كان الاقتصاديون يحذرون من الحالة الصعبة التي سيصل اليها لاقتصاد الوطني في ظل الحرب والحصار والادارة العشًوائية وتجريف المؤسسات المالية والإيرادية وانسداد الأفق لأي حلول تخرج البلاد من أوضاعها الصعبة والمأساوية.

في المقابل يستغرب البعض، رغم حالات الركود التي شملت كل شيء وأوقفت العجلة عن الدوران، من الثبات النسبي للريال اليمني امام العملات الاخرى عند الحدود التي وصل اليها بعد تدهوره الحاد خلال شهر رمضان، والتأرجح المقبول او الهرولة البطيئة المُحتملة الى حدٍ ما، خلال هذه الفترة، مقارنة بالهرولة غير المسبوقة   لعملات أقطار شقيقه أخرى مواردها أفضل من مواردنا، ولا تعيش حربا ولا حصارا ولا أوضاعا كالتي نعيشها. والتفسير المباشر لذلك هو ان هناك اموالا بالقطع الأجنبي تدخل البلد بطرق غير رسمية للأطراف المتحاربة،  وبكميات لابأس بها، الى جانب تحويلات المغتربين، وكلها تتكدس بالمليارات في البنوك ولدى الصرافين والتجار وغيرهم  من المستفيدين، ولم تجد طريقاً الى حسابات البنوك المحلية لدى البنوك المراسلة خارج اليمن لعدم الحصول على تصاريح النقل من التحالف ومنع البنوك المراسلة من استقبالها..وهو الامر الذي يقتل القطاع المصرفي ويحرم المواطن والاقتصاد من مواد وموارد ومستلزمات هامة وضرورية، ولو ان الاخ محافظ البنك المركزي  بشر بانفراجة قريبه لهذا الانسداد.

وفي المقابل هناك شبه ازمة، بل ربما ازمه تقترب من منطقة الخطر في السيولة المحلية لدى القطاع المصرفي،  جعلته يتخذ اجراءات استثنائية وغير مسبوقة للتعامل مع هذا الوضع.

  • النقطة الأهم في هذا الموضوع، التي تفسر الثبات النسبي للريال او الهرولة البطيئة المُحتملة كما أسميناها الى جانب العوامل الاخرى هي عدم قدرة البنك المركزي على طباعة كميات جديده من البنكنوت بعد استنزافه للمخزون الذي كان لديه في الخزائن بصورة كاملة، رغما عن رغبة البنك المركزي، وبالتجاوز   لقوانينه بل واضطراره الى اعادة استخدام وتدوير التالف الذي كان قد اخرج من التداول وجُهـزْ للحرق والإتلاف كضرورة، قياسا بالحالات التي تجيز أكل الميتة، بسبب ما يواجهه من نقص في تدفق السيولة نتيجة للنقص الحاد في الموارد العامة وأحجام القطاع الخاص عن الإيداع لأموالهم في الجهاز المصرفي،  يقابله زيادة في الطلب على الإنفاق وعدم قدرة على الرفض.
  • عدم القدرة على الطباعة هي الحسنة الوحيدة للحصار، التي حافظت على هذا الثبات النسبي عند هذا المستوى، او قللت من حدة التدهور المتسارع للريال امام العملات الاخرى في ظل ادارة غير مهنية للسياسات والموارد المالية والاقتصادية، تحكمها تلازمية عكسية تتمثل في تجريف الموارد وتضخيم الالتزامات وأوضاع غاية في الصعوبة والتعقيد. ولو كان الامر غير ذلك لرأينا التدهور يتخطى الحدود المُحتملة الى الانفلات المجنون الذي يفقد العملة قيمتها ويخرج الريال عن وظيفته كعملة نقدية قابلة للتداول الى شيء اخر يستخدم لأغراض أخرى، وفي أماكن أخرى، ولكان حال المواطن أكثر سوءاً وأشد سواداً.

- من صفحة الكاتب على الفيسبوك بتاريخ 27 يوليو 2016

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر