رمضان في تعز اليمنية... غلاء متوحش تحت وقع حصار حوثي خانق وأزمات أخرى (تقرير خاص)

[ السوق المركزي في تعز قبل يومين من حلول شهر رمضان الخميس 31 مارس 2022 (يمن شباب نت) ]

كل المحال التجارية في مدينة تعز (جنوبي غرب اليمن) التي قصدتها، فاطمة حاتم، لشراء احتياجات شهر رمضان كانت الأسعار مرتفعة بشكل جنوني، الأمر الذي دفعها إلى التوجّه نحو معرض رمضاني يتبع المؤسسة الاقتصادية الحكومية، أملًا في أن تجد ما يتناسب مع وضعها المادي.
 
وبينما كانت تتفحص أكياس التمر، وجدت سعره 3 آلاف ريال (ما يعادل 3 دولارات)، وهو السعر الذي تخطى سعر التمر في العام الماضي. تقول فاطمة، 45 عامًا، إنها لاحظت وجود فرق بسيط بين الأسعار التي تُباع في المعرض الرمضاني والأسواق المنتشرة في أرجاء المدينة، مع وجود بعض المزايا المادية التي يمكن الحصول عليها مجانًا مع شراء بعض السلع.
 
وللمرة الأولى منذ سبعة أعوام، يعاد افتتاح معرض الشهر الكريم، ويضم عدد من الأقسام التي تُعرض فيها أصناف من المنتجات الغذائية والاستهلاكية، وتباع فيه السلع بأسعار منخفضة نسبيًا.
 
وأضافت لـ"يمن شباب نت"، وهي تحمل في يدها كيس يحتوي على عدد من المنتجات الرمضانية، وتشير نحوه، قائلة "هذا ما اشتريته فقط. نقودي لم تكفي لشراء بقية الاحتياجات. سأضطر لحذف كثير من المتطلبات من على قائمة احتياجات الشهر الكريم هذا العام".
 
رغم تفاقم الازمات التي تعصف بالمواطنين في كافة المحافظات اليمنية، لكن مدينة تعز تتضاعف عليها المعاناة جراء الحصار المفروض من ميلشيات الحوثي المدعومة من إيران، وهو ما يزيد من ارتفاع الأسعار نتيجة تكلفة النقل الباهظة إلى المدينة، والمخاطرة في الطرق الوعرة.



عامٌ مختلف

يحل شهر رمضان هذا العام على وقع استمرار تراجع قيمة الريال اليمني أمام الدولار، ووضع اقتصادي هش جراء الحرب بين الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي، التي تدخل عامها الثامن.
 
وعلى عكس السنوات الماضية عندما كانت الأسواق اليمنية تنتعش وتكتظ بالباعة والمشترين مع اقتراب رمضان وتشهد حركة دؤوبة، باتت الآن راكدة لا تجد البضائع فيها من يشتريها.
 
يشتكي البائع سنان المليكي من سوء الوضع الاقتصادي وتداعياته التي تسبب في موجة غلاء طالت العديد من المواد الغذائية وفي مقدمتها السلع التي يُقبل الناس على شرائها في رمضان.
 
ويقول لـ"يمن شباب نت": "نقترب كثيرا من حلول أيام الشهر الفضيل، لكن الحركة الشرائية لا تزال ضعيفة".
 
ويُرجع ضعف الإقبال إلى غلاء الأسعار، وعدم انتظام صرف مرتبات الموظفين وانقسام العملة بين طرفي الصراع، والحصار المفروض على مدينة تعز من قبل الحوثيين وارتفاع تكاليف شحن ونقل البضائع، فضلًا عن انعكاسات الأزمة الروسية الأوكرانية.
 
ويستعرض المليكي أبرز الأصناف الأساسية التي ارتفعت قيمتها وأثرت على الناس، كالقمح وزن 50 كيلو ارتفع سعره إلى 45 ألف ريال (ما يعادل 37 دولار) وبلغ سعر اللتر الواحد من الزيت 3 آلاف ريال، وأما قيمة الكيلو السكر فوصلت إلى ألف ريال، والطبق البيض (24 حبه) قيمته 3400 ريال.
 
ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العملة المحلية دفعا كثيرين في اليمن إلى الفقر المدقع، وفق برنامج الأغذية العالمي. وحتى منتصف العام المنصرم، بلغت نسبة ارتفاع الأسعار 200 بالمئة منذ بدء الحرب.
 
كان سعيد غالب، وهو جندي أمن، خلال الأعوام الثلاثة الأولى من اندلاع الحرب، يحل عليه شهر رمضان وقد اشترى أهم المنتجات، لكن بعد أن طاول الغلاء تلك السلع امتنع عن شرائها.
 
وأضاف لـ"يمن شباب نت"، أن راتبه الشهري لا يتعدى 50 ألف ريالًا (ما يقارب 4 دولارات)، وهو يكفي لشراء كيس قمح ودبة زيت فقط.
 
ومع اقتراب الشهر الكريم، إلا أنه لم يشتري ما تحتاج أسرته المكونة من ستة أطفال؛ مشيرًا إلى أنه "لا يوجد أي مؤشرات على أن شيء ما سيحدث (...) سواء تحسن العملة أو استقرار الأسعار".
 


تحذيرات

ويتساءل الناشط المجتمعي شاجع المحمدي، عمّن "يدعم الأشخاص ذوي الدخل المحدود والمواطن البسيط والأسر النازحة؟".
 
بحسرة يواصل حديثه لـ"يمن شباب نت"، "محاصرون بين جداريين الحرب وغلاء المعيشة. والسلطات المعنية التي تقع على عاتقها مسؤولية وضع حد لهذا الواقع المرير".
 
ويأمل المحمدي أن تسهم المنظمات والجمعيات الخيرية في التخفيف من معاناة المواطنين والمساهمة في الاستقرار المعيشي على الأقل خلال رمضان.
 
وتشير إحصاءات أممية إلى أن أكثر من 17 مليون شخص في اليمن يحتاجون إلى مساعدات غذائية في حين قد يرتفع هذا العدد إلى 19 مليونا في النصف الثاني من العام الجاري.
 
وتحذر منظمات وهيئات إغاثية "كارثة محتملة" لا سيما بعد أن تلقت الأمم المتحدة 1.3 مليار دولار لصالح خطتها الإنسانية في اليمن لعام 2022، ويعد هذا المبلغ أقل من ثلث مبلغ 4.2 مليارات دولار المطلوبة في إطار المساعدات لهذا البلد.
 
وكان مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، حذر مؤخرًا من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار القمح والزيوت في اليمن، وقال المركز في تقرير له، إن هناك شحة في المعروض العالمي من القمح، الأمر الذي سيؤدي الى أزمة مستقبلية في اليمن ناهيك عن ارتفاع أسعاره إلى مستوى قياسية.
 
وأشار إلى أن الاحتياج الفعلي لليمن من مادة القمح والدقيق 3.8 مليون طن سنويا يتم استيراد 95 بالمئة منه من خارج اليمن، 34 بالمئة تقريبا من القمح يجري استيراده من روسيا وأوكرانيا.
 
ويأمل مواطنون أن تنجح الهدنة التي أعلن عنها مساء الجمعة، عشية أول يوم من رمضان، لمدة شهرين ووافقت عليها الأطراف اليمنية، وان يتم دعم الاقتصاد الوطني ورفع الحصار عن مدينة تعز، والتي تعاني للعام السادس على التوالي بسبب الحصار الخانق.


- فيديو :


مشاركة الصفحة:

آخر الأخبار

اعلان جانبي

فيديو


اختيار المحرر