقرير البنك المركزي السنوي الأخير، أنه "وبشأن قرار الرئيس هادي بتعيين المحافظ ونائبه وإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي ونقل مقر عملياته من صنعاء إلى عدن، وهو قرار وصفه المراقبين بأنه تاريخي وشجاع نظراً لأهميته، وخطورته في ذات الوقت، ذكر أن أهمية القرار تكمن بضرورة وضع حد لاستمرار سيطرة الميليشيات الحوثية والتحرر من الضغط الذي مورس لفترة طويلة على مجلس إدارة البنك المركزي السابق".
 
وتطرق التقرير، إلى جملة من التحديات التي واجهها البنك المركزي منذ نقل مقر إدارة وعمليات البنك إلى العاصمة المؤقتة عدن، مشيرا إلى أن فكرة النقل كانت بمثابة تأسيس بنك مركزي جديد، وهو ما تم في وقت قياسي بالمقارنة مع العوائق والصعوبات، من خلال العمل على إعادة تأهيل المقر، وبناء قدرات وإمكانات كوادر البنك، وتجهيز فريق فني متكامل لإدارة العمليات المصرفية الدولية وإعادة العمل بمعاملات السويفت للتحويلات الخارجية.
 
واستعرض التقرير المذكور الجهود التي بذلها البنك والنجاحات التي حققتها قيادة البنك المركزي التي عملت منذ اليوم الأول على إعداد الخطة المزمنة قصيرة الأمد ومتابعة مستوى تنفيذها، حيث غطت الخطة الربع الأخير من العام 2016م وحتى سبتمبر 2017م، وذلك لتركيز الجهود نحو معالجة أهم القضايا الطارئة بالتوازي، وتشمل تلك القضايا البنية التحتية والكادر الوظيفي، والعمليات المصرفية المحلية، والعمليات المصرفية الخارجية، والرقابة والإشراف على البنوك.
 
وأشار إلى أن قيادة البنك المركزي اليمني تمكنت من التواصل لتفاهمات مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في أكتوبر 2017م، لتقديمهم دعم فني واستشاري مشترك للبنك المركزي في عدن في بعض المجالات بما فيها الأنظمة المعلوماتية التي ستعزز من الإمتثال لمعايير مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، بالإضافة إلى إطلاق مهمة تشخيصية لتحديد أولويات الدعم الفني للبنك المركزي اليمني.
 
ولفت إلى أن مؤسسة النقد العربي السعودي التزمت بتنفيذ برنامج تدريبي يستمر من الربع الأخير لعام 2017م وحتى العام 2018م، ويغطي جميع وظائف ومهام البنك، ويشمل الدعم الفني وتقديم المشورة فيما يتعلق بإعادة ترتيب الهيكل التنظيمي.
 
طباعة دفعات جديدة 
كما سلط التقرير السنوي الضوء على الاتفاقات التي أُبرمت لطباعة دفعات الأوراق النقدية، الأولى في أكتوبر 2016م، والثانية في ديسمبر 2016م، والجهود الاستثنائية التي بذلت من قِبل محافظ البنك المركزي، لمواكبة عملية الطباعة، ووصول أول شحنة لمطار عدن في يناير2017, أي بعد شهرين فقط من التوقيع على العقد، ويعتبر هذا في قطاع طباعة الأوراق النقدية فترة قياسية، إذ أن متوسط الفترة من البدء بترتيبات الطباعة وحتى استلام أول دفعة هي 12 شهر.
 
وبحسب التقرير يجري حالياً الترتيب لطباعة كميات من مختلف الفئات، وذلك لاستبدال التالف من جهة (مقدر بنحو 90 بالمائة من حجم النقد المتداول)، ولإرفاد الاقتصاد الوطني بالسيولة المناسبة، وتمكين الحكومة من الاستمرار بسداد مرتبات موظفي القطاع العام، والمتقاعدين وبشكل منتظم في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية.
 
وأشار التقرير إلى الاتفاق الذي تم مع مؤسسة التمويل الدولية (IFC) على إنشاء صندوق بحجم (500) مليون دولار أمريكي، لدعم الواردات السلعية من خلال تقديم ضمانات للاعتمادات المستندية التي يفتحها عدد من البنوك اليمنية لموردي ثلاث سلع أساسية هي (القمح والأرز وحليب الأطفال).
 
كما اعتبر التقرير أن مسار وعمليات البنك المركزي اليمني يعد بمثابة العمود الفقري لعصب الحياة المصرفية والمالية، وذلك بطبيعة الحال وظيفة البنوك المركزية التي تعمل على إدارة النقد في مجالات سياسات الاقتصاد الكلي والسياسة النقدية، وسياسة إدارة سعر الصرف، وإدارة السيولة وأسعار الخصم والفائدة، وباقي التفاصيل المتخصصة لإدارة النقود في أي دولة.
 
 
يذكر أن هذا التقرير السنوي الصادر عن البنك، يأتي بعد تدهور العملة اليمنية وبلوغها مستويات أدنى لم يسبق أن بلغتها من قبل، حيث تجاوز سعر الدولار الواحد حاجز الـ400 ريال يمني، وهو مستوى لم يسبق له مثيل على الأطلاق.

وجاء هذا التدهور المفاجئ بعد أسابيع قليلة على قرار البنك المركزي بتعويم العملة الأجنبية عند سعر رسمي 370 ريال يمني للدولار الواحد. 
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر