المعذرة لوصف البنك المركزي بغير اليمني، لأنه فعلا كذلك ..!
 
وما دفعني إلى استخدام هذا الوصف، لأنه حقيقة، لا يعكس حالة اليمن، ولا يشعر بمعاناته، ولا يحترم قوانينه ..!
 
فالشعب اليمني 80 % منه تحت خط الفقر؛ موظفي الدولة بلا مرتبات لأكثر من سنتين؛ طلاب اليمن بالخارج لم يستلموا معونة الربع الاول للعام الجاري، 2018، وبعضهم حرم من دخول الامتحانات بسبب عدم سداد الرسوم للجامعات، مما تسبب بالعديد من حالات الانتحار في أوساطهم ..!
 
اساتذة الجامعات والأكاديميين، يشتغلون بالمطاعم والأفران وأعمال البناء، نتيجة انقطاع مرتباتهم لسنوات؛ الجرحى يتعفنون بالبدرومات، ولا يجدون كلفة المضادات الحيوية والضمادات ..!! ناهيك عن العجز في إسعاف الحالات الحرجة الى الخارج؛ الخدمات الأساسية في أدنى مستوياتها، إن لم تكن منعدمه كليا ..!!
 
الشعب يعاني من متلازمة الجوع والقتل والمرض والتشرد. ولك أن ترى مشردي الحديدة الذين يفترشون الأرض ويلتحفون السماء، حفاة عراة جياع، وسابقيهم من النازحين في المحافظات الأخرى، ليسوا بأفضل منهم حالا ..!!
 
كل هذا، وغيره، ومسؤولينا يعيشون في كوكب أخر، ويتقلبون في النعيم. لا يقتصر ذلك على فرد أو مجموعة، وإنما صارت الحالة عامه والبلوى شاملة.  
 
وما دفعني إلى كتابة هذا المنشور، بشكل خاص، هو حالة الغضب التي سادت أوساط الشعب، بعد معرفتهم بحجم المبالغ التي يستلمها محافظ البنك المركزي، والتي تم تداولها على نطاق واسع بكل الوسائط، وفيها بعض المقارنات مع مرتبات روساء دول عظمى، اقتصاداتها عابره للقارات، واحتياطاتها تريليونات من الدولارات، بينما مرتبات محافظي بنوكها لا تزيد عن ثلث مرتب محافظ البنك المركزي (اليمني)، المفلس، الذي لا يوجد في خزينته دولارا واحدا من موارده الذاتية، عدى الوديعة السعودية المؤقتة، التي سيحين موعد استحقاقها بعد 18 شهرا .. !  
 
ولمزيد من التوضيح: مرتب محافظ الفيدرالي الأمريكي، تتراوح بين 177 الى 199 ألف دولار أمريكي في العام الواحد، بينما مرتب محافظ البنك المركزي اليمني تتجاوز نصف مليون دولار في العام ..!!
 
بل أن "لاجارد"، رئيسة صندوق النقد الدولي، التي ترسم مسارات الاقتصاد العالمي، وتدير احتياطاته من الذهب والعملات الصعبة، لا يتجاوز مرتبها السنوي نصف ما يتقاضاه محافظ بنكنا المركزي ..!! 
 
ولك أن تقارن بين وظائف المؤسسات ومرتبات مسؤوليها وحجم اقتصاديات دولها، وبين وظيفة البنك المركزي اليمني، الذي لم يستطع تشغيل "السويفت"، وغرفة المقاصة، ولا يملك من موارده الذاتية ما يكفي لمرتبات المحافظ ومساعديه، في حين أنه يعجز أن يؤثر على مجريات الأمور، فيما يتعلق بوظائفه النقدية، وحماية الاستقرار داخل المدينة التي يتواجد فيها، ويطلب من المضاربين بالسوق تحديد سعر الصرف ..!!!
 
ولو تم توظيف العديد من الخبراء المتمرسين بالسياسات النقدية بجزء من هذا المبلغ، لكان حالنا أفضل وغدنا أجمل.  
 
إن رفع نقطة النظام من قبل كل الغيورين في هذا الوطن، للمطالبة بوقف هذا العبث وتصحيح المسار، ليس في البنك المركزي فقط، بل وفي كل مؤسسات الدولة (وليس هذا فحسب، بل واستعادة المبالغ المنهوبة بدون وجه حق)، يعد واجبا وطنيا ودينيا وأخلاقيا..
 
وعلى الحكومة والمؤسسات الرقابية والقانونية، أن تتحمل تبعات هذه المخالفات، والنهب المُشرعَنّ لأموال الشعب الفقير الجائع المشرد. والله المستعان،،،


- المقال نشر في الصفحة الرسمية للأستاذ أحمد أحمد غالب على "الفيسبوك"

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر