"اضطهاد ونفي وملاحقة".. لماذا تستهدف مليشيات الحوثي الإرهابية "البهائيين" في اليمن؟ (تقرير خاص)

[ وقفة تضامنية مع البهائيين بعد حملة حوثية ضدهم في صنعاء ]

 عادت قضية البهائيين في اليمن إلى الواجهة من جديد، عقب قيام مليشيا الحوثي المدعومة من إيران باقتحام اجتماع سلمي في منزل لأحد أعضاء البهائية في صنعاء 25 مايو/ آيار 2023، بغية انتخاب من يرعى شؤونهم الإنسانية والمجتمعية، واعتقلت 17 شخصاً بينهم خمش نساء واخفتهم قسرا.
 
وبحسب مسؤول مكتب الشؤون العامة للبهائيين في اليمن نادر السقاف فإن الاقتحام جاء إثر التضليل الممنهج الذي تقوم به مليشيا الحوثي عبر منابرها الدينية والإعلامية، أبرزها ما قام به المفتي العام للحوثيين "شمس الدين شرف الدين" في خطبة الجمعة -أي بعد حادثة الاقتحام- حيث قام فيها بنشر التضليل والكراهية وتحريض الرأي العام ضد البهائيين اليمنيين.
 
وأكد السقاف لـ"يمن شباب نت"، قيام مليشيات الحوثي باستجواب الحاضرين خلال الاقتحام ومصادرة الكتب والأجهزة المحمولة، بالإضافة إلى كل ممتلكاتهم الأخرى من هواتف نقالة وغيرها.
 
وقال إن "مفتي الحوثيين أكد في خطبته اعتقال الأجهزة الأمنية الحوثية لـ17 بهائيا يمنيا قبل توجيه عدة مزاعم كاذبة في حقهم، مدعيا أن المجتمع البهائي مدعوم من قبل القوى الخارجية ويحمل خطط يمكنها الالحاق بالأذى بالبلاد"، مؤكدا أن "البهائية تحمل شعار السلمية الدائم".
 
تحريض ممنهج
 
منذ أن بسطت مليشيا الحوثي سيطرتها على صنعاء، سعت إلى اعتقال ونفي العشرات من منتمي الديانة البهائية بتهم جلها ملفقة وغير صحيحة. وشملت الانتهاكات السجن والحرمان من الإجراءات القانونية، ومحاكمات قضائية وإصدار أحكام منها بالإعدام كما حدث مع البهائي حامد حيدرة في يناير/كانون الثاني من عام 2018، عندما أصدر القاضي حكمه مبررا الحكم بانه "أمرا سياسيا من سلطة الحوثيين".
 
ويرى السقاف، أن الاضطهاد والتحريض الذي تتعرض له البهائية اليمنية من قبل الحوثيين، له أسبابه التاريخية والسياسية، نظرا لآن الحوثيين يرفضون القبول والتعايش مع أي طائفة أخرى لاسيما من تخالفهم في الرأي.
 
وقال: "في نظرهم أن هذا الاختلاف ممكن أن يشكل خطرا على نظامهم السياسي والقومي فيما بعد، رغم أن البهائيين يرفعون شعار السلمية منذ تواجدهم الأول في اليمن، ويعبرون بكل وضوح عن آرائهم ويحترمون القيم الاجتماعية لليمن وعاداته، لكنهم اليوم في مرمى الاستهداف الحوثي مما يجبرهم على النفي القسري خارج البلاد.

ويرى مراقبون أن استهداف مليشيات الحوثي الموالية لطهران، امتداد لنهج وممارسات وجرائم النظام الإيراني ضد البهائيين حيث تضم إيران واحدة من كبرى التجمعات البهائية في العالم.
 
ويتعرض البهائيون في إيران لاعتقالات والسجن، والضرب، والتعذيب، والعمليات الإعدام ومصادرة وتدمير ممتلكات يملكها أفراد والجماعة البهائية، والحرمان من العمل، وإنكار المزايا الحكومية، والحرمان من الحقوق المدنية، والحريات، والحرمان من الوصول إلى التعليم العالي.

ردود دولية

علقت منظمة "هيومن رايتس ووتش على حادثة الاقتحام التي حدثت في صنعاء، بالقول:" البهائيون يتعرضون اليوم الى اضطهادا مستمرا على يد الحوثيين وسلطات الأمر الواقع في العاصمة صنعاء ومعظم اليمن".
 
وقالت نيكو جعفرنيا، وهي باحثة الشأن  اليمني والبحريني لدى هيومن رايتس ووتش: ان استهداف سلطات الحوثيين الصارخ للبهائيين على أساس معتقداتهم الدينية فحسب هو انتهاك واضح لحقوق الإنسان الخاصة بهم يتعين على السلطات الكشف فورا عن وضع البهائيين المحتجزين ومكان وجودهم، والإفراج عن كل من اعتُقل لمجرد ممارسته السلمية لدينه، واحترام حقوق جميع اليمنيين في حرية التعبير والمعتقد".
 
له البهائيون، أكد السقاف أن "الجامعة البهائية العالمي راقب عن كثب تطورات الأحداث التي تشير إلى أن هذه المداهمات قد تكون الأولى ضمن سلسلة من الإجراءات التعسفية التي تحاول الأجهزة الأمنية الحوثية من خلالها استهداف البهائيين في المناطق التي يسيطرون عليها، وتحتفظ الجامعة البهائية العالمية بهذه التفاصيل لدواع أمنية".
 
وطالب السقاف "المجتمع الدولي باستخدام نفوذه وإلزام الحوثيين باحترام حقوق الإنسان لجميع المواطنين اليمنيين، بدءاً بإطلاق سراح المعتقلين الـ 17 خلال هذه المداهمة العنيفة وغير المبررة".
 
وأشار إلى سعي "البهائيين اليمنيين نحو خدمة وطنهم ومساعدته في التغلب على تحدياته الحالية والعمل من أجل سلام وازدهار اليمن"، مؤكداً أنه من المؤسف قيام الحوثيين بهذا العمل المخجل".
 
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع شخص شهد اقتحام الاجتماع عبر زووم وسجل جزءا من الحادثة ثم نشرت الجامعة البهائية الفيديو على تويتر. قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد حوالي 15 دقيقة من بدء الاجتماع، وبينما كانوا ينتهون من التعارف، سُمع فجأة دويٌّ قوي، وصفه بأنه "مثل باب يُقتحم"، ثم صراخ في الخلفية.
 
وقال إن الأشخاص في الاجتماع بدوا خائفين ووقفوا، ثم دخل أربعة رجال مسلحين يرتدون الزي الحوثي، ودفعوا الناس إلى داخل الغرفة، ومنعوهم من المغادرة. يبدو أن مقطع الفيديو الذي شاركه تظهر فيه قوات الحوثيين تدخل الغرفة وتجبر الناس هناك على الجلوس.
 
وأضاف "سمعت أصوات صراخ وبكاء في الخلفية. رأيت وجوههم ... في حالة صدمة وبعضهم رفع يديه تلقائيا". بعد ذلك ببرهة، أغلق أحد الرجال الحوثيين على ما يبدو الكمبيوتر المحمول، ولم يعد الشخص في تطبيق زووم قادرا على رؤية ما كان يحدث.

كما نددت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا دول غربية أخرى، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، باستهداف البهائيين ودعت في بيانات منفصلة مليشيات الحوثي الإرهابية إلى سرعة الإفراج عن المختطفين البهائيين.
 
تشابه بين الحوثية والبهائية
 
ووفق باحث في علم الاجتماع في صنعاء، فان الحوثيين يروجون بظلالة البهائيين وكفرهم، رغم أنهم لا يختلفون عنهم، فبينما لدى البهائيون زعيمهم علي محمد الشيرازي في المقابل لدى الحوثيون لديهم زعيم يمجدونه ويقدسونه.
 
كما لدى البهائيون كتب يزعمون أنها كتب مقدسة، ولدى الحوثيون ملازم (حسين الحوثي) الذي يرونها أفضل من كتب أكبر علماء الإسلام، وبينما يحج البهائيون إلى حيفا وعكا (فلسطين)، يحج الحوثيون إلى صعدة (شمال اليمن) وكربلاء (العراق).
 
وقال الباحث الاجتماعي -الذي فضل عدم ذكر اسمه- في حديث لـ"يمن شباب نت"، إن الأمر متعلق بخوف الحوثيين أن تشكل البهائية مكونا اجتماعيا يمكن أن ينافس وجودهم مستقبلا، لذا يسعون إلى إبادتهم "إبادة صامتة"، المهم لديها أن تبقى وجودهم القيمة الأعلى سعرا.
 
إلى ذلك يقول وليد عياش، إن "البهائية دين تعتقد أن الدين كله لله، وكلنا نعبد الله، ديننا البهائي لا نفرضه على أحد ولا نجبر أحد على اتباعه، والأمر هذا يستفز المتعصبين والمتطرفين، ويقومون بمحاربة البهائيين بمختلف الطرق والأساليب، ومنها ما يحدث اليوم في اليمن من قبل الحوثيين".
 
وأضاف عياش -وهو رئيس مؤسسة نداء للتعايش والبناء والأمين العام للمجلس الوطني للأقليات في اليمن- في تصريح خاص لـ"يمن شباب نت"، إن "الحديث عن الدين ينبغي أن يقوم على أساس أن مالك الدين هو الله وعليه تقع مسؤولية الإنسان في حدود الاستقامة، وأن لا يستعلي على الاخرين بدينه او يتعدى عليهم بفرضه وارغامهم على اتباعه (...)".
 
ويرى وليد عياش الذي تعرض للسجن سابقا بسبب انتماءه الديني، أنه يتوجب وجود قانون يحمي الجميع، ويوقف التعدي على الديانات المختلفة، او المذاهب، ويجب أن تنتهي قصة استغلال المنابر والخطابات (الحوثية) لإثارة الضغائن والعدوات التي لا تولد إلا مزيد من العنف والتفرقة.
 
وتابع:" مشكلة البهائيين في حق الإنسان بحفظ كرامته وحمايته من طغيان أخية الإنسان، ومن جور الظلم في حال اختلاف المذهب او المعتقد، وما يحدث يولد افساد للحياة وإهدار لطاقات الإنسان وتدمير الوطن وتمزيقه بذريعة حماية الدين....".
 

مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر