ما أهمية اتفاقية خفض "التأمين البحري" لموانئ اليمن المحررة؟ (تقرير خاص)

 وقعت الحكومة اليمنية مع الأمم المتحدة الأحد الماضي (13 أغسطس) في العاصمة المؤقتة عدن، مذكرة تفاهم لخفض كلفة التأمين البحري على السفن في الموانئ اليمنية التي ازدادت 16 ضعفا عقب انقلاب مليشيا الحوثي على الشرعية الدستورية في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤م.
 
ووقع على الاتفاقية من الجانب الحكومي وزير النقل عبدالسلام حميد ومن الجانب الأممي الأمين العام المساعد للأمم المتحدة المدير الإقليمي للمنطقة العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي عبدالله الدردري، وفق ما أفادت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ".
 
وهذه المذكرة هي اتفاقية تفاهم أولية خاصة بخفض كلفة التأمين البحري تقتصر على السفن القادمة إلى الموانئ المحررة وتنص على وضع وديعة تأمينية قيمتها 50 مليون دولار في نادي الحماية التأمينية بلندن بهدف تخفيض رسوم التأمين على السفن والبواخر التي تضاعفت إلى 16 ضعفا عن الوضع العادي.
 
ورحب القطاع الخاص اليمني بهذه الخطوة، ووصفها نائب رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أبوبكر باعبيد بالخطوة المهمة والتي ستعزز النشاط التجاري البحري مع الموانئ المحررة وستنعكس آثارها إيجابا على أسعار السلع والنقل.
 
وجاءت هذه الخطوة ضمن حزمة إجراءات أعلنتها الحكومة مطلع العام الجاري لتعزيز الاقتصاد الوطني، وتطوير حركة التجارة وتعزيز النشاط البحري للموانئ المحررة خاصة موانئ عدن جنوبي البلاد.
 
ما التأمين البحري؟
 
التأمين البحري: يغطي التأمين البحري فقدان أو تلف السفن أو البضائع أو أي نقل أو حمولة يتم بموجبها نقل الملكية أو حيازتها أو الاحتفاظ بها بين نقاط المنشأ والوجهة النهائية، وفق الشركة اليمنية للتأمين.
 
أما التأمين على البضائع هو فرع من التأمين البحري، على الرغم من أن التأمين البحري يشمل أيضا الممتلكات المكشوفة على الشاطئ أو تلك التي في البحر بعيدة عن الشاطئ (محطات الحاويات، الموانئ، المنصات النفطية، خطوط الأنابيب)، هياكل السفن، الحوادث البحرية، والمسئولية البحرية.
 
هل هناك تأمين إضافي أثناء الحروب؟
 
وثيقة التأمين البحري على البضائع المنقولة في حالة الحروب، تعتبر وثيقة تأمين البضائع البحرية ضد أخطار الحروب من الأنواع المهمة من التأمين البحري حيث يقوم التأمين بالتغطية ضد الخسائر المادية العرضية / أو الأضرار التي تلحق بالبضائع أثناء العبور بحراً أو جوًا أو بريًا أو طردًا بريديًا بسبب الحرب والإضرابات الدولية.
 
ويقول الدكتور عبد الزهراء عبدالله علي رئيس شركة "الوطنية للتأمينات" في الإمارات، أنه "فيما يتعلق بالتجارة البحرية خلال الأزمات، يكون التأمين عادة أول المتأثرين بها، سواء عبر ارتفاع أسعار النقل البحري أو التأمين  البحري أو تأمين السفن، وفق ما نقلت عنه صحيفة اندبندت عربية.
 
ما حدود مخاطر التأمين أثناء حالة الحرب؟
 
• مخاطر الحرب: لا يغطي التأمين العام لهياكل السفن مخاطر الإبحار إلى عمق مناطق الحرب.
 
ما شروط وضمانات التأمين؟
 
خصوصية قانون التأمين البحري والتأمين بشكل عام هو استخدام الشروط والأحكام و الضمانات في القانون الإنجليزي، تصف الحالة عادة جزءًا من العقد والذي يكون أساسيا لأداء ذلك العقد، وإذا خُرقت، يحق للطرف غير المخالف ليس فقط المطالبة بالتعويض عن الأضرار ولكن لإنهاء العقد على أساس أنه وقد تم الإنكار من قبل الطرف المخالف.
 
على النقيض من ذلك، لا يعتبر الضمان أساسًا لأداء العقد، بينما خرق الضمان، يؤدي إلى المطالبة بالتعويض عن الأضرار، ولكن لا يخول الطرف غير المخالف بإنهاء العقد.  يتم عكس معنى هذه الشروط في قانون التأمين.
 
في الواقع، فإن الضمان إذا لم يتم الامتثال الصارم به فسيخلي مسؤولية شركة التأمين تلقائيا من المسؤولية الإضافية بموجب عقد التأمين.
 
ما أهمية التأمين البحري؟
 
يؤدي انخفاض أسعار نقل البضائع من موانئ التصدير إلى موانئ الاستيراد.
 
كم سعر التأمين إلى اليمن؟
 
وفق تقرير خبراء لجنة العقوبات الدولية إلى اليمن يبلغ سعر التأمين إلى موانئ عدن 0.40% من قيمة حمولة السفينة، وهو مرتفع ب16 مرة عما كان عليه قبل الانقلاب الحوثي وفق التصريحات الحكومية. بينما يبلغ سعر التأمين إلى موانئ الحديدة 0.62% عما كان عليه قبل الحرب.
 
أما من ناحية أسعار الشحن فتصل قيمة شحن الحاوية 40 قدما من الصين إل عدن3200 دولار، بينما قيمة الشحن إلى الحديدة تبلغ 5250 دولار لذات الحاوية. والسبب الرئيس في هذا الارتفاع هو غلاء أسعار التأمين بسبب الهجمات البحرية التي يشنها الحوثي.
 
ما دور البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة؟
 
لا توجد تفاصيل دقيقة، عن هذا الدور، وأعلنت الحكومة اليمنية أنها ستمول مبلغ التأمين بالكامل، لكن مصادر أخرى تحدثت عن دور فني وربما تمويل جزئي لمبلغ التأمين.
 
ما أهمية الاتفاق الموقع الأسبوع الماضي؟
 
يعد التوقيع على مذكرة التفاهم بين الحكومة والبرنامج الإنمائي مقدمة لتوقيع نهائي مع نادي الحماية التأمين في بريطانيا مطلع سبتمبر المقبل لخفض قيمة التأمين البحري إلى الموانئ المحررة.
 
ولم تعلن الحكومة بعد موعد بدء دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، لكنها تشجع شركات الملاحة بهذا التوقيع التمهيدي وبالتوقيع النهائي على التوجه إلى الموانئ المحررة وتمنحها الثقة للتعامل التجاري البحري معهم.
 
كانت الحكومة قد أعلنت منذ مطلع العام الجاري أنها ستعمل على إيداع مبلغ 50 مليون دولار كضمان تأميني لخفض قيمة التأمين البحري إلى الموانئ المحررة، كما فعلت الحكومة بعد حادثة تفجير السفينة الفرنسية ليمبرج قبل عقدين في بحر العرب، ونجحت حينها في عدم ارتفاع أسعار التأمين.
 
وسيؤدي هذا الاتفاق إلى خفض أسعار التأمين، وبالتالي خفض تكلفة نقل البضائع إلى موانئ اليمن المحررة وعلى رأسها مينائي عدن والمكلا والموانئ الأخرى.
 
هل يمكن شمولية التأمين موانئ الحديدة؟
 
يعلن الحوثي مرارا وتكرارا أنه في حالة حرب، وبالتالي يدفع شركات الشحن إلى رفض التوجه إلى موانئ الحديدة، ورفع أسعار التأمين إليها.
 
من ناحية أخرى شن الحوثي سلسلة من الهجمات البحرية قبالة موانئ الحديدة بلغ عددها ثلاث هجمات في 2023 ضد سفن ويخوت وفق هيئة العمليات البحرية البريطانية، ما يجعل تصنيف موانئ الحديدة بمرتفعة المخاطر، ولا تقبل شركات التأمين تأمين السفن هناك كما هو مبين أعلاه.
 
وقد صنفت شركات التأمين موانئ السودان مؤخرا بأنه ذات مخاطر عالية، رغم عدم وصول الاشتباكات إليه عكس موانئ الحديدة الذي حولته المليشيا إلى ثكنة عسكرية.
 
من ناحية ثالثة شنت مليشيا الحوثي أكثر من 100 هجوم بقارب مسير عن بعد، وفق إحصاءات التحالف، حتى مطلع2022، وعدد من الهجمات منذ الهدنة وفق ما ذكره تقرير لجنة خبراء العقوبات.

بينما تحدث المرصد اليمني للألغام عن مئات الألغام البحرية التي نشرها الحوثي في موانئ الحديدة وقبالة الجزر اليمنية التي يسيطر عليها الحوثي، وقد انفجرت ألغام بحرية بعدد من سفن الصيد اليمنية قبالة الحديدة.
 
 كما أعلن القيادي الحوثي مهدي المشاط مؤخرا، وقادة حوثيين عسكريين عن تطوير مجموعة جديدة من الأسلحة البحرية في أغسطس الجاري، ما يجعل موانئ الحديدة باهظة التكاليف ولا يمكن قبول التأمين عليه.
 
وأيضا رفضت مليشيا الحوثي إخلاء موانئ الحديدة بموجب اتفاق السويد2018، وما زال ثكنة عسكرية حوثية، يرفضون الانسحاب منه، ويستخدمون إيراداته الهائلة لتطوير أسلحة بحرية مثل الصواريخ والألغام والقوارب، وغيرها من الأسلحة البحرية.
 
وأكثر من ذلك، يكون التأمين بين طرفين يقبلان بقانون نادي الحماية التأميني في بريطانيا الذي يسيطر على 95% من سوق التأمين البحري الدولي، وهو ما ترفضه مليشيا الحوثي ولا تعترف به، وبالتالي من الصعب على شركات التأمين استرجاع أموالها أو خسائرها من مليشيا الحوثي عبر المحاكم الدولية أو أي جهة أخرى.
 
كما أن عمليات التأمين تحتاج إلى نظام بنكي يقوم على القوانين المحلية ويتوافق مع القوانين الدولية، بينما استولت مليشيا الحوثي على أموال جميع البنوك م أموال تأمين وإيداعات واستثمار وصكوك وديون، وألغت بموجب قانونها الجديد التعاملات البنكية الدولية.
 
ما موقف مليشيا الحوثي؟
 
أعلنت مليشيا الحوثي معارضتها اتفاقية تخفيض أسعار التأمين إلى الموانئ اليمنية المحررة، وقالت وزارة النقل الحوثية في لقائها مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بعد توقيع اتفاق التفاهم بينه وبين الحكومة في عدن، إنها "ترفض تلك الاتفاقية"، في نهج حوثي يهدف إلى تدمير أي ميزات اقتصادية للموارد العامة في المناطق المحررة.
 
كما ترفض مليشيا الحوثي الالتزام بالقوانين المحلية والدولية والبحرية المنظمة لعمل الموانئ، بينما يشمل التأمين سلامة البضائع في الموانئ والأرصفة وكفاءة تشغيل الموانئ ومسؤولية القائمين على الموانئ، ومدى مطابقتها للمعايير الدولية.
 
وهذه كلها تفتقدها مليشيا الحوثي وتقف بالضد منها، وبالتالي من المستحيل الوصول إلى اتفاق لخفض التأمين البحري إلى الحديدة في ظل السيطرة الحوثية عليها.

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر