احتشاد واسع وغير مسبوق.. هل فقدت مليشيا الحوثي قدرتها على احتواء التحركات الشعبية؟ (تحليل)

[ مظاهرات حاشدة في العاصمة صنعاء ]

خرجت مظاهرات شعبية كبيرة، في معظم شوارع صنعاء ومحافظة إب منذ مساء أمس الإثنين، وحتى اللحظة، ويتوقع أن تتواصل حتى وقت متأخر من الليل، وذلك للاحتفال بأعياد الثورة اليمنية، رغم القمع الذي تمارسه مليشيات الحوثي الإرهابية.
 
تشير نقاط التظاهر في مدينة إب ومديرياتها إلى خروج كامل للشعب في مشهد مهيب يذكر بالثورة الشعبية عام 2011م التي جعلت النظام حينها فاقدا القدرة على التحرك حتى استسلم ووقع المبادرة.
 
يختلف الواقع حاليا مع مظاهرات 11 فبراير من عام 2011م، من حيث بشاعة القمع الحوثي، وطبيعة موقفه للتحرك الشعبي، لكن الخروج بالآلاف في كل المحافظات بما فيها القرى، يعني أن نظام مليشيات الحوثي الإرهابية بدأ يتداعى ويفقد القدرة على السيطرة.
 
في صنعاء احتشد الآلاف في جولة ريماس قرب أهم المؤسسات الأمنية مثل الأمن المركزي والرئاسة والأمن السياسي واخترقوا السبعين المغلق حصرا للفعاليات الحوثية، وجابوا الشوارع الغنية مثل حدة والدائري وجولة الرويشان وهي مناطق الطبقة الغنية في أمانة العاصمة، بالإضافة إلى شوارع أخرى مثل الستين ومعظم الشوراع وفق مصادر محلية.
 
أما في إب فقد خرجت جميع الأحياء تقريبا، خاصة مركز المحافظة، والمدينة القديمة التي اشتهرت بأول مظاهرة عارمة تهتف برحيل الحوثي. وفي مدينة الحديدة الساحلية خرج الآلاف بالسيارات والدراجات النارية وسيرا على الأقدام للاحتفال بذكرى الثورة المجيدة.
 
بينما كانت إب تتصدر التظاهرات بمناسبة ثورة 26 سبتمبر ولها السبق في كسر قرار عصابة الحوثي حظر التظاهرات، منذ سنوات، إلا أن الخروج الشعبي في صنعاء ليلة أمس، واليوم كان مفاجئا وبزخم غير مسبوق.


 
وأدى استفزاز مليشيات الحوثي للناس بتدنيس العلم الوطني، وتهافت اعتذاراته، وتكرار عملية إسقاط وتمزيق العلم الجمهوري، كانت له نتائج عكسية مباشرة، حيث احتشد ليلة أمس الآلاف في عدد من الشوارع رغم إطلاق النار وانتشار الطقوم الملثمة التي يعتقد أنها تتبع الأمن والمخابرات والأمن الوقائي الخاص بعبدالملك الحوثي.
 
وواصل المحتجون عصر اليوم الخروج، وأكثر من ذلك احتشدوا في جولة ريماس واقتحموا السبعين، على الأقل من جهة مسجد الصالح، بالآلاف وانتشروا في معظم الشوارع.
 
بالنسبة لسلطة حوثية تقمع التظاهرات فإن الأمر خروج عن السيطرة، لكنه يفتقد وفق مصدر محلي في صنعاء تحدث ليمن شباب نت عن عدم وجود تنظيم سياسي يقود التظاهرات ويوظفها بما يحقق هدفه، بالإضافة إلى العامل الإقليمي والدولي الذي يوظف الحوثي في اليمن لمصالحه الخاصة، ويعيق التحركات المناهضة له في صنعاء حتى الآن.
 
لكن آخرين يقولون إن الأمر تداع واضح لسلطة الحوثي ولكن بصفة مؤقتة، نتيجة عدة عوامل أهمها: عدم الانشقاق العسكري في صفوف الحوثي، وغياب التنظيم السياسي والاجتماعي.


 
أولى التظاهرات

على أن التتبع الواضح لتاريخ التظاهرات في صنعاء والوقفات الاحتجاجية سيجد أن الحوثي بدأ فعلا يفقد السيطرة.وقد بدأت أول تظاهرة شعبية مناهضة للحوثي لرابطة أمهات المختطفين بمطالب حقوقية منذ وقت مبكر في 2015، واقتصر النشاط عليها وحدها.
 
وعادت النساء للتظاهر بعد مقتل صالح نهاية 2017، قمعها الحوثي بقوة، وتوقفت التظاهرات، لتخرج مرة أخرى بشكل مفاجئ بعد جريمة تعذيب الشاب الأغبري في أحد المحلات التجارية بصنعاء في أغسطس 2020. واستطاع الحوثي قمعها بعد يومين من خروجها، بعد أن أعلن تعهده بمحاكمة القتلة.
 
مثلت جنازات عدة مثل العلامة والمفتي الأشهر محمد إسماعيل العمراني، 2021 والشيخ القبلي حسين الأحمر، والأديب عبدالعزيز المقالح 2022 حشودا غير متوقعة كانت أولى علامات بدء التحرك الشعبي.
 
جيل جديد يتصدر التحركات
 
قبل الجنازات احتشد الناس خاصة صغار السن ومواليد بعد الألفين فجأة في أواخر 2021 حين فاز منتخب الناشئين اليمنيين على السعودية، وجالوا في شوارع العاصمة بهتافات جمهورية، وليس رياضية.
 
رغم أن تلك التظاهرة لم تكن سياسية، وجاءت بحدث رياضي بالأساس، إلا أن مضامينها السياسية والاجتماعية التقطها المجتمع وفهم ان الوقت حان للتحرك، وكرر الحشود في جنازة صادق الأحمر، ثم في الذكرى الستين لثورة سبتمبر من السنة الماضية، في ميدان السبعين، كما خرجت لأول مرة في ذات الذكرى مظاهرات عارمة في الحديدة، وفي ذمار ومناطق أخرى.
 
في 2023 بدأ القطاع الخاص ينظم تظاهرات محدودة ولكن متكررة، بالإضافة إلى المزارعين في صنعاء وذمار وصعدة، ونظم شيوخ قبليون اعتصامات عدة اضطرت مليشيا الحوثي لفضها بالقوة من ساحة السبعين في يوليو الماضي، بينما تتواصل إضرابات نقابية يقودها بقوة هائلة  نادي المعلمين منذ يوليو حتى اليوم.
 
في إب تظاهر الآلاف في مارس الماضي بجنازة حمدي عبدالرزاق المشهور بالمكحل، صاحب الفيديوهات النقدية الحادة علنا ضد الحوثي، بعد أن قتل في سجن حوثي، وكانت تلك التظاهرة علامة حاسمة على أن إب قد جاهزة كليا للخروج عن السيطرة الحوثية ولم يعد الحوثي يسيطر عليها إلا في الحد الأدنى بشكل لن يستطيع فيه المواجهة إن تحولت التظاهرات إلى فعل شعبي منظم.
 
عاودت إب المواجهة مرة أخرى في ذكرى الصرخة الحوثية وطمست الشعارات الحوثية، وبينما كان القيادي الحوثي المدعو مهدي المشاط في يونيو الماضي ينظم عرضا عسكريا في جامعة إب، كان شباب حيي الجبانة ودار الشرف يطمسون الشعارات الحوثية بالوقت ذاته.
 
ذكرى الثورة أهم محطة للتظاهرة
 
يعد الخروج بمناسبة احتفالات الثورة بهذه القوة في كل من صنعاء وإب والحديدة، بالدرجة الأولى واحتفالات أخرى أقل جماهيرية في ذمار ومحافظات أخرى، يؤكد حقيقة واحدة: "الشعب قادر على الخروج وقاب قوسين أو أدنى من الإطاحة بالإمامة الحوثية وإيران".

وتكمن أهمية القوة للتحركات الشعبية أنها جاءت قبل يوم واحد فقط من الفعالية الأكبر للحوثيين التي انضم للتحضير لها هذه المرة سفر الصوفي مدير مكتب عبدالملك الحوثي، وتجوله شخصيا في المحافظات لحشد أنصار الجماعة للاحتفال به، وإظهار قوة الحوثي، كما يأتي بعد أقل من 4 أيام على عرض عسكري ضخم للحوثي في ميدان السبعين كان يستهدف به زعزعة التحرك الشعبي.
 


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر