في معادلة الحرب والسلام


ياسين سعيد نعمان

أسفر المسار المعقد للصراع السياسي في اليمن عن حاجة موضوعية لحوار وطني شامل بين كافة أطراف هذا الصراع ، تبلور عند نهايته ببروز كتلتين: الأولى كتلة الحرب، والثانية وكتلة السلام .

 

 

تكونت كتلة الحرب من القوى التي احتكرت امتلاك السلاح وظلت حريصة على تجميعه وحشده واستخدامه في معاركها السياسية ، ولم تر أطراف هذه الكتلة في الحوار سوى محطة لتعطيل وإحباط الجهد الوطني السياسي بما يجعل خيار الحرب بديلا جاهزا بغض النظر عن عدم قبوله شعبياً .

 

 

أطراف هذه الكتلة لا يجمعها سوى السلاح فهو خيارها الوحيد الذي تستند عليه في التمسك بما تعتقد انه حقا في الحكم من منظور تاريخي وجغرافي تشكل في الوعي كميراث إشكالي ، أصبح بمرور الزمن أداة حشد لتخريب أي محاولة لإصلاح أحوال البلاد.

 

ولذلك فقد وجدنا أن هذه الكتلة تنقلب على السلام بقوة السلاح عند أول اختبار لها تجاه هذه العملية التاريخية ولأسباب لا يبررها أي منطق سوى هذا الوعي الإشكالي المسلح بقوة لا تتوقف بصاحبها إلا في خط النهاية حينما يكون قد أحاط بها الدمار من كل جانب ، وحينما يصبح قرار السلام بالنسبة لها أصعب من قرار الحرب . والسؤال هو ما الذي يجعل هذه الكتلة تقبل بالسلام الذي انقلبت عليه إذا لم يفرض فرضاً ؟

 

 

أما كتلة السلام فيبدو أنها كانت قد حسمت أمرها باتجاه السلام من خلال تمسكها بمخرجات الحوار الوطني كطريق إلى المستقبل وبناء الدولة . غير أنها لم تلبث وتحت ثقل المسئولية أن عادت إلى حمل السلاح لمقاومة الانقلاب ومصادرة الدولة ، ومن ثم حماية المشروع السياسي السلمي ، وأكرر حماية المشروع السياسي السلمي .

 

 

وهذه الكتلة بأطرافها العديدة المثقلة بتاريخ طويل من الصراعات وعدم الثقة لا يكفيها أن تعتمد على عنصر واحد ، وهو مقاومة الانقلاب ، لتجميع صفوفها وتعزيز تماسكها ، بل لا بد من أن تتخلص من العقل المبرمج على الصراع والنظر إلى الشراكة بأنها ضرورة وليست دوشنة أو هبة من احد لأحد.

 

 

إن ما يعتمل في صفوفها ،ومن كافة الأطراف داخلها ، من محفزات وأشواق لإعادة إنتاج الصراعات يخرب قيمة السلام كمعادل موضوعي لعودتها للسلاح، فإذا لم يكن هدفها هو فرض السلام في نهاية المطاف باعتباره مشروعها الذي تقاوم من اجله فإنها لن تختلف كثيرا عن كتلة الحرب،  والقوة التي تقاوم من اجل فرض السلام لها شروط لا بد من العمل على استكمال توفرها بعيدا عن نزق بعض جيوبها والذي قد يجر الكتلة كلها إلى نفس المأزق التاريخي الذي تناسلت منه كل الكوارث التي نعيشها اليوم باعتبارها كتلة غير طارئة.

 

 

*من صفحة الكاتب على فيسبوك

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر