الأسلحة الناعمة


أحمد الرافعي

(كم اتمنى أن احظى بالهزيمة هذه المرة

كم اتمنى أن يقول الحوثيون لي ذات يوم في المستقبل  :

اسأت الظن بنا لكنا عند حسن الظنون.

يا ليت أنني اكتشف في الاخير اني كنت مخطئا في

حقهم وانهم بالفعل جاءوا من رحم سبتمبر وأكتوبر وفبراير )

كنت أردد هذه الخواطر عشية الواحد والعشرين من سبتمبر وكنت ابحث عن هذه الهزيمة الشخصية لأنها الوجه الآخر لنجاة الوطن وخروجه من حالة التيه.

ولأنها الملاذ الأخير الذي تتمناه من عدوك قبل أن تشهر السلاح في وجهه تريد استعادة حقك المنهوب وتدفع ثمن حسن ظنونك الخائبة.

تلك اللحظة الدرامية التي يكررها التاريخ وأنت تأتي خصمك في لحظة استجداء ولم يبق لديك ترف الخيارات.

وتعلم يقيناً مرارة الخيارين لك وله وللجميع من حولك.

غير انه قلص دائرة الاختيار الى خيار أوحد. وساقك مجبراً نحو خيار الضرورة.

كانت اليمن مثخنة بالجراح وكانت ثورة فبراير هي المبضع الذي استخدمه الشعب لتصحيح المسار ورافق الثورة تقلبات على كل الأصعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكانت اليمن بحاجه إلى جهد استثنائي لانعاش هذا القلب الذي تصارع دقاته التوقف في تلك اللحظة التاريخية المليئة بالثقوب جاء الحوثيون.

ورافق سلوكهم وتحركاتهم  بروباغندا تبشيريه وأصوات ثقافية وسياسية عديده  لها وزنها وجمهورها تقول كلاما كثيرا على  شاكلة ( اعطوهم فرصتهم)(هذه حركه جماهيرية ثوريه)، (هذه ثوره جاءت امتدادا لأهدافنا الكبرى التي خرجنا من اجلها في فبراير)،(هم يريدون اهدافا معينه تقف في طريق التمدن والنهضة اليمنية) 

هذا الاصوات شكلت درعا ثقافيا منح لتحركات الحوثي مشروعيته أو على  الأقل نقل تحركات الحوثيين من التصنيف بانه كارثة أو قبح أو مكر بتاريخ اليمنيين إلى دائرة الخطأ الذي يمكن علاجه ككل الاخطاء التي احتملتها اليمن فيما مضى.

وفي تجميل الكوارث والتهوين من شأنها تقبع أحد تجليات الخيانة، كانت كل المقدمات والسياقات تنبأ إلى هذه الخاتمة الكارثية:

المنطق والتاريخ ومنطق الصراع والمؤشرات والخلفيات والبحث في الجذور والاعماق كل ذلك كان يقرع أجراس الخطر. 

وكانت الأصوات المنافحه تجادل وتصطف بتعمد أو سذاجة وكنت اقول في نفسي:

 يا ليت حدسي وعقلي المولع بالمنطق والتحليل يخفق هذه المرة، كان انتصاري في الجدال وصدق توقعاتي  يعني ببساطه:

 إن اليمنيين في تلك اللحظة يشربون كؤوس الكارثة.

وكنت أحس وانا المولع بالجدل هذه المرة أني إن خنت تفكيري في لحظه سذاجه اكون حينها  قد وفرت اكثر الظروف التي تحتاجها مشاريع الهدم لكي تسير صوب اهدافها ..

وهذا ما لا أتمناه.

تصنع النخبة لأي مشروع سياسي حظه من القبول أو الاستنكار.

الجماهير الكادحة المستنفذة سطحيه في الغالب وتفر من التحليل والتفكير العميق.

والنخبة هي عامل التسويق الابرز والاقوى لتوفير الحاضن المجتمعي وتهيئة الرأي العام للقبول باي قادم جديد.

فعلتها اصوات تنتمي الى النخبة المصرية في تهيئة الاجواء والجماهير للقبول بانقلاب 3يوليو  وفعلت دورها  نسختها من النخبة اليمنية  في تجميل الكارثة القادمة من العصبة السلالية أو على الاقل في التهوين من خطورتها.

مثقفون وسياسيون واعلاميون وكتاب وفنانون وناشطون مدنيون وزعماء دينيون ووجاهات اجتماعيه استخدمتهم الحركة الحوثية والثورة المضادة كأسلحة ناعمه لكي تنفذ الى وعي وقلوب الجماهير. 

هذه النخبة التي ساهمت في  تزييف وعي الشعب أو تخديره للقبول بجائحة الحوثي.

علينا أن نتذكر هذا دائماً، نحن الذين خرجنا ذات نعانق احلامنا، ووقعنا في فخ السذاجة وانتصرت ظنونا وكانت الكارثة.

مشاركة الصفحة:

اقراء أيضاً

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر